نساء السويداء يحملن آمال السوريات في مقدمة الاحتجاجات
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
لم تقتصر المشاركة في الاحتجاجات التي تشهدها السويداء السورية منذ انطلاقها قبل خمسة أيام على فئة دون غيرها بل تميزت بانخراط جميع الفئات حسب ما يقول صحفيون ومراقبون لموقع "الحرة"، واللافت فيها أيضا الدور الذي تلعبه النساء وأصواتهن التي تعلو وتطالب بـ"إسقاط النظام السوري والحرية والكرامة".
وقبل يومين أظهر تسجيل مصور نشرته شبكات محلية شابة في مقتبل العمر تتقدم مجموعة من الرجال وتقول: "الحراك الشعبي جدد تاريخ الثورة ومطالب كل السوريين"، مضيفة بصوتٍ عالٍ: "مطالبنا مش كهرباء ولا ماء.
ولاقت كلمات الشابة التي تنحدر من بلدة ملح في ريف السويداء الجنوبي تفاعلا بين أوساط السوريين، في وقت طالبت أيضا بـ"الكرامة والحرية"، وانتقدت سلوك النظام السوري، بقولها: "إلهن 12 سنة عم يشبحوا علينا. بكفي".
#شاهد: من بلدة ملح التي تشهد انتفاضة اليوم الثلاثاء، حرة من حرائر البلدة: نحنا مش جوعانين، ومطالبنا سياسية pic.twitter.com/WL8FIlXvwK
— السويداء 24 (@suwayda24) August 22, 2023وفي غضون ذلك وثق تسجيل آخر نشرته شبكة "السويداء 24" المحلية، يوم الجمعة، مشاركة نسائية كبيرة في المظاهرات التي شهدتها ساحة "السير" وسط المدينة، إذ رددت مجموعة منهن إلى جانب الرجال وعلى وقع الهتافات المناهضة للنظام السوري عبارة: "بشار الأسد ما بدنا ياك".
وما تزال الاحتجاجات الشعبية في المحافظة ذات الغالبية الدرزية متواصلة لليوم السادس على التوالي، دون أن يدلي النظام السوري بأي تعليق حيال ما يطلقه المحتجون من مطالب تنادي بإسقاطه تارة، وبتطبيق قرارات الحل السياسي الأممية تارة أخرى.
"مشاركتهن حياة"الصحفية السورية بيسان أبو علي إحدى الشابات اللاتي حرصن على المشاركة في الاحتجاجات الشعبية في المحافظة منذ يومها الأول، وبينما تقول إن "المشاركة النسائية اللافتة والكبيرة ليست بالشيء الغريب على السويداء"، ترى أنها "تعطي زخما أكبر لحراك الشارع، وتعطيه حياة".
وتقول أبو علي لموقع "الحرة": "نساء السويداء منذ الثورة السورية الكبرى كن يشاركن ويساعدن الثوار على نقل المؤن والرسائل وإلى الآن ما يزال دورهن فعلي في الحراك".
"في مجتمع المحافظة هناك تمكين فعلي للمرأة"، وتضيف الصحفية أن "النساء يشكلن 65 بالمئة من المجتمع، وبالتالي تغييبها عن الحراك يعني تغييب نصف المجتمع".
لا تنحصر المشاركة النسائية على امرأة دون غيرها، فالحضور في الشارع يشمل ربة المنزل والعاملة في الوظائف الحكومية والسياسية المعارضة والشابات في مقتبل العمر.
مشاركة نسائية ملفتة أيضاً في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء الآن pic.twitter.com/zkCegJpUIW
— السويداء 24 (@suwayda24) August 25, 2023وتشير أبو علي إلى أن "نسبة المشاركات في الحراك تقدر بنسبة 40 بالمئة من الحراك ويزداد عدد النساء يوما بعد يوم".
وتوضح الناشطة النسوية السورية، ريما فليحان أن "المشاركة النسائية والواسعة تأتي للتعبير عن مواطنتهن، فهن جزء أساسي من هذا الشعب والمعاناة تقع مضاعفة عليهن في سوريا".
وتقول فليحان لموقع "الحرة": "مشاركة النساء الواسعة هي مشاركة تعبر عن المواطنة وإرادة التغيير للخلاص من النظام القمعي نحو الحرية. هي فرصة لكل المجتمع من أجل تحصيل الحقوق والحريات".
