عربي21:
2025-04-23@07:01:38 GMT

قيس سعيّد وتفجير الدولة من الداخل

تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT

«تفجير الدولة من الداخل» هو الاتهام الذي كثيرا ما ردّده الرئيس التونسي قيس سعيّد ضد معارضيه من بين قائمة طويلة من التهم مثل «التآمر والخيانة والارتماء في أحضان الخارج» وغيرها.

لو أردنا أن نفكّك مثل هذا الاتهام، فلن نجده ينطبق على أحد انطباقه على سعيّد نفسه بسبب ما أقدم عليه هو نفسه من تجريف وتجويف لركائز الدولة حتى غدت تونس صحراء قاحلة تعاني فراغا موحشا.



أولا، قام من خلال انقلابه صيف 2021 على الدستور والنظام السياسي الذي جاء به إلى الرئاسة، بتفجير السلطات المختلفة للدولة فحوّلها بمزاجه الانفرادي الخاص ودستوره، الذي كتبه بنفسه في سابقة عالمية لا مثيل لها، إلى مجرّد وظائف. تحوّلت السلطة التشريعية إلى «الوظيفة التشريعية»، والسلطة القضائية إلى «الوظيفة القضائية»، فبات أعضاء مجلس النواب مجرّد موظفين لديه لتمرير ما يريده، وكذلك القضاة، دون أدنى استقلالية أو شعور بالمسؤولية.

ثانيا، أقدم بعد ذلك على تفجير النخبة السياسية للبلاد وأحزابها من ألوان سياسية متعدّدة، تجلت آخر حلقاته في المحاكمة الأخيرة لقضية ما يعرف بـ«التآمر» والتي صدرت أحكامها الثقيلة والغريبة السبت الماضي لللتخلّص من رموز ديمقراطية، سلمية ومعتدلة. أعقب ذلك اعتقال المحامي والقاضي السابق الشهير أحمد صواب بنفس التهمة. لم يبق في الساحة السياسية من تيارات سوى أنصاره الشعبويين المتحالفين مع ما يسمى «اليسار الوظيفي» من ماركسيين وقوميين أعمتهم أحقادهم المختلفة فلم يروا غضاضة في دعم مشروع استبدادي مخيف.
لا إنجازات أبدا تسجّل للرئيس طوال هذه السنوات فزهاء التسعين بالمائة من وعوده لم تر النور،
ثالثا، عمل على تفجير قوى المجتمع المدني من نقابات وجمعيات مختلفة. نجح في تركيع نقابة العمال الكبرى (الاتحاد العام التونسي للشغل) الذي كان يفتخر منتسبوه بأنهم «أكبر قوة في البلاد» لكنه آثر السلامة بسبب قيادة عليها من المآخذ ما ترتعد لها فرائصها. أما نقابة أرباب العمل (اتحاد الصناعة والتجارة) فيعيش حالة جبن متأصّلة فيه على مر العهود، فيما تعرّضت الجمعيات العاملة في المجال الإنساني والاجتماعي إلى حملة شيطنة وتضييق مصحوبة باتهامات تلقي تمويلات أجنبية فتراجع أداء أغلبها واعتقل الكثير من نشطائها.

رابعا، نجح باقتدار في تفجير الساحة الإعلامية عبر ترهيبها فاختفت المنابر التعددية والجريئة الواحد تلو الآخر، بعد أن زج ببعض الصحافيين المنتقدين في السجن وانسحاب آخرين اتقاء لشرور لم تنفع معها بينات «نقابة الصحافيين» فيتجنّبها. أراد من «السلطة الرابعة» أن تكون «وظيفة إعلامية» هي الأخرى فتبخّرت البرامج السياسية في وسائل الإعلام تاركة المجال لبرامج «مونولوج سياسي» سمجة مع برامج ترفيه تافهة وأخرى لبيع أواني الطبخ، فيما عاد الإعلام العمومي إلى التسبيح بحمد الرئيس لا غير ونقل أنشطته وبياناته وجلّها ساعات الفجر!!

خامسا، نجح في خلق بيئة خانقة لنخبة البلاد الفكرية والجامعية من جهة، وأخرى طاردة لكفاءاتها في مجالات عدة فازدادت أعداد المهاجرين من أطباء وكوادر صحية ومهندسين وغيرهم. سٌدّت الأبواب أيضا في وجه الفئات المهمّشة التي كانت تجد في قوارب الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، خلاصها الوحيد بعد أن أصبحت تونس عمليا حارسة لحدود إيطاليا بعد الاتفاق الذي وقّعه الرئيس مع الاتحاد الأوروبي، فضلا عن القبول بترحيل مذل لتونسيين من أوروبا وإعادتهم على تونس.

