الخبر:
2024-12-25@21:20:04 GMT

إبطال مذهب من قال بتقديم المال على النفس والنسل

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

إبطال مذهب من قال بتقديم المال على النفس والنسل

إن المال ضروري من ضرورات الحياة لا غنى لأي كان عنه في إقامة حياته وإصلاح معاشه وقضاء حاجته ومن ثم جاء اهتمام القرآن والسنة به اهتماما خاصا فقد ذكر في القرآن نحو خمس وسبعين مرة، مفردا وجمعا ومعرفا ومنكرا ومضافا ومنقطعا عن الإضافة.

والملاحظ أن أغلب النصوص الشرعية التي ذكر فيها المال يكون مقرونا فيها إما بالأنفس أو بالأولاد مما يبين أن مكانته تضاهي مكانتهما في الشريعة.



ويرى عبد الكريم الخطيب أن المتتبع لجميع الآيات التي جمعت بين المال والنفس أو المال والولد، قد قدم المال فيها أولا ماعدا آية واحدة قدمت فيها النفس على المال وهي في قوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} التوبة:111.

ويستخلص من هذا الاستقراء أن في تقديم المال على الولد والنفس إلفاتا صريحا إلى أن المال في منزلة فوق منزلة النفس والولد لأنه في نظره أن هذا التقديم الذي وقع في جميع الآيات عدا آية واحدة لا بد أن فيه قصدا إلى معنى يراد من ذلك التقديم وهو التفضيل، وإلا لما التزمت الآيات هذا الالتزام الذي يكاد يكون إصرارا، ويمضي مستطردا في التدليل على صحة رأيه فيقول: (فإن الآية التي قدمت فيها النفس وأخر المال إنما هي شاهد آخر على أن المال مقدم على النفس أيضا، فالآية إنما تعرض المال والنفس في معرض البذل في سبيل الله، إذا هناك بذل وتضحية وقد قدمت النفس أولا ثم جاء المال ثانيا والمعلوم أن المرء في مجال التضحية يجعل آخر ما يقدم أعز شيء عنده).

أما فيما يتعلق بقول النحويين أن الواو لا تفيد ترتيبا ولا تعقيبا وبالتالي فإن المال لا يعني أنه مقدم على النفس والولد فيرى أن هذه مسألة لا يجب الوقوف عندها كثيرا.
والذي يبدو لي أن الكلام فيه نظر من وجوه:

أ- لقد اتفقت كلمة العلماء في مجال المقاصد الشرعية على تقديم حفظ كلي النفس وكلي النسل على حفظ المال، وقد تواتر سير الأمة على هذا الترتيب للكليات الضرورية من عصر الغزالي الذي يعتبر واضعها ومحددها إلى يوم الناس هذا.

ب- إن المال خلق لمصالح الآدمي ومنافعه حتى يكون مرفها ومنعما في هذا الوجود قادرا على القيام بوظائف التكاليف وأعباء العبادات، وما كان هذا سبب وجوده لا يمكن أن يكون أفضل من نفس الإنسان ولا من نسله، وأعني به الولد، لأن حفظ نسله راجع إلى حفظ نفسه، قال الآمدي: (... وأما بالنظر إلى حفظ النسب فلأن حفظ النسب إنما كان مقصودا لأجل حفظ الولد، حتى لا يبقى ضائعا لا مربي له فلم يكن مطلوبا لعينه بل لإفضائه إلى بقاء النفس، وأما بالنظر إلى المال فلهذا المعنى أيضا فإنه لم يكن بقاؤه مطلوبا لعينه وذاته، بل لأجل بقاء النفس مرفهة منعمة حتى تأتي بوظائف التكاليف وأعباء العبادات).

ج- إن ما يؤكد تفضيل النفس على المال هو: لو أن إنسانا قتل شخصا متعمدا، فاستحق بذلك القصاص، لكن ولي الدم تنازل عن حقه في القصاص مقابل الدية إلا أن القاتل أبى دفع الدية قال ابن رشد: (وذهب مالك إلى إكراه القاتل على دفع الدية مقابل العفو عن الدم، لأن حفظ نفسه مقدم على حفظ ماله، ولا فائدة له في ماله إذا قتل، فقال مالك بالنص: تأخذ الدية منه وإن كره، لأنه لا يدرأ عن ماله، إذ لا انتفاع له بماله إن قتل).

