خرجت في العديد من المحافظات السورية، الجمعة، مظاهرات واحتجاجات واسعة، مطالبة برحيل رئيس النظام بشار الأسد، وسط تضامن واسع بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحذيرات من مجازر جديدة بحق المعارضين للنظام.

المظاهرات التي تراجعت رقعتها على مدار السنوات الماضية، سجلت حضورًا كبيرًا في محافظة السويداء، حيث تجمع السوريين في ساحة الكرامة، رافعين شعار الثورة الأولى قبل 12 عاما وهو "الشعب يريد إسقاط النظام".

ورفع المتظاهرون لافتات تعبر عن مطالبتهم بالحرية، وإسقاط النظام، ولا تغيير الحكومة، على خلفية بيان مشترك لشيخي عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز حمود الحناوي، ويوسف جربوع، صدر الخميس، وقدّم مطالبًا لـ"القيادة" أبرزها تغيير الحكومة.

في السياق نفسه، توافد أبناء السويداء من مناطق وقرى وبلدات مختلفة، للمشاركة في احتجاجات ساحة الكرامة، كما شهدت بلدة القريا، حيث يقع ضريح سلطان باشا الأطرش (القائد العام للثورة السورية الكبرى)، احتشاد أعداد كبيرة من المواطنين في مظاهرة أخرى رفع فيها علم الثورة السورية.

وقال الشيخ حمود الحناوي، من مضافة سلطان باشا الأطرش، خلال المظاهرة: "نحن دعاة سلام ومحبة وكرامة (..) نحن حريصون على كل مواطن سوري، وليس فقط على أبناء السويداء".

الجميلات هُنَّ الثائرات … ⁰كالورد في ساحة المعركةْ #السويداء #السويداء_تتنفس_الحرية #سوريا #بشار_الأسد_مجرم_حرب
pic.twitter.com/NcM08K9aun

— Rania Dridi رانية الدريدي (@Ranyadridi) August 25, 2023

تحيّتنا بمظاهرة الباب إلى #درعا و #السويداء وكل المحافظات مع لعنة حافظ التي وصل صوتها للقرداحة. pic.twitter.com/nvBgPRdMP6

— أبو صبحي الغريب (@Sophe_Syria) August 25, 2023

اقرأ أيضاً

تطالب بإسقاط الأسد.. مظاهرات السويداء ودرعا تكمل أسبوعها الأول

إلى جانب السويداء، سجلت محافظة درعا، 8 نقط تظاهر، مطالبة بتغيير النظام، إذ خرجت مظاهرات في بلدتي الطيبة والمزيريب، للاحتجاج ضد النظام والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين.

كما تظاهر أيضًا أبناء نوى والحراك في ريف درعا، بالإضافة إلى مظاهرة حاشدة في مدينة بصرى الشام، شرقي درعا، ومظاهرات في جاسم وطفس.

في شمال غربي سوريا، أيضًا خرجت مظاهرات في كل من جسر الشغور، بريف إدلب الغربي، وبنش، ودركوش، في ريف إدلب، بالإضافة إلى مظاهرة في مخيمات مشهد وترحين.

وسجلت مناطق أعزاز والراعي وعفرين، بريف حلب، حضورًا في المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام.

في شمال شرقي سوريا، خرجت مظاهرة في الشحيل، وأخرى في العزبة، في دير الزور، كما تظاهر آخرون في شارع تل أبيض، وسط مدينة الرقة، ومظاهرة في رأس العين، شمال شرقي الحسكة.

عادت #درعا مهد الثورة لتتصدر الصدارة من جديد،ترفع صوتها بكل قوة مطالبةً بإسقاط الأسد.تؤكد بثبات على تمسكها بقيم ومبادئ الثورة.ثوار مدينة #جاسم يرفعون راية الثورة مجدداًبفخر وإصرار،يقولون أن روح الثورة لا تزال حيةفي حوران وشعلة الثورة لن تنطفئ #خلاص_سوريا_بإسقاط_الأسد #السويداء pic.twitter.com/Y7iMhITfff

— Osama Alshamy (@OsamaAlshamy166) August 25, 2023

مظاهرة وسط مدينة #ادلب تطالب بإسقاط نظام الأسد ودعماً للمظاهرات في #السويداء و #درعا #ثورة_لكل_السوريين

إدلب الآن ???? pic.twitter.com/alMEBCSRKp

— ????‍????الرابع عشر البرتقاليOmar (@the14account) August 25, 2023

اقرأ أيضاً

سوريا.. ما زال الشعب يريد إسقاط النظام

تأتي هذه التظاهرات مع استمرار السويداء بإضرابها واحتجاجاتها لستة أيام متواصلة، تشاركها درعا في الحراك السلمي ذاته.

