غزة- في ديسمبر/كانون الأول 2023، لم تكن تعلم نسمة الفقعاوي، وهي تحتضن طفلها الرضيع مفيد (6 شهور) داخل منزلهم في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة، أن انفجارًا وقع قرب بيتها سيخطف من صغيرها واحدة من أهم حواسه وهي السمع.

تروي نسمة تفاصيل تلك اللحظة بصوتها المرتعش: "كنا نظن أننا نجونا.. لا إصابات، لا دماء، لكننا لم نكن نعلم أن الصوت الذي دوى كالصاعقة خطف شيئًا لا يرى من مفيد، وهو سمعه".

بعد أيام من وقوع الانفجار، لاحظت نسمة أن طفلها لم يعد يستجيب للأصوات، ولم يعد يلتفت أو يبكي عند سماع الأصوات العالية، كما كان سابقًا.

عرفت والدة مفيد أن هناك خللا كبيرًا، لتذهب بطفلها إلى مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، لتظهر الفحوصات الطبية لاحقًا أن مفيد أصيب بصمم تام نتيجة الضغط الهائل للصوت الناجم عن الانفجار.

في غزة، لا علاج ولا حتى أجهزة فحص متقدمة في ظل الحصار والدمار، ليتم نقل مفيد إلى مصر عبر تنسيق منظمة الصحة العالمية، ليتبين أنه بالفعل أصيب بالصمم نتيجة صوت الانفجارات القوي حسب تشخيص الأطباء.

قرر الأطباء في مصر إجراء عملية زراعة قوقعة لمفيد تعيد له أمل السمع، ولكن تحتاج إلى دعم مالي كبير من أي جهة مانحة من أجل إجرائها وهو ما يعيق إتمام العملية للطفل وفق والدته.

إعلان

وإلى جانب الطفل مفيد، فقد الشاب محمود خليل عمر، السمع في أذنه اليمنى بشكل كامل، نتيجة سقوط صاروخ من طائرة (إف-16) إسرائيلية قرب منزله.

يعتمد عمر (40 عامًا) على أذنه اليسرى في السمع كما تحدث لـ"الجزيرة نت"، ولكن الأطباء أخبروه أنه سيفقد السمع بشكل كامل إن لم يحصل على علاجه المناسب والذي يتمثل في تركيب سماعة لأذنه اليمنى، وهي غير متوفرة في قطاع غزة نتيجة إغلاق المعابر ووضع سلطات الاحتلال قيودا على إدخال معدات فئة الصم.

يعاني عمر حاليا ضعفا في العصب السمعي نتيجة الانفجار القريب منه، ومشكلته تتفاقم مع مرور الوقت نتيجة عدم وجود السماعات، وكلما زاد عدم دخول السماعات ستزداد حالة الشاب سوءا وسيصل إلى مرحلة فقد السمع بشكل كامل، وذلك وفقًا لتقييم الأطباء.

ارتفاع ملحوظ

مختص السمعيات في وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، علي الحايك، أكد تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد حالات فقدان السمع، خاصة بين فئتي الأطفال وكبار السن، نتيجة الانفجارات المتكررة التي تهز القطاع يوميًا.

وأوضح الحايك في حديث لـ"الجزيرة نت" أن العيادات والمستشفيات تشهد توافد أعداد مضاعفة من الحالات مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب من فاقدي السمع، مرجعًا السبب إلى شدة الأصوات الناجمة عن القصف والانفجارات، والتي تؤثر بشكل مباشر على العصب السمعي.

وأضاف أن العصب السمعي لا يستطيع تحمل الضغط الناتج عن الانفجارات القوية، مما يؤدي إلى تهتكه وإضعافه بشكل دائم، وهو ما يضطر المريض إلى استخدام سماعات طبية مدى الحياة كحل بديل.

وأشار الحايك إلى أن زراعة القوقعة تعد من الحلول الفعالة لعلاج حالات الفقدان الحاد للسمع، لكنها غير متوفرة في غزة، نظرًا لحاجتها إلى عمليات جراحية دقيقة يتم إجراؤها في مراكز طبية متخصصة خارج القطاع.

