رأى كامران بخاري، الأكاديمي المتخصص في شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية في جامعة أوتاوا، أن الاضطرابات الجارية في منطقة أوراسيا، تترك فقط خيارات متقلصة أمام إيران، ما يجعلها غير قادرة على المناورة أمام الولايات المتحدة، كما كانت تفعل منذ عقود.

وأوضح بخاري في تحليل نشرته مجلة جيوبوليتيكال فيوتشرز الأمريكية، أن منطقة أوراسيا تمر بنوبة تغيير تاريخية، إذ تشهد كل من روسيا والصين والهند تحولات كبيرة.

وولفت إلى أن ما يحدث في إيران يبدو أقل وضوحا ولكنه أيضا ليس أقل تأثيرا مما يجرى في المنطقة. فبعد عقود من محاولة الدولة الفارسية تغيير البنية الأمنية في المنطقة، تجد طهران نفسها حاليا مضطرة إلى التكيف مع الضغوط من الداخل والخارج.

ومن غير الواضح إلى أي مدى ستغير طهران سلوكها فعليا، لكن الواضح هو أنها يجب أن تتغير، وستؤثر عواقب ذلك على الشرق الأوسط وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى وجنوب آسيا.

عوامل مفقودة

ووفق بخاري فإن هناك 4 عوامل رئيسية كانت تسهل انتهاج إيران لسياسة خارجية عدوانية، الأول هو أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تركز بشكل كبير على الشرق الأوسط وجنوب آسيا؛ والثاني هو تصاعد مسار كل من روسيا والصين، والثالث حالة الاضطراب التي كانت تضرب العالم العربي، والرابع هو أن الوضع السياسي والاقتصادي الداخلي في إيران كان تحت السيطرة.

لكن وفق بخاري لم يعد أيا من هذه العوامل الأربعة موجودا حتى تواصل إيران مسارها العدواني في سياستها الخارجية.

وذكر بخاري أن الولايات المتحدة وبعد سنوات من أحداث 11 سبتمبر/ أيلول نجحت في تخليص نفسها من الانخراط في الشرق الأوسط، ما منحها الوقت والموارد للتركيز على مواجهة روسيا والصين.

وأشار إلى أن موسكو وبكين استخدمتا طهران كأداة لخلق المشاكل للولايات المتحدة، وفي سبيل ذلك وفرتا للدولة الفارسية الحماية للمضي قدمًا في سياستها الخارجية العدوانية والمتطرفة.

ومع ذلك، فإن محاولات روسيا لإصلاح موقفها في أوكرانيا جعلت الأمور أسوأ - مما أضر بعلاقاتها مع العديد من البلدان.

بما في ذلك إيران، التي تتساءل الآن عن مدى جدية موسكو كلاعب عالمي.

اقرأ أيضاً

روسيا وإيران والإمارات والجزر الثلاثة.. طعنة موسكو تفتح خاصرة طهران وتحرج "رئيسي"

كما أن اضطرار روسيا ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم بقاعدتها الصناعية الخاصة إلى الاعتماد على الطائرات الإيرانية بدون طيار لمحاربة الأوكرانيين يعني أن طهران لا تستطيع الاعتماد على موسكو لتحقيق رفاهيتها الجيوسياسية.

وبالمثل، فإن الانكماش الاقتصادي في الصين والضغوط التي تمارسها واشنطن قد أدى إلى تدهور خطير في قدرة بكين على ممارسة نفوذها في الخارج.

وقد لاحظت طهران ذلك بالتأكيد. وقبل عامين فقط كانت تأمل في الحصول على مئات المليارات من الدولارات من الاستثمارات الصينية في إطار مبادرة الحزام والطريق.

كما تعلم طهران أن اتفاق استئناف علاقاتها مع الرياض، الذي توسطت فيه الصين مؤخرا لم يكن نتيجة تصميم من بكين بقدر ما كان بمثابة محاولة للتمويه عن اقتصادها.

والأهم من ذلك هو الظروف الإقليمية التي أرغمت إيران على وقف هجومها العدواني على العالم العربي.

ونجحت السعودية والإمارات في تحقيق الاستقرار في منطقة كانت تعاني من الفوضى منذ الربيع العربي، وذلك جزئياً من خلال تحييد القوى الإسلامية المدعومة من تركيا وقطر.

كما لم يعد تنظيم الدولة الإسلامية يشكل التهديد الذي كان عليه من قبل. وتجري الآن إعادة دمج الحكومة السورية في العالم العربي.

كما تجمع اتفاقيات إبراهيم التي وقعتها إسرائيل والإمارات ودول عربية أخرى بين الإسرائيليين والسعوديين.

ووفق بخاري فقد أدت هذه التطورات المختلفة إلى تضييق مجال المناورة أمام إيران.

أوضاع داخلية صعبة

على الصعيد الداخلي في إيران، تحاول الحكومة إدارة الأزمة الناجمة عن عجزها عن تمويل سياسة خارجية حازمة والحفاظ على الاستقرار الداخلي.

وفي غضون ذلك، تواجه الحكومة في طهران أوضاعا اجتماعية واقتصادية سيئة،  ولم يعد الجمهور على استعداد لقبول الفتاوى  التي ضاعفتها الإدارة الحالية.

وتقترب البلاد بسرعة من طريق مسدود، وبمجرد رحيل المرشد الأعلى المريض، علي خامنئي، البالغ من العمر 84 عامًا، عن السلطة، وستخضع البلاد بشكل دائم لتغيير النظام

وبينما لا تزال الطريقة التي ستتغير بها إيران غير واضحة، فإن البلاد غارقة على نحو متزايد في حالة من عدم اليقين، وأصبحت طريقتها في ممارسة الأعمال التجارية غير مقبولة، وأصبح يتوجب عليها الاقدام على فعل شيء.

