مخطط شارون الرهيب في غزة: ماذا نعرف عن محور موراج؟
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
لا يخفي الاحتلال مرامي عدوانه المستمر على قطاع غزة، وهو إنهاء المقاومة الفلسطينية، التي باتت تهديدًا وجوديًا لمستقبله. فنتنياهو وحكومته اليمينية لا يريدون غزة إلا فارغة من سكانها وأهلها، وهو ما عبّر عنه مرارًا بقوله: "لا نريد في غزة لا حماسستان ولا فتحستان" وهو كمن يمتح من قاموس رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين الذي "تمنى أن يصبح ذات يوم ليجد البحر قد ابتلع غزة".
وهو ما يكشف ويؤكد أن جريمة الإبادة الجماعية ينفذها الاحتلال مع سبق الإصرار والترصد، وأن الفلسطينيين ليست أمامهم سبل كثيرة، وعليهم الاختيار بين الموت أو التهجير القسري، كما يحلو لرأسي التطرف سموتريتش وبن غفير أن يردداه نهارًا جهارًا.
يأتي الحديث عن محور "موراغ" أو فيلادلفيا 2 كمخطط لعزل وإحكام إغلاق المنفذ الوحيد وقطع شريان حياة غزة مع مصر. والهدف هو سعي الاحتلال إلى نزع شوك غزة الذي آلمه كثيرًا طيلة العقدين الأخيرين، فرغم شراسة العدوان، يشعر نتنياهو بالعجز أمام مقاومة محاصرة في بقعة جغرافية لا تتجاوز 365 كيلومترًا مربعًا، لم تنفع معها أكثر من 17 شهرًا بليلها ونهارها من التدمير وقسوة القتل الجماعي الذي استباح كل شيء، فلم يوفر لا الأطفال ولا النساء، إذ باتت غزة تقترب من تقديم 200 ألف بين شهيد وجريح.
إعلانفالاحتلال يمضي في تنفيذ جرائمه المروّعة، واضعًا خلفه كل القوانين والأعراف الدولية التي عجزت عن وضع حدّ لحرب الإبادة الجماعية المدعومة من الإدارة الأميركية بوصفها شريكًا لكيان الاحتلال في عدوانه ضد الشعب الفلسطيني، حيث تدعمه بالسلاح والمال والخبرة.
فالاحتلال الذي تقف إلى جانبه قوى دولية كبيرة عجز عن تحقيق أهداف العدوان، بدءًا من القضاء على المقاومة ومرورًا بإعادة أسراه، لكنه مع ذلك يستمرّ في البحث عن كل ما من شأنه أن يمكنه من تسجيل نصر، يحفظ ماء وجهه وينقذ صورته التي تهاوت في أعين حلفائه قبل أعدائه.
صحيح أن محور "موراغ" ليس جديدًا، فهو يرجع إلى حقبة شارون الذي اضطر إلى الانسحاب من غزة؛ بسبب تصاعد الانتفاضة والمقاومة من جهة، وتداعيات احتلال العراق الذي تحول يومها إلى مستنقع خطير للإدارة الأميركية. فالظروف تغيرت كثيرًا، واليوم نتنياهو يده مطلقة، يبطش بها ويفتك بالفلسطينيين ويعيد رسم القطاع، وتقطيع أوصاله بالشكل الذي يؤدي إلى حصار المقاومة للإجهاز عليها.
ورغم ما يبدو من تباينات بين إدارة الرئيس ترامب ونتنياهو فإن مخطط التهجير الأميركي، يظل المشروع الذي تدفع باتجاهه حكومة نتنياهو؛ لأنه سبيلها الوحيد لاستمرار عدوانها على المقاومة، وعموم الشعب الفلسطيني.
وليس عبثًا أن تتسلم حماس بندًا عن نزع سلاح المقاومة، وهذا يؤكد أن الاحتلال مستمر في الهروب إلى الأمام ويحاول التملص من تطبيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، ويمضي نحو خلق شروط جديدة، تمنحه غطاء لتشديد ضغوطه على الفلسطينيين لشق العلاقة القائمة بين المقاومة وحاضنتها الشعبية، حتى يتسنى له ضرب عصفورين بحجر واحد: تفكيك المقاومة والقضاء عليها، ودفع الأهالي عن طريق إرهابهم وتجويعهم نحو الخروج من غزة إلى وجهات أخرى، خاصة إذا بقي الوضع على ما هو عليه من صمت وتواطؤ دولي.