وشدد على أن الأطفال حديثي الولادة هم الفئة الأكثر تضررًا من هذه الأزمة، حيث إن السمع في هذه المرحلة ضروري لتطور النطق واللغة، وأي خلل فيه قد يؤدي إلى إعاقة دائمة في التواصل والنمو اللغوي.

إعلان

كذلك لفت الحايك إلى أن فقدان السمع الناجم عن الضجيج الشديد غالبًا ما يكون دائمًا وليس مؤقتًا، ويعالج باستخدام المعينات السمعية التي يعاني القطاع من نقص حاد فيها، بسبب منع الاحتلال إدخالها إلى غزة رغم الحاجة الماسة لها.

وأضاف أن الأدوات المساعدة لتشغيل وصيانة المعينات السمعية، كالبطاريات وقطع الغيار، إما غير متوفرة تمامًا أو تباع بأسعار باهظة تفوق قدرة المرضى على تحملها، مما يُفاقم من معاناة المصابين ويُقيّد فرص العلاج.

خالد أبو غالي: خلال الحرب تفاقمت مشكلة الأطفال الصم في قطاع غزة خاصة حديثي الولادة بسبب الانفجارات القريبة من وجودهم (الجزيرة)

 

أرقام وإحصائيات

مدير جمعية أطفالنا للصم وخبير المتابعة والتقييم، فادي عابد، قال إن تأثير الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة على الصم كان بالغًا جدًا، حيث أظهرت نتائج التقييم الذي أجري بين عامي 2023 و2025 أن نحو 35 ألف طفل وبالغ معرضون لفقدان سمع دائم أو مؤقت بسبب الحرب، خاصة نتيجة الانفجارات والضغط النفسي وسوء التغذية.

وتعكس هذه النسبة المقلقة، وفق حديث عابد لـ"الجزيرة نت" أزمة صحية وإنسانية كبيرة ضد أطفال قطاع غزة.

والوضع في قطاع غزة، حسب عابد، مأساوي، حيث إن 90% من الأطفال تحت سن العامين يعانون من فقر غذائي شديد، مما يزيد من احتمالية تدهور حالتهم الصحية، بما في ذلك السمع، خاصة أن التغذية عنصر أساسي لنمو الطفل بشكل سليم، وأي خلل فيها يؤثر على التطور العصبي والسمعي.

وحول البنية التحتية والخدمات الخاصة بالأطفال الصم، أكد عابد أنها لا تعمل، حيث تعرضت جمعيته لأضرار جسيمة خلال الحرب، كما هو حال العديد من مراكز التأهيل.

وتوقفت خدمات التعليم، والتأهيل، والنطق لأطفال الصم، بسبب تدمير المباني أو صعوبة الوصول إليها، مما ترك آلاف الأطفال دون دعم أساسي، وفقا لعابد.

إعلان

ونوه إلى أن 83% من ذوي الإعاقة فقدوا أجهزة مساعدة (سماعات، نظارات، كراسي متحركة…) أثناء التهجير، ولا يمكنهم استبدالها، و75.6% من كبار السن وذوي الإعاقة يعانون من ضعف القدرة على التواصل بسبب انعدام وسائل التواصل المناسبة، و89.1% و92.1% من أسر ذوي الإعاقة لاحظوا زيادة في نوبات البكاء والهلع الليلي لدى الأطفال، حسب دراسة أجرتها جمعيته خلال شهر مارس/آذار 2025.

كذلك يعاني الأطفال الصم في مراكز الإيواء من بيئة غير مناسبة، حيث أكثر من 85% من الأطفال ذوي الإعاقة -ومن بينهم الأطفال الصم- يعانون من غياب الخصوصية، وعدم توفر أدوات مساعدة مثل السماعات أو أجهزة التواصل البديلة، كما أن الأطفال يفتقرون إلى مساحات آمنة للعب أو التعبير عن أنفسهم.