د- ومما يدل على أن الولد مفضل على المال، هو طلب الشريعة من الإنسان رعاية ولده وصيانته قبل رعاية المال وحفظه حيث قال تعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} النور:33، فدلت هذه الآية على تحريم الزنا وسيلة للكسب وجلب المال، لأن الأول يتعلق بالنسل، وحفظه مقدم على حفظ المال فوجب تحريم هذا العمل.

هـ- ومما يدل على أن النفوس مقدمة على الأموال هو إقرار الشريعة بأن الحدود تدرأ بالشبهات ما استطاع ولي الأمر إلى ذلك سبيلا، ومن جملة الحدود حد السرقة الذي شرع لحفظ المال فدرؤه عن السارق لأدنى شبهة دليل على تقديم حفظ نفسه على حفظ المال المتهم بسرقته، قال ابن فرحون: (إذا شهد الشهود في السرقة فلا تقبل شهادتهم مجملة، ولا بد أن يسأل الحاكم الشاهدين عن السرقة ما هي؟ وكيف أخذها؟ ومن أين أخرجها؟ فإن غابا قبل أن يسألهما الحكام لم يقطع السارق لاحتمال أن يكون ذلك دون نصاب أو من غير حرز، فإن قالا: إنها مما يجب فيه القطع وغابا قبل أن يسألهما لم يقطع إلا أن يكونا من أهل العلم ومذهبهما مذهب الحاكم).

*رئيس الهيئة الشرعية بمصرف السلام الجزائر

المصدر: الخبر

كلمات دلالية: مقدم على على حفظ

إقرأ أيضاً:

ترامب يشكل تهديداً لسياسة واشنطن الخارجية

قال المحلل السياسي الأمريكي كريستوفر جيه فيتويس، إن مؤيدي انتهاج سياسة خارجية أمريكية محدودة يجب أن يفهموا أن أي مكاسب قصيرة الأجل تتحقق خلال الإدارة الثانية للرئيس دونالد ترامب لا تستحق تكاليف الضرر طويل الأجل، الذي سيلحق بسمعة الولايات المتحدة.

وقال فيتويس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تولين ومقرها مدينة نيو أورلينز بولاية لويزيانا الأمريكية، ومؤلف كتاب "السعي إلى الهيمنة: 2000 عام من الاستراتيجية الكبرى للقوة العظمى"، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال انتريست" الأمريكية إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يعتقد أن الولايات المتحدة ليست لديها مصالح مهمة في سوريا، أو كان هذا ما كتبه الأسبوع الماضي.

Trump says Syria 'not our fight'. Staying out may not be so easy https://t.co/ajaNWeMmth

— BBC News (World) (@BBCWorld) December 13, 2024 ضبط النفس

وقد عزز هذا الإعلان رأي البعض في المجتمع المؤيد لسياسة ضبط النفس الذين تفاعلوا مع انتخابه بتفاؤل حذر، على أمل أن تبتعد الإدارة الجديدة عن عقود من السياسات الخارجية التي حققت نتائج عكسية. وقد رأى عدد لا بأس به من الأشخاص أن إدارة ترامب الثانية ربما تكون جيدة بالنسبة لأنصار سياسة ضبط النفس وربما يتعين عليهم أن يتقبلوها قريباً.

واعتبر فيتويس أن مثل هذه الخطوة ستكون خطأ كارثياً، وأن الرئيس المستقبلي لا يمثل نعمة لضبط النفس الاستراتيجي وإنما يمثل تهديداً وجودياً خطيراً. وقال إن أي استراتيجية كبرى لن تنجح حال ارتباطها بترامب وحركة "ماجا" التي تعد اختصاراً لشعار ترامب "لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً" وضبط النفس ليس استثناءً.

ويرى فيتويس أن الحزب الجمهوري في أعلى مستوياته الآن، لكنه سيحكم على أساس هش. إنه اليوم عبارة عن عبادة شخص أكثر من كونه حزباً سياسياً، وعبادة الأشخاص لا تستمر بعد رحيل قادتها. وفي نهاية الأمر، سيؤثر الزمن على الرئيس المنتخب.

