خبير أمني يكشف لـ«عين ليبيا» كواليس صادمة لخطط أوروبية وأممية تُهدد الأمن القومي الليبي
تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT
على امتداد السواحل الليبية، حيث يلتقي زئير البحر المتوسط بصرخات اليأس، تتكدس القوارب المهترئة بمهاجرين يفرون من جحيم الحروب والفقر نحو سراب الحلم الأوروبي، لكن هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر لا تنتهي عند حدود ليبيا، بل تُحوّلها إلى ساحة لمعركة دولية معقدة، تتداخل فيها الأجندات السياسية مع المآسي الإنسانية، لتضع البلاد في قلب إعصار يهدد أمنها القومي ويُهدّد نسيجها الاجتماعي.
الكواليس المُعلَّبة: أوروبا تُصدِّر أزمتها إلى ليبيا
في تصريح حصري لـ«عين ليبيا»، كشف خبير دولي في شؤون الهجرة طلب عدم الكشف عن هويته، النقاب عن “شبكة من الإخفاقات والاختراقات في الاستراتيجيات الأوروبية والأممية”.
وأكد أن “المبادرات الدولية تُدار بمعايير مزدوجة؛ فبينما تُعلن حماية حقوق المهاجرين، تُغذي في الخفاء أزمات ليبيا الديموغرافية والأمنية”.
وأشار الخبير إلى أن عملية «صوفيا» البحرية الأوروبية (2015)، التي نُفِّذت لمكافحة تهريب البشر، تحوّلت إلى فخّ قانوني وأخلاقي. فبدلًا من إنقاذ المهاجرين، أعادتهم إلى السواحل الليبية المصنَّفة دوليًا كـ«منطقة غير آمنة» مُنتهِكة بذلك اتفاقية جنيف للاجئين. بل الأكثر صدمةً أن الدعم الأوروبي لخفر السواحل الليبي عبر المذكرة الليبية-الإيطالية (2017) أدى إلى تصادمات بين خفر السواحل الليبي مع سفن المنظمات الإنسانية، محوّلاً ليبيا إلى «شرطي حدود» لأوروبا، بينما تُركت ليبيا تتحمّل تبعات اكتظاظ مراكز الاحتجاز وارتفاع حدة التوترات الاجتماعية بسبب تزايد اعداد المهاجرين غير الشرعيين الذي وصلت اعدادهم قرابة 3 مليون مهاجر”.
المحكمة الجنائية الدولية: أداة ابتزاز سياسي!
كشف الخبير عن “مفارقة خطيرة: فالاتحاد الأوروبي يُموِّل برامج مكافحة الهجرة، وفي الوقت ذاته يُشكِّل فرق تحقيق دولي يضم (إيطاليا، إسبانيا، إيرلندا، هولندا، بريطانيا) بالشراكة مع الوكالة الأوروبية للتعاون في مجال إنفاذ القانون (Europol) للتحقيق في انتهاكات مزعومة ضد المهاجرين داخل ليبيا، دون إشراك السلطات الليبية”.
وأوضح أن “هذه التحقيقات استُخدمت كأدلة أمام المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات قبض ضد مسؤولين ليبيين، في خطوة وُصفت بأنها «ابتزاز» لدفع ليبيا لتعديل تشريعاتها وقبول توطين المهاجرين قسرًا”.
أمن أوروبا أولًا!
بحسب الخبير، “لم تنجح بعثة الاتحاد الأوروبي لإدارة الحدود المتكاملة في ليبيا (EUBAM Libya) منذ تأسيسها عام 2017 في تأمين الحدود الليبية البرية الممتدة مع دول الجوار الأفريقي، والتي تُعدُّ الأكثر نشاطًا في تهريب البشر. وبدلًا من ذلك، ركّزت جهودها على حماية السواحل الأوروبية، في إطار سياسة «التصدير الأمني» التي حوّلت ليبيا إلى حاجز بشري يحمي أوروبا من تدفقات الهجرة”.
الأمم المتحدة: من الوسيط إلى الجزء من الأزمة
انتقد الخبير “الدور المتناقض لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا (UNSMIL)، والتي تجاوزت بحسبه تفويضها السياسي بعد عام 2018 لتصبح شريكًا في الضغوط الأوروبية الرامية إلى إجبار ليبيا على قبول برامج التوطين”.
أما خطة الاستجابة للاجئين السودانيين (2024)، الصادرة عن الامم المتحدة، فكشف الخبير عن “وجود فجوة تمويلية صادمة: في هذه الخطة تقدر بمبلغ 7.6 مليون دولار فقط من أصل 43.8 مليون مطلوبة، ما يعكس أزمة ثقة دولية في نوايا هذه المبادرات، ويُشير إلى أهداف خفية تتعلق بتغيير التركيبة الديموغرافية”.
