لندن (الاتحاد)

أخبار ذات صلة طلبة في 174 جامعة يشاركون في «الكونغرس العالمي للإعلام» تعاون بين «تريندز» و«الجواء للإعلام»

مع الصعود المدوي للمرأة، تجد وسائل الإعلام نفسها، مضطرة لتعديل اختياراتها والمساحات التي تمنحها لتغطية تجليات هذا الصعود بشتى القطاعات، خاصة فيما يتعلق بالرياضة.
ومؤخراً، أظهرت بطولة كأس العالم في كرة القدم للنساء التي انتهت قبل أيام بفوز منتخب إسبانيا، تحولا كبيرا في حجم الاهتمام الإعلامي برياضة المرأة.

ومع أن الميديا العربية لم تهتم كثيراً بتقديم تغطيات خاصة للحدث، توسعت الميديا العالمية في متابعة المباريات التي استضافتها أستراليا ونيوزيلندا.
تعاملت أقسام الرياضة في وسائل الإعلام العربية مع البطولة، باعتبارها حدثاً ثانوياً لا يستحق صفحات ولا برامج خاصة، على الرغم من خلو فترة البطولة من أي مسابقات رياضية محلية أو دولية قد تختطف الاهتمام (فترة إعداد للأندية).
وبالطبع يتناقض ذلك، مع حجم التغطيات التي تشهدها في العادة مسابقات الرجال. لكن الحجة أن المتابعة الجماهيرية في العالم العربي لمونديال النساء الذي يقام للمرة التاسعة، مازالت محدودة. ينسحب ذلك على رياضة المرأة عموماً في مختلف الرياضات رغم الاهتمام الرسمي بدعمها وتعزيزها.. فالاهتمام الجماهيري بالرياضة يكاد يحتكره الرجال، لذلك تكافح رياضات الجنس الناعم لتجد لها موطأ قدم في الإعلام العربي، خاصة أن أغلب أقسام الرياضة يهيمن عليها الذكور.
لكن الأمر مختلف على الضفة الأخرى من العالم. فالأرقام والإحصائيات تؤكد أن التحول في تغطيات الميديا الغربية للمونديال الحريمي، فاق التوقعات.
الصحف البريطانية مثلاً، توسعت كثيراً في متابعة البطولة التي تألق فيها المنتخب الإنجليزي، من خلال المدونات الحية دقيقة بدقيقة، والتقارير الموسعة والتحليلات المعمقة المزودة بالأرقام والإحصائيات ومقالات وأعمدة الكتاب البارزين أوالقصص المميزة التي تجذب القراء في جميع أنحاء العالم. وتجاوز إجمالي المشاهدات لهذه التغطيات في صحيفة مثل الجارديان 25 مليوناً، وبث موقع مثل Mail Online نحو 83 قصة عن البطولة في يوم واحد، حققت في مجملها أكثر من 4.5 مليون مشاهدة. وفي نصف النهائي، تصدرت اخبار وصور فوز منتخب إنجلترا على أستراليا الصفحات الأولى والأخيرة للصحف ونشرات الأخبار. لم يكن هذا الحماس الجماهيري مفاجئاً. فالميديا البريطانية زادت مؤخراً من اهتمامها بالرياضة النسائية.
يقول تقرير أصدرته مؤسسة إندرز أناليشن للأبحاث في يونيو الماضي إن عدد المقالات حول الرياضة النسائية، ومساحة الصفحات المطبوعة المخصصة لها والأهمية الممنوحة لها على الإنترنت، قد «ارتفع بشكل كبير» في العامين الماضيين.
وأضاف التقرير: «كل جانب من جوانب التغطية يتحسن، على عكس رياضة الرجال، التي وصلت إلى حد التشبع». 
وتابع: «اهتمام الجمهور الواضح بالرياضة النسائية لن يفسد الاهتمام أو المساحة المخصصة للرجال - فالمنشورات المختلفة تعمل بشكل مستقل».
هنا، تبدو المنصات الإعلامية في حيرة من أمرها.
فهل يتعين عليها أن تعطي الميديا للرياضة النسائية نفس مساحة التغطية التي تمنحها لمسابقات الرجال أم تكتفي بالتعامل مع مسابقات المرأة باعتبارها عنصرا احتياطياً لسد الفراغات. 
تقول الكاتبة تشارلوت توبيت في تقرير نشره موقع «برس جازيت» إن الصحف والمجلات ومحطات التلفزيون عليها أن تقرر بنفسها: هل تمنح رياضة المرأة أقساماً منفصلة لضمان تغطيات متساوية مع الرجال أم تكتفي بقسم واحد للرياضة من دون منح الرجال أفضلية تمييزية في التغطية. لكن المشكلة هنا أن معظم محرري الرياضة رجال، وكذلك نسبة كبيرة من الجمهور، بالتالي ربما يصعب على النساء أن يجدن التمثيل العادل لهن في هذه التغطيات.
ويقترح تقرير إندرز أناليشن أن قسما منفصلا للرياضة النسائية، يمنحها مساحة للازدهار، بعيداً عن الاندماج الكامل.
وقد كانت صحيفة التليجراف سباقة في هذا الصدد، حيث خصصت قسما خاصا للرياضة النسائية في 2019، وبحسب الأرقام أثبت القسم نجاحه، فالتعليقات على الأخبار المنشورة في القسم أعلى بنسبة 50 في المئة من بقية الأقسام في الصحيفة.

