رسائل السلام والهيدروجين الأخضر
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
هلال بن عبدالله العبري
تشهد سلطنة عُمان في الآونة الأخيرة نهضة متكاملة الأبعاد، تضعها على مشارف مكانة عالمية متميزة، ليس فقط في مجال الطاقة النظيفة، بل في ميادين السياسة والدبلوماسية أيضًا. فمن جهة، باتت السلطنة قاب قوسين أو أدنى من أن تتصدر قائمة الدول المصدِّرة للهيدروجين الأخضر في الشرق الأوسط، بل وعلى رأس قائمة الدول على مستوى العالم، لما تمتلكه من إمكانيات طبيعية واستراتيجية تؤهلها لأن تكون لاعبًا رئيسيًا في مستقبل الطاقة المستدامة.
الهيدروجين الأخضر، هذا الوقود النظيف الذي يُنتَج عبر استخدام مصادر متجددة للطاقة، يمثل بارقة أمل للعالم في سعيه نحو تقليل الانبعاثات الكربونية ومواجهة التغير المناخي. وقد خطت سلطنة عُمان خطوات واثقة في هذا المجال، عبر مشاريع طموحة تستقطب الاستثمارات الدولية وتؤكد التزامها العميق بقضايا البيئة والتنمية المستدامة.
وفي موازاة هذا التقدم التقني والاقتصادي، تلعب عُمان دورًا لا يقل أهمية في الساحة السياسية الإقليمية والدولية، حيث تُعرف بدبلوماسيتها الهادئة ومبادراتها الفاعلة لنزع فتيل الأزمات. فقد كرّست السلطنة مكانتها كوسيط موثوق يسعى إلى مدّ جسور الحوار بين الفرقاء، ويعمل على تثبيت أسس السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وخارجها.
إن الجمع بين الريادة في الطاقة النظيفة والنهج الدبلوماسي المتزن، يرسل من عُمان إلى العالم رسائل متعددة: رسائل سلام، ورسائل أمل، ورسائل تؤكد أن التنمية الحقيقية هي التي تجمع بين الحفاظ على البيئة وتحقيق التوازن السياسي. وهكذا، تكتب السلطنة فصولًا جديدة في سجل نهضةٍ متجددة، وهي تمضي بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة.
وحين نتأمل في التوجهات الاستراتيجية التي تتبناها سلطنة عُمان، سواء في سعيها نحو تصدير الهيدروجين الأخضر كمصدرٍ نظيف ومستدام للطاقة، أو في جهودها الحثيثة لإرساء دعائم السلام والاستقرار في المنطقة، يتجلى أمامنا خيط ناظم يجمع بين هذه المساعي المتنوعة، ألا وهو الإنسان.
فالرؤية العُمانية، بوعيها العميق ومسؤوليتها الأخلاقية، تنطلق من إدراكٍ بأن أمن الإنسان وسلامته، وحقه في العيش في بيئة نقية ومستقبل آمن، هو جوهر كل مشروع تنموي أو تحرك دبلوماسي. وهي بذلك تسعى إلى بناء عالمٍ يتصالح فيه الإنسان مع بيئته، وتزول فيه أسباب الصراع، لتسود روح التعاون والتكامل.
وفي مبادراتها البيئية، تضع السلطنة بصمتها في خريطة الطاقة النظيفة العالمية، لتؤكد أن حماية الكوكب مسؤولية جماعية تتطلب رغبة في التغيير واستشراف المستقبل. وفي مساعيها السياسية، تثبت أن الحوار هو السبيل الأجدر لحل النزاعات، وأن السلام ليس خيارًا هامشيًا، بل ركيزة للتنمية المستدامة.
هكذا تتكامل الأدوار وتتعاضد الجهود، في سبيل إنسانٍ يعيش بكرامة، على أرضٍ تحفظ حق الأجيال القادمة، تحت سماء يسودها السلام.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
التخطيط تُشارك في فعالية رئيسية لصندوق النقد الدولي حول تحفيز الاستثمارات المناخية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في جلسة نقاشية بعنوان "تحفيز الاستثمار المناخي: إطلاق رأس المال لتحقيق النمو المستدام" والتي نظمها صندوق النقد الدولي، بمشاركة ماكس فونتين، وزير البيئة والتنمية المستدامة بمدغشقر، و ديبورا ريفولتيلا، مديرة قسم الاقتصاد ببنك الاستثمار الأوروبي، وأريك بيلوفسكي، نائب رئيس مؤسسة روكفلر، وأدار الجلسة كاثرين باتيلو، نائب مدير صندوق النقد الدولي.
