هآرتس: إفادة بار تكشف أخطر صندوق باندورا في تاريخ إسرائيل
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
في تطور غير مسبوق داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فجّر رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار قنبلة سياسية مدوية بشهادته الخطية أمام المحكمة العليا، كاشفا عن ضغوط مارسها عليه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لتوظيف الجهاز في معاركه الشخصية والقضائية.
وعلّق الكاتب في صحيفة هآرتس يوسي فيرتر على هذه الإفادة، معتبرا أنها تكشف "أخطر صندوق باندورا في تاريخ إسرائيل"، ووصف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأنه وصمة عار على جبين الدولة، وتهديد مباشر لكل ما تبقى من نزاهة ومؤسسات في النظام السياسي.
ويؤكد فيرتر أن الشهادة التي قدمها بار ضد قرار إقالته من قِبل الحكومة الإسرائيلية، تُسلّط الضوء على واقع سياسي مظلم يفتقر إلى العدالة والحرية، ويتصرف فيه نتنياهو بشكل دكتاتوري، مستغلا منصبه لأغراض شخصية وسياسية، عبر محاولة توريط "الشاباك" في خدمته خلال محاكمته الجارية بتهم فساد خطيرة.
إفادة غير مسبوقةبحسب الكاتب، فإن هذه الإفادة لا تعبّر عن خلاف بين شخصين أو مؤسستين، بل تمثل "إعلان خوف صريح" من انهيار النظام السياسي والأمني. ويشبّه فيرتر سلوك نتنياهو، وفقا لما ورد في الشهادة، بما يفعله "زعيم عصابة إجرامية" يسعى لإسكات معارضيه وشرعنة خطوات تهدف إلى تبرئته، حتى لو استدعى ذلك زجّ أجهزة الأمن في صراعاته القضائية.
إعلانويشير إلى أن نتنياهو حاول أيضا حماية مقربين منه متورطين بعلاقات مشبوهة مع دولة قطر، التي يُتهم بأنها تموّل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ما يزيد من تعقيد الأزمة السياسية والأمنية التي تعصف بإسرائيل حاليا.
ويشدد الكاتب على أن إفادة بار ليست تصريحا صحفيا أو مقابلة إعلامية، بل وثيقة رسمية من 31 صفحة، جرى تقديمها للمحكمة العليا، يتضمن جزء كبير منها مواد سرّية. ويُرجّح أن الوثيقة مدعّمة بمستندات ومذكرات كتبها بار بعد تلقيه ما وصفه بطلبات غير قانونية، وربما تمسّ الأمن القومي بشكل مباشر.
ويقول فيرتر إن نتنياهو اعتاد على دعوة بار إلى اجتماعات مغلقة لطَرح تعليمات حساسة، بعد طرد مساعديه والسكرتير العسكري والكاتبة، في مشهد وصفه الكاتب بأنه يشبه "تحول رئيس الحكومة في لحظة إلى دكتاتور يعالج قضايا أمنية في الظل".
ويضيف أن نتنياهو ارتكب خطأ تقديريا حين ظن أن رئيس "الشاباك" المنصرف سيصمت ويغادر، ولم يتوقع أن يقدم شهادة علنية بهذه الحدة والخطورة. ويرى أن الإفادة تمثّل "أكبر زلزال سياسي في إسرائيل منذ تأسيسها قبل 77 عاما، وتطوّرا غير مسبوق في العلاقة بين المستوى السياسي والأمني".
رغم ما تحمله الإفادة من مضامين خطيرة، فإن مكتب نتنياهو أصدر ردا مقتضبا ومعتادا، اكتفى بوصفها بـ"الأكاذيب". لكنه حرّك حلفاءه في الإعلام والسياسة لإطلاق حملة مضادة تزعم أن الشهادة جزء من "مؤامرة سياسية" تقودها المستشارة القانونية للحكومة لإجباره على التنحي بدعوى تعذر مواصلة مهامه.
ويرى فيرتر أن هذه الحملة امتداد لمحاولات نتنياهو المستمرة لتصوير كل معركة قانونية على أنها حرب من "الدولة العميقة"، وجزء من مؤامرة يتعرض لها من قِبل القضاء والأجهزة الأمنية.
ويذكّر الكاتب أن رئيسَي "الشاباك" السابقين يورام كوهين ونداف أرغمان تعرضا لمحاولات مشابهة، لكنهما آثرا الصمت وعدم التصعيد، في حين قرر بار أن يقول "لا" علنا، باعتباره واجبا وطنيا لحماية الدولة من انحراف القيادة.
إعلانومن بين الحجج التي تروج لها أوساط نتنياهو أن "الشاباك" سبق أن تدخّل ضد مواطنين إسرائيليين في احتجاجات أوسلو عام 1993، فلماذا لا يفعل الشيء نفسه مع المحتجين ضد خطة "الإصلاح القضائي" اليوم؟
ويفند فيرتر هذا المنطق، موضحا أن احتجاجات التسعينيات كانت في سياق تهديدات فعلية بالعنف السياسي، تُوّجت باغتيال رئيس الوزراء إسحق رابين عام 1995، في حين أن المظاهرات الأخيرة كانت سلمية ومنضبطة، بل "شبه مثالية"، على حد تعبيره.