وبحسب بخاري فإن إيران لا يمكنها مواجهة الولايات المتحدة (المعادية) من دون دعم كبير من طرف ثالث ونتيجة لذلك سوف تضطر طهران لتحويل مسارها.

واعتبر أن التطور الأخير في العلاقات الأمريكية الإيرانية سواء محادثات الاتفاق النووي أو اتفاق تبادل السجناء هو نتيجة للتحولات في القوى العالمية.

ورأي أن الولايات المتحدة تقوم بشكل منهجي ببناء تحالفات تضم قوى معادية سابقة لتحسين موقفها بالنسبة لروسيا والصين في حال خروجهما من أزمتيهما الحالية، وإيران عنصر أساسي في هذا الصدد.

وفي ظل تلك الظروف الحالية، وبدون استعادة بكين وموسكو لمكانتهما، فإن إيران لن تستطيع تحمل مخاطر المواجهة مع الولايات المتحدة.  

اقرأ أيضاً

تحالف غاز بقيادة روسيا وإيران.. هل ينافس أوبك ويتحكم بأوروبا؟

المصدر | كامران بخاري/جيوبوليتيكال فيوتشرز-ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيران الصين روسيا العلاقات الأمريكية الإيرانية الولایات المتحدة روسیا والصین

إقرأ أيضاً:

جهود عمانية تتواصل.. الجولة الثالثة من المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية

مسقط-رويترز 

سيجتمع كبار المفاوضين الإيرانيين والأمريكيين مجددا اليوم السبت للتوصل إلى اتفاق جديد يكبح جماح برنامج طهران النووي، في حين أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ثقته في التوصل إلى اتفاق جديد من شأنه أن يقطع الطريق أمام إيران لامتلاك قنبلة نووية.

وسيتفاوض وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بشكل غير مباشر مع مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف في مسقط عبر وسطاء عمانيين، وذلك بعد أسبوع من جولة ثانية في روما وصفها الجانبان بأنها بناءة.

ومن المقرر أن تبدأ المحادثات على مستوى الخبراء، والتي ستبدأ في وضع إطار عمل لاتفاق نووي محتمل، قبل اجتماع غير مباشر بين المفاوضين الرئيسيين.

وقال ترامب في مقابلة مع مجلة تايم نُشرت أمس الجمعة "أعتقد أننا سنبرم اتفاقا مع إيران"، لكنه كرر تهديده بعمل عسكري ضد طهران إذا فشلت الدبلوماسية.

وفي حين قالت كل من طهران وواشنطن إنهما عازمتان على مواصلة الدبلوماسية، إلا أنهما لا تزالان متباعدتين بشأن النزاع المستمر منذ أكثر من عقدين.

فقد تخلّى ترامب، الذي أعاد تطبيق سياسة "أقصى الضغوط" على طهران منذ فبراير باط، عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية في عام 2018 خلال ولايته الأولى وأعاد فرض عقوبات مكبلة على إيران.

ومنذ عام 2019، انتهكت إيران القيود النووية التي يفرضها الاتفاق النووي بما في ذلك تسريع تخصيب اليورانيوم "بشكل كبير" إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، وهو ما يقترب من مستوى 90 بالمئة تقريبا الذي يعتبر من الدرجة التي تصل إلى درجة صنع الأسلحة، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في الأسبوع الماضي إن إيران ستضطر إلى التوقف تماما عن تخصيب اليورانيوم بموجب اتفاق، واستيراد أي يورانيوم مخصب تحتاجه لتزويد محطتها الوحيدة العاملة للطاقة الذرية في بوشهر بالوقود.

ووفقا لمسؤولين إيرانيين، فإن طهران مستعدة للتفاوض على بعض القيود على عملها النووي مقابل رفع العقوبات، لكن إنهاء برنامج التخصيب أو تسليم مخزونها من اليورانيوم المخصب من بين "الخطوط الحمراء الإيرانية التي لا يمكن المساومة عليها" في المحادثات.

وإضافة إلى ذلك، قال العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين إن الدول الأوروبية اقترحت على المفاوضين الأمريكيين أن الاتفاق الشامل يجب أن يتضمن قيودا تمنع إيران من امتلاك أو استكمال القدرة على وضع رأس نووي على صاروخ باليستي.

وتصر طهران على أن قدراتها الدفاعية مثل برنامج الصواريخ غير قابلة للتفاوض. وقال مسؤول إيراني مطلع على المحادثات أمس الجمعة إن طهران ترى أن برنامجها الصاروخي يمثل عقبة أكبر في المحادثات.

مقالات مشابهة

  • انتهاء الجولة الثالثة من المفاوضات الأميركية الإيرانية في عُمان
  • عُمان تعلن موعدا جديدا للمفاوضات الأميركية الإيرانية
  • الخارجية الإيرانية: المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عمان تتواصل في أجواء جدية
  • إيران.. ارتفاع جديد للتومان أمام الدولار
  • جولة ثالثة من المباحثات النووية بين إيران والولايات المتحدة اليوم في مسقط
  • المفاوضات الأمريكية الإيرانية تعود إلى عُمان في ثالث جولة حول برنامج طهران النووي
  • جهود عمانية متواصله.. الجولة الثالثة من المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية
  • جهود عمانية تتواصل.. الجولة الثالثة من المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية
  • إيران: المفاوضات مع الولايات المتحدة تقتصر على القضية النووية
  • الأونروا: أوامر التهجير لا تترك للفلسطينيين سوى مساحة غير آمنة في غزة