سلط الفيلم الوثائقي -الذي بثته قناة الجزيرة ليل الجمعة- الضوء على الانتصار الذي حققته حركة طالبان، بعد الفشل الأميركي والغربي في أفغانستان، وركز الجزء الأول من الفيلم على غزو أفغانستان وتداعياته على طالبان التي أعادت تنظيم صفوفها لاحقا وشنت هجمات على قوات التحالف الغربي.

ويتطرق في البداية إلى الحرب الأهلية في أفغانستان والاقتتال بين فصائل المجاهدين عام 1992، ثم ظهور حركة طالبان ودخولها كابل وسيطرتها على الأوضاع عام 1994.

ويظهر الفيلم الوثائقي –الذي يحمل عنوان: "أفغانستان.. السنوات الصعبة"- كيف أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن استُقبل من قبل أمراء الحرب في شرق أفغانستان، وكان ذلك قبل أن تتولى طالبان مقاليد السلطة في البلاد.

وحكَمت الحركة بقبضة من حديد لمدة 5 سنوات، لكن الأوضاع انقلبت رأسا على عقب بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 عندما هاجم تنظيم القاعدة أميركا على أراضيها، وهي الهجمات التي اتخذتها إدارة جورج بوش الابن مبررا للتدخل وإسقاط حكومة طالبان.

واستخدمت وكالة المخابرات المركزية الأميركية في مطاردة طالبان وتنظيم القاعدة أمراء الحرب للقتال على الأرض، وهو ما أكده أمر الله صالح، نائب رئيس جمهورية أفغانستان (2019 ـ 2021)، بقوله إن المخابرات الأميركية اتصلت به حينها لهذا الغرض وأخبرته أن الأميركيين سيجلبون مستقبلا مشرقا لأفغانستان.

وفي أقل من شهرين تمكن أمراء الحرب من استعادة نصف مساحة أفغانستان وانتقموا من مقاتلي طالبان برعاية الجنود الأميركيين، حيث قتل آلاف السجناء وأرسل آخرون إلى سجون سرية في خليج غوانتنامو، بينما فرت الغالبية الكبرى من عناصر الحركة من أفغانستان ومنهم من شق طريقه إلى البلدان المجاورة نحو مخيمات اللاجئين..

ورغم تعرض أفرادها للقتل والتعذيب في غوانتنامو، لم يمنع ذلك حركة طالبان من تنظيم صفوفها والبدء في شن هجمات على قوات التحالف، خاصة في بداية عام 2007، واحتدمت المعارك أكثر عام 2009.

ويقول مولوي كريم الله واثق، وهو من قدامى محاربي طالبان في ولاية كابيسا إن الحركة لم يكن لديها أسلحة ولا معدات ولا أموال، لكنها بدأت القتال كونه فعل عبادة.

ومن جهته، يقر الفريق أنتوني شافر من القوات الخاصة الأميركية في أفغانستان (2003 ـ 2005) أنه حسِب أن مهمته ستكون سهلة في أفغانستان، لكنه اصطدم بواقع آخر " وجدت حربا حقيقية مستمرة في أفغانستان.. رغم تصوير البيت الأبيض للأمر بخلاف ذلك"، مؤكدا أن طالبان كانت أكثر فاعلية.

سوء الإدارة

ويذكر أن الأمم المتحدة وافقت على إنشاء أكبر تحالف عسكري في أفغانستان، وفي عام 2002 أرسلت 20 دولة 5 آلاف جندي إلى كابل، وتضاعف عدد الجنود الأميركيين والغربيين، وبحلول 2008 كان هناك 60 ألف جندي من 40 دولة مختلفة، ورغم ذلك واصلت طالبان قتالها ضد قوات التحالف.

ويظهر الفيلم الوثائقي – الذي بثته قناة الجزيرة بتاريخ 2023/8/25 – كيف أن سوء الإدارة في أفغانستان تسبب في تفاقم الأوضاع في هذا البلد، بالإضافة إلى انتشار الفساد في هرم السلطة وتدفق المال السريع والسهل من المخدرات التي أحدثت دمارا كبيرا للأفغانيين، وتصدرت البلاد الإنتاج العالمي للأفيون والهيروين.