وربما عاجلاً وليس آجلاً، ستسهم أطباق التاكو وشرائح السمك الفيليه والخمول في تقاعده غير الطوعي عن السياسة. وعندما يحدث هذا، سيخضع الحزب الجمهوري للمحاسبة، ولن يظهر أحد ليحل محله. ولن يتمكن أي صوت جديد من مضاهاة جاذبيه ترامب للجمهور والكاريزما الخاصة به وغرائزه. وعندما يرحل، سترحل معه حركة "ماجا" (لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً) على الأقل كقوة تستطيع أن تحقق الانتصار في الانتخابات الوطنية. وسيعتبر المؤرخون يوم الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 ذروة نجاح الحركة.

President Trump's willingness to use US economic might as an open point of diplomatic leverage horrified free trade purists and some trading partners alike during his first term. As President-elect he's already doubled down on that strategy.

This indicates to me he may be… pic.twitter.com/zmIILSBC1b

— Patrick Fox (@RealCynicalFox) December 1, 2024 أداء فاق التوقعات

وقال فيتويس إنه "منذ عام 2015، عندما كان ترامب، مرشحاً في الانتخابات، فاق أداء الحزب الجمهوري التوقعات. وبدونه، في السنوات التي لم تشهد انتخابات مهمة وفي الانتخابات الخاصة، قدم الحزب أداء ضعيفاً. ولذلك فإن القائد العزيز فقط هو الذي يستطيع أن يلهم أمة (لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً) للذهاب إلى مراكز الاقتراع".

ويرى فيتويس أن الإدارة الثانية لترامب لن تكون مقيدة بالمفاهيم الدستورية القديمة للضوابط والتوازنات، ومن المرجح أن تسفر عن كارثة وخزي يفوق تصور الأشخاص العقلاء. وبعد فترة وجيزة من سقوطها، سيكون هناك رد فعل عنيف ضد كل شخص ساعد وكل شيء زعم هذا الرجل أنه يمثله. وبمجرد تراجع دور حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا"، ستصبح قيمها وشعاراتها لعنة للجيل القادم. وبحلول عام 2034، سيكون من الصعب إيجاد أي أمريكيين جادين يعترفون أنهم كانوا يؤيدون ترامب.

وإذا لم يكن مؤيدو سياسة ضبط النفس الاستراتيجية حذرين، ستصبح هذه السياسة ضحية لإرث ترامب السام. ويربط معارضو هذه السياسة بالفعل بينها وبين تشارلز ليندبيرغ والأب كوفلين وغيرهما من الشخصيات شبه السلطوية في ثلاثينيات القرن العشرين.

وإذا أصبحت هذه السياسة مرتبطة بشبه السلطويين في العشرينات فإنها لن تظل خياراً للاستراتيجية الكبرى لأن تمضي قدماً. وستكون الجهود التي استمرت أعواماً لإبعاد ضبط النفس عن صورة الانعزالية بلا فائدة. ولن تتعافي سياسية ضبط النفس (وربما الواقعية نفسها) من ربطها بحركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً".

وقال فيتويس إن ترامب شخصية قومية، وقد تتداخل سياساته مع ضبط النفس، ولكن فقط بالمصادفة وليس من خلال قيم وأهداف مشتركة. إن المحافظ الجديد هو العدو الفكري لكل من حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً" وضبط النفس، ولكن في هذه الحالة، عدو عدوي ليس صديقي.

“Many countries do not need to be cajoled by Trump’s negotiators to align with U.S. de-risking initiatives; China’s economic slowdown and rising national security concerns about reliance on Chinese-centric supply chains provide incentive enough.”https://t.co/7GDx9IzOah

— Foreign Affairs (@ForeignAffairs) December 21, 2024 الأعداء والأصدقاء

فقد دعا القليل من أنصار سياسة ضبط النفس إلى إغلاق الحدود أو تقييد التجارة أو وضع خطوط بين الأعداء والأصدقاء في الخارج. كما أن عدد أقل يؤيد حشداً ضخماً في المحيط الهادئ لردع أي هجوم صيني ضد تايوان. في الواقع أنصار ضبط النفس يميلون إلى القلق بشأن التدهور المحتمل لهذه العلاقة والعديد من العلاقات الأخرى تحت قيادة قومية قصيرة النظر.