وينادي المحتجون في شوارع السويداء، منذ الأسبوع الماضي، بشعارات تطالب بإسقاط النظام السوري وتطبيق القرار الأممي الخاص بالحل في سوريا 2254، بالإضافة إلى شعارات تندد بسوء الأوضاع المعيشية، والقرارات الحكومية الأخيرة التي رفعت الدعم عن المحروقات.

وأخذت الاحتجاجات منحى تصعيديا، منذ الأحد، بعدما أعلن السكان المحتجون "الإضراب العام"، وشملت المحال التجارية والمؤسسات الحكومية والتعليمية، وتطورت لتصل إلى حد إقدامهم على قطع طرق رئيسية تصل القرى والبلدات ومدن المحافظة مع محيطها.

كما تعطلت حركة المواصلات في عديد من المحافظات السورية نتيجة إضراب السائقين وامتناعهم عن نقل الركاب، احتجاجًا على رفع أسعار الوقود، مطالبين بإصدار تسعيرة جديدة لأجور النقل تناسب الزيادة في أسعار المحروقات.

وتقطن في السويداء الغالبية الدرزية، ولطالما اعتاد السكان فيها على مدى السنوات الماضية الخروج بمظاهرات شعبية، في حالة "استثنائية" باتت تميزها عن باقي المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام السوري، التي نادرا ما تخرج منها أصوات مشابهة، بسبب قبضة أجهزة الأمن.

من مظاهرات اليوم 25/08/2023 في مدن الشمال السوري . ✌????#الثورة_السورية_العظيمة
#السويداء #درعا #الثورة_السورية_مستمرة pic.twitter.com/sBK9w4miG4

— مهاب ناصر -Mohab Nasser (@Mohab_Nasser2) August 25, 2023

مجدّداً.. "لن يحكم ابني جحش الرياضيات"#السويداء#أورينت pic.twitter.com/sZhQKjB6m3

— Orient أورينت (@OrientNews) August 25, 2023

اقرأ أيضاً

مطالبات بإسقاط الأسد.. مظاهرات في السويداء ودرعا احتجاجا على ارتفاع الأسعار

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تضامن سوريون في الخارج، وعرب مع المظاهرات ضد الأسد، ونشروا صورا ومقاطع فيديو للجموع التي خرجت وتطالب بإسقاط النظام.

شبان من #السويداء يهتفون بإسقاط الأسد أثناء عبورهم حواجز للنظام متجهين إلى مركز المدينة للمشاركة في المظاهرات. pic.twitter.com/MsoOrlJYVz

— ZAMANALWSL - زمان الوصل (@zamanalwsl) August 25, 2023

#شام | يا طير خذني على بلدي سوريا .. من مظاهرة مدينة #إدلب دعماً لمظاهرات #السويداء ضد نظام الأسد. pic.twitter.com/4VaQHG5vMu

— شبكة شام الإخبارية (@ShaamNetwork) August 25, 2023

اللافتات مكتوبة على كراتين علب البسكويت والدخان والمتة...
وهذا دليل قاطع على أن مظاهرات السويداء "مموّلة من الخارج"... كما يزعم أبواق الأسد.#السويداء #مظاهرات_السويداء pic.twitter.com/svEPS0xiik

— ماهر شرف الدين (@mahersharafeddi) August 25, 2023

من ساحة مسجد الفاتح في #الباب إلى ساحة السير في #السويداء وساحة العاصي في #حماة وساحة الساعة في #حمص وساحة البلدية في #دوما وساحة الحرية في #داريا وساحة الجامع العمري في #درعا وساحة مسجد عثمان في #دير_الزور وكل ساحات #سوريا يبقى الشعار محفوراً في كل زوايا الساحات والحارات ???? pic.twitter.com/FkeYgkaH88

— أسامة أبو زيد Osama Abo Zayd (@oabozayd) August 25, 2023

علم #الثورة_السورية في مظاهرات #السويداء #سوريا pic.twitter.com/BxfX5efj8c

— Nour Golan (@nourabohsn) August 25, 2023

اقرأ أيضاً

رغم التطبيع العربي مع الأسد.. لماذا يستمر تدهور الاقتصاد السوري؟

ولفت ناشطون إلى أن مطالب المتظاهرين طبيعية، في ظل أن غالبية السوريين يعيشون اليوم تحت خط الفقر، بينما يعاني أكثر من 12 مليونًا منهم من انعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة.