وبيّن أنه لا يوجد أي خدمات تأهيلية بديلة فعالة للأطفال الصم في قطاع غزة، بسبب النقص في الأجهزة المساعدة مثل السماعات وأجهزة النطق، ومعظمها فقد خلال التهجير، كما لا توجد برامج دعم نفسي منظمة، على الرغم من أن أكثر من 89% من الأطفال يعانون من صدمات نفسية مثل البكاء الليلي أو التبول اللاإرادي.

ويحتاج الأطفال الصم في قطاع غزة، حسب عابد، إلى تدخل عاجل لإعادة تأهيل مراكز الصم، وتوفير الأجهزة السمعية، ودمج احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة ضمن الاستجابة الإنسانية، محذرًا من أن أرواح الأطفال الصم ومستقبلهم على المحك، وسط خشية أن تتحول الإعاقة المؤقتة إلى دائمة بسبب الإهمال أو التأخير في التدخل.

تهتك العصب السمعي

مدير مركز التأهيل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، خالد أبو غالي، أكد أنه خلال الحرب تفاقمت مشكلة الأطفال الصم في قطاع غزة، خاصة حديثي الولادة، بسبب الانفجارات القريبة من وجودهم.

تؤثر الانفجارات القوية التي تحدثها الصواريخ الإسرائيلية، حسب حديث أبو غالي لـ"الجزيرة نت"، على سمع الأطفال وتسبب في تهتك العصب السمعي، حيث تشير الأبحاث العلمية إلى أن الضجيج في حد ذاته بعيدًا عن الانفجارات يؤثر على مستوى السمع لدى الأطفال وكبار السن.

إعلان

رصد مركز التأهيل التابع لجمعية الهلال الأحمر، العديد من الحالات التي عانت من مشاكل في السمع نتيجة انفجار قريب أو استهداف الأطفال داخل الخيام والمنازل، وفقًا لأبوغالي.

يقول أبو غالي: "أعتقد أن هذا التأثير السلبي سيستمر لسنوات طويلة، وربما مدى الحياة، لدى الأطفال حديثي الولادة، خاصة إذا كانوا في مرمى النيران أو بالقرب من الانفجارات الضخمة التي نسمعها ونراها جميعًا، لكن في مركزنا، نعتقد أن هذا الموضوع مرتبط أيضًا بأطباء الأنف والأذن والحنجرة، الذين لديهم القدرة على التشخيص أكثر منّا كمركز تأهيل".

من الأسباب التي فاقمت أوضاع فئة الصم في غزة حسب أبو غالي، تدمير البنية التحتية التأهيلية والعلاجية لهم، وهو ما منع العديد من هذه الفئة من الوصول إلى مراكز العلاج والتأهيل، خاصة الذين نزحوا من منازلهم.

ويوضح أن جمعية الهلال الأحمر لديها نحو 96 طالبًا وطالبة في المدرسة، من الصف الأول الابتدائي حتى الصف الثالث الإعدادي، لكن بعد انتهاء الهدنة التي كانت في شهر فبراير/شباط لم يحضر إلى المدرسة سوى 30% إلى 35% من الطلاب، وبالتزامن مع ذلك، تعطلت الدراسة في كل المدارس والجامعات، سواء كانت الحضانات أو المدارس الابتدائية، مما أثر بشكل كبير على إمكانية اكتشاف المشاكل الصحية مبكرًا ومعالجتها من أطفال الصم.

وحول السماعات الطبية، يقول: "للأسف، من خلال التعاون بين جمعيتنا والمؤسسات الدولية، كنا ننتظر وصول كمية من الأدوات المساعدة من الضفة الغربية منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024، لكن حتى الآن، لم تصل هذه المساعدات، حيث لم تستطع إدارة الجمعية في رام الله إدخالها إلى قطاع غزة".

تشمل هذه الأدوات، حسب أبو غالي، السماعات الطبية، التي تعد ضرورية للتواصل، خاصة للأطفال الذين تعتبر هذه الأجهزة حاجة أساسية لهم في ظل الحرب".

إعلان

دراسة علمية

تشير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إلى أن 8% من الفلسطينيين فوق سن 18 في غزة يعانون إعاقات بسبب الحروب والحصار.