المنظمات الدولية: جرائم مُنظَّمة تحت غطاء إنساني
أثار الخبير “أن جهاز الأمن الداخلي في ليبيا كشف عن فضائح مدوّية حول تورط منظمات دولية في أنشطة غير قانونية، مثل:
منظمة الإغاثة الدولية: تقديم خدمات طبية دون تنسيق مع الحكومة، وتخزين أدوية بطرق مشبوهة. المجلس النرويجي للاجئين: توزيع مساعدات مالية بعيدًا عن رقابة الدولة. منظمة “أرض الإنسان” الإيطالية: تمويل المهاجرين عبر قنوات مالية إلكترونية غير خاضعة للشفافية”.هذه الممارسات، “وفق الخبير تُشكِّل غطاءً لعمليات غسل أموال وتهريب، ما دفع السلطات الليبية إلى إغلاق عدة منظمات مؤخرًا”.
القنبلة الديموغرافية: ثلاثة ملايين مهاجر يهددون النسيج الاجتماعي
حذّر الخبير من “تحوّل ليبيا إلى «مستوطنة دائمة» للمهاجرين غير الشرعيين، الذين يُقدَّر عددهم بثلاثة ملايين أي نحو 40% من السكان الأصليين– في ظل:
انهيار الخدمات العامة: اكتظاظ المدارس والمستشفيات. تفشي البطالة وصولها إلى 20% بين الليبيين، وسط منافسة غير عادلة من العمالة الوافدة. الاقتصاد الموازي ازدهار سوق العمل غير الرسمي والجريمة المنظمة.وأكد أن “هذا التغيير الديموغرافي السريع قد يُفجّر صراعات مجتمعية بين السكان المحليين والمهاجرين غير الشرعيين واندلاع احتجاجات عنيفة، خاصة مع غياب سياسات استراتيجية وطنية ليبية تهدف إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية وتراجع الموارد الاقتصادية، وتدهور الوضع السياسي والاقتصادي في ليبيا”.
السيادة على المحك: ليبيا ليست حديقة خلفية لأوروبا
أكد الخبير أن “الضغوط الدولية على ليبيا لتعديل التشريعات الليبية مستمرة مثل إلغاء تجريم الهجرة غير الشرعة تمثل انتهاكًا صارخًا للسيادة، وتحويل ليبيا إلى «دولة تابعة» لقرارات خارجية”.
ودعا “إلى:
سحب الشرعية من أي برنامج أممي أو أوروبي لا يخضع للإشراف الليبي. تفعيل القوانين المحلية لمحاكمة المتورطين في تهريب البشر. شراكة استراتيجية مع منظمات الإنقاذ البحري لنقل المهاجرين مباشرة إلى أوروبا، وفقًا لالتزاماتها الدولية. إلزام الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي بمعالجة ازمة الهجرة غير الشرعية بشكل جذرى وعدم تحميل ليبيا تبعاتها. دعم الاتحاد الأوروبي للسلطات الليبية ماديا ولوجستيا لتتفيذ عمليات الترحيل القسرى للمهاجرين غير الشرعيين أسوة بدول الاتحاد الأوروبي التي تقوم لترحيل المهاجرين غير الشرعيين من الاتحاد الاوربي نحو اوطانهم الأصلية”.الخيارات الصعبة: بين التوطين القسري والتصدير الأمني
في ختام تحليله، “طالب الخبير بـ:
تحويل خطة الأمم المتحدة للاجئين السودانيين إلى السودان بفضل استقرار أوضاعه. إلغاء الامتيازات الممنوحة للنازحين السودانيين (مثل التعليم والعلاج المجاني) لتشيجيعهم على العودة الطوعية إلى وطنهم. إغلاق مكاتب المفوضية السامية للاجئين التي أصبحت عامل جذب للهجرة غير الشرعية”.الخاتمة: معركة الوجود التي لا تحتمل التأجيل
وبحسب الخبير، “ليبيا اليوم ليست أمام خيارات سهلة: إما أن تتحول إلى ساحة لتوطين قسري يُذيب هويتها الوطنية، والوقت ليس في صالحها أو تصدير هذه الازمة الي الاتحاد الاوربي لتقاسم الاعباء مع ليبيا؛ فمساحة البحث والإنقاذ الليبية الشاسعة (350 ألف كم²) والتي تتداخل مع المياه الإيطالية والمالطية تُحوّلها إلى حلبة صراع جيوسياسي وعلى صناع القرار الليبيين اتخاذ إجراءات جذرية لاستعادة السيطرة على الحدود، وإعادة ترسيم الأولويات واللعب بجميع أوراق الضغط الجيوسياسية التي تملكها لإجبار الاتحاد الأوروبي تغير سياساته الظالمة تجاه ليبيا وتحمل أعباء الهجرة معها بشكل يخدم المصالح العليا للطرفين”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: أوروبا الأمم المتحدة الأمن القومي الليبي الاتحاد الأوروبي السواحل الليبية مهاجرون هجرة غير شرعية الاتحاد الأوروبی السواحل اللیبی غیر الشرعیین لیبیا إلى فی لیبیا ل لیبیا
إقرأ أيضاً:
خبير نفطي يتحدّث لـ«عين ليبيا» عن واقع الإنتاج وآفاقه المستقبلية
وسط تطورات هامة تشهدها صناعة النفط في ليبيا، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية عن إطلاق أول جولة استكشافية للنفط والغاز منذ 17 عامًا، في خطوة تسعى من خلالها لتعزيز الاستثمار الأجنبي وتحقيق نهضة اقتصادية شاملة، ويأتي هذا الإعلان في ظل تحديات لوجستية وتقنية تواجه قطاع النفط، إلا أن الآمال معقودة على هذه الجولة لجذب الشركات العالمية ودعم البنية التحتية للحقول النفطية، مما يُمهد الطريق لتحقيق مستقبل اقتصادي واعد للبلاد، ولكن ما هو واقع إنتاج النفط في البلاد وما التحديات التي تواجهه؟
وحول ذلك، قال الخبير النفطي الجيولوجي الأستاذ الدكتور نوري محمد فلو لشبكة “عين ليبيا”: “واقع إنتاج النفط في ليبيا حاليًا يبلغ تقريبا مليون و250 ألف برميل يوميًا، لكن هذه الكمية تتسم بالتذبذب بسبب التهالك لبعض المعدات بالحقول النفطية والحاجة الضرورية إلى صيانة الأنابيب النفطية”.
