الجزيرة:
2025-04-23@04:36:27 GMT

حضرموت بين مطرقة الانفصال وسندان الحكم الذاتي

تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT

حضرموت بين مطرقة الانفصال وسندان الحكم الذاتي

عدن- في خضم تعقيدات الأزمة اليمنية، تبرز محافظة حضرموت كساحة حاسمة لاختبار موازين القوى ومستقبل الوحدة، حيث تتصارع مشاريع الانفصال ومطالب الحكم الذاتي، وسط تنافس محموم من قوى متعددة لفرض نفوذها على هذه المحافظة الحيوية التي تُعد شريان الاقتصاد اليمني ومفتاح استقراره.

تحظى حضرموت بأهمية إستراتيجية بالغة، إذ تمثل 36% من مساحة البلاد، وتضم موانئ رئيسية كميناءي المكلا والشحر، إضافة إلى ميناء الضبة النفطي، وتنتج نحو 80% من نفط اليمن، فضلا عن امتلاكها أكبر احتياطي نفطي ما يجعلها بوابة اقتصادية وسياسية يتنافس الجميع للسيطرة عليها.

وتشهد المحافظة تصاعدا حادا في التوتر السياسي في ظل صراع ثلاثي بين الحكومة الشرعية المتمسكة بوحدة اليمن، والمجلس الانتقالي الجنوبي الساعي إلى الانفصال، و"حلف قبائل حضرموت" المطالب بالحكم الذاتي والمدعوم بقوى قبلية وتشكيلات مسلحة محلية، ما ينذر بانفجار وشيك.

حلف قبائل حضرموت مدعوم بقوى قبلية وتشكيلات مسلحة محلية (الجزيرة) جذور الصراع

ورغم أن هذا التنافس ليس جديدا، إذ تعود جذوره إلى عام 2013 مع تأسيس "حلف قبائل حضرموت" كإطار شعبي وقبلي يسعى إلى نيل الحقوق وتحقيق شراكة عادلة في السلطة والثروة، فإن التطورات الأخيرة أعادت المحافظة من جديد إلى واجهة المشهد السياسي اليمني.

في منتصف أبريل/نيسان الجاري، تجلى تصاعد التوترات بتنظيم هذا الحلف لتجمعات جماهيرية حاشدة في مناطق نفوذه شرقي المحافظة، رُفعت خلالها شعارات تطالب بـ"الحكم الذاتي" و"تقرير المصير"، ويُعد هذا التحرك الأول من نوعه من حيث الطابع السياسي العلني، بعد سنوات اقتصرت فيها مطالبه على قضايا ذات طابع حقوقي.

وفي تطور جديد، دعا المجلس الانتقالي أنصاره لتنظيم فعالية حاشدة الخميس القادم، في خطوة يُنظر إليها كتحرك مضاد لتحركات الحلف، ما يثير مخاوف من اندلاع صدامات أو موجة عنف مسلح بين الطرفين.

إعلان

وكان "مؤتمر حضرموت الجامع" حذر -في بيان سابق- من دخول أكثر من 2500 مسلح، من محافظات عدن ولحج والضالع، إلى حضرموت خلال الفترة من 11 إلى 14 أبريل/نيسان الجاري، معتبرا ذلك محاولة لفرض أجندات خارجية بالقوة.

وجاء هذا التحذير في أعقاب بيان أصدرته "المقاومة الجنوبية بحضرموت"، وهي إحدى التشكيلات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي، تحدثت فيه عن "تحركات مشبوهة" تهدد مديريات الساحل، وأعلنت استعدادها للتصدي لأي اعتداءات محتملة.

الديني حذر من منزلق خطير يواجه حضرموت (الجزيرة) منزلق خطير

وعلى وقع هذا التصعيد، يصف الصحفي عماد الديني رئيس تحرير صحيفة "أخبار حضرموت"، الوضع الراهن في المحافظة بأنه أصبح ينذر بوقوع كارثة وشيكة، وقال للجزيرة نت إن الصراع دخل مرحلة غير مسبوقة، وقد يدفع بالأمور نحو منزلق خطير، محملا السلطة المحلية مسؤولية ما يحدث.

