صعود الإمبراطورية الروسية في أفريقيا
تاريخ النشر: 24th, April 2025 GMT
لفت مقال بموقع ناشونال إنترست إلى أن القارة الأفريقية أصبحت محطة مركزية في إستراتيجية روسيا العالمية، إذ استغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انشغال الولايات المتحدة بالصراع في أوكرانيا ووسّع نفوذ بلاده في أفريقيا عبر بناء قواعد عسكرية وتوقيع اتفاقيات دفاعية وتغيير موازين القوى من البحر الأحمر إلى غرب أفريقيا.
وأوضحت كاتبة المقال زينب ربوع أن انسحاب واشنطن من النيجر، إلى جانب طرد فرنسا من دول مثل السنغال ومالي وبوركينا فاسو، شكّل تراجعا واضحا للحضور الغربي في منطقة الساحل، مما سمح لروسيا بملء هذا الفراغ بسرعة عبر التعاون الأمني.
محور عدائي جديدوأضافت ربوع وهي مديرة برنامج بمركز السلام والأمن في الشرق الأوسط في معهد هدسون مختصة في التدخل الصيني والروسي في الشرق الأوسط ومنطقة الساحل وشمال أفريقيا، أن موسكو لم تكتف بالتمدد السياسي، بل أصبحت المورد الأول للسلاح في أفريقيا، وتُشكّل صادراتها 40% من واردات السلاح في القارة.
وحذرت الكاتبة من أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إذا لم تتصرف لاستدراك التوسع الروسي، فإن الكرملين سيحافظ على قاعدة إستراتيجية أخرى في الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
ويزيد الأمرَ خطورة -حسب ربوع- أن روسيا تعمل على التنسيق مع الصين وإيران لتشكل محورا عدائيا عازما على تحدي الهيمنة الغربية برا وبحرا وجوا.
إعلان إستراتيجية أمنيةوأوضحت ربوع أن هذا التوسع الروسي جزء من إستراتيجية بوتين للحرب "غير المتكافئة"، وتقوم هذه الإستراتيجية على تسليح الأنظمة العسكرية ودعم الانقلابات واستثمار الفوضى لتعزيز النفوذ الروسي في القارة.
وكشفت ربوع عن خطط روسية لنشر قوة قوامها 5 آلاف جندي في منطقة الساحل، لتعزيز النفوذ الروسي وتقويض الهياكل الأمنية المدعومة من الغرب.
وأكدت أن النفوذ الروسي المتزايد في دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي شكلت تحالفا جديدا يُعرف باسم "تحالف دول الساحل" يعكس هذه الديناميكية.
فمنذ عام 2020 وحتى 2023، شهدت هذه الدول انقلابات مدعومة من موسكو، تخلت بعدها عن علاقاتها العسكرية والدبلوماسية مع الغرب، وبدأت بالتنسيق الأمني تحت إشراف روسيا.
فاغنر أداة عسكريةوأشارت الكاتبة إلى أن روسيا تستخدم مجموعة "فاغنر" كأداة إستراتيجية، تتجاوز كونها مليشيا مسلحة، بل تمثل وسيلة لإعادة تشكيل منظومة الأمن في القارة. وتلعب "فاغنر" دورا محوريا في دعم الأنظمة وتوفير الحماية مقابل الولاء لموسكو.
ووفق المقال فإن أكبر مثال على دور فاغنر ظهر جليا في غينيا الاستوائية، حيث أُرسلت قوات روسية لحماية نظام الرئيس أوبيانغ مباسوغو، مقابل النفوذ في منطقة حيوية وغنية بالنفط.
وخلص المقال إلى أن تجاهل الغرب لهذه التحركات قد يؤدي إلى إعادة تشكيل ميزان القوى العالمي لصالح محور موسكو-بكين-طهران.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الصين تستخدم إستراتيجية مزدوجة للسيطرة على تايوان
تشهد العلاقات بين الصين وتايوان توتراً متصاعداً، حيث أصبح تحليق المقاتلات الصينية في المجال الجوي التايواني حدثاً شبه يومي، في استعراض للقوة ورسالة واضحة بأن الحرب قد تندلع في أي لحظة.