ويشير داود سلطان زوي، عضو مجلس النواب الأفغاني (2005 ـ 2011) إلى أن الفساد وجد نافذة له خلال تلك الفترة، وتشكلت مافيا سياسية برعاية مافيا اقتصادية.

وبينما كانت الحكومة الأفغانية تفقد مصداقيتها نتيجة سوء الإدارة، كان مقاتلو طالبان يتقدمون مستعينين في ذلك بثقة الشعب فيهم.

ويذكر أن المجتمع الدولي نظّم وموّل عام 2004 إجراء أول انتخابات ديمقراطية في أفغانستان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی أفغانستان

إقرأ أيضاً:

فيلم السبع موجات.. آخر ما وثقته الكاميرا في غزة قبل حرب الإبادة

عمّان- قبل أن تبدأ معركة "طوفان الأقصى" بأيام، أنهت المخرجة الفلسطينية أسماء بسيسو تصوير فيلمها الوثائقي "السبع موجات"، الذي رصد شهادات حية لفلسطينيين من قطاع غزة يسعون لتحقيق طموحاتهم وأحلامهم بعيدا عن لغة الحصار والدمار التي فرضهما الاحتلال على سكان القطاع.

الفيلم الوثائقي "السبع موجات"، وثق بالصوت والصورة آخر مشاهد قطاع غزة قبل أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي من خلال تجوال عدسة الكاميرا في كامل أحياء قطاع غزة، حيث يصور الفيلم الأبراج السكنية، والشوارع، والمدارس والجامعات، والأسواق على اختلاف أنواعها، ومخيمات اللجوء الفلسطيني، قبل أن تأتي آلة الحرب الإسرائيلية على كل ذلك.

أحلام مؤجلة

حاولت المخرجة الفلسطينية بسيسو من خلال فيلمها الوثائقي أن تلفت أنظار العالم إلى أن سكان قطاع غزة المحاصرين منذ 17 عاما، يحبون الحياة، ولديهم ما لدى غيرهم من آمال وأحلام بالعيش الكريم، وتقول بسيسو للجزيرة نت: "إن أحداث الفيلم تسير في خطين زمنين متوازيين من خلال التركيز على فتاة فلسطينية تسعى لتحقيق طموحها في احتراف رياضة التجديف والوصول بعد ذلك إلى العالمية، وقصة صياد فلسطيني ومنقذ بحري عاش حياته في بحر غزة".

رفض بعد رضا

وتؤكد مخرجة الفيلم أن فيلمها حاز على رضا وإعجاب العديد من القائمين على المهرجانات العالمية، لدرجة أنهم رفضوا منها الحصول على رسوم التسجيل للمشاركة في المسابقات الدولية، لأن الفيلم يتحدث عن قطاع غزة وبحرها وسكانها، وكيف أن سكان القطاع يبحثون عن الحياة الكريمة لهم ولأبنائهم، وأضافت مستدركةً: "إلا أنه وبعد معركة طوفان الأقصى، انقلبت الصورة تماما، ولم يعد أحد يهتم بالفيلم، بل لاحظت لغةً جديدة في لغة الخطاب من خلال وجود تحيز للعدو الإسرائيلي على حساب الفلسطينيين وآلامهم".

حضور نسائي لافت لمشاهدة فيلم السبع موجات (الجزيرة)

وتتابع بسيسو بأنها قررت مقاطعة كافة المهرجانات الدولية، بالإضافة لقرارها بأن يكون العرض الأول للفيلم في الأردن، وتضيف: "نتيجة المواقف المتحيزة للمهرجانات العالمية التي أرى أنها تسيء للقضية الفلسطينية، ولدماء الأطفال والنساء من الشهداء في قطاع غزة، قررت أن يكون عرضي الأول في الأردن، وربما أنتقل بعد ذلك إلى تلك الدول التي تدعم القضية الفلسطينية لعرض الفيلم.