"عبيتهمونا ثورة جياع.. لك خسوا"
صرخة متظاهر في مدينة #صلخد بـ #السويداء#أورينت pic.twitter.com/qVQUAOUVpU

— Orient أورينت (@OrientNews) August 25, 2023

الثورة ليست حكر على جيل ولا زمن
لذلك انتفضوا يا أهالي #السويداء و #اللاذقية pic.twitter.com/mw2YchU30K

— أحمد رحال Ahmed Rahhal (@pressrahhal) August 25, 2023

في مظاهرة #إدلب منذ قليل، ارسلنا التحايا لمدينة #السويداء و #درعا ومختلف المحافظات السورية، وأعدنا التأكيد على ما جاء في الحراك السلمي في السويداء.

"البلد طاهر .. حاكمها عاهر"#السويداء_تنتفض pic.twitter.com/NhwgPukOGP

— الحارث الموسى | Al Hareth (@hareth003) August 25, 2023

مظاهرة وسط مدينة #ادلب تطالب بإسقاط نظام الأسد ودعماً للمظاهرات في #السويداء و #درعا #ثورة_لكل_السوريين

إدلب الآن ???? pic.twitter.com/alMEBCSRKp

— ????‍????الرابع عشر البرتقاليOmar (@the14account) August 25, 2023

بالمناسبة أقوى اغنية ثورية -برأيي- كانت من #السويداء pic.twitter.com/9KleFt1LlT

— يزيد (@YAbd01) August 25, 2023

اقرأ أيضاً

سوريون يحيون الذكرى الـ12 لثورتهم: النضال متواصل حتى إسقاط الأسد

وخرجت دعوات من الناشطين لباقي مدن ومحافظات سوريا، بالانضمام إلى المظاهرات.

"أهلنا في الساحل أرجو أن تشاركوا السوريين في هذه اللحظة الحاسمة".. الفنان السوري عبد الحكيم قطيفان يعرب عن دعمه احتجاجات #السويداء#فيديو pic.twitter.com/zJraw36617

— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) August 25, 2023

الآن من مدينة #أعزاز في الشمال المحرر بريف #حلب #ثورة_لكل_السوريين#خلاص_سوريا_بإسقاط_الأسد#TopplingAssadSavesSyria#سوريا #درعا #السويداء #الثورة_السورية #الثورة_السورية_العظيمة pic.twitter.com/MtHlQwso6S

— د.عبد المنعم زين الدين (@DrZaineddin) August 25, 2023

خروج مظاهرة في مدينة #الرقة تطالب باسقاط النظام وللتضامن مع مدينتي #السويداء و #درعا #الثورة_السورية_العظيمة pic.twitter.com/Tkdfg690Fd

— مهاب ناصر -Mohab Nasser (@Mohab_Nasser2) August 25, 2023

اليوم السادس على انتفاضة #السويداء...
الزخم يزداد... والمشاركة تتسع... وعملاء النظام ومخبروه مختبئون كالجرذان. pic.twitter.com/FHti1u0Vds

— ماهر شرف الدين (@mahersharafeddi) August 25, 2023

من مظاهرة #إدلب المدينة والمطالبة بإسقاط النظام.. pic.twitter.com/WsgqPzcEdR

— المرصد أبو أمين 80 (@Najdat567) August 25, 2023

اقرأ أيضاً

سوريا.. السويداء تنتفض ضد الأسد وتحرق مبني السرايا الحكومي

وحذر ناشطون من إقدام نظام الأسد على أي قمع أو مجزرة جديدة بحق المتظاهرين، كما فعل من قبل في قمعه للثورة السورية.

