محمد صبيح يكتب: كجوك يتحدث بثقة .. هكذا مصر على طاولة الكبار بواشنطن
تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT
بين أروقة اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، وقاعات المؤسسات المالية العالمية الكبرى، رسمت مصر صورة واضحة لاقتصاد يسير بخطى محسوبة نحو الاستقرار، مدعومًا بإصلاحات هيكلية متواصلة، ومؤشرات مالية تعكس قدرة الدولة على الصمود والتقدم في آنٍ واحد.
أحمد كجوك، وزير المالية المصري، لم يكن يعرض في واشنطن بيانات اقتصادية فقط، بل كان يقدم خطابًا متماسكًا يتكرر جوهره وإن تنوعت المناسبات حيث أظهر كجوك مصر ليست فقط تبحث عن التمويل، بل تعرض شراكة طويلة الأمد، قائمة على بيئة أعمال محفزة، ونظام ضريبي أكثر كفاءة، واستقرار مالي يعكس جدية الحكومة في المضي قدمًا في طريق الإصلاح.
في لقاءه مع رئيس "جي بي مورجان"، أوضح كجوك أن التغيرات التي تشهدها التجارة العالمية تجعل من القارة الأفريقية، ومصر تحديدًا، وجهة مثالية للاستثمار والأمر لمك يكن مجرد عبارات مطاطة ولكنه قدم عرضا ذكيا لمزايا تنافسية واقعية، منها: تكلفة عمالة منخفضة، مقومات تصنيع حاضرة، وإرادة سياسية داعمة للقطاع الخاص ولم تكن الرسالة عن الحاضر فقط، بل عن قدرة مصر على التكيّف مع مستقبل اقتصادي مضطرب عالميًا.
وفي مائدة مستديرة نظمها "مورجان ستانلي"، كان كجوك أكثر ثقة حيث استعرض: فائض أولي 2.5%، عجز كلي يتراجع إلى 6.3%، وزيادة في الإيرادات الضريبية بنسبة 38% نتيجة لتوسيع القاعدة الضريبية لا بفرض أعباء جديدة، بل ببناء الثقة مع الممولين ولأول مرة، تتبنى الحكومة مستهدفات مالية متوسطة المدى في وثيقة الموازنة، في مشهد يعكس نضجًا إداريًا يعززه تناغم سياسي ومؤسسي.
لكن الرسالة الأهم كانت موجهة إلى المستثمرين: أنتم شركاء، ولسنا بصدد علاقة طرفها الأقوى يفرض شروطه، هذا ما برز أيضًا في لقاء كجوك مع "جولدن مان ساكس"، حيث كان واضحًا أن مصر تضع تسهيلات ضريبية وجمركية ضمن إطار إصلاحي أكبر لا يهدف فقط لتيسير الاستثمار، بل لتحسين مناخ الأعمال ككل.
مصر تنتصر للدول النامية والفقيرةوحول ديون مصر تحدث كجوك بشكل سياسي واقتصادي في آن واحد خلال ندوة أزمة الديون والتنمية إذ بدا كجوك كمن يحمل رسالة مشتركة من كل الدول النامية، مفادها أن الديون الخارجية لم تعد مجرد أرقام، بل أصبحت كابحًا حقيقيًا للتنمية، وأنه آن الأوان لتحويلها إلى فرصة اقتصادية.
رؤية كجوك بتحويل جزء من هذه الديون إلى استثمارات تنموية هي خطوة جريئة وعملية في ذات الوقت، إنها دعوة لتفكيك المنظومة المالية الدولية التي تُثقل كاهل الدول الفقيرة بخدمة دين تتضخم مع كل أزمة عالمية، دون أن تنتج نموًا حقيقيًا، بل وتُظهر مصر في هذا الخطاب وعيًا بأن المعركة ليست فقط داخل حدودها، بل في صياغة جديدة لمنظومة التمويل الدولي.
والأهم من ذلك، أن كجوك دعا لتبني حلول تمويلية مبتكرة، وتقليل الفجوات التمويلية من خلال أدوات أكثر مرونة واستجابة لتقلبات الاقتصاد العالمي. إنه خطاب لا ينتظر الإعانات، بل يقترح حلولًا قائمة على شراكة عادلة، وتحقيق عوائد حقيقية لكل من الدول المدينة والدائنة.
اقتصاد مصر يمكن الوثوق بهما يلفت النظر في هذا الحراك المصري، هو التناسق في الخطاب والرؤية، فسواء تحدث الوزير أمام ممثلي المؤسسات الدولية أو مع الشركاء الإقليميين، فإن الرسالة واحدة: مصر تغيرت، وتغيرها ليس شعارًا بل سياسات ونتائج.
لقد نجحت مصر في تحويل التحديات العالمية إلى فرصة، وعرضت نفسها كاقتصاد يمكن الوثوق به، لا فقط بسبب استقراره المالي، بل لأنه يتبنى فكرًا إصلاحيًا جديدًا: فكر قائم على الثقة، والتكامل، وتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص، وإزالة العوائق أمام الاستثمار.
إن مؤسسات التمويل الدولية، والمستثمرين من القطاع الخاص، باتوا يدركون أن الاقتصاد المصري لم يعد يدور في فلك المساعدات، بل يسعى لبناء نموذج تنموي قادر على الاستدامة والمنافسة، وما يحدث الآن هو بداية تحول حقيقي، لا يكتمل إلا بترسيخ الشفافية، ودعم الشراكة، والإيمان بأن الإصلاح ليس فقط قرارًا ماليًا، بل رؤية وطنية.
