غصة حلم في الطريق الى صمته الأبدي
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
السبت, 26 أغسطس 2023 1:20 ص
د.خالدة خليل
كلما اقتربت بيننا المسافات أكثر،إتسعت هوة الحماقات اضعافاً !
أما كان لتلك اللحظة المتعجرفة أن تكون نسيماً يدغدغ أعصابنا فنضحك منه ، بدلا من أن تكون ريحاً عاتية تقتلع عيون حلمنا ؟
أما كان لتلك اللحظة المجنونة أن تكون كأصابع أم حنون تشد بقلبها المرهف أذن إبنها المراهق بدل أن تغور سيفاً في خاصرة أشواقنا ولهفتنا ؟!
لكننا لا نجيد فن السخرية من أكذوبة إسمها الحياة .
جعلتَ تلك اللحظة معلّقة على خطأ ديك الجن، وكان يجدر بك أن تحني قبعة غرورك لقداسة الحب الذي تنحني له الطيور وتحلق الفراشات حول نوره بأمان .
أعرف أنني وحدي من يحمل أوزار تلك العثرات وأدرك تماما أن النهر حين يفيض بالجريان لا يعود إلى مصبه أبداً ، لكنني توقعت أن الحمامة أو الغراب قد يعود أحدهما بغصن زيتون إلى قلبي الذي أرهقه طوفان التعب، فلا عاد لي غراب والحمام أضاع وجهته.
أعترف أنهم إستطاعوا أن يمزقوا نسيج العنكبوت ليصلوا إلى قلبك النبي، وكانوا يحيكون المؤامرات تلو الأخرى حين علموا أنني أعزف لحن العشق على أوتار قلبك.
حشدوا من كل قلب ضغينة لكي يهدروا دماء حبي بين قبائل الاوهام!
هنيئا لهم سرقوك مني، وعدت الى الغار وحدي بلا نبي ولا دعوة.
هنيئاً لهم عودتي الى كهف حزني الجاهلي، ومازالت أصابعي تمسك بقوة حجراً صغيراً وترسم به على جدران الكهف مسلة رسائلي المحفوظة في الذاكرة.
هيئ قلبك إذن لقداس البعد وسأهيئ أصابعي لقيامة الحرف.
ما تزال عالقة في ذاكرتي آخر جملة قلتها لي:آآه يا أنتِ ، احبكِ بلا حدود,وما زلتُ أذكر آخر جملة نطقتها شفاهي في لحظة ثمالتي فيك : لو كان الانسان يُعبد لاتخذتك دون إله الناس إلهاً، ولقدمتُ لك في كل ثانية قربان حبٍ، وكشطت عن شموع سنواتنا القادمة شمعها المذاب . وغاب عني أن جزر حبك عائمة على ظهر حوت تائه، فعجزتُ عن قطف شوك القساوة عن زهرة قلبك المترف حتى آخره بالغرور.
اتأبط خساراتي المزمنة وأهرع نحو باب الصلح الذي فاجأني أنه يحمل يافطة تقول “مغلق” !
لا دعوات الام ولا نداء الحب يمكن لهما الان أن يصنعا جسراً يربط أحلامنا ، لانك نسيتَ غفران المعري وتشبثت بجحيم دانتي !
كنت أظن ان لاغيركَ قادر على أن يقلم الوجع عن أيامي، لكنك لم تكن سوى طفل مشاكس ومدلل حين توقفت لعبته عن الضحك كسرها!
أنكرتَ دعوتي، وبصقتَ على وصايا قلبي، فصرتُ كمن يجمع زَبد الخذلان من بحر العمر الميت !
الذكرى محارب شديد البأس أمامي، ومن ورائي بحر خساراتي فيك، فأين المفر؟
كنا على وشك أن يتفتق لوزنا. كنا على وشك أن يطلق لقاؤنا قوسه بعد أن إشتدّ وتر الإنتظار لكنك نثرتَ آخر أوراقي من برج غرورك .
أغتسل بدمعي الان، لأنني أدركت أن الحياة كذبة نحن نصنعها.
!لماذا ورثنا كل هذا الخوف وحملنا في دواخلنا الجحيم ؟ يقينا أيها القلب نحن لانجيد سوى إطلاق رصاصات الرحمة حين تضع الزهرة ثقتها فينا.
فاسترح مني .. إسترح من عشقي الذي نضج على بخار الألم ..
سنستريح في حضن الصمت الأبدي..
المصدر: المركز الخبري الوطني
إقرأ أيضاً:
بين أن تكون قائداً أو بائع آيس كريم !!
“إذا كنت تريد إرضاء الجميع، فلا تكن قائدًا، بل بع الآيس كريم.”