وتقدر الهيئة وفقًا لورقة حقائق أصدرتها الهيئة المستقلة حول حالة الأشخاص ذوي الإعاقة في العدوان الحربي الإسرائيلي على قطاع غزة في يناير/كانون الثاني 2024، أن عام 2023 وحده أدى إلى إصابة أكثر من 12 ألف فرد بإعاقات جديدة، من ضمنها الصمم الجزئي أو الكلي.

وتؤكد الهيئة أن الصم في غزة يعانون انقطاع الخدمات الطبية، وفقدان الدعم النفسي، وتحطيم البنية التحتية التي تتيح لهم الاندماج، إضافة إلى خطر القتل لعدم قدرتهم على سماع التحذيرات أو الإنذارات قبل القصف".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حدیثی الولادة ذوی الإعاقة الجزیرة نت یعانون من أبو غالی أکثر من فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

موقع عسكري: ما أنواع أهداف الضربات الأمريكية في اليمن التي تستخدم فيها صواريخ مضادة للإشعاع الثمينة؟

أُطلقت طائرة هجومية إلكترونية من طراز Growler مزودة بأربعة صواريخ AGM-88 مضادة للإشعاعات في مهمة، في الوقت الذي لا تزال فيه الدفاعات الجوية الحوثية تُشكل مشكلة.

 

ظهرت صورٌ نادرةٌ لطائرة هجوم إلكتروني من طراز EA-18G Growler، تتضمن أربعة نماذج من صاروخ AGM-88E الموجه المتطور المضاد للإشعاع (AARGM)، أو ربما صاروخ AGM-88 عالي السرعة المضاد للإشعاع (HARM) الأقدم، وذلك خلال عملياتٍ جارية ضد أهدافٍ حوثية في اليمن، وفق لموقع الحرب الأمريكي ووفق موقع "War zone".

 

 وبينما لا تزال تفاصيلُ الدفاعات الجوية الحوثية والرادارات وأجهزة الاستشعار المرتبطة بها غامضةً، تُؤكد الصورُ استمرارَ التهديد الذي تُمثله. سنُقدم قريبًا تحليلًا مُعمّقًا للدفاعات الجوية الحوثية. مع ذلك، تجدر الإشارة أيضًا إلى إمكانية استخدام صاروخ AARGM ضد أهدافٍ أخرى مُحددة، بما في ذلك أهدافٌ أرضيةٌ غير مُرتبطةٍ بالدفاعات الجوية.

 

نُشرت الصور الاثنين الماضي على شكل فيديو نشرته القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) على موقع X. يُظهر هذا الفيديو طائرة EA-18G Growler التابعة لسرب الهجوم الإلكتروني 144 (VAQ-144)، "البطارية الرئيسية"، وهي تُطلق من على سطح حاملة الطائرات يو إس إس هاري إس ترومان (CVN 75). بالإضافة إلى الصواريخ الأربعة المضادة للإشعاع، تحمل الطائرة أيضًا صاروخين من طراز AIM-120 المتقدم متوسط ​​المدى جو-جو (AMRAAMs) وثلاثة خزانات وقود خارجية سعة 480 جالونًا.


 

 

صورة مقربة لصاروخين مضادين للإشعاع أسفل الجناح الأيمن لطائرة VAQ-144 EA-18G. لقطة من شاشة القيادة المركزية الأمريكية.

 

تُرى طائرات EA-18G بانتظام وهي تحمل صاروخين مضادين للإشعاع تحت أجنحتها، بما في ذلك في العمليات ضد الحوثيين، على الرغم من أن مجموعة من أربعة صواريخ أقل شيوعًا بكثير. عادةً ما تُخصص المحطات الأخرى لوحدات التشويش المختلفة التي تحملها طائرة غرولر، والتي يُمكنك الاطلاع عليها بمزيد من التفصيل هنا. ومع ذلك، لا يزال هذا حمولة ثابتة، وإن كانت نادرة، لطائرتي EA-18G وF/A-18E/F سوبر هورنت. حتى طائرة F/A-18C/D القديمة يُمكنها حمل صواريخ مضادة للإشعاع على محطاتها الخارجية تحت الأجنحة أيضًا.

