استعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عددًا من التقارير الدولية التي ترصد التطورات السريعة التي تشهدها التجارة العالمية، ومنها تقارير منظمة التجارة العالمية ووكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني.

وسلط تقرير منظمة التجارة العالمية والذي جاء بعنوان "توقعات التجارة العالمية والإحصاءات - أبريل 2025"، الضوء على التدهور الحاد في توقعات التجارة العالمية لعام 2025 بسبب تصاعد الرسوم الجمركية وحالة عدم اليقين في السياسات التجارية، مع تحذير من أن هذه التطورات تهدد بنمو سلبي في تجارة السلع، وتباطؤ في تجارة الخدمات، وتفاوت في التأثير بين المناطق، خاصةً على الدول الأقل نموًا، مما يعكس اتجاهًا عامًا نحو تراجع الانفتاح التجاري العالمي.

وأوضح التقرير أن توقعات التجارة العالمية تدهورت في عام 2025 نتيجة موجة الرسوم الجمركية الجديدة، وتصاعد حالة عدم اليقين في السياسات التجارية، مما أدى إلى تعديل توقعات نمو حجم تجارة السلع من نمو بنسبة 2.7% إلى نمو بنسبة 2.5%، ما يعني انكماش بمقدار 0.2 نقطة مئوية.

وتوقعت المنظمة - في تقريرها - تعافيًا جزئيًا في عام 2026 مع نمو قدره 2.5%، إلا أن هذه الأرقام تمثل تراجعًا حادًا مقارنة بتوقعات بداية العام التي كانت تفترض استمرار النمو بدعم من تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية.

وأكد التقرير أن فرض الرسوم "المتبادلة" من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، رغم تعليقها مؤقتًا، قد يؤدي إلى خفض إضافي في نمو التجارة العالمية بنسبة 0.6 نقطة مئوية، بينما يمكن لتزايد حالة عدم اليقين أن يخفض النمو بنسبة 0.8 نقطة .. وفي حال تحقق كلا السيناريوهين سيؤدي ذلك إلى انخفاض بنسبة 1.5% في حجم تجارة السلع عالميًا في عام 2025، مع تبعات سلبية خاصةً على البلدان الأقل نموًا.

وسجلت التجارة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين تحولات كبيرة من شأنها إحداث إعادة توجيه للتدفقات التجارية عالميًّا، فقد يؤدي انخفاض واردات الولايات المتحدة الأمريكية من الصين في مجالات مثل: المنسوجات والمعدات الكهربائية إلى فتح فرص تصديرية جديدة لدول أخرى، لاسيما الدول الأقل نموًا التي تمتلك هياكل تصدير مماثلة للصين، وفي المقابل، يُتوقع أن ترتفع صادرات الصين إلى بقية العالم بنسبة تتراوح بين 4% و9%.

ونوه بأنه رغم التجارة في الخدمات ليست خاضعة مباشرةً للرسوم الجمركية، فإنها تتأثر بشكل غير مباشر من خلال انخفاض الطلب على الخدمات المرتبطة بالبضائع، كالنقل واللوجستيات، بالإضافة إلى تراجع الإنفاق على السفر والخدمات المرتبطة بالاستثمار.. ونتيجة لذلك، تم تعديل توقعات نمو التجارة في الخدمات التجارية إلى 4.0% في عام 2025 و4.1% في عام 2026، مقابل التقديرات السابقة التي بلغت 5.1% لعام 2025 و4.8% لعام 2026.

يذكر أن تجارة السلع العالمية كانت قد شهدت نموًا في عام 2024 بنسبة 2.9%، بينما ارتفعت تجارة الخدمات التجارية بنسبة 6.8%، وبلغت قيمة صادرات السلع عالميًا 24.43 تريليون دولار، فيما بلغت صادرات الخدمات 8.69 تريليون دولار، وشهدت صادرات آسيا أداءً قويًّا فاق التوقعات، في حين سجلت أوروبا انخفاضًا في الصادرات والواردات، مما أثر على الأرقام الإجمالية.