انفعالات النجمات.. دراما عاطفية تلهب حماس الميديا والجمهور
تلهث الصحافة الغربية وراء تغطية الأحداث الرياضية النسائية، في إطار تركيزها على دعم وتشجيع المرأة والدفاع عن حقوقها ومواجهة أي انتهاكات أو إساءات ضدها.
كما أنها ترى أن لهذه التغطيات جاذبية خاصة عند الجمهور، الذي تبين أنه يبدي قدراً أكبر من التعاطف مع النوبات الانفعالية المتفجرة للاعبات في مختلف الرياضات، عند المكسب أو الخسارة.. فهي على الدوام أقوى بكثير مما تشهده رياضات الرجال. لذلك تتوسع الميديا الغربية في نشر اللقطات ومقاطع الفيديو المميزة جدا للمسابقات النسائية.
وقد أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة إندرز أناليشن للأبحاث التي تغطي صناعة الإعلام والترفية في أوروبا أن ما يسمى بالعلامات التجارية الإخبارية «عالية الجودة» في بريطانيا (مثل التليغراف والتايمز والجارديان وبي بي سي سبورت وسكاي سبورتس) تتقدم على العلامات التجارية «الشعبية» (مثل ميرور وصن وميل وإكسبريس)، في حجم التغطيات الصحفية للرياضة النسائية لكن الأخيرة «تلحق بالركب بسرعة».
وفي عام 2022، استحوذت المقالات الرياضية النسائية على 35% من المساحة المخصصة للرياضة في الصحف المطبوعة عالية الجودة، مقارنة بـ 25% للعلامات التجارية الشهيرة - وكلاهما مرتفع بشكل كبير مقارنة بعام 2019.
وكانت أعلى نسبة من المقالات الرياضية عبر الإنترنت التي تركز على الرياضة النسائية في عام 2022 في «بي بي سي سبورت» تليها الجارديان. وكانت التليغراف في القمة في عام 2021، لكنها انخفضت في العام التالي.

