7 أسئلة تشرح الوضع الحالي في مدينة الفاشر السودانية
تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT
الفاشر- تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر منذ أشهر في محاولة للسيطرة عليها، وهي آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني، وتعد هدفا إستراتيجيا لقوات الدعم السريع التي تسعى إلى تعزيز قبضتها على الإقليم بعد استعادة الجيش العاصمة الخرطوم الشهر الماضي.
ورغم مهاجمة قوات الدعم السريع المدينة لأكثر من 300 مرة حيث قُتل أبرز قادتها في هذه الهجمات فإنها لا تزال تصر على الاستيلاء عليها، وشنت الأسبوع الماضي هجوما متجددا على المدينة وعلى مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين بالقرب منها، مما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص ونزوح نحو 400 ألف، حسب الأمم المتحدة.
وسعيا لفهم إصرار قوات الدعم السريع على اجتياح المدينة رغم التكلفة العالية التي دفعتها من قادتها وجنودها ومن يدافع عن المدينة، والأوضاع الإنسانية التي خلفتها الهجمات المستمرة على المدينة ومخيمات النزوح المحيطة بها تعرض الجزيرة نت عبر التقرير التالي شرحا وافيا عن المدينة ومأساتها، وذلك من خلال إجابات لأهم 7 أسئلة تتعلق بالموضوع.
ما أهمية مدينة الفاشر تاريخيا وحاليا؟الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وتقع في غرب السودان، وتعد واحدة من المدن التاريخية المهمة، إذ كانت مركزا لحكم سلطنة دارفور خلال القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20، وتحتل مكانة خاصة بفضل تراثها وثقافتها العريقة.
إعلانويقول الدكتور إبراهيم أبكر سعد الباحث في التراث وحضارة دارفور ومدير الثقافة الأسبق لحكومة الإقليم إن الفاشر أُسست لتكون عاصمة لسلاطين دارفور، ومن أبرز هؤلاء السلطان علي دينار الذي حكم بين عامي 1898 و1916، إذ كانت المدينة مركزا لحكمه ومنطلقا لحملاته، وقد اشتهر بدوره في تعزيز الهوية الإسلامية بالمنطقة.
وأضاف سعد في حديث للجزيرة نت أن السلطان بنى العديد من المنشآت لخدمة شعبه، مثل المساجد وآبار المياه والأسواق، مما جعل الفاشر مركزا تجاريا وثقافيا مهما في دارفور.
وأشار إلى أن أهمية المدينة تعود إلى فترة حكم السلطان دينار، إذ ربط الفاشر بالعالم الإسلامي، فقد كان يرسل كسوة الكعبة سنويا إلى مكة المكرمة، مما يعكس ارتباطه الوثيق بالدين الإسلامي، كما شجع التعليم الديني وأسس مدارس عدة في المدينة.
وأكد سعد أن الفاشر تعد المركز التاريخي الرئيسي للحكم في دارفور، وهي المنطقة الأخيرة التي لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني وحلفائه، إذ تحاول قوات الدعم السريع السيطرة عليها لإحكام نفوذها على الإقليم الذي باتت 4 من أصل 5 ولايات تشكله تحت إمرتها.
بحسب مراقبين محليين، تسعى الدعم السريع إلى تغطية فشلها وفقدانها العاصمة الخرطوم وبعض مدن السودان بتكثيف عملياتها العسكرية في مدينة الفاشر.
ويقول الكاتب الصحفي أسعد العقاد للجزيرة نت "إن الدعم السريع تخطط للسيطرة على المدينة لتعزيز نفوذها في دارفور وتغطية فشلها في الخرطوم حتى تصبح جميع مدن دارفور تحت سيطرتها".
وأكد العقاد أن الفاشر تعد نقطة إستراتيجية مهمة كونها مدينة تاريخية وواحدة من آخر مدن دارفور خارج سيطرة الدعم السريع، مضيفا أن "المطلوب حاليا هو العمل على رفع الحصار المفروض عن المدينة وتدمير تلك المخططات".
إعلانووفقا للصحفي تاج السر أحمد سليمان مسؤول وكالة السودان للأنباء في مكتب شمال دارفور، فإن مدينة الفاشر تعد مركز الثقل التاريخي والسياسي لإقليم دارفور، وهي تمثل آخر المعاقل التي لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني.
وأضاف سليمان أن اجتياح الدعم السريع للفاشر يمثل نقطة تحول حاسمة في مسيرته ضد الجيش، إذ تعد هذه الخطوة تنفيذا مباشرا للخطة "ب" التي تهدف إلى السيطرة الكاملة على إقليم دارفور، وذلك لتعزيز موقف الدعم السريع في أي مفاوضات مع الحكومة الاتحادية، بما في ذلك الخيارات التي تشير إلى إمكانية انفصال الإقليم، وهو ما تلمح إليه قوات الدعم السريع بشكل غير مباشر.
وفي سياق متصل، قال يعقوب الداموكي المستشار الإعلامي السابق لقائد قوات الدعم السريع إن إصرار الدعم السريع على اجتياح الفاشر هو نتاج ضغوط إماراتية، إذ إن استمرار تدفق الدعم العسكري مرتبط بالاستيلاء على المدينة.