الناشط السياسي السوري مروان حمزة: مستمرون حتى سقوط النظام وأحذره من أي عمل جبان#السويداء #سوريا pic.twitter.com/k9yhGc6SQF

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) August 25, 2023

"ولك على راس الأسد بدنا ندوس".. الحجة حمرة تتضامن مع #السويداء: روحنا وقلبنا معك #أورينت pic.twitter.com/zIOM6qDMAv

— Orient أورينت (@OrientNews) August 25, 2023

#شاهد: الرايتان اللتان يختلف عليهما السوريون، ترتفعان إلى جانب بعضهما في ساحة السير/الكرامة وسط مدينة السويداء#السويداء #مظاهرات_السويداء#إضراب_السويداء pic.twitter.com/gojrcKWNLg

— السويداء 24 (@suwayda24) August 25, 2023

من الاتارب غرب حلب الى السويداء نحن معكم pic.twitter.com/jabnYhEi75

— محمد ابو الهدى الحمصي (@aboalhodaalhoms) August 25, 2023

دروز ادلب ينتفضون دعماً للحراك الشعبي في السويداء pic.twitter.com/77n6X3BES9

— محمد بلعاسMohamed Belaas (@blaas083) August 25, 2023

اقرأ أيضاً

مظاهرات بدرعا تهتف ضد الأسد وتطالب بإسقاطه

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: سوريا الأسد بشار الأسد مظاهرات السويداء درعا حلب المحافظات السوریة مظاهرات السویداء بإسقاط النظام إسقاط النظام فی السویداء مظاهرات فی نظام الأسد وسط مدینة مظاهرة فی اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

العسكرية في سوريا: حكايات رعب وهروب.. وجنون النظام في الساعات الأخيرة

دمشق- لم يكن بلوغ سن الـ18 في سوريا مجرد مرحلة طبيعية في مسيرة الشباب نحو النضج، بل كان لحظة حاسمة، تُحدد مصيرهم بين خيارين أحلاهما مرّ: التجنيد الإجباري الذي قد يمتد لسنوات طويلة في حربٍ قرر الرئيس المخلوع بشار الأسد خوضها ضد شعبه، أو الهروب إلى المجهول، حيث الطرق الوعرة، والغابات المعتمة، والبحار العميقة، والمصير غير المعلوم، أملا في البحث عن وطنٍ بديل.

منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، تحولت الخدمة العسكرية من مجرد "واجب وطني" إلى نفق مظلم لا نهاية له. ولم تعد مدتها سنة ونصف كما كان الحال من قبل، بل أصبحت تمتد إلى 8 أو 10 سنوات، وربما أكثر، وكانت تعني للجنود الموت على الجبهات، أو البقاء أسرى الخدمة لأجل غير مسمى، دون معرفة متى تنتهي هذه الرحلة القسرية.

في السابق، لم يكن التجنيد مجرد التزام عسكري، بل كان عبودية مقنّعة، حيث يتحول الشاب إلى تابع مطيع للضابط المسؤول عنه، يخضع له في كل شيء، ويدفع "الهدايا" والرشاوي لضمان معاملة آدمية وتجنب سوء المعاملة والقهر اليومي الذي يعيشه المجندون. أما في ظل الحرب، فقد بات الأمر أكثر رعبا، حيث أصبح المجند مجرد رقم يُدفع به إلى ساحات المعارك، دون أن يعرف لماذا يقاتل، أو من يقاتل، أو لحساب من تُخاض هذه الحروب.

إعلان

وبينما استطاع البعض شراء حريتهم بدفع بدل نقدي يصل إلى 8 آلاف دولار، لم يكن أمام الغالبية العظمى سوى الاختباء في المنازل، متجنبين الخروج خوفا من الاعتقال والتجنيد القسري، أو الهروب عبر الحدود، متسللين بين الجبال والغابات والأنهار، يلاحقهم شبح الموت أو السجن أو الاختفاء القسري.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع أن إدارته لا تنوي الاستمرار في سياسة التجنيد الإجباري، باستثناء بعض الاختصاصات ولفترات قصيرة.

"الموت أهون من الخدمة في الجيش"

محمد الحلبي، الذي يعمل اليوم بائعا في أحد محال التذكارات القريبة من الجامع الأموي بدمشق، كان واحدا من هؤلاء الشباب الذين عاشوا كابوس التجنيد الإجباري. يتذكر محمد تلك الأيام العصيبة ويقول "كنت على وشك إتمام الـ18 من عمري قبل سقوط النظام. في العادة نُطلب إلى التجنيد في هذا السن. كنتُ أحلم بالخروج، بأي وسيلة وبأي طريق، حتى لو عبر البحر إلى المجهول".

ويضيف "كنا نسمع عن الشباب الذين يذهبون إلى الجيش السوري ولا يعودون. البعض يقضي هناك 9 أو 10 سنوات، والبعض يُقتل، والبعض الآخر يعود في سن الـ30 وقد ضيّع شبابه، فلم يتزوج ولم يعمل ولم يؤسس لنفسه. كنتُ أقول لنفسي: لا مستقبل لي هنا إن دخلت الجيش، لا زواج، لا عمل، لا حياة، فقط انتظار الموت".

