انتقدت مجلة "فورين بوليسيالأمريكية سياسة الرئيس دونالد ترامب، تجاه الحوثيين في البحر الأحمر، وقالت إن البحرية الأمريكية تمارس لعبة "ضرب الخلد" مع الجماعة المتمردة في اليمن والمدعومة من إيران.

 

وقالت المجلة في تقرير ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن حرب ترامب على الحوثيين الذي بدأها منتصف مارس الماضي، لا تُجدي نفعًا ولم تُحرز أي تقدم.

 

وأضافت "يمكن للبحرية الأمريكية أن تُمارس لعبة "ضرب الخلد" مع الحوثيين، لكن هذا لا يُغير شيئًا في الشرق الأوسط، فخلال الأسابيع الخمسة التي انقضت منذ تصعيد إدارة ترامب هجماتها على الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، برزت بعض المشاكل الكبيرة، مما يُبرز مدى صعوبة تحويل خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القوي إلى نتائج ملموسة.

 

وتابعت "لقد فشلت العملية، التي نوقشت في محادثة عبر تطبيق "سيجنال" شارك فيها صحفي عن طريق الخطأ، حتى الآن في تحقيق أيٍّ من هدفيها المعلنين: استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر وإعادة إرساء الردع."

 

وأردف المجلة في تقريرها "لا يزال النقل البحري عبر البحر الأحمر وقناة السويس المجاورة مُنخفضًا كالمعتاد، على الرغم من الحملة الأمريكية التي تجاوزت تكلفتها مليار دولار ضد الحوثيين. ويظل المسلحون متحدين كعادتهم، محذرين خلال عطلة نهاية الأسبوع من أن ترامب قد خاض في "مستنقع" وكثفوا هجماتهم على إسرائيل والسفن الحربية الأمريكية في المنطقة".

 

وأشار التقرير إلى أن هناك نقص صارخ في الشفافية بشأن العملية، وهي أكبر مناورة للقوة العسكرية الأمريكية في ولاية ترامب الثانية. لا تعقد وزارة الدفاع احاطات إعلامية حول الحرب الجارية، وتكتفي القيادة المركزية الأمريكية، التي تشرف على العمليات في الشرق الأوسط، بنشر مقاطع فيديو أنيقة لعمليات أسطح الطائرات على وسائل التواصل الاجتماعي، مصحوبة بوسم "#الحوثيون_إرهابيون".

 

والأمر الأكثر إثارة للقلق -وفق التقرير- هو أن وتيرة العمليات الأمريكية، بما في ذلك الضربات التي تشنها مجموعتان ضاربتان لحاملات الطائرات الأمريكية بالكامل على مدار الساعة، تستنزف ذخائر دقيقة محدودة، يقول العديد من خبراء الدفاع إنها ستكون الأفضل استخدامًا لأي صراع مستقبلي مع الصين. وهذا مهم بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالمخزون المحدود من الصواريخ التي تُطلق من الجو والتي ستكون حاسمة لأي قتال حول تايوان.

 

وقال أليسيو باتالانو، الخبير البحري في كلية كينجز كوليدج لندن: "إذا كان الأمر يتعلق بحرية الملاحة، فهو غير مجدٍ". وأضاف: "كيف يُمكن دعم فكرة أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ تُمثل الأولوية، ومع ذلك تُسحب عناصر بالغة الأهمية في معركة المحيطين الهندي والهادئ لعمليات في الشرق الأوسط؟"

 

وحسب التقرير فإنه عندما اختار الحوثيون في البداية استخدام موقعهم الاستراتيجي على شواطئ أحد أهم نقاط الاختناق في العالم، مضيق باب المندب، للضغط على إسرائيل والغرب، استجاب الغرب. أرسلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قوات بحرية لضرب الحوثيين، بينما أرسل الاتحاد الأوروبي فرقته البحرية الخاصة للمساعدة في توجيه السفن التجارية عبر ما سرعان ما أصبح منطقة محظورة.

 

"ورغم اختلاف أهداف المهمتين الأمريكية والبريطانية والأوروبية قليلاً - إذ سعت الدول الأنجلو-أمريكية إلى "إضعاف" قدرات الحوثيين على البر لاعتراض حركة الملاحة التجارية، بينما اقتربت العملية الأوروبية من عملية حرية الملاحة التقليدية - إلا أن كليهما لم يُجدِ نفعًا يُذكر. وظلت أسعار التأمين مرتفعة للغاية، وانخفضت حركة المرور عبر قناة السويس"، كما في ورد في التقرير.