وأضاف الداموكي في حديثه للجزيرة نت إن "ذلك سيمكنها من السيطرة على إقليم كامل بمساحة تساوي مساحة دولة فرنسا، ويجاور أكثر من دولة".
وتابع "بعد ذلك، يمكنها تطبيق النظام الليبي لفترة حتى يتم تجهيز عتاد حربي ضخم، بما في ذلك طائرات حربية، ثم استئناف الحرب مجددا أو الدخول في مفاوضات تصل من خلالها إلى السلام حتى تضمن الإمارات حفظ مصالحها في السودان".
من يدافع عن الفاشر؟قال الناشط الإغاثي محمد آدم للجزيرة نت إن "سقوط مدينة الفاشر في يد قوات الدعم السريع قد يؤدي إلى تنفيذ عمليات إبادة جماعية مشابهة لتلك التي وقعت في مدينة الجنينة بغربي الإقليم".
وأوضح آدم أن هذا الخطر يدفع الجميع إلى المشاركة في الدفاع عن المدينة، مضيفا "نحن نقاتل من أجل حماية أرضنا وشرفنا، ولا يمكننا الاستسلام أمام انتهاكات الدعم السريع".
ويرى المستشار الإعلامي السابق لقوات الدعم السريع يعقوب الداموكي في تحليله للجزيرة نت أن الدفاع عن الفاشر يمثل "معركة وجودية تتطلب بسالة من كافة الجهات".
إعلان ما أبرز مخيمات النازحين حول المدينة؟تحيط بمدينة الفاشر 3 مخيمات للنازحين، ويعد مخيم زمزم أكبرها، ويقع على بعد 15 كيلومترا جنوبي المدينة، وقد أنشئ في عام 2004 بعد اندلاع النزاع في دارفور، ويستضيف نحو 75 ألف شخص، معظمهم من الذين فروا من مناطقهم الأصلية خلال الصراع المسلح الذي بدأ في الإقليم عام 2003.
وبعد اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023 ارتفع عدد النازحين ليصل إلى نحو مليون شخص، وفقا للإحصائيات الأخيرة، بعد إضافة النازحين من مدينة الفاشر والقرى المجاورة.
وفي المرتبة الثانية يأتي مخيم أبو شوك، ويقع على بعد 4 كيلومترات شمالي مدينة الفاشر، إذ أصبح لاحقا جزءا من المدينة بسبب قرب المسافة، وعند إنشائه في أبريل/نيسان 2004 كان يستضيف نحو 47 ألفا و500 نازح، معظمهم من قرى جبل مرة ومناطق كورما وطويلة غربي الفاشر، ومع مرور الوقت تضاعف عدد النازحين ليصل إلى نحو نصف مليون شخص.
وأخيرا مخيم السلام المعروف أيضا بمخيم أبوجا، ويقع على بعد 8 كيلومترات في الجزء الشمالي الشرقي من مدينة الفاشر، وقد أنشئ في عام 2006، ويستضيف المخيم نحو 130 ألف نازح، ومع اندلاع الحرب قبل عامين واشتداد القتال في المدينة دخلته عناصر من قوات الدعم السريع، مما أجبر معظم النازحين على الفرار نحو مخيم زمزم جنوبي الفاشر.
وفقا للصفحة الرسمية للإعلام العسكري للفرقة السادسة مشاه على موقع "فيسبوك"، فإن مدينة الفاشر تشهد في الأيام الأخيرة عمليات هروب جماعي لعناصر الدعم السريع نتيجة الضغط المتواصل من القوات المسلحة والقوة المشتركة والشرطة والأمن والمقاومة الشعبية.
وأفادت التقارير بأن العمليات مستمرة لاستئصال "الأوكار" التي تتحصن بها عناصر الدعم السريع، مؤكدة تحقيق تقدم يومي في مختلف المحاور، إذ تم الاستيلاء على مواقع جديدة كانت تستخدمها قوات الدعم كمنصات مدفعية.
إعلانأما بالنسبة لخريطة الانتشار داخل المدينة وضواحيها وكيفية تمركز الجيش والحركات المسلحة للدفاع عن الفاشر فقد حاولت الجزيرة نت التواصل مع عدد من العسكريين لكنهم اعتذروا عن الإدلاء بتصريحات، وذلك لأسباب أمنية ولضمان سير ونجاح العمليات العسكرية في الوقت الراهن.
كيف يعيش سكان المدينة في ظل هذه الظروف الإنسانية الصعبة؟أدى الاقتحام الذي شنته قوات الدعم السريع وسيطرتها على مخيم زمزم إلى نزوح جماعي جديد لنحو 515 ألفا و415 شخصا إلى داخل مدينة الفاشر، وبهذا تجاوز عدد النازحين داخل المدينة المليون شخص، مما يفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة، وفقا للإحصائيات الرسمية.
