منال الشرقاوي تكتب: مسلسل «Adolescence» دراما تحاكم المجتمع
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
كنت أنوي الكتابة عن المسلسل من زاوية فنية خالصة؛ عن الأرقام القياسية التي حققها في نسب المشاهدة خلال وقت وجيز، عن براعة الكاميرا في تقنية الـ"وان شوت" التي خلقت تواصلًا بصريًا حيًا مع المشاهد، عن الأداء التمثيلي الذي تجاوز حدود النص، وعن الإخراج الذي التقط اللحظة قبل أن تنفلت.
لكن قلبي سبق قلمي،
فوجدت نفسي لا أكتب عن "نجاح عمل" فقط، وإنما عن قيمة أبعد من الأرقام.
لا أتوقف عند "مشهد جميل"، وإنما أتتبع أثرًا تركه في الوجدان ولا يزال حاضرًا.
وجدتني أقرأ المسلسل من منظور تربوي، قبل أن أقرأه بعين ناقدة.
رأيت في المراهقين الذين على الشاشة، وجوهًا حقيقية نراها كل يوم في بيوتنا ومدارسنا وشوارعنا.
في زمن تتسابق فيه المسلسلات على اقتناص انتباه المشاهد، نجح هذا العمل في الرهان على الحصان الذي غالبًا ما يخشاه صناع الدراما: المراهقة.
ليست كل جريمة نهاية قصة، أحيانًا، تكون الجريمة بداية لأسئلة أكبر بكثير من القاتل والمقتول، هكذا يفتتح مسلسل Adolescence حكايته، بجريمة مروعة يرتكبها فتى في الثالثة عشرة من عمره، لكنها ليست سوى البوابة إلى عوالم داخلية معقدة.
فقد يبدو للوهلة الأولى أن المسلسل يقدم دراما ذات طابع بوليسي، لكن سرعان ما يتضح أن ما يُروى ليس عن الجريمة، وإنما عن السياقات التي سمحت لها أن تحدث.
الثيمة الأعمق هنا هي العزلة الرقمية، وكيف يمكن لطفل أن يضيع أمام أعين الجميع وهو متصل دائمًا، كيف أصبح الإنترنت وطنًا بديلًا للمراهقين حين غابت الأسرة والمدرسة عن احتضانهم.
يعالج المسلسل ببراعة مفهوم "الذكورة السامة"، ليس من خلال الخطاب المباشر أو التلقين، وإنما عبر تتبع التغير التدريجي في شخصية البطل "جيمي".
فتى يعاني من قلق داخلي، يبحث عن صورة لذاته في مرآة معطوبة، ويتلقى وابلًا من الرسائل الرقمية التي تشكل وعيه دون رقابة أو حوار.
جيمي ليس شريرًا، لكنه ضحية لفجوة بين الواقع والواقع الافتراضي؛ حيث تتحول مفاهيم القوة والقبول إلى معايير مشوهة تفرض عبر ضغط الأقران الرقمي.
المسلسل يدين فشل الأسرة والمدرسة في لعب دور الحامي والموجه، فرغم أن جيمي ينشأ في بيت محب، إلا أن الحوار الحقيقي غائب، واليقظة العاطفية مؤجلة.
المدرسة، بدورها، تبدو مشغولة بالإدارة اليومية، غافلة عن مراهقين يتشكل وعيهم في أماكن أخرى لا يراها الكبار.
هذا الإخفاق المؤسسي لا يقدم بتجريم مباشر، وإنما كصورة متكررة لأب يحاول، لكن لا يرى، ومدرسة تحاول، لكن لا تسمع.
وكأن الرسالة تقول إن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي حين تكون أدوات التواصل مفقودة.
يتعمق المسلسل أكثر من خلال اعتماده على أسلوب السرد المتعدد؛ إذ تروى كل حلقة من منظور مختلف: الأسرة، الشرطة، الطبيب النفسي، والأصدقاء، هذا التنوع يقدم رؤية فسيفسائية دقيقة لأثر العزلة الرقمية، حيث تتكامل الأصوات لتشكل صورة شاملة لأزمة جيل بأكمله.
فنحن لا نرى جريمة، وإنما سلسلة من الفراغات، كل واحدة منها تساهم في صنع النتيجة النهائية.
من أبرز ما يميز مسلسل Adolescence هو تسليطه الضوء على التناقض العميق بين الارتباط الرقمي والانفصال الاجتماعي.