الشاب السوري محمد الحلبي يشعر بالراحة بعد إلغاء الإدارة السورية الجديدة للخدمة الإلزامية (الجزيرة)

كان محمد يبحث عن أي فرصة للهروب، كآلاف الشبان الذين كانت رحلتهم تبدأ من دمشق إلى لبنان، ومن هناك إلى بلدان اللجوء في أوروبا، عبر رحلات محفوفة بالمخاطر في البحر المتوسط.

"قبل سقوط النظام، كنتُ مستعدا للموت في الطريق، لكني لن أذهب إلى الجيش. أما الآن، فقد تغيّرت الخطة 180 درجة؛ الآن أنا أعمل والحمد لله وأجمع النقود. الآن أنا سعيد جدا وسأبقى في بلدي وأخطط لمستقبلي بين أهلي وناسي. لست أخشى أي شيء!".

إعلان جنون في الساعات الأخيرة قبل السقوط

شاب آخر يعمل أيضا في أحد محال التذكارات القريبة من الجامع الأموي طلب عدم ذكر اسمه، أكد أنه كان من القلة المحظوظة، فقد كان "وحيدا" لوالديه، ما يعني أنه معفى من الخدمة العسكرية. لكنه رأى بعينيه كيف كان النظام يزجّ بالشباب إلى الجبهات، حتى أولئك الذين لديهم إعفاء رسمي.

"بعد تحرير حلب نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، جن جنون النظام، فبدأ يوقف الشباب على الحواجز ويأخذهم إلى السجن، حتى المعفيين من الوحيدين أو المؤجلين، سمعت من البعض أن أوراق تأجيلهم مُزقت، وتم سوقهم إلى الجبهات. البعض سيق إلى السجن بلا أي سبب. النظام كان بحاجة إلى كل جندي، لكنه ساق بعض الشباب إلى السجن دون سبب منطقي واضح!".

الإقامة القسرية هربا من الخدمة الإلزامية

بينما لجأ البعض للهروب، اختار آخرون التخفي، لكنهم ظلوا يعيشون في خوف دائم، لا يجرؤون على مغادرة منازلهم، متجنبين أي مواجهة مع الجيش أو الأمن.

قيس دكاك، الذي استطاع دفع بدل الخدمة العسكرية كونه عاش خارج سوريا في طفولته، لم يكن مضطرا للهروب، لكنه عاش هذه التجربة من خلال صديقه محمد، الذي كان مطلوبا للخدمة العسكرية، لكنه قرر أن يختبئ بدلا من أن يُساق إلى الجبهات.

"محمد كان شابا من منطقتي، وكان يخشى الالتحاق بالجيش. لم يكن يخرج من الحي أبدا، حتى لا يصادف حاجزا عسكريا يسوقه إلى الخدمة الإلزامية عنوة. كان يعيش في خوف دائم، يخرج من منزله فقط إلى صالة البلياردو التي كانت مشروعا استثماريا صغيرا أديره في حينها. بدأ يعمل معي في الصالة، لكني كنتُ أحذّره دائما: لا تسلّم هويتك لأحد، لا تتعامل مع أي جهة حكومية. إذا جاء أحدهم بغيابي وطلب هويتك، فتواصل معي فورا ولا تسلمهم إياها".

لكن ذات يوم، لم يكن الحذر كافيا.

"كنتُ في عملي الحكومي عندما رنّ هاتفي. محمد يتحدث بصوتٍ مرتجف: جاء الأمن، أخذوا هويتي! وبالطبع، اكتشفوا أنه مطلوب للخدمة. طلبتُ منه أن يتمسك بمكانه، وألا يغادر معهم حتى أصل. انطلقتُ كالمجنون، كنتُ أقود بسرعة جنونية في الشوارع المزدحمة، كأنني أركض في سباق مع الموت. لكن عندما وصلت، كان قد اختفى. سألْتُ الموجودين، فقالوا لي إنهم أخذوه معهم إلى شعبة التجنيد".

قيس دكّاك لم يتمكن من إنقاذ صديقه الذي اختفى بعد أيام من سوقه إلى الخدمة الإلزامية (الجزيرة)

حاول قيس التدخل بكل الطرق، استخدم معارفه، لكن بلا جدوى.

