موقع النيلين:
2025-04-25@08:01:40 GMT

بين أن تكون قائداً أو بائع آيس كريم !!

تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT

“إذا كنت تريد إرضاء الجميع، فلا تكن قائدًا، بل بع الآيس كريم.”
“If you want to make everyone happy, don’t be a leader, sell ice cream.”

هكذا قال ستيف جوبز، مؤسس شركة أبل – آيفون – وصاحب البصمة الفريدة في عالم التكنولوجيا. وربما لا يوجد وصف أدق لطبيعة القيادة من هذه الجملة القصيرة التي تجمع بين الطرافة والعمق.

القيادة ليست مهمة سهلة، وليست وظيفة مَن يبحث عن التصفيق الدائم والوجوه الراضية من حوله. لأن الحقيقة البسيطة هي: لا أحد يستطيع أن يُرضي الجميع، حتى لو كان نبياً أو عبقرياً. كل من اختبر موقعًا قياديًا، في أي مجال، يعرف جيدًا أن اللحظة التي تحاول فيها أن تُرضي الكل هي اللحظة التي تبدأ فيها بخسارة نفسك، ومبادئك، ومسارك.

في واقعنا، كثيرون يدخلون عالم القيادة معتقدين أنها مجرد توزيع للمهام، أو لعب دور الحكم بين الفرقاء. لكن سرعان ما يصطدمون بالحقيقة: القيادة قرارات. والقرارات، لا سيما الصعبة منها، لا تُرضي الجميع. فأحيانًا يجب أن تختار بين السيئ والأسوأ، أو بين ما هو شعبوي وما هو صحيح.

ستيف جوبز نفسه لم يكن ذلك المدير “المحبوب” في أبل. بل كان حادًا، حاسمًا، يقرر ويواجه العواصف، لأن رؤيته كانت واضحة: بناء شيء مختلف، عبقري، لا يشبه أحدًا. لذلك لم يكن يسعى إلى كسب القلوب بقدر ما كان يسعى لتحقيق الحلم. واليوم، نعرف النتيجة.

رغم أن ستيف جوبز توفي في العام 2011، إلا أنه وحتى أبريل 2025، تُقدّر القيمة السوقية لشركة أبل بنحو 3 تريليونات دولار أمريكي، ما يجعلها الشركة الأعلى قيمة في العالم من حيث رأس المال السوقي.
وذلك بفضل القيادة الملهمة القوية لستيف جوبز الذي أرسى دعائم استقرار ونظام عمل لم يتأثر برحيله، وهذه واحدة من سمات القائد الاستثنائي: خلق جيل يحمل الراية بعده.

القيادة تتطلب جرأة. تحتاج لقلب يتحمّل العزلة حين يصبح الطريق ضبابيًا، ولعقل يرى أبعد مما يراه الآخرون. وفي بعض الأحيان، يتطلب الأمر أن تقول “لا”، حتى حين تكون تلك الكلمة غير محبوبة. في مؤسسات الدولة، في الشركات، في الإدارات، بل حتى داخل الأسرة، هذه الحقيقة لا تتغير.

وفي هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ أمتنا، نحن في أمسِّ الحاجة إلى وزراء ومسؤولين لا يبحثون عن الأضواء، بل يتحمّلون المسؤولية بشجاعة وصدق. نحتاج إلى من تتجسّد فيهم صفات القيادة الحقيقية: وضوح الرؤية، والقدرة على اتخاذ القرار في أحلك الظروف، والاستعداد لتحمّل النقد والضغوط دون أن يتراجعوا عن المبادئ. نريد قادة يصغون للناس لا ليجاملوا، بل ليفهموا ويستجيبوا، يعملون بصمت وإخلاص، ويضعون مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية أو الحزبية. لقد آن الأوان أن يُدار الوطن بعقلية رجال دولة لا موظفي سلطة، بقيادات تصنع المستقبل، لا تُدار بالأزمات.