الأمهات مع أبنائهنويردد المحتجون في الساحات المركزية بالسويداء وفي ساحات أخرى بالقرى والبلدات المحيطة بالمحافظة شعارات بمطالب معيشية وسياسية. ورغم أن الحراك الأكبر من نوعه في الجنوب منذ 2011 انطلق بدوافع اقتصادية، إلا أن السمة التي باتت تميزه هي "هتافات إسقاط النظام السوري ورئيسه الأسد".
وعلى مدى اليومين الماضيين شهد الحراك الشعبي مشاركة من جانب رجالات الدين الكبار، وهم شيوخ العقل الثلاث، يوسف الجربوع وحكمت الهجري وحمود الحناوي.
و"مشيخة العقل" في السويداء هي عبارة عن هيئة روحية وزعامة دينية متوارثة، ومنذ العهد العثماني كان هناك 3 شيوخ عقل يتصدرون رأس الهرم في الطائفة الدرزية.
وجاء ذلك في وقت صعّد المحتجون من مطالبهم، وبالتزامن مع ازدياد أعدادهم يوما بعد يوما، وصولا إلى تسجيل مشاركة جميع الفئات والطبقات.
من بلدة القريّا جنوب السويداء: يلا ارحل يا بشار#إضراب_السويداء#مظاهرات_السويداء pic.twitter.com/kyxx8SRSb1
— السويداء 24 (@suwayda24) August 25, 2023وتتحدث الصحفية أبو علي المشاركة في الاحتجاجات والمطلعة على ما ينادي به الشارع أنها رأت خلال الأيام الماضية "كيف أقدمت نساء على أخذ أبنائهن معهن إلى ساحات التظاهر".
وتقول: "الكثير منهن حمّلن أبناءهن اللافتات ودعونهم للمشاركة في الهتاف. هذا الأمر يعكس نظرة حضارية للخارج على أننا مجتمع موحد لا نحمل أي عقد أو تفرقة بين جنس وآخر. ولا حتى بين أبيض وأسود وموال ومعارض".
"التوحيد هو أهم شيء يميز الاحتجاجات الشعبية، ووجود النساء وزغاريدهن وأصواتهن هي توحيد لهذا الحراك. هي تولد الحياة فيه".
وتشير الصحفية إلى أنه وفي السنوات السابقة كانت "المرأة الركن الأساسي في المظاهرات"، وكذلك الأمر اليوم. "رأيت أزواج وزوجات وأطفالهن سوية في ساحات التظاهر.. هذا المشهد يعطي زخما للاحتجاجات الشعبية"، بحسب ما تقول أبو علي.
وترى الناشطة النسوية فليحان أن "نساء السويداء تشاركن بدورهن وتحملن آمال السوريات".
وتضيف أن "أي تغيير في النظام يحب أن يكون نحو دولة مواطنة يتساوى فيها الجميع دون أي تمييز".
وإلى جانب السويداء شهدت عدة مناطق في محافظة درعا، يوم، الجمعة، احتجاجات شعبية نادت بإسقاط النظام السوري، وردد المحتجون شعارات "تناصر ما بدأته المحافظة ذات الغالبية الدرزية".
والسويداء ودرعا خاضعتان لسيطرة النظام السوري، وتعتبر الاحتجاجات فيها "حالة استثنائية" قياسا بباقي المحافظات الأخرى التي يسيطر عليها الأخير.
كما خرجت مظاهرات شعبية في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في شمال سوريا، في إدلب وريف حلب، وفي الرقة ودير الزور في شرقي البلاد.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: النظام السوری أبو علی
إقرأ أيضاً:
خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
عمار نجم الدين
تصريحات وزير الإعلام السوداني لقناة الجزيرة اليوم خالد الإعيسر تعكس بوضوح استراتيجية النظام في الخرطوم التي تعتمد على تكرار الكذبة حتى تصير حقيقةً في نظر مُطلقيها. عندما يصف الوزير الدعم السريع بـ”الخطأ التاريخي” ويزعم تمثيل السودانيين، فإنه يغفل حقائق دامغة عن طبيعة الصراع وأدوار الأطراف المختلفة فيه.
