“وما أدراك ما صيدنايا”… فيلم يوثّق أقسى فصول الذاكرة السورية
تاريخ النشر: 24th, April 2025 GMT
دمشق-سانا
على خشبة مسرح دار الأوبرا بدمشق، لم يكن عرض فيلم “وما أدراك ما صيدنايا” مجرد عرض سينمائي عادي، بل كان بمثابة شهادة بصرية مؤلمة على فصل شديد القسوة من التاريخ السوري المعاصر.
الفيلم، الذي أخرجه السينمائي السوري عبده مدخنة، وأنتجته قناة الجزيرة، يعيد فتح واحد من أكثر الملفات وجعاً في الذاكرة السورية، وهو ملف الاعتقال في سجن صيدنايا.
صُوَّر الفيلم داخل سجن صيدنايا سيئ الصيت على مدى سبعة أيام، ليقدّم تجربة بصرية وإنسانية تتجاوز حدود العمل السينمائي، ليكون بمثابة وثيقة للعدالة، كما وصفه مخرجه، يمكن أن تُستخدم لاحقاً في محاكمات دولية أو مراجعات قانونية بحق من ارتكبوا انتهاكات بحق المعتقلين.
رمزية ارتباط مشهد “التحريرين”يرى المخرج عبده مدخنة أن لحظة عرض الفيلم ليست مجرد استذكار لمرحلة، بل استعادة لصوت المعتقلين الذين حاول النظام إسكاتهم لسنوات، حيث قال: “في 8/12، كان الناس في دمشق يعيشون حدثين مترابطين بشكل دراماتيكي، تحرير مدينة دمشق، وتحرير المعتقلين من سجن صيدنايا، بالنسبة لي، كانت هذه اللحظة تختصر وحشية النظام”.
ويضيف المخرج: “قضية المعتقلين لم تكن فقط قضية حقوق، بل كانت جريمة ضد الإنسانية، حيث إن ربع الشعب السوري مرّ بتجربة الاعتقال بطريقة أو بأخرى”.
شهادات من قلب سجن صيدنايايكشف الفيلم، من خلال شهادات ولقطات تصوير دقيقة، عن تفاصيل صادمة داخل السجن، منها اكتشاف غرفة الإعدام، التي وصفها المخرج بأنها واحدة من أصعب اللحظات التي مرّ بها أثناء التصوير، رغم معرفته بقضايا الاعتقال وفظاعته، والتي تناولها في أعمال سابقة.
لمحة عن “وما أدراك ما صيدنايا”يستعرض الفيلم الخلفية التاريخية لهذا السجن الذي افتتح أواخر الثمانينيات كمركز احتجاز عسكري، لكنه سرعان ما تحوّل إلى رمز للقمع والتعذيب، وخلال هذه الفترة استخدم لقمع المعارضين السياسيين والعسكريين، إلا أن تحوّله الجذري حدث مع بداية الثورة السورية، حيث بات مركزاً للإعدامات الجماعية والعنف الممنهج.
يكشف الفيلم من خلال شهادات معتقلين سابقين عن تصميم السجن المعقّد، من الزنازين الضيقة، وغرف الإعدام، كما يعرض تفاصيل يومية لروتين التعذيب القاسي، من الضرب والصعق الكهربائي إلى التجويع والتعذيب النفسي الوحشي.
وتُوثق مشاهد الفيلم كيف أصبحت الإعدامات الجماعية جزءاً من عمل السجن، حيث كانت الجثث تُنقل إلى مستشفيات ومقابر جماعية دون أي إجراءات قانونية، كما يكشف عن أدلة صادمة لوجود نساء وأطفال بين الضحايا، رغم إنكار النظام البائد وجود معتقلات رسمياً.
ويُبرز الوثائقي الدور المركزي للنظام البائد في إدارة هذا “المسلخ البشري”، حيث كانت الأوامر تأتي من مستويات أمنية عليا، ليختتم بدعوة لتحويل السجن إلى متحف للذاكرة، في محاولة لإبقاء الجريمة حاضرة في الوعي كي لا تتكرر.
عن المخرج عبده مدخنةيُذكر أن المخرج عبده مدخنة حاصل على جائزة “الدلفين الفضي” من مهرجان “كان” عن فيلمه “صراع البقاء” (2020)، ويعرف عنه التزامه بتوثيق قضايا الاعتقال في سوريا، عبر أسلوب يجمع بين الواقعية والإنسانية.
تابعوا أخبار سانا علىالمصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: سجن صیدنایا
إقرأ أيضاً:
“لعيونك يا بلد”… فريق تطوعي لدعم التعليم والتمكين المهني والتماسك المجتمعي بالسويداء
السويداء-سانا
تتلاقى أفكار متطوعي فريق “لعيونك يا بلد” في محافظة السويداء، للقيام بنشاطات وأعمال تعكس حس المسؤولية الملقاة على عاتقهم، للمساهمة في إعمار سوريا.
مؤسسة المبادرة نسرين مكارم ذكرت في تصريح لمراسل سانا: أن المبادرة انطلقت بعد سقوط النظام البائد، وترتكز على تخصيص ريع جانب من الأعمال اليدوية والفنية التي ينتجها الفريق، للقيام بنشاطات تدعم التعليم، والتمكين المهني، والتماسك المجتمعي.
ونجحت المبادرة وفق مكارم في استقطاب نحو ثلاثين متطوعاً لغاية تاريخه من محافظات السويداء، وإدلب، وحمص، وريف دمشق بأعمار مختلفة، وأغلبهم يعملون في مجال الأعمال اليدوية والفنية، إضافة إلى متطوعين من مشروع صبّارة، ومشغل نسيج بالسويداء، ومدرسين وأطباء.
وأشارت مكارم إلى أن المبادرة استهلت نشاطاتها بزيارة لمخيم أطمه للاجئين السوريين في ريف إدلب الشمالي، وتقديم دعم بسيط لهم لإيصال رسائل بأهمية إعطاء الأولوية لهم، وتقدير ما قدموه حتى وصلنا إلى مرحلة التحرير.
ولفتت مكارم إلى إقامة معرض بمدينة السويداء لتسويق أعمال المتطوعين، ودورات لتمكين النساء بالأعمال اليدوية في مجال شك الخرز في محافظتي السويداء وإدلب، بالتنسيق مع مكتبة مارونا كشريك للفريق بالعمل، إضافة للبدء بجلسات تعليمية مجانية لطلاب الصف التاسع.
وتهدف المبادرة كما بينت مكارم إلى دعم التعليم بشكل نوعي، من خلال إقامة دورات لتحفيز الطلاب على التعلم الذاتي، وطرق البحث العلمي، وتنمية الابتكار والإبداع لديهم، وتوسيع دورات التمكين المهنية، إضافة لتعزيز جسور التواصل بين أبناء السويداء، والمحافظات السورية بمبادرات مشتركة.
ويشير المتطوع بالفريق الفنان التشكيلي الشاب فرزان شرف إلى أن توافق رؤية الفريق مع هواجسه دفعه ليكون واحداً منهم للمساهمة في بناء الإنسان السوري بأيدٍ سورية، وتعزيز النسيج الاجتماعي، وتقارب الرؤى بين أفراد المجتمع، بينما ذكرت المتطوعة أميمة صلاح أنها انضمت إلى الفريق إيماناً منها بأهمية تقديم ولو شيء بسيط في هذه الظروف الصعبة.
تابعوا أخبار سانا على