 

تُطلق نفس الطائرة VAQ-144 EA-18G من حاملة الطائرات يو إس إس هاري إس. ترومان (CVN 75). لقطة شاشة من القيادة المركزية الأمريكية.

 

ظهرت طائرات EA-18G في عمليات ضد الحوثيين بحمولات أخرى مثيرة للاهتمام، حيث حصلت طائرات غرولر على قدرات صواريخ جو-جو موسعة من خلال خيارات إضافية لحمل صواريخ AIM-120 AMRAAM. هذه الأسلحة مُصممة أساسًا لمواجهة طائرات الحوثي المُسيّرة فوق البحر الأحمر وحوله.

 

في غضون ذلك، شوهدت طائرات F/A-18E/F المتمركزة على حاملات الطائرات وهي تحمل مجموعة واسعة من الذخائر جو-أرض خلال هذه العمليات. وتشمل هذه الذخائر سلاح المواجهة المشترك AGM-154 (JSOW) وصاروخ الهجوم الأرضي المواجهة AGM-84H - الاستجابة الموسعة، والمعروف باسم SLAM-ER. أما ذخائر الهجوم المباشر المشترك (JDAMs) الأكثر شيوعًا، والتي شوهدت أيضًا وهي تُجهّز طائرات سوبر هورنت التي تضرب أهدافًا في اليمن، والمجهزة تحديدًا بأجسام قنابل "خارقة للتحصينات".

 

السؤال المهم الذي تثيره هذه الصور الأخيرة هو أنواع الأهداف التي تُلاحق باستخدام هذه الصواريخ المضادة للإشعاع الثمينة.


 

 

يدير الحوثيون دفاعات جوية أرضية، وعلى الرغم من أن أنواع الرادارات وأجهزة الاستشعار التي يستخدمونها لكشف الأهداف وتوجيهها غير معروفة على نطاق واسع، إلا أنها تُشكّل تهديدًا كبيرًا بلا شك. وعلى وجه الخصوص، فقد ألحقوا خسائر فادحة بطائرات MQ-9 بدون طيار - ففي الشهر الماضي، ذكرت صحيفة ستارز آند سترايبس أن المسلحين اليمنيين أسقطوا 12 طائرة من طراز Reaper منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، نقلاً عن مسؤول دفاعي أمريكي لم يكشف عن هويته.

 

دأب الجيش الأمريكي على استهداف الرادارات التي تمتلكها المجموعة، بما في ذلك رادارات مراقبة السواحل البحرية المستخدمة لاستهداف السفن. في الوقت نفسه، يبرز مستوى التهديد الذي لا تزال تُشكله هذه الدفاعات الجوية مع وصول قاذفات الشبح B-2 في العمليات الجارية، بالإضافة إلى الاستخدام المستمر للذخائر البعيدة باهظة الثمن.

 

على الأرجح، هذه الصواريخ هي صواريخ موجهة مضادة للطائرات (AARGM)، وهي تطوير مباشر لصاروخ HARM الأقدم، المصمم أساسًا لقمع وتدمير الدفاعات الجوية للعدو. يمكن استخدام هذا بشكل دفاعي لحماية الأصول الجوية الأخرى أو تحديدًا لمهاجمة الدفاعات الجوية بشكل استباقي. يمكن لصاروخ AARGM الوصول إلى أهداف على بُعد أكثر من 80 ميلًا والوصول إلى سرعات تزيد عن ضعف سرعة الصوت.

 

التكوين الأساسي لصاروخ AARGM AGM-88E. Orbital ATK

 

يختلف صاروخ AARGM عن صاروخ HARM من نواحٍ عديدة، حيث يتميز بقدرته على إصابة رادار التهديد بدقة عالية حتى مع توقفه عن إصدار الإشعاع. قد يُغلق مُشغِّل الدفاع الجوي للعدو راداره أثناء الهجوم، لكن الصاروخ AARGM سيظل قادرًا على ضربه بدقة متناهية. حتى لو كان المُرسِل مُتحركًا وبدأ بالتحرك بعد إغلاقه، يظل الصاروخ AARGM قادرًا على ضربه، مُوجَّهًا بباحث راداري نشط يعمل بموجات المليمتر.