في خضم هذه الدعاية، يُظهر الواقع أن الانسحاب الأخير لقوات الدعم السريع من سنجة، تمامًا كما حدث في انسحاب الجيش في مدني وجبل أولياء وانسحاب الدعم السريع من أمدرمان، ليس إلا فصلًا جديدًا من فصول التفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. هذه الانسحابات لم تكن وليدة “انتصار عسكري” كما يدّعي النظام، بل هي نتيجة مباشرة لمفاوضات سرية أُجريت بوساطات إقليمية، خاصة من دول مثل مصر وإثيوبيا وتشاد، وأسفرت عن اتفاق لتبادل السيطرة على مواقع استراتيجية وضمانات بعدم استهداف القوات المنسحبة.
ما حدث في سنجة هو نتيجة لتفاهمات وُقعت في أواخر أكتوبر 2024 في أديس أبابا تحت ضغط إقليمي ودولي. الاتفاق، الذي حضرته أطراف إقليمية بارزة، مثل ممثل رئيس جنوب السودان ووزير خارجية تشاد، شمل التزامات متبادلة، من بينها انسحاب الدعم السريع من مواقع محددة مثل سنجة ومدني، مقابل:
ضمانات بعدم استهداف القوات المنسحبة أثناء تحركها من المواقع المتفق عليها. تبادل السيطرة على مناطق استراتيجية، حيث التزم الجيش السوداني بانسحاب تدريجي من مناطق مثل الفاشر، مع الإبقاء على وحدات رمزية لحماية المدنيين. التزام بوقف الهجمات لفترة محددة في المناطق المتفق عليها لتسهيل التحركات الميدانية وإعادة توزيع القوات.انسحاب الجيش السوداني من الفاشر سوف يكون تدريجيًا، يُظهر أن الطرفين يعيدان ترتيب أوراقهما ميدانيًا وفق التفاهمات السرية، لا على أساس أي انتصارات عسكرية كما يدّعي النظام.
النظام في الخرطوم، كعادته، يسعى إلى تصوير هذه التطورات الميدانية كإنجازات عسكرية، معتمدًا على خطاب تضليلي يخفي حقيقة أن ما يحدث هو نتيجة لاتفاقات سياسية تخدم مصالح الطرفين أكثر مما تحقق أي مكاسب للشعب السوداني.
ادعاء الوزير بأن النظام يمثل السودانيين، في مقابل القوى المدنية التي “تتحدث من الخارج”، هو محاولة أخرى لإقصاء الأصوات الحقيقية التي تمثل السودان المتنوع. هذه المركزية السياسية، التي لطالما كرست التهميش ضد الأغلبية العظمى من السودانيين، تعيد إنتاج نفسها اليوم بخطاب مكرر يفتقر لأي مصداقية.
الحديث عن السلام وفق “شروط المركز” هو استمرار لنهج الإقصاء، حيث يرفض النظام الاعتراف بالمظالم التاريخية، ويمضي في فرض حلول تخدم مصالحه السياسية دون النظر إلى جذور الأزمة. السلام الحقيقي لا يتحقق بشروط مفروضة من الأعلى، بل بإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة تضمن العدالة والمساواة.
خطاب النظام حول “الانتصارات العسكرية” و”مواجهة المؤامرات الدولية” ليس سوى وسيلة لتبرير القمع الداخلي وتحريف الحقائق. الحقيقة الواضحة هي أن الانسحاب من سنجة وستتبعها الفاشر وغيرها من المناطق تم نتيجة مفاوضات سياسية بوساطة إقليمية، وليس نتيجة “نصر عسكري” كما يزعم النظام. هذه الممارسات تفضح زيف الرواية الرسمية وتؤكد أن الأزمة الراهنة ليست صراعًا بين دولة ومليشيا، بل هي امتداد لصراع مركزي يهدف إلى تكريس الهيمنة والإقصاء.
إذا كان النظام السوداني يسعى حقًا لإنهاء الحرب وبناء السلام، فعليه أولًا التوقف عن الكذب والاعتراف بمسؤولياته في خلق هذه الأزمة. السودان اليوم أمام مفترق طرق حاسم، والاختيار بين الحقيقة أو الكذبة سيحدد مصير البلاد لسنوات قادمة.
الوسومالفاشر حرب السودان سنجة