الإبادة المستمرة خلف القضبان.. قراءة في يوم الأسير الفلسطيني 2025م
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
في السابع عشر من أبريل من كل عام، يقف الشعب الفلسطيني وأحرار العالم لإحياء “يوم الأسير الفلسطيني”، باعتباره محطة كفاحية تمثل نضال الأسرى وصمودهم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويعد هذا اليوم أيضًا مناسبة لتسليط الضوء على واحدة من أبشع الجرائم المستمرة في العصر الحديث والمتمثلة في جريمة الاعتقال السياسي الممنهج والإبادة الصامتة خلف القضبان.
منذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر 2023م، استُشهد 63 أسيرًا داخل المعتقلات، بينهم 40 من قطاع غزة، في ظل تعتيم إعلامي كامل ورفض سلطات الاحتلال الكشف عن هوياتهم أو تسليم جثامينهم. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي دليل قاطع على اعتماد الاحتلال سياسة القتل البطيء، خارج ساحة المعركة، داخل جدران يُفترض أن تحكمها القوانين الدولية التي تحوّلت إلى مسارح للموت الممنهج.
الجرائم التي تُرتكب بحق الأسرى ليست مجرد تجاوزات فردية، بل هي جزء من منظومة تعذيب متكاملة: ضرب وحشي، صعق بالكهرباء، تجويع متعمد، حرمان من المياه والعلاج، اعتداءات على النساء، الأطفال، المرضى، وكبار السن، وإذلال مستمر، لم تقتصر منظومة الاحتلال الإسرائيلي على سجونها المعروفة فحسب، بل أعادت تفعيل معسكرات سرية مثل “سديه تيمان” و”عناتوت” و”عوفر” كمراكز تعذيب بعيدة عن أي رقابة، حيث تُمارس فيها أبشع انتهاكات حقوق الإنسان.
اليوم، ووفقًا لمؤسسات الأسرى، يتجاوز عدد الأسرى 9900، ولا يشمل ذلك المئات من معتقلي غزة الذين تعرضوا للاختفاء القسري. من بينهم 29 أسيرة، من ضمنهن طفلة، وحوالي 400 طفل دون 18 عامًا، كما ارتفع عدد المعتقلين الإداريين إلى أكثر من 3498، اذين يُحتجزون دون تهمة أو محاكمة، استنادًا إلى ما يُسمّى “الملفات السرية”، في تحدٍ سافر لقواعد العدالة. بالإضافة إلى ذلك، تم تصنيف 1747 أسيرًا كـ”مقاتلين غير شرعيين”، وهو ما يسقط عنهم الحماية القانونية.
وفي ذات الوقت، تصاعدت أعداد الأسرى المرضى والجرحى، حيث تُستخدم الأمراض كأداة للتعذيب الجماعي، بعد أن تحوّلت السجون إلى بؤر للأوبئة نتيجة الإهمال في النظافة، ومنع الاستحمام، والتكدس، وغياب الرعاية الطبية. الجرب والجلديات ما هي إلا أمثلة صارخة على هذه الجرائم.
رغم هذه الظروف المأساوية، تبقى مقاومة الأسرى الفلسطينيين رمزًا حيًا للإرادة والكرامة، فبالرغم من قسوة المعاناة والتعذيب، لا يزال الأسرى يشعلون جذوة الأمل والمقاومة، متحولين إلى مشاعل للحرية، إنهم يعيشون يوميًا في مواجهة الموت، ويثبتون أن العدالة ستحقق في النهاية.
إن العالم اليوم يتفرج على هذه المعاناة، متخيلين أن صمتهم قد يحميهم من تبعات الحقائق المؤلمة التي تحدث خلف القضبان، ولكن، في الواقع، يصبح هذا الصمت مشاركة في الجريمة، وجزءًا من التحمل غير المبرر للعذابات المستمرة.
إن استمرار معاناة الأسرى الفلسطينيين ليس مسألة محلية أو إقليمية فحسب، بل يمثل قضية إنسانية تتطلب من المجتمع الدولي أن يتجاوز حدود الصمت والتواطؤ. على المؤسسات الدولية أن تتحرك ليس فقط عبر البيانات والشجب، بل بفرض عقوبات حقيقية على الاحتلال، ومحاكمة مسؤولي الاحتلال على جرائمهم ضد الإنسانية.
إن الصمت عن هذا الوضع يعني التواطؤ في إبادة شعب بأسره، واستمرار مأساته في ظل الاحتلال. لكن الأسرى الفلسطينيين ليسوا مجرد أرقام أو أسماء في قوائم، بل هم رموز للكرامة والنضال، هم المعركة الحية من أجل الحرية في وجه الظلم. وعليه، يبقى يوم الأسير الفلسطيني، في عام 2025م وما بعده، دعوة لإعادة إحياء الأمل بأن العدالة ستُنتصر، وأن صوت الأسرى سيظل مدويًا حتى تتحقق الحرية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
السلطات الإسرائيلية تمنع رئيس الوزراء الفلسطيني من تنفيذ جولة ميدانية في قرى رام الله ونابلس
فلسطين – أعلنت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن السلطات الإسرائيلية منعت امس السبت رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى من القيام بجولة ميدانية في قرى رام الله ونابلس.
وبحسب الهيئة كان من المفترض أن تشمل الجولة الميدانية لرئيس الوزراء الفلسطيني بلدتي دوما وقصرة بمحافظة نابلس، وبلدتي برقا ودير دبوان في محافظة رام الله والبيرة.
وجاء في بيان الهيئة عبر صفحتها في منصة “فيسبوك” أن “هذا القرار يأتي في إطار القيود المستمرة التي تفرضها سلطات الاحتلال على حركة المسؤولين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، مما يعيق جهود الحكومة الفلسطينية لمتابعة الأوضاع الميدانية في المناطق المتضررة من الانتهاكات الإسرائيلية”.
هذا ونفذت القوات الإسرائيلية فجر امس السبت حملة دهم واعتقالات واسعة خلال اقتحام مخيم الفوار جنوب مدينة الخليل بالضفة الغربية، طالت عشرات الفلسطينيين.
تشهد الضفة الغربية تصاعدا ملحوظا في الانتهاكات الإسرائيلية، حيث تستمر السلطات الإسرائيلية في فرض قيود مشددة على حركة المواطنين الفلسطينيين، ضمن سياسة ممنهجة تستهدف تضييق الخناق على السكان وإعاقة حياتهم اليومية.
هذا التصعيد يأتي في إطار الانتهاكات الإسرئيلية المتواصلة والتي تشمل الإغلاقات المستمرة للطرق والمعابر، واقتحام المدن والقرى الفلسطينية، وفرض الحواجز العسكرية التي تعطل التنقل وتعرقل الوصول إلى أماكن العمل والتعليم والرعاية الصحية.
المصدر: RT