 

بفضل قدرته على توجيه ضربات دقيقة من مسافة بعيدة، يلعب صاروخ AARGM دورًا ثانويًا كسلاح هجومي سريع الاستجابة ضد أهداف غير مرتبطة بالدفاع الجوي. في هذا السيناريو، يُبرمج الصاروخ لضرب إحداثيات محددة بدلًا من التركيز على الانبعاثات. تجعله سرعته العالية ومداه أداةً فعالةً جدًا لاستهداف الأهداف بدقة وحساسية زمنية في هذا النوع من المواجهات.

 

في العام الماضي، أثناء نشر حاملة الطائرات يو إس إس دوايت دي. أيزنهاور (CVN-69) في منطقة الأسطول الخامس الأمريكي، أكدت البحرية لـ TWZ أن أول استخدام قتالي لصاروخ AARGM كان من صاروخ E/A-18G نُشر على متن تلك السفينة الحربية.

 

وفي الوقت نفسه، أكدت لنا البحرية أن صاروخ EA-18G مُخصص لطائرات VAQ-130 "Zappers"، من حاملة الطائرات دوايت دي. أيزنهاور، قد استخدم صاروخ AARGM لتدمير طائرة هليكوبتر هجومية من طراز Mi-24/35 Hind في اليمن.

 

بالنسبة لهدف غير باعث للإشعاعات مثل "هيند"، من المرجح أن يكون أحد عناصر "سلسلة التدمير" البحرية أو المعلومات الاستخباراتية السابقة للمهمة قد رصد الهدف، واستُخدم صاروخ AARGM لتدميره أثناء وجوده على الأرض، مستخدمًا نظام تحديد المواقع العالمي (GPS/INS) للوصول إلى الهدف، ثم توجيهه نحوه باستخدام رادار الموجات المليمترية.

 

وبناءً على طلب بموجب قانون حرية المعلومات (FOIA)، تلقت TWZ تأكيدًا لبعض أنواع الأهداف الموضحة في "علامات التدمير" على طائرات EA-18G محددة شوهدت على متن حاملة الطائرات دوايت دي أيزنهاور العام الماضي. ومن بين هذه الأهداف، أشار أحدها إلى تدمير مروحية (هيند المذكورة آنفًا)، واثنتان إلى طائرات مسيرة حوثية أُسقطت فوق البحر الأحمر، أما الستة المتبقية فكانت رادارات حوثية غير محددة.

 

يُعدّ التكوين الصاروخي المضاد للإشعاعات الثقيل وغير المعتاد لطائرة EA-18G المذكورة أحدث مؤشر على أن الدفاعات الجوية للحوثيين أكثر تطورًا مما يعتقده الكثيرون، وأنهم بعد كل هذه الأشهر ما زالوا يشكلون تهديدًا تُركّز البحرية الأمريكية بوضوح على القضاء عليه.

 

ترجمة خاصة بالموقع بوست


مقالات مشابهة

  • موقع عسكري: ما أنواع أهداف الضربات الأمريكية في اليمن التي تستخدم فيها صواريخ مضادة للإشعاع الثمينة؟
  • “الصحة العالمية”: 400 مريض كلى توفوا في غزة بسبب نقص العلاج
  • ملتقى المرأة بالأزهر يناقش طرق تأهيل التأخر اللغوي لدى الأطفال ذوي الهمم
  • 602 ألف طفل مهددون بالشلل لمنع إسرائيل للتطعيمات
  • طائرات الشبح الأمريكية تُقابلها صواريخ قدس اليمنية: معادلة صنعاء التي أرعبت واشنطن
  • 602 ألف طفل في غزة مهددون بشلل الأطفال
  • صحة غزة: الاحتلال لا زال يمنع ادخال تطعيمات شلل الأطفال
  • دوجاريك: حياة أطفال غزة على المحك والقطاع على وشك الانهيار
  • شيماء أحمد من أبناء ضعاف السمع إلى مدربة ومعلمة لغة إشارة