وبحسب تقرير أعده مراسل الجزيرة محمد البقالي من مدينة شيامن -الأقرب جغرافياً إلى تايوان- فإن بكين تتبع نهجاً مزدوجاً في تعاملها مع الجزيرة، يجمع بين الضغط العسكري والاستقطاب الثقافي والاقتصادي.
فمن ناحية تنفذ الصين مناورات عسكرية متكررة تحاكي تطويقاً كاملاً للجزيرة، ومن ناحية أخرى تطلق مبادرات اقتصادية وثقافية تستهدف استقطاب الشباب التايواني. ويعكس هذا النهج المزدوج رؤية الصين الرسمية تجاه ما تعتبره جزءاً لا يتجزأ من أراضيها.
ونقل التقرير عن أحد أساتذة جامعة الدفاع الوطني التابعة للجيش الصيني أن التدريبات تستهدف القوى الانفصالية في تايوان، معتبراً ذلك إجراءً مشروعاً وضرورياً لحماية السيادة الوطنية وإعادة التوحيد.
ولا تكتفي الصين بالتلويح بالقوة العسكرية، بل تسعى أيضاً إلى كسب قلوب وعقول التايوانيين عبر ما يُعرف بـ"القوة الناعمة"، حيث تستقطب الكفاءات الشابة بحوافز اقتصادية وبيئة عمل داعمة، مستفيدة من التشابه الثقافي واللغوي بين الجانبين.
إعلانوتعد هذه الإستراتيجية المزدوجة جزءاً من خطة طويلة المدى تهدف إلى تحقيق حلم "الصين الواحدة" الذي لطالما نادت به بكين.
وفي هذا السياق، نقل التقرير عن مدير إحدى الشركات الصينية الناشطة في استقطاب المواهب التايوانية أن شركته قدمت خدمات لأكثر من 40 ألف شاب تايواني وساعدتهم في إطلاق أكثر من 500 مشروع موجه لهم، لافتا إلى أن الحكومة الصينية تعامل أبناء تايوان بطريقة ودية جداً.
الدور الأميركي الحاسم
ورغم هذه الجهود "الناعمة"، لا تزال الخيارات العسكرية حاضرة بقوة في حسابات الصين، خاصة مع تفوقها العسكري الكاسح الذي يمكّنها نظرياً من حسم أي مواجهة مباشرة مع تايوان في أيام أو أسابيع، غير أن هذا التفوق يصطدم بعامل الدور الأميركي الحاسم في المعادلة.
فالولايات المتحدة، على الرغم من اعترافها رسمياً بسياسة "الصين الواحدة"، تلتزم بدعم تايوان عسكرياً وتتبنى ما يُعرف بـ"سياسة الغموض الإستراتيجي" بشأن إمكانية تدخلها العسكري المباشر لحماية الجزيرة، وهذا الغموض تحديداً هو ما يمنع الصين من المضي قدماً في أي خطط عسكرية حاسمة.
وتبقى المنطقة في ظل هذه التعقيدات الجيوسياسية، على حافة مواجهة محتملة تشبه في طبيعتها الحرب الباردة، حيث يتبادل المعسكران الرسائل العسكرية والسياسية، مع مخاوف متزايدة من تحوّل هذه الرسائل إلى اشتباك مباشر في أي لحظة.
يذكر أن جذور هذا التوتر تعود إلى الحرب الأهلية الصينية التي انتهت بانفصال تايوان عام 1949، حيث لجأت القوات القومية المهزومة إلى الجزيرة وأسست حكومة منفصلة.
ومنذ ذلك الحين، لا تزال الذاكرة الجماعية الصينية متمسكة برؤية الوحدة، خاصة بين كبار السن الذين عاصروا تلك الفترة وينظرون إلى استعادة تايوان باعتبارها مسألة وطنية وتاريخية لا تقبل المساومة.