وفوق كل ما سبق، لا إنجازات أبدا تسجّل للرئيس طوال هذه السنوات فزهاء التسعين بالمائة من وعوده لم تر النور، وفق جرد دقيق قامت به منظمة «أنا يقظ» المراقبة لأداء السلطة، فضلا عن التردّي الكبير للخدمات العامة المختلفة، حتى باتت جدران المدارس المتداعية تسقط على التلاميذ فتقتلهم. عادة ما «يشفع» للأنظمة المستبدة إنجازاتها أقلّها في تطوير البنية التحتية من جسور وطرقات ونقل عام وبناء مستشفيات، في حين أن النتيجة هي صفر في تونس فلا ديمقراطية ولا تنمية بل المزيد من التداين وتراجع كل مؤشرات الاقتصاد.



أما الشعب فحائر ومنهك، ليس فقط بسبب غلاء المعيشة وتدهور مقدرته الشرائية وغياب الكثير من الأدوية والسلع، وإنما أيضا بسبب ما يراه من عجز شامل على تحسين الأحوال. ظن هذا الشعب أن ثورته عام 2011 ستفتح له أبواب الرخاء فأصيب بخيبة أمل استفحلت أكثر بعد تبدد وهم أن يكون الرئيس هو المنقذ لكنه لم يفعل سوى بعث «شركات أهلية» يلفّها الكثير من الغموض والريبة.
كل ذلك أدّى إلى تراجع مكانة تونس عربيا ودوليا فهذه الأيقونة التي كانت محمّلة بآمال عريضة بعد ثورتها وما فرضته من صيت دولي واسع لم يعد يزورها أحد تقريبا، عدا بعض المسؤولين الجزائريين، ولا رئيسها يزور أحدا أو يحضر مؤتمرات أو لقاءات عربية أو دولية.

وللحقيقة، ما كان للأوضاع أن تصل إلى هذا الدرك لولا حالة الإنهاك والاستسلام التي أصابت شرائح عديدة من المجتمع، ولولا موقف الجيش الذي لم يعد ذاك الجيش الذي عرفته تونس لعقود، ولولا موقف المؤسسة الأمنية التي عادت للتغوّل مرة أخرى، ولولا جوار إقليمي ودولي لم يرتح إلى التجربة الديمقراطية التونسية ولم يعد يهمّه كثيرا إن ازداد الوضع فيها انحدارا.

هل عرفنا الآن كيف ومن فجّر الدولة وحوّلها إلى شظايا؟!

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الدولة التونسي تونس الدولة قيس سعيد مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