واعتبر أن التصعيد جاء ردا على ما وُصف بـ"محاولات فرض الوصاية والهيمنة" من أطراف سياسية، في إشارة إلى زيارة رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي إلى المكلا، والتي فجرت موجة من التوترات.

وكان الزبيدي قد وجّه انتقادات لاذعة للمكونات المحلية في حضرموت خلال زيارته إلى المحافظة منتصف مارس/آذار الماضي. وفي أواخر الشهر ذاته، أعلن عن تشكيل لجنة تحضيرية لكيان جديد تحت مسمى "مجلس شيوخ الجنوب العربي".

ورغم الاستقرار النسبي الذي شهدته حضرموت منذ عام 2015 مقارنة ببقية المحافظات اليمنية، فإنها لم تكن بمنأى عن الاستقطابات السياسية والعسكرية، فخلال السنوات الماضية ظهرت تكتلات محلية وقبلية وسياسية، سعت إلى استغلال حالة الضعف التي تمر بها الحكومة اليمنية لتثبيت حضورها في أي ترتيبات سياسية مقبلة.

الجريري يرى أن المطالب التي يرفعها حلف القبائل تعبّر عن هموم الشارع (الجزيرة)

اليوم، تتقاسم 3 قوى رئيسية النفوذ في المحافظة:

إعلان الحكومة الشرعية التي تسيطر على وادي حضرموت وعاصمته سيئون. المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يهيمن على الساحل وعاصمته المكلا. حلف قبائل حضرموت الذي يطالب بالحكم الذاتي مدعوما بقوات "حماية حضرموت"، ويتمتع بنفوذ متزايد في كل من الساحل والوادي.

ويُظهر الشارع الحضرمي تفاعلا لافتا مع هذه التحولات المتصاعدة في ظل تدهور الأوضاع المعيشية، حيث ينسجم كثير من السكان مع مطالب الحلف، لا سيما فيما يخص الحكم والإدارة الذاتية والتمثيل العادل.

يرى الناشط الحضرمي عبد الجبار الجريري أن المطالب التي يرفعها "حلف القبائل" تعبّر عن هموم الشارع وتراكم طويل من التهميش، مع تصاعد الدعوات لتحسين الخدمات وإنهاء الفساد ومعالجة القضايا التاريخية في المحافظة.

وقال للجزيرة نت إن أبناء حضرموت يرفضون محاولات المجلس الانتقالي لفرض مشروعه بالقوة، وهو ما دفعهم لتبني مشروع هذا الحلف وخيار الحكم الذاتي.

فشل حكومي

ويحذّر مراقبون من أن يؤدي هذا التصعيد إلى واقع جديد يفاقم تعقيدات المشهد اليمني، ويمنح القوى الإقليمية والدولية فرصة أوسع للتدخل، ما يهدد وحدة البلاد واستقرارها.

ويُرجع رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبد السلام محمد، ما يجري في حضرموت إلى فشل الحكومة في التنمية، وعجز السلطة المحلية في إدارة الملفات الخدمية. وأضاف للجزيرة نت أن هذا الفشل فسَح المجال أمام التشكيلات المسلحة والمطالب المناطقية المدعومة خارجيا، ما يقوض فرص استعادة الدولة.

وفيما يخص سيناريوهات المستقبل، يرى الباحث أن الخيارات تشمل تدخلا حكوميا لحل الأزمة، أو تصاعد الصراع إلى فوضى وتقسيم فعلي للمحافظة إلى مناطق نفوذ، تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.

بدوره، أكد عبد الهادي التميمي، وكيل محافظة حضرموت لشؤون مديريات الوادي والصحراء، ورئيس اللجنة التحضيرية للمجلس الموحد للمحافظات الشرقية، أن حضرموت تعاني تبعات الأزمة الوطنية الممتدة منذ "انقلاب" الحوثيين، وما رافقها من انهيار اقتصادي وبنى تحتية.