إعلانلا ينبغي التهوين من خطورة المخطط الذي يهدف من ورائه نتنياهو إلى تحويل قطاع غزة إلى جيب صغير، تستحيل في ظله الحياة.
فكل الإجراءات، تصبّ باتجاه الرفع من منسوب الضغوط لتحقيق ما عجز عنه الاحتلال بالقوة العسكرية. فنتنياهو يهدف إلى جعل رفح بعد تدميرها وإفراغها من سكانها وتحويلها إلى مدينة أشباح، منطقة عازلة بمساحة تقدر بـ 75 كيلومترًا مربعًا، وهو ما يكشف نوايا الاحتلال وعزمه على إعادة بسط سيطرته وهيمنته على قطاع غزة.
والحال أن تمركز قوات الاحتلال في مدينة رفح الحدودية مع مصر وتحويلها إلى منطقة عازلة ودفع سكانها البالغ عددهم 200 ألف إلى منطقتي خان يونس والمواصي، هو في حد ذاته تهديد لأمن مصر القومي حتى قبل أن يكون اعتداء على الفلسطينيين.
ما يجري اليوم على أرض فلسطين من قتل جماعي وتغيير للجغرافيّة والديمغرافية والاستمرار في الاقتحامات الاستفزازية لباحات المسجد الأقصى، كلها مخططات لتصفية القضية الفلسطينية. وأمامها يتساءل المرء في ظل غياب تام للنظام الرسمي العربي والإسلامي: إلى أين نحن ذاهبون؟
إن الكيان الغاصب لم يعد يتحدث عن فلسطين وحدها وإنما تجاوزها إلى لبنان، وسوريا، ومصر، والأردن، والسعودية، والعراق. فالأطماع اتسعت، والهوان الرسمي العربي والإسلامي شجع الاحتلال على استباحة غزة، وها هو اليوم يستقوي بالدعم الأميركي ويتبنى شعارات وأهدافًا، يعبر عنها نتنياهو بمقولته الشهيرة: "تغيير وجه الشرق الأوسط"، التي طالما بشر بها صهاينة وأميركيون، لكنها على الأقل اصطدمت بمقاومات عطلت قطارها في المنطقة.
أما اليوم فكيان الاحتلال تمكن من الانفراد بالفلسطينيين، قتلًا وتدميرًا وتمددًا في الأراضي الفلسطينية، يحيك ضدها المؤامرات دون أن يقوى النظام الرسمي العربي على رفع الصوت، وتفعيل أي من الأوراق التي بحوزته.
إعلانإن العودة إلى تقطيع أوصال قطاع غزة وإخلاء رفح من سكانها وإنشاء محور "موراغ" وفصل خان يونس عن رفح، لذلك هدفان لا ثالث لهما، الأول تهجير السكان خارج القطاع وتوطينهم في وجهات بديلة بعد الرفض الذي عبرت عنه كل من مصر، والأردن، والثاني إبادة ما تبقى من رجال المقاومة، وفي هذه لا يستبعد استعمال أسلحة محرمة لتحقيق هدف العدوان الذي شنه نتنياهو بدعم أميركي سخي، وهو إزالة التهديد الذي تمثله حركات المقاومة الفلسطينية.
فماذا لو تحقق هذا السيناريو الرهيب؟ هنا يمكن القول إن الإدارة الأميركية وأداتها الوظيفية إسرائيل ستتمكنان من وضع قواعد جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، وسيكون فيها النظام الرسمي العربي الخاسر الأكبر من لعبة الشطرنج التي ستكون تداعياتها خطيرة على الاستقرار والأمن القومي العربي.
إن الانفراد بالمقاومة وتشديد الحصار عليها وإرغام سكان غزة على تركها، وإقدام الصهاينة على مخططهم الرامي إلى هدم المسجد الأقصى وإقامة هيكلهم المزعوم، سينقل كل ذلك المشكلة الفلسطينية إلى عمق البلدان العربية والإسلامية.