المطالبة بتحقيق جنائييرى فيرتر أن ما كُشف في شهادة بار يمثل "استمرارا لمحاولة الانقلاب القضائي بأساليب أخرى". ويعتبر أن المطالبة بإعلان تعذر نتنياهو عن مواصلة مهامه لا جدوى منها في ظل مؤسسات مشلولة وواقع سياسي مشوّه، حيث لا تملك المستشارة القانونية ولا المحكمة العليا الجرأة الكافية لاتخاذ قرار كهذا.
لكنه يطرح بديلا وهو التحقيق الجنائي، إذ يرى أن المحكمة العليا قادرة على الأمر بفتحه استنادا إلى ما جاء في الإفادة، التي تحوي -على ما يبدو- قرائن كافية على وجود مخالفات جنائية.
ويختم فيرتر مقاله برسالة شديدة اللهجة، يقول فيها إنه بعد الخطاب الشهير لوزير الدفاع السابق يوآف غالانت قبل نحو عامين حين حذر من أن نتنياهو يشكّل خطرا على أمن الدولة، جاءت شهادة بار كإثبات دامغ على مدى عُمق هذا الخطر، والذي لم يعد مقتصرا على الأمن، بل يمتد إلى صميم الديمقراطية، والمبادئ التي قامت عليها إسرائيل.
ويقول إن نتنياهو "عار متحرك، ووصمة عار على جبين إسرائيل"، وأنه لم يعد مجرد متهم في محكمة، بل "تحول إلى تهديد مباشر لكل ما تبقى من نزاهة ومؤسساتية في النظام الإسرائيلي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
فضيحة أمنية تهز إسرائيل.. رئيس الشاباك يتهم نتنياهو بالتجسس على المتظاهرين وطلب الولاء الشخصي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في تطور مفاجئ يعمّق أزمة القيادة في إسرائيل، اتهم رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمحاولات متكررة للتدخل في عمل الجهاز وطلب "الولاء الشخصي" على حساب القانون، وصولًا إلى الضغط للتجسس على المتظاهرين المناهضين للحكومة.
جاءت هذه الاتهامات الصادمة في إفادة خطية قدمها بار إلى المحكمة العليا الإسرائيلية امس الاثنين، وُصفت بأنها "لاذعة" وتحمل دلالات خطيرة على تآكل استقلالية الأجهزة الأمنية وتزايد النفوذ الشخصي للسلطة التنفيذية.
من التجسس إلى الولاء المشروط
قال بار إن نتنياهو طلب منه بشكل متكرر مراقبة قادة وممولي الاحتجاجات الشعبية، في خرق مباشر لقوانين الأمن وحريات المواطنين، بل طالب بولائه الشخصي في حال اندلاع أزمة دستورية – حتى لو تعارض ذلك مع قرارات المحكمة العليا.
وأضاف أن محاولات نتنياهو لإقالته لم تأتِ بدوافع مهنية، بل بدأت بعد فتح الشاباك تحقيقات ضد مقربين من نتنياهو في قضيتي "تسريب وثائق سرية" و"قطر جيت"، التي تشتبه بوجود تمويل قطري للتأثير في الإعلام الإسرائيلي.
تهديد لاستقلالية الأمن والديمقراطية
الإفادات التي قدّمها بار – بما في ذلك نسخة سرية من 31 صفحة – كشفت، وفق مراقبين، عن تصعيد غير مسبوق في الصراع بين السلطة السياسية والأجهزة الأمنية في إسرائيل، في وقت يواجه فيه نتنياهو محاكمات بالفساد، وضغوطًا داخلية وخارجية.
وقال بار إنه قرر تقديم شهادته بدافع "الخوف الشديد على مهنية واستقلالية الشاباك في المستقبل"، محذرًا من أن أي تنازل في هذا المجال يشكل سابقة خطيرة على أمن الدولة.
ردود فعل غاضبة ومطالب باقالة نتنياهو
وصف يائير لابيد، زعيم المعارضة، ما جاء في الإفادة بأنه "دليل على أن نتنياهو يشكل خطرًا على أمن إسرائيل"، فيما وصفها يائير جولان، نائب رئيس الأركان السابق، بأنها "دعوة إنذار للديمقراطية".
في المقابل، سارع مكتب نتنياهو إلى نفي كل الاتهامات، واصفًا إفادة بار بأنها "كاذبة وسيتم دحضها"، مدعيًا أن رئيس الوزراء لم يطلب أبدًا إجراءات غير قانونية، بل تطبيق القانون ضد المتظاهرين العنيفين فقط.
تأتي هذه التطورات في وقت بالغ الحساسية لإسرائيل، وسط تداعيات أمنية بعد حرب غزة، وانقسام داخلي متزايد بشأن إصلاحات قضائية مثيرة للجدل. ومع اقتراب موعد انتهاء ولاية رونين بار.