إعلان

"بعد أيام، علمتُ أنه فُرز إلى الرقة، حيث كانت المعارك مشتعلة بين النظام وتنظيم داعش. حاولتُ نقله إلى مكان آخر، لكن لم يكن بيدي شيء. بعد أسابيع، وصلني الخبر.. محمد اختفى. لا أحد يعرف عنه شيئا، وقيل لي إن مجموعته قُتلت بالكامل. لم يكن يريد الحرب، لم يكن مقاتلا، لكنه أُجبر على القتال. لا أعرف حتى اليوم إن كان حيا أم لا، فلم تصلني جثة ولا شهادة وفاة".

"النجاة بمعجزة"

أما سائق التاكسي محمد -وهو اسم غير حقيقي للشاب الذي لم يرحب كثيرا بفكرة الحديث إلى الإعلام-، فعاش بدوره لأكثر من عقد في حالة من الهروب الدائم. لم يكن يجرؤ على ممارسة مهنته، كان يتحرك فقط داخل حيه، ويتجنب الخروج في أوقات النهار خوفا من الحواجز. لكنه في أحد الأيام، وجد نفسه أمام حاجز طيار.

"رأيتهم أمامي، كنتُ أعلم أنني انتهيت. طلبوا الهويات، فقررت أن أراوغ، لم أسلم هويتي، وانتظرتُ أن يكتشفوا نقص الأوراق ويبحثوا عني. لكن فجأة، دوّى صوت إطلاق نار! بدأ اشتباك مع الثوار، سادت الفوضى، ركض الجنود نحو سياراتهم، وانطلقوا مسرعين، وتركوا الهويات مع السائق. هكذا، نَجوتُ بمعجزة".

"أخيرا.. نحن أحياء"

مع تغير المشهد السياسي في سوريا، بدأ الشباب بالخروج من الظل، يستعيدون حياتهم التي سُلبت منهم لسنوات طويلة. أحمد تكريتي، الذي اضطر إلى البقاء في المنزل وإكمال دراسته مرغما فقط لتأجيل التجنيد، يتنفس الصعداء أخيرا.

أحمد تكريتي اضطر لمواصلة الدراسة حتى يتمكن من تأجيل انضمامه إلى الخدمة العسكرية الإلزامية (الجزيرة)

"أنا كنتُ مطلوبا للخدمة العسكرية، كنت جالسا في المنزل بصراحة، وأدرس هندسة تطبيقية من أجل تأجيل خدمة الجيش. أكملت دراستي مُرغما. كنتُ أدرس في الجامعة، لا لشيء سوى لتأجيل الجيش. أما بعد التحرير، فانفرجت الأمور بشكل عام لأنّ الشباب صار بإمكانه الخروج من البيوت والعمل. كما ترى، الازدحام بالشوارع يستمر حتى الساعة الـ12 أو الواحدة ليلا. كان الشباب يلتزمون البيوت هربا من السوق إلى الجيش. أما اليوم، فشباب البلد كلهم خرجوا".

إعلان

كلمات أحمد تلخص معاناة جيل كامل من الشباب السوريين، عاشوا عقدا من الزمن بين المطاردة والخوف والاختباء، قبل أن يجدوا أنفسهم اليوم في واقع جديد، يشبه ولادة ثانية.

مقالات مشابهة

  • سوريا: الشرع يتلقى دعوة لحضور قمة عربية طارئة في القاهرة
  • نعيم قاسم يتحدث عن آخر أيام نصر الله ويعد بإخراج أسرى الحزب (شاهد)
  • سوريا: الأكراد يستأنفون تسليم النفط لمناطق الحكومة المركزية بدمشق
  • روايات الاحتلال الكاذبة منذ 7 أكتوبر حتى الآن.. ما مصلحة نتنياهو؟
  • في تحول خاطف.. كيف اختفت رموز نظام الأسد من أسواق دمشق وحلّت محلها ألوان الثورة؟
  • العسكرية في سوريا: حكايات رعب وهروب.. وجنون النظام في الساعات الأخيرة
  • سوريا.. القبض على “مجرم” متورط بإلقاء براميل متفجرة على المدنيين / صور
  • أحمد حسون.. مفتي سوريا في النظام السابق
  • محطة "القدم" للقطارات بدمشق.. إرث عثماني دمره نظام الأسد
  • مجزرة التضامن يوم قتل نظام الأسد فلسطينيين وسوريين بدمشق وردمهم في حفرة