وتفتقر هذه الفئة الكبيرة من النازحين إلى أدنى مقومات الحياة الأساسية، مثل المأوى والغذاء والمياه، ويعيش الكثير منهم في ظروف قاسية، إذ تتزايد الحاجة إلى المساعدات الإنسانية بشكل ملح.
وفي حديثها للجزيرة نت، قالت هنادي الطاهر -وهي ناشطة إغاثية ونازحة من مخيم زمزم- "يفترش الجميع الأرض وتحت ظلال الأشجار، ولا يوجد مأوى أو مياه للشرب أو طعام".
وأضافت الطاهر أن النازحين في قلق مستمر من كيفية البقاء على قيد الحياة، مشيرة إلى أن "المدينة لا تزال تحت الحصار والقصف المستمر، إذ تمنع السلطات دخول كافة المستلزمات الإنسانية".
وتابعت "كل يوم نشهد أشخاصا يموتون بسبب الجوع والمرض، وهناك العديد من النساء الحوامل والمسنين الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة".
تقول هنادي "لا توجد أي منظمات دولية تقدم المساعدة، فقد اكتفت فقط بالإدانة"، مضيفة "لقد تركنا العالم وحدنا نواجه مصيرنا، وهم يشاهدون ما يحدث".
وأكدت الناشطة الإغاثية أن النازحين يحاولون تنظيم أنفسهم لتوفير بعض الدعم لبعضهم البعض، قائلة "نتشارك القليل الذي لدينا، لكن هذا ليس كافيا، نحتاج إلى الدعم من المنظمات الإنسانية والحكومة لنتمكن من البقاء على قيد الحياة".
إعلانتقول ذلك فيما تواصل قوات الدعم السريع قصف المدينة من الخارج، مما يسفر عن مقتل مدنيين يوميا ويؤدي إلى أضرار جسيمة في الممتلكات والمؤسسات والمرافق الحكومية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع مدینة الفاشر عدد النازحین على المدینة لا تزال تحت عن المدینة للجزیرة نت فی دارفور مخیم زمزم فی مدینة
إقرأ أيضاً:
في الفاشر السودانية المحاصرة: إسعافات أولية بمواد بدائية
يُعتبر محمد (8 أعوام) من المحظوظين في مدينة الفاشر الواقعة في غرب السودان، رغم أنّ ذراعه التي تحتوي على شظايا قد عولجت بقطعة قماش لا تزال تلفّها، وذلك في ظل معاناة جرحى حرب آخرين من إصابات أكثر خطورة تصعب معالجتها، نظرا للحصار الذي تشهده المدينة ولشحّ المعدّات الطبية فيها.والأسبوع الماضي، شنّت قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش منذ عامين، هجوما داميا على عاصمة شمال دارفور ومحيطها، حيث انهار النظام الصحي أيضا.ويقول عيسى سعيد (27 عاما) والد محمد لوكالة فرانس برس في اتصال عبر الأقمار الصناعية ستارلينك، في ظل انقطاع الاتصالات في المنطقة بشكل كامل، «بمساعدة جارتنا التي كانت سابقا تعمل في مجال التمريض، أوقفنا النزيف لكن اليد فيها تورّم ولا ينام (محمد) ليلا من الألم». وكما هو حال سكان آخرين في مدينة الفاشر المحاصرة من قوات الدعم السريع منذ مايو 2024، فإنّ عيسى لا يمكنه نقل ابنه إلى غرفة الطوارئ في أي مستشفى.وقد أدّت الهجمات المتكرّرة التي شنّتها قوات الدعم السريع على العاصمة الإقليمية لمنطقة دارفور الشاسعة، إلى جعل أي تحرّك للمدنيين محفوفا بالمخاطر.ويقول محمد وهو منسّق مساعدات إنسانية نزح إلى الفاشر هذا الأسبوع، إنّ مئات الجرحى يجدون أنفسهم محاصرين حاليا في المدينة.
وكان هو نفسه قد أُصيب في فخذه خلال الهجوم الدامي الذي نفذته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين الواقع على بعد 15 كيلومترا جنوب الفاشر.
وبحسب مصادر إنسانية، فإنّ مئات آلاف الأشخاص فرّوا من مخيّم زمزم الذي أعلنت الأمم المتحدة أنّه يعاني من مجاعة، وذلك للجوء إلى مدينة الفاشر.
ويضيف محمد الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، إنّ «الناس فاتحة بيوتها وكلّ الناس يتلقّون العلاج بشكل خصوصي في البيوت».
وفي الفاشر، يحاول الناس تقديم الإسعافات الأولية وعلاج الحروق أو الجروح الناجمة عن الرصاص وشظايا القذائف، بالاعتماد على مواد بدائية للإسعافات الأولية وباستخدام نباتات طبية.
ويروي محمد أبكر (29 عاما) أنه كان يحاول إحضار الماء لأسرته عندما أُصيب بطلق ناري في رجله.ويقول «حملني جيراني إلى داخل المنزل واستدعوا جارنا الذي لديه خبرة في معالجة الكسور بالجبيرة وهو نوع من العلاج الشعبي… باستخدام أخشاب وقطع قماش».
جريدة المدينة
إنضم لقناة النيلين على واتساب