ماذا فعلت «جوجل» لتحقيق التوازن؟
قال موقع ماشابل إن أباطرة التكنولوجيا سعوا قبل بدء البطولة في 20 يوليو الماضي إلى حل مشكلة صارخة في عالم الرياضة: وهي عدم المساواة في فرص مشاهدة مباريات البطولة النسائية وكذلك الوصول إلى التغطيات الإعلامية للمباريات والفرق النسائية. 
وقد أعلنت جوجل قبل انطلاق البطولة عن تحديثات تقنية تساعد المستخدمين في الوصول بسهولة وسرعة إلى التغطيات الخاصة برياضات النساء وخاصة المونديال الأخير.
وقدمت جوجل عبر صفحتها الرئيسية خدمات مميزة للوصول إلى أفضل مقاطع الفيديو وأبرز المشاهد وأهم المباريات والأحداث والأهداف خلال البطولة مع متابعة مكثفة وتفصيلية لكل الفرق ونجماتها وإرسال إشعارات متواصلة بهذه الخدمات للمستخدمين تتضمن أحدث الأخبار والأرقام والإحصائيات من واقع البطولة على مدار الساعة.
وقالت الشركة في بيان: «تقدم نتائج البحث المحتوى المتاح على الويب المفتوح، لذلك لسوء الحظ، في بعض الأحيان يمكن أن تعكس عدم المساواة التي قد تكون موجودة على الإنترنت - وفي المجتمع ككل»، مشيرة إلى التزامها بمعالجة هذا الخلل من خلال التعاون مع منشئي المحتوى وناشري الأخبار لزيادة التغطية الإعلامية للرياضة النسائية.
كما أعلن محرك البحث الشهير أيضاً عن شراكة مع موقع مع The Athletic لتسليط الضوء على اللحظات المهنية لأفضل الرياضيين في العالم، خاصة النساء.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الرياضة النسائية الإعلام الرياضي الإعلام وسائل الإعلام المساواة بين الجنسين منتخب إسبانيا كأس العالم كأس العالم للسيدات

إقرأ أيضاً:

هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط؟.. انتبه لـ10 حقائق

لاشك أن الاستفهام عن هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط ؟، يعد من المسائل التي تلتبس على الكثيرين ، حيث إن من المعروف أن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بغض البصر درءًا للفتن، وتفاديًا للوقوع فيها، وهو ما يطرح السؤال عن هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط ؟.

لماذا جهنم أكثرها نساء؟.. بسبب فعلين حذر منهما النبي وتقع فيهما الزوجات لماذا لعن الله قوما تحكمهم امرأة؟.. الحديث صحيح والإفتاء توضح قصته ومقصده هل غض البصر واجب على النساء 

قال الدكتور أسامة الجندي، أحد علماء وزارة الأوقاف، إن الأمر بغض البصر في القرآن الكريم موجه للذكر والأنثى لحماية المجتمع من الفتن.

وأوضح “ الجندي” في إجابته عن سؤال: هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط ؟، أن قول الله سبحانه وتعالى ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) الآية 30 من سورة النور، يعتبر خطاب إلهي يهدف إلى تعزيز الأخلاق وحماية المجتمع من الفتن.

ونبه إلى أن هذه الآية تدعو المؤمنين إلى استخدام وسائل الإدراك بشكل حكيم، مشيراً إلى أن العين تُعتبر أكثر وسائل الإدراك عرضة للفتن، وغض البصر يُعتبر بمثابة مناعة تحصين ضد الشهوات والمواقف المحرمة، حيث يُدرب الإنسان على تجنب ما يُغضب الله تعالى.

وأشار إلى أن الرسالة إلى كلا الجنسين، حيث يجب على الرجال غض بصرهم، وعلى النساء عدم إبداء زينتهن إلا ما ظهر منها، منوهًا بأن هناك أربعة تصورات تتعلق بغض البصر وإبداء الزينة، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالتعاليم الشرعية.

وأفاد بأن كلمة "يغض" تعني تقليل أو نقص من مجال الرؤية، مما يعكس أهمية أن ينظر الإنسان فقط إلى ما يرضي الله جل وعلا، وأن المؤمنين مطالبون بتحديد حد أدنى لرؤيتهم، حيث يُمنع النظر إلى ما حرمه الله عز وجل.

ما معنى غض البصر

ورد أن غض البصر في اللغة يعني كفه ومنعه من الاسترسال في التأمل والنظر . ويقول ابن فارس في “معجم مقاييس اللغة” (4/307) : ” الغين والضاد ، يدلُّ على كفٍّ ونَقْص، (مثل) غضُّ البصر ، وكلُّ شيءٍ كففتَه فقد غَضَضْته ” انتهى .