القيادة ليست تعنتًا ولا قسوة، ولكنها ليست أيضًا طبطبة دائمة. هي توازن دقيق بين الاستماع للجميع، واتخاذ ما تراه صائبًا، ثم تحمّل النتائج. القائد الحقيقي لا يتهرب من المسؤولية، ولا يُغريه رضا الآخرين عن قراراته بقدر ما يشغله أن تكون قراراته عادلة وصحيحة.

إذا كنت تطمح لأن تكون قائدًا، فاستعد أن تُنتقد، أن يُساء فَهمك، أن تُرفض أفكارك أحيانًا. لكن في النهاية، ما سيُذكرك به الناس ليس كم شخصًا أحبك، بل كم أثرًا تركته. أما إن كان همّك أن تسعد الجميع وتسمع كلمات المديح باستمرار، فقد يكون بيع الآيس كريم خيارًا ألطف، وأهدأ، وأقرب للسلام النفسي!

عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

في زمن التيه.. الرجولة أن تكون من أنصار الله

 

الرجولة ليست مجرد صفة بيولوجية، ولا تُقاس بالقوة الجسدية أو الانتماء القبلي أو المناطقي، بل هي موقف ووعي وانحياز دائم للحق. ومن تمام الرجولة، أن تكون من أنصار الله، لأنك بذلك تقف في صف المظلوم، وتكون من رجال الرجال في زمن قلّ فيه الرجال، وانحسرت فيه معاني الرجولة، خاصة بعدما انكشفت معالم المعركة بين حقٍ جلي عنوانه القرآن الكريم وآل بيت النبوة، وباطلٍ فاضح عنوانه التحالف بين الصهيونية العالمية وبعض الأنظمة العربية المتصهينة.

وفي اليمن، حين تبحث عن بديل لأنصار الله، فلن تجد إلا خيبات الماضي أو مشاريع الارتهان. فهل يكون البديل هو نظام عفاش؟ ذلك النظام الذي أسّس لحكم الفرد، وروّج للرذيلة والإفساد الأخلاقي، وفتح الباب أمام مشاريع التغريب والانحلال في وسائل الإعلام والمناهج التربوية، وهو الذي مكّن السفارات الأجنبية من التدخل السافر في الشأن اليمني. إن بقايا ذلك النظام لا تزال اليوم تقف في خندق الأعداء، تحت يافطات شتى، في الساحل الغربي وغيره، وجمعت حولها كل دعاة الرذيلة والفساد الأخلاقي، ممن يأنف الحر الشريف أن يسير في ركابهم.

أما إن كان البديل هو حزب “الإصلاح”، ذلك الذي طالما تغنّى بالدين ظاهراً، بينما أفرغ معانيه من الداخل، وخرّج من معاهده نماذج ممسوخة لا تعرف من الرجولة إلا قشورها، فإنك حينها تكون قد تنازلت عن رجولتك مبكرًا. فماذا يمكن أن يُنتظر ممن يرون في المهرج “محمد الربع” – وهو رمز السخرية من القيم والمعارك المصيرية – نموذجاً للرجولة والفكر؟ هذا هو نتاج ثقافة حزبية لم تجعل من فلسطين قضية، ولا من الجهاد شرفاً، بل سخّرت منابرها للطعن في المجاهدين.

وينطبق هذا أيضًا على أولئك الدعاة المدجَّنين بالمال الإماراتي، ممن ارتضوا القعود عن نصرة قضايا الأمة، وتفرغوا لتثبيط الناس عن الجهاد والمقاومة، أمثال بعض من ينتسبون إلى الطرق الصوفية الجديدة التي اتخذت الدين طقوسًا لا تتصل بواقع الأمة. تراهم لا ينطقون بكلمة حق تجاه العدوان على غزة، بينما يسارعون لإدانة أي تحرك مقاوم أو موقف شجاع في اليمن أو فلسطين.

إنهم اختاروا أن يكونوا شهود زور، يغطّون الجرائم الصهيونية بصمتهم المطبق، ويهاجمون من يرفع سلاحه في وجه المحتل. يكفيك أن تقارن بين بياناتهم الغائبة عن مجازر الاحتلال في رفح وغزة، وبين تصريحاتهم السريعة في مهاجمة المقاومة اليمنية حين تضرب أهدافًا صهيونية.