فالمراهقون في هذا العمل لا يفتقرون إلى الاتصال؛ على العكس تمامًا، فهم يغرقون فيه، لكنهم يفتقرون إلى الحضور الحقيقي، إلى من يُصغي، لا من يراقب.
"Adolescence" مسلسل يخلخل يقيننا اليومي ويعيد توجيه البوصلة نحو جيل يعيش في عزلة مزدحمة بالضجيج الرقمي.
هو تذكير صارخ بأن الاتصال الدائم لا يعني الحضور، وأن المراقبة لا تعني الرعاية.
في كل مشهد نواجه حقيقة مريرة، هناك مراهقون يتشكل وعيهم في فراغ، تعيد صياغتهم خوارزميات بلا قلب، وتهملهم مؤسسات فقدت قدرتها على الإصغاء.
حتى أدوات الإخراج لم تكن عبثية؛ فـتقنية الـ"وان شوت" تجاوزت حدود الإبهار البصري، ونجحت في إيصال عزلة جيمي إلى المشاهد بصدق مباشر، دون فواصل أو فلاتر.
المسلسل لا يُنهي الحكاية، وإنما يفتح نقاشًا نحتاجه بشدة.
لأن السؤال الأصعب لم يعد: ماذا فعل الطفل؟
بل: أين كنا نحن حين كان يبحث عمن يسمعه؟
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
رانيا يوسف تتصدر تريند جوجل بعد تصريحاتها في برنامج "كلام الناس" مع الإعلامية ياسمين عز
تصدرت الفنانة رانيا يوسف تريند جوجل، بعد ظهورها في برنامج "كلام الناس" الذي تقدمه الإعلامية ياسمين عز، حيث تحدثت خلال اللقاء عن مشاركتها في مسلسل "نص الشعب اسمه محمد"، والذي حقق نجاحًا لافتًا أثناء عرضه في رمضان الماضي.
تصريحات رانيا يوسف
وأعربت رانيا يوسف عن سعادتها الكبيرة بالردود الإيجابية التي وصلتها حول العمل، وخاصة عن شخصيتها في المسلسل، وقالت: "أنا مبسوطة الحمد لله، رد الفعل كان كويس أوي على المسلسل ودوري بالتحديد".
وكشفت رانيا يوسف أن المسلسل عُرض عليها قبل 3 أو 4 سنوات، ووافقت عليه فورًا بسبب فكرته المختلفة، التي تعتمد على البطولة الجماعية وروح الفريق، مشيرة إلى أن السيناريو الذي كتبه محمد رجاء جذبها من أول وهلة، وأضفى على العمل نكهة خفيفة وممتعة.
وأضافت: "المشروع جالي من نحو 3 أو 4 سنين، وعجبتني فكرة إنه بطولة جماعية، ومحمد رجاء كاتب سيناريو حلو أوي وشخصيات دمها خفيف".
أما عن شخصية "بطة" التي جسدتها ضمن أحداث المسلسل، فأوضحت رانيا أنها استلهمتها من شخصيات واقعية تقابلها في حياتها اليومية، وأحبت فكرة أن تكون امرأة قوية وذكية قادرة على استرداد حقها بطريقة ذكية.
وأكدت: "لما قريت كل المواقف اللي بنعملها في محمد اتبسطت أوي إن احنا كستات بناخد حقنا من محمد وأحمد ومحمود أو أي حد، الستات طبعًا كيدهن عظيم لما تحط حاجة في دماغها، ولما تحس إن الراجل ظالمها بتاخد حقها لما تشغل دماغها".
وتحدثت أيضًا عن الجانب الشكلي للشخصية، قائلة إنها كانت صاحبة فكرة ارتداء "بطة" للتربون، مشددة على أن الشخصية ليست محجبة لكنها تظهر محتشمة وبألوان مبهجة، وأضافت: "بطة عجبتني وتخيلت لبسها وفكرة التربون كانت فكرتي، هي مش محجبة هي محتشمة مع شوية ألوان، وشقية وعندها ذكاء فطري ومتسلطة ودمها خفيف، وأنا شوفت نموذج الأرشانة دي في حياتي".
أبطال مسلسل "نص الشعب اسمه محمد"
مسلسل "نص الشعب اسمه محمد" جاء في 15 حلقة، وشارك في بطولته عدد كبير من النجوم من بينهم غادة إبراهيم، عصام عمر، مايان السيد، محمد محمود، وغيرهم، وهو من تأليف محمد رجاء، إخراج عبدالعزيز النجار، وإنتاج أمير شوقي.