وتوضح بأن الفيلم حاول نقل صورة واقعية وحقيقية عن غزة وسكانها، لأننا عادةً ما نشاهد غزة بصورة واحدة، وهي صورة الحرب، قبل طوفان الأقصى، وأنا حاولت أن أقول من خلال الفيلم إن غزة مثلها مثل أي مكان آخر في العالم؛ هناك من يحب الحياة بعيدا عن الدمار والحروب، وهناك من لديهم هوياتهم وطموحاتهم وأحلامهم التي يريدون تحقيقها، إلا أن ما ارتكبه الاحتلال خلال الأشهر الماضية دمر هذا الأمل الوحيد لسكان غزة، بل إن الكثير ممن ظهروا في الفيلم ربما يكونون في عداد الشهداء أو المفقودين أو الجرحى.

وتجزم المخرجة الفلسطينية بأنه رغم أن كثيرا ممن ظهور في الفيلم، ربما يكونون قد استشهدوا، إلا أن إرادة الشعب الفلسطيني ستكون أقوى من الاحتلال، وبأن الأمل لن ينتهي إلا بانتهاء الاحتلال ووجوده على أرض فلسطين.

مصير مجهول

في حين ترى الناشطة الشبابية سما عبد الفتاح بعد أن شاهدت الفيلم الذي عرض في ساحة الموقع الأثري لدارة الفنون في العاصمة عمان، أن مشاعرها مختلطة، وتقول في حديثها للجزيرة نت: كنت أشاهد ضحكات الناس في الفيلم، وحديثهم المتكرر على طموحاتهم التي يسعون لتحقيقها رغم الحصار المفروض على قطاع غزة، لكن الآن أنا أفكر بحالهم بعد الدمار والمجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحقهم.

أثناء عرض الفيلم في عمان (الجزيرة)

وتتساءل: "هؤلاء الذين ظهروا في الفيلم، ما مصيرهم الآن؟ طلبة وطالبات المدارس الذين رأيناهم في الفيلم ما الذي حل بهم الآن؟"، وتضيف: "ربما أن الفيلم يوثق نهاية مرحلة من حياة سكان قطاع غزة، وبداية مرحلة أخرى مختلفة تماما".

موروث شعبي

وتأتي تسمية فيلم "السبع موجات" لتحاكي أسطورة من الموروث الشعبي الفلسطيني القديم، حيث كانت الفتيات الراغبات بالزواج يتوجهن نحو شاطئ بحر غزة، ليغمسن أجسادهن بأمواج البحر العاتية 7 مرات، وهو ما من شأنه أن يحل لغز تأخر زواجهن، حيث يعتقد أن الاغتسال بماء البحر يخلصهن من الحسد ويبعد عنهن العين، وهذا الذي يسمح بارتباطهن برجل مناسب، كما أن هذا الموروث كان يمارس قديما في البحر الميت.

الفيلم وثق بالصوت والصورة آخر مشاهد قطاع غزة قبل أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول (الجزيرة)

يُذكر أن أسماء بسيسو أخرجت عدّة أعمال وثائقية، منها فيلم "أنا غزّة" الذي صوّرته أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع بين أواخر عام 2008 وبداية 2009، ويُضيء على القصص الشخصية التي لم تلتفت إليها وسائل الإعلام، كما يُظهر الآثار الجانبية النفسية والاجتماعية على الناس في غزّة بعد الحرب.

مقالات مشابهة

  • عشية محادثات دولية.. طالبان: حقوق النساء الأفغانيات شأن داخلي
  • بعد ولاد رزق:- طارق وعمر العريان مع زوي سالدانا في سينمات الشرق الأوسط
  • كيف استولت طالبان على مناجم أفغانستان؟
  • فيلم السبع موجات.. آخر ما وثقته الكاميرا في غزة قبل حرب الإبادة
  • فاراج: بريطانيا ساهمت في إنشاء تنظيم داعش الإرهابي بتدخلها العسكري في ليبيا
  • 7 مشاهد توضح ماذا حدث في مناظرة بايدن وترامب
  • بعد سلسلة تأجيلات.. طرح فيلم كانجانا رانوت الجديد في هذا الموعد
  • كابولوف: العالم بدأ يدرك أن "طالبان" هي السلطة الحقيقية في أفغانستان
  • عام على التمرد.. أين فاغنر من المشهد الروسي بعد رحيل قائدها بريغوجين؟
  • الأمم المتحدة تنفي أن يكون اجتماع الدوحة مع طالبان لمناقشة الاعتراف بالحركة