وأضاف: “يتجاوز عدد الآبار النفطية والتي تم حفرها منذ الخمسينيات في ليبيا إلى حوالي 2000 بئر استكشافي وتطويري تقريبًا، ولكن هذا الرقم غير دقيق وهو تقريبي”.
وحول إطلاق أول جولة لاستكشاف النفط والغاز منذ 17 عاماً، قال الدكتور نوري فلو: “تهدف الجولة الـ(17) لاستكشاف اجمالي عدد (22) قطعة منها (11) قطعة بالمناطق البحرية & (11) قطعة في اليابسة وتهدف هذه الجولة إلى تعزيز الثقة في الوضع الأمني المستقر في ليبيا، وخلق بيئة استثمارية ملائمة لاستخراج النفط والغاز من الأحواض الرسوبية المختلفة”.
وأضاف الدكتور نوري فلو: “من أهم التوقعات الرئيسية أن تسهم هذه الجولة في جذب الشركات الأجنبية للسوق الليبية، بالإضافة إلى تشجيع الشركات الخدمية لإعادة هيكلة وصيانة البنية التحتية لخطوط الأنابيب النفطية في البلاد”.
وتابع الخبير النفطي لشبكة “عين ليبيا”: “نتائج الجولة سيتم نشرها في 15 نوفمبر 2025، حيث تعتبر هذه الجولة نقطة إيجابية لنهضة ليبيا وبداية حقيقية لعمليات الاستكشاف والتطوير في مناطق متعددة”.
وحول تأثير الجولة على قطاع النفط العالمي، صرح الدكتور نوري فلو: “ستترك هذه الجولة أثرًا إيجابيًا اقليميا وعالميًا، حيث ستبرز دور الشركات النفطية الغربية والصينية في تعزيز الاقتصاد المحلي وتحقيق النمو المستدام في ليبيا”.
وفيما يخص التحديات التي تواجه العمل النفطي، قال الخبير النفطي: “أبرز التحديات تشمل نقص معدات الإنتاج وغياب الشركات الخدمية التي تتولى الإصلاحات الضرورية وصيانة الحقول والأنابيب المتهالكة، وهو ما يمثل تحديًا حقيقيًا للقطاع”.
وفيما يتعلق بالخطط الاستكشافية والتطورية المستقبلية في البلاد، قال الخبير النفطي: “الخطط الاستراتيجية تركز على تعزيز عمليات نشاط الحفر الأفقي، مما يسهم في زيادة كميات إنتاج النفط والاستفادة من المخزون بالمكمن النفطي الأفقي”.
وأشار الدكتور نوري فلو، إلى أن “الغاية الأساسية لتحديثات الإنتاج اليومية، تتمثل في مواكبة التغيرات التي تشهدها الحقول النفطية، مثل المشكلات وقلة الإمكانيات التي تؤدي إلى انخفاض الإنتاج، كما تساهم هذه التحديثات في التنبؤ بالاحتياجات المستقبلية، مثل زيادة الطلب على حفر الآبار والاستكشافات النفطية في الحقول البرية والبحرية”.
ووجه الدكتور نوري فلو، رسالة للمواطن الليبي بخصوص الأوضاع النفطية، قائلا: “الرسالة الأساسية للمواطن الليبي هي الدعوة إلى أهمية توحيد الفكر والعمل الجماعي لتحقيق نهضة الدولة، والحفاظ على ممتلكاتها، خاصة أن النفط يُعد المصدر الرئيسي للاقتصاد. يتطلب ذلك خلق بيئة عمل مناسبة، ووضع خطط تنموية للأجيال المقبلة”.