أسعد بتلقي تعليقاتكم على
واتساب: 01221604650
بريد إلكتروني: [email protected]
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين أحمد كجوك وزير المالية المصري التمويل جي بي مورجان مورجان ستانلي حلول تمويلية مؤسسات التمويل الدولية محمد صبيح أحمد كجوك وزير المالية
إقرأ أيضاً:
بداية قوية لعقارات أبوظبي عام 2025 مدعومة بثقة المستثمرين
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلة أصدرت البوابة العقارية «بيوت» تقريرها لسوق العقارات في أبوظبي للربع الأول من عام 2025، والذي أبرز الأداء القوي للسوق العقاري في العاصمة، وأظهر التقرير زيادة ملحوظة في عدد الصفقات العقارية، مما يعكس ثقة متنامية من المستثمرين، ويُعزى هذا الزخم الإيجابي إلى ارتفاع قيمة رأس المال، إلى جانب ترسيخ مكانة أبوظبي وجهة استثمارية واعدة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.ويواصل سوق العقارات في أبوظبي جذب المستثمرين من مختلف الفئات، مع توافر فرص استثمارية متنوعة تلبي احتياجات الميزانيات المختلفة، فقد استقطبت المجمعات السكنية، مثل الريف، والغدير، ومدينة خليفة، والشامخة، المشترين الباحثين عن عقارات بأسعار منخفضة، وفي المقابل، شهد القطاع العقاري المتوسط اهتماماً متزايداً في مناطق، مثل جزيرة الريم، ومدينة مصدر، وبني ياس، والسمحة، وحدائق الراحة، نظراً لما توفره من توازن بين الأسعار المتوسط والمرافق الحديثة، أما في القطاع الفاخر، فقد حافظت الوجهات الساحلية المتميزة، مثل جزيرة ياس، وجزيرة السعديات، وشاطئ الراحة على جاذبيتها للمستثمرين٬ ممن يبحثون عن أصول مجزية ومستقرة.
وعلى صعيد الأسعار، سجل القطاع متوسط التكلفة زيادات طفيفة بلغت حتى 2% للشقق والفلل، في حين أظهرت مناطق، مثل السمحة أداءً أقوى بارتفاع وصل إلى 7.20%، كما ارتفعت أسعار الشقق في مناطق، مثل جزيرة الريم ومدينة مصدر بنسبة وصلت إلى 4%، ما يعكس استقرار السوق، ويعزز ثقة المستثمرين، وفي قطاع العقارات الفاخرة، تراوحت الزيادات بين 2% و7% للشقق، وبلغت 4% للفلل ووفقاً لتقرير بيوت لسوق أبوظبي في الربع الأول من عام 2025، تصدرت جزيرة ياس قائمة النمو في قطاع الشقق الفاخرة بنسبة 6.57%، مما يؤكد استمرار الطلب على العقارات الفاخرة في الإمارة.
وفي قطاع الفلل، تصدرت منطقة الريف فئة الفلل ذات الأسعار المنخفضة بعائد استثماري قوي بلغ 6.45%، كما حققت مجمعات الفلل متوسطة السعر، مثل حدائق الراحة والسمحة عوائد إيجارية تراوحت بين 5% و7%. فيما واصلت وجهات الفلل الفاخرة، مثل جزيرة ياس، وجزيرة السعديات، وشاطئ الراحة، جذب المستثمرين بعوائد تجاوزت 4.55%، مما يعزز مكانة أبوظبي كبيئة استثمارية موثوقة ومتنوعة.
وأظهر تقرير «بيوت» لسوق الإيجارات في أبوظبي اتجاهاً تصاعدياً عاماً في قيم الإيجار، رغم التفاوت بين المناطق والفئات السكنية وتركز اهتمام الباحثين عن شقق بأسعار منخفضة في مناطق مثل مدينة خليفة، والرحبة، والشامخة، بينما شكلت مدينة خليفة، والرحبة، ومدينة شخبوط أبرز وجهات الباحثين عن فلل بأسعار منخفضة أما في فئة الإيجارات المتوسطة، فقد استحوذت مناطق مثل جزيرة الريم، والخالدية، والمرور، على اهتمام الباحثين عن الشقق، وضمن فئة العقارات الفاخرة، حافظت شاطئ الراحة، وجزيرة السعديات، وجزيرة ياس على جاذبيتها للشقق، بينما سيطرت ياس، والسعديات، والبطين على قطاع الفلل الفاخرة للإيجار.
وسجلت أسعار الإيجارات أداءً متبايناً بين الفئات، إذ انخفضت إيجارات الشقق المنخفضة في معظم المناطق، باستثناء مدينة خليفة التي سجلت ارتفاعاً بنسبة 5.33% كما ارتفعت إيجارات الشقق متوسطة الحجم بنسبة بلغت 4.66%، مع تسجيل جزيرة الريم أعلى نسبة نمو وفي الفئة الفاخرة، ارتفعت الإيجارات في شاطئ الراحة وجزيرة ياس بنسبة 5.03% و6.32% على التوالي، بينما سجلت جزيرة السعديات تراجعاً طفيفاً بنسبة 0.15% أما في سوق الفلل، فقد شهدت مدينة خليفة تراجعاً بسيطاً بنسبة 0.22%، بينما سجلت مدينة شخبوط نمواً بنسبة 1.20%.