أما إذا كنت صاحب فطرة سليمة، وقلبٍ حيٍّ لم تُطفئه أضواء الزيف الإعلامي، ولم تُمِتْهُ أبواقُ التطبيع، فإنك ستجد نفسك، دون كثير عناء أو تنظير، تقف إلى جانب أنصار الله، لا لأنهم فوق النقد أو أنهم بلا أخطاء، ولكن لأنهم – في واقع اليوم – يُمثّلون الخندق الأقرب إلى الموقف الحق، حيث المعركة واضحة، والعدو مُسمّى باسمه، لا يُدارى ولا يُجَمَّل.

هم الذين رفعوا شعار العداء للصهاينة في زمن أصبح فيه التطبيع بطولة، واعتراف المحتل واقعًا مفروضًا، والمقاومة تهمة تُلاحق بها الأحرار. هم الذين اختاروا الوقوف في صف القرآن الكريم، حين تفرّق الناس بين ولاء لواشنطن وتبعية لأبو ظبي والرياض، وبين من لا يزال يفتش عن “حل سياسي” في زمن لا يعترف إلا بمنطق السلاح والميدان.

لقد رسم القرآن الكريم معالم العداوة بوضوح، حين قال: ﴿لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا﴾ [المائدة: 82] فلا غرابة أن يكون أنصار الله في مقدمة من يحملون راية هذه العداوة، ويجعلون منها عقيدة وموقفًا، لا مجرد شعار سياسي موسمي.

وحين نقرأ: ﴿وقاتلوا الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين﴾ [البقرة: 190] نفهم أن القتال المشروع هو في وجه المحتل، المغتصب، الذي يقتل الأطفال في غزة، ويهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها في رفح وجنين، لا في وجه المجاهدين الذين يسعون لرد هذا العدوان، مهما كانت ملامحهم أو لهجاتهم.

وفي هذا الزمن الذي تهاوت فيه كثير من الأصوات، وسقطت فيه الأقنعة، ولم نعد نُفرّق في الإعلام الممول بين الضحية والجلاد، تظل الرجولة الحقّة أن تنحاز لخيار الجهاد، لا على أساس حزبي أو مناطقي، بل انطلاقًا من إيمانك العميق بأن الباطل لا يُجابه إلا بالقوة، وأن من يرفع راية الجهاد في زمن الضعف هو أحق الناس بالسمع والطاعة والنصرة.

لقد أصبح الوقوف في صف أنصار الله اليوم، موقفًا يتطلب شجاعة لا تقل عن شجاعة المقاتلين في الجبهات، لأنه تحدٍّ لموجة التضليل العالمية، ورفضٌ للانضمام إلى طوابير المنتفعين بالصمت. نعم، قد تُكلّفك الكلمة موقفًا، ويُكلّفك الموقف ثمنًا، لكن الرجولة الحقة، لا تُقاس بما تكسبه، بل بما تصمد فيه، وما تدفعه في سبيل الله، والحق، والمظلومين في كل مكان.

 

 

 

مقالات مشابهة

  • معاناة الجميع
  • مفتن… نقطة التقاء الجميع
  • كريم فهمي يفاجئ الجميع بما كشفه عن ياسمين عبد العزيز
  • برشلونة يملك جوهرة وسط لا تتكرر..أرقام بيدري تُذهل الجميع
  • إجمالى إيرادات الأفلام.. عصام عمر وطه دسوقى يتفوقان على الجميع
  • في زمن التيه.. الرجولة أن تكون من أنصار الله
  • الأجهزة الأمنية تكشف لغز..مقتل بائع مفروشات وإصابات آخرين فى لليله العرس بمركز طهطا بسوهاج
  • حكم رادع لبائع متهم بالتعدي على فتاة بالقاهرة
  • المشدد 7 سنوات لـ بائع هتـــ.ك عرض فتاة في 15 مايو