وأفاد التقرير بأن الدول الأقل نموًا سجلت ارتفاعًا في صادراتها بنسبة 5% في عام 2024 بعد انكماش في عام 2023، وارتفعت وارداتها بنسبة 3% لتصل إلى 349 مليار دولار، متوقعًا أن تستفيد هذه الدول من التحولات في التجارة العالمية خلال 2025، مع ارتفاع صادراتها بنسبة 4.8% وفق التوقعات المعدلة، خاصةً في قطاعات المنسوجات والإلكترونيات.

كما توقع أن يؤدي ارتفاع الرسوم الجمركية إلى تأثيرات متفاوتة إقليميًّا، حيث يتوقع أن تُسهم أمريكا الشمالية سلبًا في نمو تجارة السلع في عام 2025 بنحو -1.7 نقطة مئوية، وتبقى مساهمات آسيا وأوروبا إيجابية لكنها أقل من السيناريو الأساسي، أما باقي المناطق مثل إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية فحافظت على مساهمات إيجابية طفيفة؛ نتيجة استمرار الطلب على منتجات الطاقة.

وفيما يتعلق بالخدمات، أوضح التقرير أنه من المتوقع أن يسجل قطاع النقل أبطأ نمو بسبب انخفاض الطلب العالمي، مع تسجيل نمو نسبته 0.5% فقط في 2025، وفيما يتعلق بـ"السفر"، فيتوقع أن يسجل نموًا قدره 2.6%، في حين تبقى الخدمات الرقمية من بين القطاعات الأقل تضررًا، مع نمو متوقع بنسبة 5.6%. ومع ذلك، تظهر فروقات إقليمية واضحة، حيث من المتوقع أن تسجل أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية أضعف أداء.

وأشار إلى أن التوترات الجيوسياسية وارتفاع الحواجز التجارية تشكل عائقًا أمام استمرار زخم التجارة العالمية، ورغم وجود عوامل إيجابية مثل: انخفاض التضخم وزيادة الدخل الحقيقي، فإن هذه المكاسب يمكن أن تتلاشى بسبب ارتفاع القيود التجارية.. وتشير النماذج الاقتصادية إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار المحلية، وانخفاض القدرة التنافسية، وتغيرات في ميزان التجارة الخارجي والقطاعات المتأثرة بشكل متفاوت.

في السياق، استعرض مركز معلومات مجلس الوزراء تقرير وكالة (فيتش) الذي جاء بعنوان "التوقعات الاقتصادية العالمية-أبريل 2025".

وأوضح تقرير “فيتش” أن التخفيضات الحادة في توقعات النمو الاقتصادي العالمي لعام 2025 بسبب التصعيد الكبير في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، إذ تم خفض توقعات النمو العالمي لأقل من 2%، وهو الأضعف منذ عام 2009 باستثناء فترة الجائحة، وذلك في ظل ارتفاع الرسوم الجمركية المتبادلة بين أكبر اقتصادين في العالم إلى مستويات قياسية تجاوزت 100%، ما أدى إلى صدمة تضخمية في الولايات المتحدة الأمريكية وتراجع الاستثمار وضعف في التجارة العالمية. 

وأشار التقرير إلى أن الوكالة خفّضت توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2025 بنسبة 0.4 نقطة مئوية، مع تقليص توقعات النمو لكل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 0.5 نقطة مئوية مقارنةً بتوقعاتها السابقة في مارس 2025. 

وعلى الرغم من أن توقعات نمو الاقتصاد الأمريكي بحسب الوكالة لا تزال إيجابية عند 1.2%، إلا أنه سيتباطأ بشكل ملحوظ ليصل إلى 0.4% فقط على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2025، ومن المتوقع أن ينخفض نمو الصين إلى أقل من 4% هذا العام والعام المقبل، بينما سيظل نمو منطقة اليورو دون 1%، في حين يُتوقع أن يهبط النمو العالمي لأقل من 2%، وهو الأضعف منذ عام 2009 باستثناء فترة جائحة "كوفيد-19".