«نافح» بطل كأس رئيس الدولة للخيول العربية في تونس

أبوظبي (الاتحاد)
شهد مضمار قصر السعيد الرملي في تونس انطلاقة مبهرة لأولى محطات سلسلة سباقات كأس صاحب السمو رئيس الدولة للخيول العربية الأصيلة بنسختها رقم 32، وسط حضور جماهيري كبير وكرنفال يحتفي بقيمة ومكانة الكأس الغالية.
ونجح الجواد «نافح» في الظفر بلقب كأس رئيس الدولة للخيول العربية، بعد أن خالف كل التوقعات، التي كانت ترشح «الثلاثي» حاتم ولاس فيجاس وخدّام، لتعلن المحطة التونسية عن ولادة بطل جديد، قدم عرضاً قوياً قاده إلى صدارة المجموعة المشاركة عن جدارة واستحقاق والفوز بالسباق الأغلى، الذي أقيم ضمن «الفئة الأولى» لمسافة 2000 متر، وسط مشاركة 15 خيلاً تمثل نخبة مرابط الخيل العربي في تونس وشمال أفريقيا، للخيول من عمر 4 سنوات فما فوق وتبلغ قيمة جوائز السباق «500 ألف دينار تونسي» هي الأغلى بتاريخ السباقات التونسية.
وينحدر البطل «نافح» من نسل «نوريسك الموري - منجادور بنت منجانيت» للمالك خالد بن عثمان، وتحت إشراف المدرب أيمن الجباري، وقيادة الفارس جوزيه سانتياغو، وقطع البطل مسافة السباق بزمن 2:23.03 دقيقة، وبفارق طولين عن لاس فيجاس «باسق الخالدية - عكرمية» لإسطبلات ذات الرمال، فيما جاء بالمركز الثالث حاتم «تي إم فريد تكساس X هيفاء بنت عامر».
وتقام سلسلة سباقات الكأس الغالية بدعم وتوجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، دعماً لخطط صناعة متطورة لسباقات الخيل العربية، ومواصلة دعم الملاك والمربين حول العالم، وتعزيز تربية واقتناء الخيل العربي للحفاظ على الإرث الأصيل.
حضر السباق وتوّج الفائزين، معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، ومعالي عز الدين بن الشيخ، وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري في تونس، بجانب الدكتورة إيمان أحمد السلامي سفيرة الدولة لدى الجمهورية التونسية، وفيصل الرحماني، أمين عام اللجنة العليا المنظمة لسلسلة سباقات كأس رئيس الدولة للخيول العربية الأصيلة، إضافة إلى الحضور الدبلوماسي الرفيع.
من جانبها، قالت الدكتورة إيمان أحمد السلامي: «نتقدم بأسمى آيات الشكر والتقدير للقيادة الرشيدة، وحرصها الدائم على دعم ورعاية مسيرة الكأس الغالية، التي تسهم في تعزيز الدبلوماسية الناعمة، وتوطيد أواصر التعاون وروابط الصداقة مع مختلف الدول، ومن بينها الشقيقة تونس التي قدمت لوحة تنظيمية رائعة وكرنفالاً احتفالياً يعكس المكانة المميزة للحدث».
وأضافت: «فخورون بالنجاحات الكبيرة والأجواء الرائعة، التي شهدتها المحطة الافتتاحية للنسخة الـ32 لكأس رئيس الدولة للخيول العربية الأصيلة، ودورها الكبير في نقل الصورة الرائعة عن موروث الإمارات الأصيل لجماهير تونس، ولكافة الحضور الدبلوماسي، مشيدة بالفعاليات المصاحبة للحدث والمهرجان الرائع، الذي أبرز تراث وثقافة تونس الشقيقة للجميع، كما نُعرب عن سعادتنا بالمكتسبات المهمة، التي تحققها الكأس الغالية في كل عام في تونس، وشهدنا هذا العام تطورات جديدة لهذا المهرجان الكبير، الذي يقام لدعم ملاك ومربي الخيل العربي في تونس وكافة دول العالم».
من جهته، قال فيصل الرحماني: «بداية قوية وانطلاقة متميزة لسباقات الموسم الجديد، وسط تطورات كبيرة، واهتمام غير مسبوق من ملاك ومرابط الخيل العربي في تونس وشمال أفريقيا، في ظل الخطة الجديدة والجوائز التي تم رصدها لأبطال الموسم هذا العام».
وأضاف: «الرؤى السديدة لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، ودوره الريادي الذي يقود مسيرة الخيل العربي للازدهار والنماء، نشهده ونلمسه لدى ملاك ومرابط الخيل العربي في كل عام، وفي كل محطة من سباقاتنا العالمية، مؤكداً أن مزاد الخيل الذي تم تنظيمه بتونس قبل الحدث كان خير دليل على ذلك، في ظل الإقبال الكبير على الخيول العربية بصورة غير مسبوقة وبأرقام متميزة، وهو ما يترجم مكانة خططنا التطويرية لسباقات الخيل العربية».
وقال: «تسرنا الأصداء الكبيرة والحضور الجماهيري والدبلوماسي المتميز، لأولى محطاتنا في تونس التي بهرت الجميع، متقدماً بالتهنئة إلى أبطال الكأس الغالية في تونس».

أخبار ذات صلة تونس تواصل تفكيك مخيمات المهاجرين غير الشرعيين لأول مرة.. أطباء في تونس يزرعون قرنية بتقنية دقيقة

مقالات مشابهة

  • الرئيس اليمني: مواجهة الحوثي تبدأ من الداخل.. ودور الشرعية شريك لا غنى عنه
  • قيادي بـ «مستقبل وطن»: توجيهات الرئيس السيسي بتحسين بيئة العمل تطمئن المستثمرين في الداخل والخارج
  • متهمون بالصدفة يواجهون أحكاما قاسية في تونس
  • «نافح» بطل كأس رئيس الدولة للخيول العربية في تونس
  • عون: قطار بناء لبنان انطلق.. و«محاربة الفساد» المعركة الأهم
  • لابيد: كان على رئيس الشاباك الاستقالة منذ 7 أكتوبر بسبب فشله
  • أيمن يونس: الزمالك "مزنوق".. ويُعاني بسبب اختراقه من الداخل
  • أيمن يونس: الزمالك مزنوق.. والنادي يُعاني بسبب اختراقه من الداخل
  • ‏الأردن يرحب بالتوافق الذي توصّلت إليه واشنطن وطهران خلال الجولة الثانية من المباحثات التي عُقِدَت في العاصمة الإيطالية روما