إنتاج الهيدروجين الأخضروخلال كلمتها بالجلسة؛ قالت الدكتورة رانيا المشاط، إنه لا يمكن الحديث عن الهيدروجين الأخضر دون الأخذ في الاعتبار الرحلة التي قطعناها في مجال الطاقة المتجددة، مؤكدة أهمية مصادر الطاقة المتجددة كالشمس والرياح والتي تنعم بها مصر، موضحة أن سعي مصر نحو بدء إنتاج الهيدروجين الأخضر بدأ في عام 2014.
وأضافت أن الهيدروجين الأخضر يلعب دورًا مهمًا في مصر في الآونة الأخيرة، حيث تستطيع مصر بفضل مصادر الطاقة المتجددة المتوفرة، أن توفر جوانب أساسية من الأمونيا الخضراء لتصديرها إلى الدول الأوروبية، كما تمتلك الدولة المصرية العديد من المشروعات في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهي كلها مشروعات تركز على الهيدروجين الأخضر كمكون رئيسي.
أهمية الشراكات الدوليةوأشارت «المشاط»، إلى أهمية الشراكات الدولية في هذا المجال، مصر لديها عدد من الشركاء الدوليين منها بنك الاستثمار الأوروبي، مؤكدة أن الانتقال الأخضر ليس فقط متعلقًا بالمساهمات المحددة وطنيًا، لكنه يعد كذلك قضية تنموية، تتعلق بالنمو، والتوظيف، والتصنيع، فهناك سلسلة كاملة من الأنشطة الاقتصادية التي تعزز الإنتاجية للدول، وهذه الأنشطة مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالاستثمارات المناخية.
منصة نوفيوتناولت الدكتورة رانيا المشاط، الحديث حول منصة "نُوَفّي" محور الارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة، والتي تُعد أحد المشروعات التي تساعدنا في الوفاء بمساهماتنا المحددة وطنيًا، مثل هدفنا للوصول إلى 42% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. أضافت "المشاط" أنه منذ إطلاق منصة "نُوفّي" في 2022، تم حشد نحو 4 مليار دولار من التمويل التنموي للقطاع الخاص، لتمويل استثمارات الطاقة المتجددة.
كما أكدت الدكتورة رانيا المشاط خلال كلمتها، أهمية توضيح مصادر التمويل المختلفة المتاحة، وأهمية رفع الوعي لدى الدول بالمصادر المختلفة للتمويل، مشددة على أهمية تعاون الحكومات مع القطاع الخاص لمعرفة كيفية الاستفادة من هذه الموارد.
وأوضحت "المشاط" أن مصر لديها علاقات قوية مع العديد من المؤسسات الثنائية ومتعددة الأطراف، حيث توفر الدولة المصرية منصة لهذه المؤسسات للعمل معًا، لذا نجد بنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والوكالة الفرنسية للتنمية، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي يعملون معًا على مشاريع مشتركة، سواء في مجالات النقل المستدام أو الطاقة المتجددة أو غيرها.
وفي ختام كلمتها؛ أكدت "المشاط" ضرورة وجود مزيد من الحوار بين الدول، وأهمية مناقشة تجارب الدول المختلفة، حتى يتمكن الآخرون الذين لم يبدؤوا بعد، من تصميم مشاريعهم الخاصة والاستفادة من الخبرات المختلفة، مما يساعد في توفير الوقت، خاصة في ظل الظروف العالمية الحالية التي تفرض التحرك السريع في تطوير الأطر التنظيمية والسياسات والتمويلات.
كما تطرقت إلى الشراكة مع صندوق النقد الدولي، والموافقة التي صدرت مؤخرًا حول تسهيل المرونة والاستدامة بقيمة 1.3 مليار دولار، مؤكدةً أن الاتفاق مع صندوق النقد يتضمن تنفيذ إصلاحات هيكلية لدعم الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، وتسريع التحول الأخضر في مصر. وأشارت إلى أن توسيع نطاق برنامج “نُوَفِّي” بضم مشروعات جديدة في مجالي التخفيف والتكيف هو جزء أساسي من هذه الإصلاحات، وقد تم تنفيذ ذلك بالفعل.