وأشار التقرير إلى أن زيادات الرسوم الجمركية التي أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية فيما سُمّي بـ"يوم التحرير" جاءت أسوأ بكثير من المتوقع، ورغم أنه تم تعليقها لاحقًا واستبدالها بنسبة موحدة 10% لمدة 90 يومًا، فإن الصدمة دفعت الصين إلى سلسلة من الإجراءات، مما رفع الرسوم الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من 100%، كما ارتفع متوسط المعدل الفعلي للرسوم الجمركية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 23%، وهو الأعلى منذ عام 1909، متجاوزًا التقدير السابق البالغ 18%. 

وبينما تظل السياسة التجارية الأمريكية صعبة التنبؤ، تفترض وكالة (فيتش) بقاء معدل الرسوم الجمركية على الصين فوق 100% لفترة، قبل أن ينخفض إلى 60% العام المقبل، في حين تُبقي تقديرها عند متوسط يبلغ 15% على باقي الشركاء التجاريين.

ولفت تقرير (فيتش) إلى أن تصعيد الرسوم سيؤدي إلى تراجع كبير في تدفقات التجارة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ومع غياب بدائل فورية للاستيراد أو التحول التجاري، يُتوقع أن يتعرض الاقتصاد الأمريكي لصدمات عرض سلبية حادة. لذلك، رفعت "فيتش" توقعاتها لمعدل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أكثر من 4%.

وأوضح التقرير أيضًا أن حالة عدم اليقين تتسبب في تراجع استثمارات الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية، كما يؤثر تراجع أسعار الأسهم على ثروات الأسر، وسيتعرض المصدرون الأمريكيون لخسائر جراء ردود فعل الشركاء التجاريين.

ورغم أن اقتصاد الصين شهد نموًا أسرع من المتوقع في العام الماضي، فإن التجارة الصافية شكلت ثلث هذا النمو، وهو ما سيتراجع بشدة مع تعثر المصدرين في إعادة توجيه مبيعاتهم، بالإضافة إلى ذلك، فبينما يستمر الركود في سوق البناء في الصين، بجانب ضغوط انكماشية، وتتوقع (فيتش) تكثيف التيسير المالي والنقدي.

وتتوقع (فيتش) - في تقريرها - أن تعيد الحكومة الأمريكية تدوير بعض إيرادات الرسوم الجديدة إلى الاقتصاد خلال 18 شهرًا عبر تخفيضات ضريبية محتملة، ومع ذلك، فإن تباطؤ أكبر اقتصادين في العالم سيفرض آثارًا سلبية على الاقتصاد العالمي، وهو ما انعكس في التخفيضات الواسعة لتوقعات النمو في مختلف المناطق.

كما أنها لا تزال تتوقع أن يبقي "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي على أسعار الفائدة حتى الربع الأخير من العام الجاري قبل خفضها رغم تباطؤ النمو؛ حيث شهدت أسعار الواردات ارتفاعًا، كما زادت توقعات الأسر الأمريكية للتضخم على المدى المتوسط بشكل مقلق في الشهرين الماضيين، وفي المقابل، أدى تراجع الدولار الأمريكي إلى مساحة أكبر أمام البنوك المركزية الأخرى لتيسير السياسات النقدية؛ مما دفع "فيتش" لتوقّع خفض أكبر للفائدة من قبل "البنك المركزي الأوروبي" والبنوك المركزية في الدول الناشئة.

وأشار التقرير إلى أن "فيتش" ترى أن خفض توقعات سعر نفط برنت إلى 65 دولارًا سيساهم في دعم تيسير السياسات النقدية خارج الولايات المتحدة الأمريكية في ظل تباطؤ النمو.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء التجارة العالمية منظمة التجارة العالمية وكالة فيتش للتصنيف الائتماني

إقرأ أيضاً:

الصين: نرفض أي اتفاقات أمريكية على حساب مصالحنا..ومستعدون لمواجهة التنمر الاقتصادي

أعربت الصين عن رفضها القاطع لأي اتفاقات تُبرم بين الولايات المتحدة ودول أخرى، إذا ما جاءت هذه الاتفاقات على حساب المصالح الصينية، مؤكدة عزمها التصدي لأي ممارسات تصفها بـ"التنمر الاقتصادي" من جانب واشنطن. 