إعلان

وقال للجزيرة نت إن هناك جهودا حثيثة من شخصيات ومكونات محلية بدعم من السلطة، لتخفيف التوتر، مشددا على ضرورة تغليب لغة الحوار والعقل باعتبارها السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.

وأشار إلى أن السلطة المحلية تقف على مسافة واحدة من الجميع، وكانت من أوائل المطالبين بتمكين حضرموت من مواردها، مؤكدا أن مطالب المحافظة -كما هو الحال في شبوة والمهرة وسقطرى– تتمثل في نيل شراكة عادلة ضمن دولة اتحادية لامركزية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المجلس الانتقالی حلف قبائل حضرموت الحکم الذاتی للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

البوليساريو ترضخ للضغوط الدولية وتعلن عبر الإعلان الجزائري إستعدادها التفاوض حول الحكم الذاتي

زنقة20| متابعة

في تحول لافت على خلفية اتهامات متزايدة بالإرهاب، أعلنت جبهة البوليساريو عبر ما يسمى وزير داخليتها، إبراهيم البشير بيلا، استعدادها للدخول في مفاوضات جادة بشأن مستقبل الصحراء المغربية، مشيرة إلى أن مبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب تُعد “أحد الخيارات الممكنة” في إطار تسوية سياسية شاملة.

وفي تصريحات نقلتها وسائل إعلام جزائرية، أبرزها موقع “الجزائر اليوم”، أوضح بيلا أن خيار الحكم الذاتي “ليس وليد اللحظة”، بل سبق طرحه في سياقات تاريخية مختلفة، مضيفًا أن الجبهة ما زالت تعتبر “الاستقلال” جزءاً لا يتجزأ من مسار “تصفية الاستعمار” حسب تعبيره.

وفي الوقت الذي تمسك فيه المسؤول الانفصالي بمواقف متشددة بشأن الاستفتاء وتقرير المصير، إلا أن لهجة الخطاب حملت إشارات واضحة إلى قبول مبدئي بمناقشة المقترح المغربي، وهو ما اعتبره مراقبون رضوخا ضمنيا للواقع الجديد الذي فرضه المغرب على الأرض دبلوماسيا وتنمويا، خصوصا بعد الضغوط الدولية المتصاعدة واتهام البوليساريو بارتباطات إرهابية من قبل عدة جهات.

وشدد بيلا على ما اسماه استئناف العمليات العسكرية منذ نونبر 2021 لن يتوقف ما لم تتوفر “ضمانات حقيقية لحل نهائي”، لكنه عاد ليؤكد أن أي مبادرة، بما في ذلك الحكم الذاتي يمكن مناقشتها”.

وتأتي تصريحات مايسمى وزير داخلية الجبهة الانفصالية  في سياق تطورات إقليمية ودولية متسارعة، تعزز الموقف المغربي وتزيد من عزلة البوليساريو، وسط دعم متنامٍ لمبادرة الحكم الذاتي كحل جاد وواقعي لإنهاء النزاع.

مقالات مشابهة

  • على وقع تصعيد لمليشيا الانتقالي.. بن ماضي يغادر حضرموت بعد استدعائه من قبل السعودية
  • محافظ حضرموت يتوجه إلى الرياض وسط تصاعد المطالب بالحكم الذاتي
  • بوركينا فاسو بين مطرقة الإرهاب وسندان الانتهاكات.. حملة تجنيد عسكري تُشعل فتيل الأزمة الطائفية
  • الصومال بين مطرقة الإرهاب وسندان التحرير.. إحباط هجوم جديد لحركة الشباب وسط البلاد
  • لهذا السبب.. الانتقالي يتراجع عن تصعيده شرق اليمن
  • الانتقالي يصتدم مع القبائل في حضرموت
  • مستشار ترامب قبل زيارته المغرب: الحكم الذاتي هو الحل العادل لنزاع الصحراء
  • واشنطن تؤكد دعمها لاستقرار حضرموت وتدعو إلى وحدة الصف لمواجهة التهديدات الحوثية
  • البوليساريو ترضخ للضغوط الدولية وتعلن عبر الإعلان الجزائري إستعدادها التفاوض حول الحكم الذاتي