 

واستدرك التقرير الذي ترجمه "الموقع بوست" ثم جاءت إدارة ترامب الجديدة، عازمة على تحقيق ما فشلت فيه إدارة بايدن المنتهية ولايتها. كتب وزير الدفاع الأمريكي المحاصر، بيت هيسغيث، في محادثة سيغنال سيئة السمعة، والتي شاركها هو وزملاؤه مع صحفي في الأيام والساعات التي سبقت وخلال هجمات مارس على الحوثيين: "الأمر لا يتعلق بالحوثيين". وأضاف: "أرى الأمر شيئين: 1) استعادة حرية الملاحة، وهي مصلحة وطنية أساسية؛ و2) إعادة إرساء الردع، الذي قوضه [الرئيس جو] بايدن".

 

وأشار إلى أن فكرة حرية الملاحة مصلحة وطنية أساسية للولايات المتحدة قوبلت برفض من نائب الرئيس جيه. دي. فانس خلال محادثة سيغنال. وكان جميع أعضاء فريق الأمن القومي لترامب يرغبون في ضمان أن تدفع أوروبا بطريقة ما ثمن المغامرة العسكرية الأمريكية غير المطلوبة. وتعتقد القيادة المركزية الأمريكية بالتأكيد أن الأمر كله يتعلق بالحوثيين.

 

وأكد أن التناقضات الكامنة في سياسات الولايات المتحدة وأولوياتها برزت من خلال الرسائل النصية الخرقاء. وأبرزها: ماذا حدث للتحول نحو آسيا؟ قال باتالانو: "البحرية الأمريكية بارعةٌ جدًا في ضرب الأهداف البرية. لكن النجاح العملياتي والتكتيكي لا يُخفي حقيقة أن التأثير الاستراتيجي لا يزال بعيد المنال، إن لم يكن مُحددًا تمامًا". وأضاف: "إذا كان الهدف من هذا ردع القيادة الصينية تجاه تايوان، فأنا لست متأكدًا من أنها تفعل ذلك بالفعل".

 

وطبقا للتقرير فإنه "منذ عهد توماس جيفرسون، ناضلت الولايات المتحدة من أجل حرية الملاحة، وأحيانًا في مياه ليست بعيدة عن الصراع الحالي. ما يصعب فهمه الآن هو سبب إنفاقها أموالًا طائلة في محاولة عقيمة لفتح ممر بحري لا يحتاج إلى فتح، في حين أن هناك تحديات أخرى أكثر إلحاحًا. والأسوأ من ذلك، أن سوء استخدام القوة البحرية قد يؤدي إلى نتائج عكسية - إذ يتطلب الأمر الكثير من الوقت والجهد لإقناع الديمقراطيات بدفع مبالغ طائلة مقابل سفن حربية متطورة ضرورية وذات فائدة كبيرة، ولكن ليس هذه السفينة".

 

وقال باتالانو: "ما أجده أكثر إثارة للقلق هو أنهم يقوضون الفائدة النهائية للقوة البحرية". "في المستقبل، عندما يقول الناس: لماذا نحتاج إلى قوة بحرية؟ لم نفعل شيئًا ضد الحوثيين. سيكونون على حق".

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا ترامب الحوثي حرب حریة الملاحة التی ت

إقرأ أيضاً:

اليمن.. قوة صاعدة تتحدى الغطرسة الأمريكية

يمانيون../
رغم الفارق الهائل في موازين القوى من حيث التسليح والاقتصاد والتأثير السياسي، استطاع اليمن أن يفرض نفسه لاعبًا إقليميًا صعب التجاهل. فشل القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها المعلنة في اليمن، يُظهر أن مفاهيم “القوة” لم تعد تُقاس فقط بالترسانة العسكرية، بل بالقدرة على الصمود، وتغيير المعادلات، وفرض الإرادة في ميدان الصراع. من هذا المنظور، يمكن اعتبار اليمن نموذجًا لقوة عالمية من نوعٍ مختلف.

فبينما كانت الولايات المتحدة – وهي أكبر قوة عسكرية في العالم – تخطط وتنفذ حملة عسكرية واسعة على اليمن بذريعة حماية الملاحة الدولية، تكشّف الواقع عن صورة مغايرة لما كانت تروج له الماكينة الإعلامية الغربية. فمع كل غارة جديدة، وكل إعلان عن “عملية نوعية”، كان اليمن يعلن عن عمليات مضادة أشد تأثيرًا، سواء في البحر الأحمر أو عبر استهداف مواقع إستراتيجية في عمق الجغرافيا المعادية. لقد تجاوز الأمر مجرد معركة تكتيكية؛ نحن أمام صراع يثبت فيه اليمن – برغم الحصار وفارق الإمكانيات – أنه قادر على فرض معادلات جديدة في المنطقة.

الولايات المتحدة، منذ أن بدأت عملياتها العسكرية الأخيرة منتصف مارس 2025، شنت المئات من الغارات الجوية خلال الأسابيع الثلاثة الأولى بلغت تكلفتها أكثر من مليار دولار، واستهدفت مناطق واسعة في المدن والقرى اليمنية. ومع ذلك لم تتوقف العمليات اليمنية، بل زادت في التحدي والجرأة، حيث طالت الهجمات سفنًا مرتبطة بالولايات المتحدة و”الكيان”، ومنعت بشكل مباشر حركة التجارة الصهيونية والأمريكية في البحر الأحمر. ليس هذا فحسب، بل إن القوات المسلحة تمكّنت من إسقاط أكثر من عشرين طائرة أمريكية مسيّرة من طراز MQ-9 Reaper، باستخدام صواريخ محلية الصنع، وهو ما عُدّ إنجازًا عسكريًا واستخباراتيًا يعكس تطور القدرات الدفاعية في اليمن رغم الحصار الخانق والمستمر منذ سنوات.

في سياقٍ موازٍ، بدأت الأصوات من داخل الولايات المتحدة نفسها تعلو محذّرة من جدوى هذه الحرب. فقد أقرّ مسؤولون عسكريون وسياسيون بأن العمليات الجوية المكثفة لم تُحقق أهدافها، بل استنزفت الذخائر دون نتائج ملموسة. تقرير نُشر مؤخرًا أشار إلى أن الولايات المتحدة أنفقت مبالغ باهظة في عمليات لم تُحدث أي تغيير استراتيجي في سلوك “الحوثيين”، بل على العكس، منحهم ذلك مبررًا أقوى لتوسيع رقعة المواجهة، وتعزيز حضورهم السياسي والإعلامي في مواجهة الهيمنة الغربية، حسب وصفهم.

الواقع على الأرض أيضًا يعزز هذا التقييم؛ فبحسب تقارير ميدانية، أسفرت الغارات الأمريكية منذ منتصف مارس فقط عن مقتل أكثر من 120 مدنياً دون أن تؤدي إلى إضعاف حقيقي لقدرات اليمن أو تعطيل هجماته المتكررة على القطع البحرية. في المقابل، أظهر اليمن قدرة واضحة على التأثير في الاقتصاد العالمي من خلال تهديد الملاحة الصهيونية في أحد أكثر الممرات البحرية أهمية، مما أجبر شركاته الكبرى على تغيير خطوط الإمداد، ورفع كلفة التأمين والنقل، وهو ما انعكس سلبًا على الأسواق الإسرائيلية.

من هنا، يبدو أن اليمن لم يعد مجرد ساحة صراع هامشية، بل تحوّل إلى لاعب يصوغ معادلات جديدة في الأمن الإقليمي والدولي. تطور قدراته في التصنيع العسكري، وبراعته في إدارة المواجهة النفسية والإعلامية، فضلًا عن تموضعه كقوة مقاومة تتبنى قضايا مركزية مثل فلسطين، جعله محل متابعة واهتمام إقليمي واسع. ورغم محدودية موارده، استطاع أن ينتقل من موقع الدفاع إلى موقع التأثير، محوّلاً كل غارة وعدوان إلى ورقة في رصيده السياسي والإعلامي.

إن ما يحدث اليوم ليس مجرد تحدٍ لقوة عسكرية عظمى، بل هو إعادة تعريف لمفهوم القوة في القرن الحادي والعشرين. فاليمن، بما يمثله من صمود وقدرة على التحمل والمبادرة، يثبت أن الإرادة السياسية والمشروعية الشعبية يمكن أن تتغلب على التقنية والجيوش المدججة، بل يمكنها أن تُحرجها وتكشف محدوديتها أمام العالم.

السياسية || محمد محسن الجوهري

مقالات مشابهة

  • “فورين بوليسي”: الحملة الامريكية في اليمن فاشلة
  • الحرب الأميركية على الحوثيين في اليمن ...ستة اسئلة تطرح نفسها
  • فورين بوليسي: الحملة الامريكية في اليمن فاشلة
  • تصعيد أميركي غير مسبوق ضد الحوثيين في اليمن.. ترامب يعلن عن إرسال قوات إضافية
  • تقرير: هجمات الحوثيين في اليمن تمثل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة
  • موقع عسكري غربي: حرب برية في اليمن.. ما تقييم القدرات العسكرية للطرفين؟ (ترجمة خاصة)
  • إسرائيل ترحب بالغارات الأمريكية في اليمن وتدعو لنهج أكثر حزما ضد الحوثيين
  • اليمن.. قوة صاعدة تتحدى الغطرسة الأمريكية
  • ترامب يدرس خفض الحضور الدبلوماسي الأمريكي في إفريقيا