ويقول ابن منظور في “لسان العرب” (7/196) : ” وغَضَّ طَرْفَه وبَصره : كفَّه وخَفَضَه وكسره . وقيل : هو إِذا دانى بين جفونه ونظر ” انتهى. 

ويشمل في الشرع أمورا عدة :

1- غض البصر عن عورات الناس ، ومن ذلك زينة المرأة الأجنبية .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “مجموع الفتاوى” (15/414) :

” والله سبحانه قد أمر فى كتابه بغض البصر وهو نوعان : غض البصر عن العورة . وغضه عن محل الشهوة . فالأول كغض الرجل بصره عن عورة غيره .

وأما النوع الثاني من النظر كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية ، فهذا أشد من الأول ، كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير ، وعلى صاحبها الحد … لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر ” انتهى .

2- غض البصر عن بيوت الناس وما أغلقت عليه أبوابهم :

يقول ابن تيمية “مجموع الفتاوى” (15/379) : ” وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر إلى المحرمات ، فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس ، فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه ، وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان ، وذلك أن البيوت سترة كالثياب التى على البدن ” انتهى .

ويقول ابن القيم رحمه الله في “مدارج السالكين” (1/117) : ” ومن النظر الحرام النظر إلى العورات ، وهي قسمان : عورة وراء الثياب . وعورة وراء الأبواب ” انتهى .

3- غض البصر عما في أيدي الناس من الأموال والنساء والأولاد والمتاع ونحوها .

قال تعالى : ( لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الحجر/88 قال ابن سعدي في “تفسيره” (434) : ” أي: لا تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك بشهوات الدنيا التي تمتع بها المترفون ، واغترَّ بها الجاهلون ، واستغن بما آتاك الله من المثاني والقرآن العظيم ” انتهى .

وقال أيضا (ص/516) : ” أي : لا تمد عينيك معجبا ، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والمُمَتَّعين بها ، من المآكل والمشارب اللذيذة ، والملابس الفاخرة ، والبيوت المزخرفة ، والنساء المجملة ، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا ، تبتهج بها نفوس المغترين ، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين ، ويتمتع بها – بقطع النظر عن الآخرة – القوم الظالمون ، ثم تذهب سريعا ، وتمضي جميعا ، وتقتل محبيها وعشاقها ، فيندمون حيث لا تنفع الندامة ، ويعلمون ما هم عليه إذا قدموا في القيامة ، وإنما جعلها الله فتنة واختبارا ، ليعلم من يقف عندها ويغتر بها ، ومن هو أحسن عملا ” انتهى .

هل غض البصر للرجال فقط

ورد أن النظر إلى عورات النساء الأجنبيات محرم ولو كان بدون شهوة، واستثنى أهل العلم من ذلك حالات الضرورات أو الحاجات المعتبرة ككشف الطبيب على المرأة التي لا تجد طبيبة تكشف عليها.

قال ابن قدامة في المغني : ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر أي للخاطب إلى وجهها وذلك لأنه ليس بعورة وهو مجمع المحاسن، وموضع النظر ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة..... ويباح للطبيب النظر إلى ما تدعو إليه الحاجة من بدنها... وللشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها... وإن عامل امرأة في بيع أو إجارة فله النظر إلى وجهها ليعلمها بعينها فيرجع عليها بالدرك، وقد روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز، ولعله كرهه لمن يخاف الفتنة أو يستغني عن المعاملة، فأما مع الحاجة وعدم الشهوة فلا بأس. اهـ

وقال النووي : ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها، أو شراء الجارية، أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك، وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد. والله أعلم.اهـ.

ويحرم نظر الوجه بشهوة وعند خوف الفتنة عند من يقول إنه ليس بعورة، وكذا نظر المستور من جسمها بشهوة.

قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد: وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة. انتهى كلامه.

وقال ابن تيمية: اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِشَهْوَةِ. انتهى.