وجاءت هذه التصريحات على لسان وزارة التجارة الصينية، في رد واضح على تحركات أمريكية محتملة لعقد صفقات تجارية جديدة مع دول حليفة وسط تصاعد التوترات التجارية مع بكين.

وقالت وزارة التجارة الصينية، في بيان نُقل عن وكالة "رويترز"، إن بكين "تعارض بشدة توصل أي طرف إلى اتفاق مع الجانب الأمريكي بشأن الرسوم، إذا كان ذلك يتم على حساب الصين"، مشددة على أن الصين "عازمة وقادرة على حماية حقوقها ومصالحها"، خصوصًا في ظل الأزمة القائمة حول الرسوم الجمركية.

توتر جديد في بحر الصين الجنوبي.. بكين تتهم الفلبين بانتهاك سيادتها البحريةتقرير: الصين تخطط لـ «ضرب» رسوم ترامب الجمركية باتفاق مع أوروبارئيس الوزراء الكندي: الصين أكبر تهديد جيوسياسي لناالرئيس الأوكراني: شركات صينية تساهم في إنتاج صواريخ إسكندر الروسيةالصين توقف جميع مشتريات الغاز الطبيعي المسال من أمريكاالصين لـ أمريكا : سنتخذ التدابير اللازمة للدفاع عن حقوقنا ومصالحنا المشروعةترامب: سنؤجل صفقة تيك توك حتى حل الخلاف التجاري مع الصينبوادر تراجع بعد الخلاف الطويل .. ترامب: سنعقد اتفاقا جيدا مع الصين

وأكّدت الوزارة في بيانها على أهمية اللجوء إلى الحوار لحل الخلافات الاقتصادية والتجارية مع الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن موقف بكين الدائم يقوم على "حل النزاعات عبر التفاوض والاحترام المتبادل"، لكنها في الوقت ذاته أوضحت أن الصين لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي خطوات عدائية تمس سيادتها الاقتصادية أو تضر بمكانتها التجارية.

وفيما اعتبرت وزارة التجارة، أن واشنطن تمارس "ضغوطًا غير مبررة" عبر آليات الرسوم الجمركية، عبّرت عن استعدادها للتعاون مع جميع الأطراف الدولية "لمواجهة التنمر الأمريكي في المجال الاقتصادي"، في إشارة إلى سعي إدارة الرئيس دونالد ترامب لإعادة تشكيل منظومة التجارة العالمية بشكل يضع الولايات المتحدة في موقع أكثر تفوقًا، حتى لو جاء ذلك على حساب شركاء رئيسيين مثل الصين.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تتكثف فيه المحادثات الأمريكية مع عدد من الحلفاء التجاريين، لا سيما في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تسعى واشنطن لإبرام اتفاقات تقلل من الاعتماد العالمي على سلاسل التوريد الصينية، وتعيد توجيه الاستثمارات نحو أسواق أخرى. وقد أثار هذا النهج غضب الصين التي ترى فيه استهدافًا مباشرًا لها ومحاولة لعزلها اقتصاديًا.

مقالات مشابهة

  • النفط يصعد بعد فرض عقوبات على إيران وانخفاض المخزونات الأمريكية
  • «معلومات الوزراء» يستعرض أحدث تقارير المؤسسات الدولية حول حركة التجارة وتوقعات النمو العالمي
  • «كجوك»: التغيرات المقبلة في التجارة العالمية تجعل أفريقيا وجهة مثالية للاستثمارات الأجنبية المباشرة
  • تقارير دولية: تصاعد التوترات التجارية يهدد الاقتصاد العالمي في 2025 وتوقعات بتباطؤ النمو إلى أدنى مستوياته منذ 2009
  • الوزراء يستعرض أحدث التقارير حول حركة التجارة وتوقعات النمو العالمي
  • وزير الخارجية: حريصون على توطيد التعاون الاقتصادي والاستثماري مع الولايات المتحدة
  • وزير الخاريجة: حريصون على توطيد التعاون الاقتصادي والتجاري مع الولايات المتحدة
  • تراجع حاد في السياحة الأمريكية بسبب المخاوف الأمنية
  • الصين: نرفض أي اتفاقات أمريكية على حساب مصالحنا..ومستعدون لمواجهة التنمر الاقتصادي