“If you want to make everyone happy, don’t be a leader, sell ice cream.”
هكذا قال ستيف جوبز، مؤسس شركة أبل – آيفون – وصاحب البصمة الفريدة في عالم التكنولوجيا. وربما لا يوجد وصف أدق لطبيعة القيادة من هذه الجملة القصيرة التي تجمع بين الطرافة والعمق.
القيادة ليست مهمة سهلة، وليست وظيفة مَن يبحث عن التصفيق الدائم والوجوه الراضية من حوله. لأن الحقيقة البسيطة هي: لا أحد يستطيع أن يُرضي الجميع، حتى لو كان نبياً أو عبقرياً. كل من اختبر موقعًا قياديًا، في أي مجال، يعرف جيدًا أن اللحظة التي تحاول فيها أن تُرضي الكل هي اللحظة التي تبدأ فيها بخسارة نفسك، ومبادئك، ومسارك.
في واقعنا، كثيرون يدخلون عالم القيادة معتقدين أنها مجرد توزيع للمهام، أو لعب دور الحكم بين الفرقاء. لكن سرعان ما يصطدمون بالحقيقة: القيادة قرارات. والقرارات، لا سيما الصعبة منها، لا تُرضي الجميع. فأحيانًا يجب أن تختار بين السيئ والأسوأ، أو بين ما هو شعبوي وما هو صحيح.
ستيف جوبز نفسه لم يكن ذلك المدير “المحبوب” في أبل. بل كان حادًا، حاسمًا، يقرر ويواجه العواصف، لأن رؤيته كانت واضحة: بناء شيء مختلف، عبقري، لا يشبه أحدًا. لذلك لم يكن يسعى إلى كسب القلوب بقدر ما كان يسعى لتحقيق الحلم. واليوم، نعرف النتيجة.
رغم أن ستيف جوبز توفي في العام 2011، إلا أنه وحتى أبريل 2025، تُقدّر القيمة السوقية لشركة أبل بنحو 3 تريليونات دولار أمريكي، ما يجعلها الشركة الأعلى قيمة في العالم من حيث رأس المال السوقي.
وذلك بفضل القيادة الملهمة القوية لستيف جوبز الذي أرسى دعائم استقرار ونظام عمل لم يتأثر برحيله، وهذه واحدة من سمات القائد الاستثنائي: خلق جيل يحمل الراية بعده.
القيادة تتطلب جرأة. تحتاج لقلب يتحمّل العزلة حين يصبح الطريق ضبابيًا، ولعقل يرى أبعد مما يراه الآخرون. وفي بعض الأحيان، يتطلب الأمر أن تقول “لا”، حتى حين تكون تلك الكلمة غير محبوبة. في مؤسسات الدولة، في الشركات، في الإدارات، بل حتى داخل الأسرة، هذه الحقيقة لا تتغير.
وفي هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ أمتنا، نحن في أمسِّ الحاجة إلى وزراء ومسؤولين لا يبحثون عن الأضواء، بل يتحمّلون المسؤولية بشجاعة وصدق. نحتاج إلى من تتجسّد فيهم صفات القيادة الحقيقية: وضوح الرؤية، والقدرة على اتخاذ القرار في أحلك الظروف، والاستعداد لتحمّل النقد والضغوط دون أن يتراجعوا عن المبادئ. نريد قادة يصغون للناس لا ليجاملوا، بل ليفهموا ويستجيبوا، يعملون بصمت وإخلاص، ويضعون مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية أو الحزبية. لقد آن الأوان أن يُدار الوطن بعقلية رجال دولة لا موظفي سلطة، بقيادات تصنع المستقبل، لا تُدار بالأزمات.
القيادة ليست تعنتًا ولا قسوة، ولكنها ليست أيضًا طبطبة دائمة. هي توازن دقيق بين الاستماع للجميع، واتخاذ ما تراه صائبًا، ثم تحمّل النتائج. القائد الحقيقي لا يتهرب من المسؤولية، ولا يُغريه رضا الآخرين عن قراراته بقدر ما يشغله أن تكون قراراته عادلة وصحيحة.
إذا كنت تطمح لأن تكون قائدًا، فاستعد أن تُنتقد، أن يُساء فَهمك، أن تُرفض أفكارك أحيانًا. لكن في النهاية، ما سيُذكرك به الناس ليس كم شخصًا أحبك، بل كم أثرًا تركته. أما إن كان همّك أن تسعد الجميع وتسمع كلمات المديح باستمرار، فقد يكون بيع الآيس كريم خيارًا ألطف، وأهدأ، وأقرب للسلام النفسي!
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان