جيوبوليتيكال فيوتشرز: اضطرابات أوراسيا تترك خيارات متقلصة للمناورات الإيرانية أمام أمريكا
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
رأى كامران بخاري، الأكاديمي المتخصص في شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية في جامعة أوتاوا، أن الاضطرابات الجارية في منطقة أوراسيا، تترك فقط خيارات متقلصة أمام إيران، ما يجعلها غير قادرة على المناورة أمام الولايات المتحدة، كما كانت تفعل منذ عقود.
وأوضح بخاري في تحليل نشرته مجلة جيوبوليتيكال فيوتشرز الأمريكية، أن منطقة أوراسيا تمر بنوبة تغيير تاريخية، إذ تشهد كل من روسيا والصين والهند تحولات كبيرة.
وولفت إلى أن ما يحدث في إيران يبدو أقل وضوحا ولكنه أيضا ليس أقل تأثيرا مما يجرى في المنطقة. فبعد عقود من محاولة الدولة الفارسية تغيير البنية الأمنية في المنطقة، تجد طهران نفسها حاليا مضطرة إلى التكيف مع الضغوط من الداخل والخارج.
ومن غير الواضح إلى أي مدى ستغير طهران سلوكها فعليا، لكن الواضح هو أنها يجب أن تتغير، وستؤثر عواقب ذلك على الشرق الأوسط وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى وجنوب آسيا.
عوامل مفقودة
ووفق بخاري فإن هناك 4 عوامل رئيسية كانت تسهل انتهاج إيران لسياسة خارجية عدوانية، الأول هو أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تركز بشكل كبير على الشرق الأوسط وجنوب آسيا؛ والثاني هو تصاعد مسار كل من روسيا والصين، والثالث حالة الاضطراب التي كانت تضرب العالم العربي، والرابع هو أن الوضع السياسي والاقتصادي الداخلي في إيران كان تحت السيطرة.
لكن وفق بخاري لم يعد أيا من هذه العوامل الأربعة موجودا حتى تواصل إيران مسارها العدواني في سياستها الخارجية.
وذكر بخاري أن الولايات المتحدة وبعد سنوات من أحداث 11 سبتمبر/ أيلول نجحت في تخليص نفسها من الانخراط في الشرق الأوسط، ما منحها الوقت والموارد للتركيز على مواجهة روسيا والصين.
وأشار إلى أن موسكو وبكين استخدمتا طهران كأداة لخلق المشاكل للولايات المتحدة، وفي سبيل ذلك وفرتا للدولة الفارسية الحماية للمضي قدمًا في سياستها الخارجية العدوانية والمتطرفة.
ومع ذلك، فإن محاولات روسيا لإصلاح موقفها في أوكرانيا جعلت الأمور أسوأ - مما أضر بعلاقاتها مع العديد من البلدان.
بما في ذلك إيران، التي تتساءل الآن عن مدى جدية موسكو كلاعب عالمي.
اقرأ أيضاً
روسيا وإيران والإمارات والجزر الثلاثة.. طعنة موسكو تفتح خاصرة طهران وتحرج "رئيسي"
كما أن اضطرار روسيا ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم بقاعدتها الصناعية الخاصة إلى الاعتماد على الطائرات الإيرانية بدون طيار لمحاربة الأوكرانيين يعني أن طهران لا تستطيع الاعتماد على موسكو لتحقيق رفاهيتها الجيوسياسية.
وبالمثل، فإن الانكماش الاقتصادي في الصين والضغوط التي تمارسها واشنطن قد أدى إلى تدهور خطير في قدرة بكين على ممارسة نفوذها في الخارج.
وقد لاحظت طهران ذلك بالتأكيد. وقبل عامين فقط كانت تأمل في الحصول على مئات المليارات من الدولارات من الاستثمارات الصينية في إطار مبادرة الحزام والطريق.
كما تعلم طهران أن اتفاق استئناف علاقاتها مع الرياض، الذي توسطت فيه الصين مؤخرا لم يكن نتيجة تصميم من بكين بقدر ما كان بمثابة محاولة للتمويه عن اقتصادها.
والأهم من ذلك هو الظروف الإقليمية التي أرغمت إيران على وقف هجومها العدواني على العالم العربي.
ونجحت السعودية والإمارات في تحقيق الاستقرار في منطقة كانت تعاني من الفوضى منذ الربيع العربي، وذلك جزئياً من خلال تحييد القوى الإسلامية المدعومة من تركيا وقطر.
كما لم يعد تنظيم الدولة الإسلامية يشكل التهديد الذي كان عليه من قبل. وتجري الآن إعادة دمج الحكومة السورية في العالم العربي.
كما تجمع اتفاقيات إبراهيم التي وقعتها إسرائيل والإمارات ودول عربية أخرى بين الإسرائيليين والسعوديين.
ووفق بخاري فقد أدت هذه التطورات المختلفة إلى تضييق مجال المناورة أمام إيران.
أوضاع داخلية صعبة
على الصعيد الداخلي في إيران، تحاول الحكومة إدارة الأزمة الناجمة عن عجزها عن تمويل سياسة خارجية حازمة والحفاظ على الاستقرار الداخلي.
وفي غضون ذلك، تواجه الحكومة في طهران أوضاعا اجتماعية واقتصادية سيئة، ولم يعد الجمهور على استعداد لقبول الفتاوى التي ضاعفتها الإدارة الحالية.
وتقترب البلاد بسرعة من طريق مسدود، وبمجرد رحيل المرشد الأعلى المريض، علي خامنئي، البالغ من العمر 84 عامًا، عن السلطة، وستخضع البلاد بشكل دائم لتغيير النظام
وبينما لا تزال الطريقة التي ستتغير بها إيران غير واضحة، فإن البلاد غارقة على نحو متزايد في حالة من عدم اليقين، وأصبحت طريقتها في ممارسة الأعمال التجارية غير مقبولة، وأصبح يتوجب عليها الاقدام على فعل شيء.
وبحسب بخاري فإن إيران لا يمكنها مواجهة الولايات المتحدة (المعادية) من دون دعم كبير من طرف ثالث ونتيجة لذلك سوف تضطر طهران لتحويل مسارها.
واعتبر أن التطور الأخير في العلاقات الأمريكية الإيرانية سواء محادثات الاتفاق النووي أو اتفاق تبادل السجناء هو نتيجة للتحولات في القوى العالمية.
ورأي أن الولايات المتحدة تقوم بشكل منهجي ببناء تحالفات تضم قوى معادية سابقة لتحسين موقفها بالنسبة لروسيا والصين في حال خروجهما من أزمتيهما الحالية، وإيران عنصر أساسي في هذا الصدد.
وفي ظل تلك الظروف الحالية، وبدون استعادة بكين وموسكو لمكانتهما، فإن إيران لن تستطيع تحمل مخاطر المواجهة مع الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً
تحالف غاز بقيادة روسيا وإيران.. هل ينافس أوبك ويتحكم بأوروبا؟
المصدر | كامران بخاري/جيوبوليتيكال فيوتشرز-ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيران الصين روسيا العلاقات الأمريكية الإيرانية الولایات المتحدة روسیا والصین
إقرأ أيضاً:
ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
تناولت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية العبرية التقارير الأجنبية عن "هجوم إسرائيلي مُخطط على إيران"، ونقلت تحليل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بشأن تلك القضية، موضحة أن طهران تحاول إخفاء وضعها الاقتصادي البائس.
وقالت "غلوبس" تحت عنوان "الانهيار الاقتصادي الإيراني يشعل فتيل البرنامج النووي.. على الورق على الأقل"، إن التقارير الأجنبية بشأن النووي الإيراني أثارت استغراب الكثيرين في إسرائيل، وجاء في أحدها بصحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، أن إيران رفعت مستوى التأهب في نظام الدفاع الجوي بمنشآتها النووية، خوفاً من هجوم إسرائييل أمريكي، مشيرة إلى أنه على الورق، يبدو توقيت مثل هذا الهجوم مثالياً من حيث الأمن الإقليمي، لأن حركة حماس الفلسطينية ضعفت بشكل كبير، وأصبح حزب الله في وضع حرج، وفي الوقت نفسه سقط نظام بشار الأسد في سوريا، وتعطلت سلاسل الإمداد الإيرانية بالأسلحة والأموال.
ونقلت عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أنه منطقياً وعسكرياً، هذا هو الوقت المناسب لضرب إيران، ولكن يبدو أن طهران تسيء تفسير نوايا إسرائيل التي لن تهاجم وحدها، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي يفرض عقوبات في وقت ينفتح فيه على المفاوضات مع طهران.
في أول تعليق له.. محمد جواد ظريف يكشف كواليس استقالتهhttps://t.co/jFwmRVqVik
— 24.ae (@20fourMedia) March 3, 2025 تأثير العقوبات الأمريكيةوتقول الصحيفة الإسرائيلية إن سياسة العقوبات التي ينتهجها دونالد ترامب تسير على قدم وساق، مشيرة إلى أنه قبل نشر تقرير "ذا تلغراف"، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أكثر من 30 تاجراً ومشغلا لناقلات النفط وشركات الشحن المشاركة في أسطول الظل الذي يخدم صناعة النفط الإيرانية، وتشمل القائمة عقوبات على تجار النفط في عدد من الدول، بالإضافة إلى مدير شركة النفط الوطنية الإيرانية، ومديري ناقلات النفط من الصين.
وتحدثت الصحيفة عن تأثير عقوبات النفط على الوضع الاقتصادي في إيران، التي يعيش أكثر من ثلث سكانها تحت خط الفقر، في الوقت الذي يقدم النظام الإيراني أكثر من 10 آلاف دولار لأسر أعضاء حزب الله الذين أصيبوا في الحرب، فيما ظلت المكاتب الحكومية والبنوك والمدارس في 22 من محافظات إيران البالغ عددها 31 مغلقة اليوم الإثنين بسبب عدم توفر الكهرباء اللازمة لتشغيلها.
تقدم البرنامج النووي
وعلى النقيض تماماً من حالة الاقتصاد المحلي، فإن البرنامج النووي الإيراني أصبح الآن في أكثر مراحله تقدماً على الإطلاق، وفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ونقلت غلوبس عن المعهد أنه "من الممكن أن يكون هذا نابعاً من مصلحة داخلية في إيران لإظهار قدرتها على الصمود في الخارج، بعد التصريحات الإسرائيلية بشأن القضاء على الدفاع الجوي الإيراني، وليس من المستحيل أن يرغب النظام، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، في إيصال رسالة مفادها أنه على الرغم من أن الوضع الداخلي رهيب، فإن التهديد الخارجي أعظم، كما كانت الحال خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن العشرين".
في السياق ذاته، أجرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية حواراً مع بيني سباتي، الباحث البارز في برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والذي عكس في حديثه صورة قاتمة عن إيران، مؤكداً أن الأزمة الحالية أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية.
هل يُسقط تعدين البيتكوين النظام الإيراني؟https://t.co/tepd2E95XR
— 24.ae (@20fourMedia) February 28, 2025 إقالة دون تأثيروعلى الرغم من أن إقالة وزير الاقتصاد الإيراني عبد الناصر همتي تثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمة الاقتصادية المستمرة، إلا أن سباتي يقول إن هذه الإطاحة لن يكون لها أي تأثير تقريباً، وأن "حكومة هذا الرئيس لا تتخذ القرارات حقاً، ولا تتمتع بأي تأثير حقيقي، ولكن من يتمتع بتأثير حقيقي هو الزعيم، في إشارة للمرشد علي خامنئي، ومستشاريه، وغالبيتهم من الحرس الثوري.
وبحسب سباتي، فإن إشارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أن الوضع الحالي أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية، تكشف عن الضعف الإيراني.
ورأى أن رفض خامنئي استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية يسبب أضراراً جسيمة، لأنه يحط من قدر الدولة الإيرانية والاقتصاد الإيراني، والمجتمع أيضاً، ويذهب بكل شيء نحو الهاوية على شكل كرة من الثلج.