ولا يدعم أي من أنصار سياسة ضبط النفس تقديم المزيد من الأموال لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) المتضخمة والمبذرة. ويتفق معظمهم في الشعور بالذعر إزاء قائمة المرشحين غير المناسبين الذين عينهم ترامب في مناصب خطيرة للغاية.

وأشار فيتويس إلى أنه قبل صعود ترامب، كانت سياسة ضبط النفس تحظى بزخم في الدوائر الاستراتيجية الأمريكية. وكان الاشمئزاز من الحروب غير الضرورية ومستويات الإنفاق الدفاعي غير المعقولة تتزايد داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي. كما كانت الأموال قد بدأت في التدفق على خزائن مخصصات مرتبطة بسياسة ضبط النفس.

Trump’s perspective on multilateralism, marked by deep scepticism, a transactional mindset, and a frequent use of withdrawal rhetoric when deals fall short of his expectations, raises questions about how the U.S. will engage with NATO in the years ahead. Read:… pic.twitter.com/hOmNdkPAKD

— TRT World Research Centre (@TRTWorldRC) December 24, 2024

واعتبر فيتويس أنه إذا أصبحت حركة ضبط النفس مرادفة لحركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً"، سيتوقف هذا الزخم، ليس اليوم أو غداً، ولكن قريباً. وقد يكون الضرر دائماً. وربما يكون المؤيدون مستعدين للتركيز على المكاسب قصيرة الأجل التي قد تحققها قيادة الحزب الجمهوري، لكنها ستكون مكاسب وهمية.

وأشار إلى أن خيمة ضبط النفس، يجب أن تكون واسعة ومفتوحة لكل القناعات السياسية. ومع ذلك، لكي تستمر الحركة بشكل دائم، لا يمكن الترحيب بالجميع. إن الموقف الوحيد المقبول لأولئك الذين يريدون بناء مسار مستدام حقاً لضبط النفس هو التنافس على مركز في التيار المناهض لترامب. ربما يكون هناك متسع في المكان الآن، ولكن بمجرد رحيل الزعيم العزيز، سيصبح التيار مزدحما بسرعة.

واختتم فيتويس تقريره بالقول إن أنصار سياسة ضبط النفس يجب ألا ينخدعوا بأوهام السياسة قصيرة الأجل أو يبيعوا أرواحهم، مهما كانت قوة الإغراء. ولا يمكن إزالة الكبريت سريعاً، حيث ستلتصق رائحته بكل ما يلمسه ترامب وسيؤدي إلى سقوط حركات بأكملها إذا لم يكن مؤيدوها حذرين وواضحين تماماً في قيمهم من بداية ما تبدو أنها فترة طويلة ستمتد لـ4 أعوام.

مقالات مشابهة

  • ترامب يشكل تهديداً لسياسة واشنطن الخارجية
  • كيف يمكن محاسبة النفس؟.. خالد الجندي يوضح
  • إبطال بطاقات الائتمان في تركيا التي تستخدم هذه الكلمات والأرقام في كلمات المرور
  • شيخ الأزهر يتفقد بيت الزكاة والصدقات ويوجه بتقديم أفضل الخدمات للمستفيدين.. صور
  • شيخ الأزهر يتفقَّد مقر بيت الزكاة والصدقات ويوصِّي بتقديم أفضل الخدمات للمستفيدين
  • شيخ الأزهر يتفقد المقر الرئيسي لبيت الزكاة والصدقات ويوصي بتقديم أفضل خدمات للزائرين
  • «الشركات السياحية» تتعهد بتقديم موسم متميز للحجاج المصريين
  • أستاذ اقتصاد: الدولة ملتزمة دستوريا بتقديم الدعم للمواطن
  • الأمن الوطني يفكك شبكة تستغل المواطنين بتقديم سلف مالية بالنجف
  • سر النجاح المالي