وقال الشربيني: أما النظر بشهوة فحرام قطعا لكل منظورإليه من محرم وغيره غير زوجته وأمته. اهـ

وذهب بعضهم إلى منع النظر مطلقا لوجه الأجنبية إن كانت ممن يشتهى عادة، وذهب بعضهم للكراهة.

قال ابن حجر الهيتمي في التحفة: ويحرم نظر فحل ...(بالغ)... عاقل مختار إلى عورة حرة... (كبيرة) ولو شوهاء بأن بلغت حداً تشتهى فيه لذوي الطباع السليمة لو سلمت من مشوه بها كما يأتي (أجنبية)، وهي ما عدا وجهها وكفيها بلا خلاف لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النــور: 30]، ولأنه إذا حرم نظر المرأة إلى عورة مثلها كما في الحديث الصحيح فأولى الرجل، (وكذا وجهها) أو بعضه ولو بعض عينها، أو من وراء نحو ثوب يحكي ما وراءه (وكفها)، أو بعضه أيضا وهو من رأس الأصابع إلى الكوع (عند خوف الفتنة) إجماعاً من داعية نحو مس لها، أو خلوة بها وكذا عند النظر بشهوة بأن يلتذ به، وإن أمن الفتنة قطعاً (وكذا عند الأمن من الفتنة) فيما يظنه من نفسه وبلا شهوة (على الصحيح). اهـ.

وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وأكثر الأصحاب: أنه لا يجوز للرجل النظر إلى غير من تقدم ذكره، فلا يجوز له النظر إلى الأجنبية قصداً، وهو صحيح، وهو المذهب، وجوز جماعة من الأصحاب: نظر الرجل من الحرة الأجنبية إلى ما ليس بعورة صلاة، وجزم به في المستوعب في آدابه، وذكره الشيخ تقي الدين رواية. قال القاضي: المحرم ما عدا الوجه والكفين. وصرح القاضي في الجامع: أنه لا يجوز النظر إلى المرأة الأجنبية لغير حاجة. ثم قال: النظر إلى العورة محرم وإلى غير العورة: مكروه. وهكذا ذكر ابن عقيل، وأبو الحسين، وقال أبو الخطاب: لا يجوز النظر لغير من ذكرنا، إلا أن القاضي أطلق هذه العبارة. وحكى الكراهة في غير العورة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: هل يحرم النظر إلى وجه الأجنبية لغير حاجة؟ رواية عن الإمام أحمد: يكره ولا يحرم. وقال ابن عقيل: لا يحرم النظر إلى وجه الأجنبية إذا أمن الفتنة. انتهى قلت: وهذا الذي لا يسع الناس غيره، خصوصاً للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم. انتهى.

وقال الدسوقي في حاشيته: والحاصل أن العورة يحرم النظر إليها ولو بلا لذة. ... قوله: غير الوجه والكفين أي وأما هما فغير عورة يجوز النظر إليهما ولا فرق بين ظاهر الكفين وباطنهما بشرط أن لا يخشى بالنظر لذلك فتنة، وأن يكون النظر بغير قصد لذة وإلا حرم النظر لهما وهل يجب عليها حينئذ ستر وجهها ويديها وهو الذي لابن مرزوق قائلاً إنه مشهور المذهب أو لا يجب عليها ذلك وإنما على الرجل غض بصره وهو مقتضى نقل المواق عن عياض، وفصل زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها وغيرها فيستحب. انتهى.

فوائد غض البصر 

يذكر العلماء في فوائد غض البصر أمورا كثيرة ، منها ما قاله ابن القيم رحمه الله في “الجواب الكافي” (125) ورد أن الله سبحانه وتعالى قد أمر المؤنين في كتابه العزيز بغض البصر ، وذلك لما له من فوائد عدة ، وهي: 

الأولى: أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده ، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى ، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره ، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره .

الثانية : أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذى لعل فيه هلاكه إلى قلبه .

الثالثة : أنه يورث القلب أنسا بالله ، وجمعية على الله ، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده من الله ، وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر ، فانه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه .

الرابعة : أنه يقوي القلب ويفرحه ، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه .

الخامسة : أنه يكسب القلب نورا ، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة ، ولهذا ذكر سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر ، فقال : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) النور/30 ثم قال إثر ذلك : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) النور/35 أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه ، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب ، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان ، فما شئت من بدعة وضلالة واتباع هوى واجتناب هدى وإعراض عن أسباب السعادة واشتغال بأسباب الشقاوة ، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب ، فإذا فقد ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام .

السادسة : أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل والصادق والكاذب ، … والله سبحانه يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، فإذا غض بصره عن محارم الله عوضه الله بأن يطلق نور بصيرته ، عوضة عن حبسه بصره لله ، ويفتح له باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة الصادقة المصيبة ، التي إنما تنال ببصيرة القلب ، وضد هذا ما وصف الله به اللوطية من العمه الذي هو ضد البصيرة فقال تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الحجر/72

السابعة : أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة ، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقوة ، كما في الأثر : ( الذي يخالف هواه يفر الشيطان من ظله ) ومثل هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها ، ما جعله الله سبحانه فيمن عصاه ، كما قال الحسن : ( إنهم وإن طقطقت بهم البغال ، وهملجت بهم البراذين ، فإن المعصية لا تفارق رقابهم ، أبى الله إلا أن يذل من عصاه ) .

وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته ، والذل قرين معصيته ، فقال تعالى : ( ولِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) المنافقون/8 ، وقال تعالى : ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) آل عمران/139 ، والإيمان قول وعمل ، ظاهر وباطن ، وقال تعالى : ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) فاطر/10 ، أي من كان يريد العزة فليطلبها بطاعة الله وذكره ، من الكلم الطيب والعمل الصالح ، وفي دعاء القنوت : ( إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ) ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه ، وله من العز بحسب طاعته ، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه ، وله من الذل بحسب معصيته .

الثامن : أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب ، فإنه يدخل مع النظرة ، وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهوى في المكان الخالي ، فيمثل له صورة المنظور إليه ، ويزينها ويجعلها صنما يعكف عليه القلب ، ثم يَعِدُهُ ويُمَنِّيه ، ويوقد على القلب نار الشهوة ، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة ، فيصير القلب في اللهب ، فمن ذلك اللهب تلك الأنفاس التي يجد فيها وهج النار ، وتلك الزفرات والحرقات ، فإن القلب قد أحاطت به النيران بكل جانب ، فهو في وسطها كالشاة في وسط التنور ، لهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة أن جُعل لهم في البرزخ تنورٌ من نار .

التاسع : أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها ، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول عليه بينه وبينها ، فتنفرط عليه أموره ، ويقع في اتباع هواه ، وفي الغفلة عن ذكر ربه ، قال تعالى : ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ) الكهف/28

العاشر : أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما عن الآخر ، وأن يصلح بصلاحه ويفسد بفساده ، فإذا فسد القلب فسد النظر ، وإذا فسد النظر فسد القلب ، وكذلك في جانب الصلاح ” انتهى .

 

مقالات مشابهة

  • «ملكات» أشباه الرجال!؟ لو أحبتك «٢»
  • وزارة الشباب والرياضة تبحث مع منظمة العمل الدولية سبل التعاون المشترك
  • وزارة الشباب والرياضة ومنظمة العمل الدولية يبحثان سبل التعاون المشترك
  • جهاز التنمية: نركز على مشروعات الشباب والمرأة في المحافظات الحدودية والصعيد
  • أحمد بدوي: خلق الله الحريم ليصرفون أموال الرجال لأنها خُلقت للرفاهية .. فيديو
  • طارق فهمي: الميديا تحرك الانتخابات الأمريكية
  • برعاية وزير الرياضة.. 7 دول تعلن مشاركتها في البطولة العربية للجيت كوني دو بالقاهرة
  • كرة القدم النسائية| مدرب فريق المسار: حلم البطولة في دوري إفريقيا هدفنا
  • هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط؟.. انتبه لـ10 حقائق
  • حكم الحب العفيف بين الرجل والمرأة.. كيف يراه الشرع في عيد الحب؟