لذا، فالمشاريع التي يدبّرها نتنياهو وجماعته من المتطرفين، يجب النظر إليها كتهديد حقيقي للبلدان العربية والإسلامية، والخطر الماحق هو أن يكون الزمن قد أوشك على الانتهاء لاستدراك ما فات، ووقف التدحرج نحو شفير الهاوية، إن لم نكن أصبحنا في الهاوية نفسها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الرسمی العربی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
مخطط الاحتلال لمنع تكرار سيناريو 7 أكتوبر على الحدود مع الأردن
#سواليف
سلطت صحيفة إسرائيلية، الضوء على المخاوف في تل أبيب من تكرار سيناريو السابع من أكتوبر، لكن هذه المرة على الحدود الطويلة مع الأردن، والتي تبدو في الوقت الحالي هادئة.
وقالت صحيفة “إسرائيل اليوم” في مقال نشرته للكاتبة حنان غرينوود: “يبلغ طول الحدود مع الأردن 309 كيلومترات، وهي أطول حدود، وتبدأ في خليج إيلات، وتمر عبر منطقة العربة ومنطقة البحر الميت وغور الأردن ووادي بيسان، وتنتهي في منطقة حماة جنوب شرق مرتفعات الجولان، وفي المثلث الحدودي حيث يتدفق نهر اليرموك”.
ولفتت إلى أنه “تم الاتفاق على الحدود في اتفاقيات الهدنة نهاية حرب عام 1949، ولكنها تغيرت في نهاية حرب الأيام الستة عام 1967، وتم تحديد الحدود في منطقة العربة، من البحر الميت إلى إيلات”.
مقالات ذات صلة ما سبب وجود نقوش فرعونية في وادي رم؟ 2025/04/19ونقلت الصحيفة عن مقدم في الجيش الإسرائيلي، أن الحدود مع الأردن ليست هادئة تماما، فقد تشهد فترة من الهدوء، وفجأة يظهر حدث مثلما جرى عند معبر “اللنبي” وما أسفرت عنه عملية من مقتل 3 إسرائيليين، مشيرا إلى أن العمليات القاتلة تكررت أكثر من مرة.
وتابع قائلا: “نستعد لمواقف صعبة، بما في ذلك الاستعداد لسيناريوهات شبيهة بأحداث السابع من أكتوبر، والتي حدثت في منطقة غلاف غزة”.
وبحسب صحيفة “إسرائيل اليوم”، فإن السياج على طول الحدود مع الأردن، تم بناؤه على شكل قطع متفرقة، فقد تم دمج أقسام السياج القديمة مع أقسام أحدث، وفي الأشهر الأخيرة انضمت إليه وسائل إلكترونية إضافية، مثل الرادارات والتي تساعد في مراقبة ما يحدث ومنع الاختراقات.
وذكرت الصحيفة أنه خلال العامين الماضيين تم ضبط 630 قطة سلاح على الحدود مع الأردن، وتم إحباط 12 محاولة تهريب أسلحة العام الماضي.
وأكدت أن العشرات من الكشافة البدو يعملون على الحدود، وهم مقسمون إلى مناطق، ويعملون في الميدان على مدار الساعة، وفي بعض الأحيان تجري أنشطة ميدانية في محيط المنطقة الواقعة بين السياج والحدود المائية.
وأشارت إلى أنه بالمقارنة مع الحدود المصرية، فإن هناك مزايا وعيوبا في الحدود مع الأردن، مبينة أنه “لم تصل بعد الطائرات دون طيار المخصصة للتهريب على هذه الحدود، مثلما يحدث على الحدود المصرية”.
واستدركت: “لكن ربما الأمر مسألة وقت قبل أن يبدأ استخدام الطائرات دون طيار في التهريب على حدود الأردن”، منوهة إلى أنه منذ السابع من أكتوبر هناك جهود كبيرة، لتهريب الأسلحة القاتلة إلى داخل الضفة الغربية، مع التركيز على شمال الضفة.
ولفتت إلى أن هناك عملا مكثفا لمنع التهريب، لكن الخطر الأكبر هو سيناريو اقتحام المواقع الإسرائيلية، عبر الحدود الشرقية الطويلة، والتي تعد هادئة نسبيا حتى في وقت الحرب، مؤكدة أن الدفاع عن هذه الحدود يشكل تحديا كبيرا.