بلومبيرغ: أميركا ترامب تتجه للانكفاء بأسرع مما كان يُخشى
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
بعد مرور 100 يوم فقط على بدء الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، تُظهر تحركات البيت الأبيض أن الولايات المتحدة تسير نحو الانغلاق والانفصال عن النظام الدولي بسرعة تفوق التوقعات، وفق مقال رأي نُشر في وكالة بلومبيرغ للكاتب أندرياس كلوت.
ويقول الكاتب إن كثيرين كانوا يأملون بأن يكون خطاب ترامب تجاه العالم مجرد "مبالغات انتخابية"، أو "استفزازات لغوية"، لكن الواقع الحالي يكشف عن تحول جوهري في السياسة الخارجية الأميركية، من دورها التقليدي كقائد دولي إلى فاعل متقلب، منعزل، وأحيانا عدائي.
ومن أبرز مؤشرات هذا التحول، بحسب بلومبيرغ، خطط الإدارة الأميركية لخفض ميزانية وزارة الخارجية إلى النصف خلال العام المالي القادم.
ووفقا لمذكرة داخلية، فإن ذلك سيؤدي إلى إغلاق أو تقليص حجم 10 سفارات و17 قنصلية، بينها 6 سفارات في أفريقيا، بالتزامن مع تصاعد النفوذ الروسي والصيني في القارة السمراء.
وفي السياق نفسه، جرى تفكيك إذاعة صوت أميركا وراديو أوروبا الحرة وراديو آسيا الحرة، مما أدى إلى غياب الصوت الأميركي من المشهد الإعلامي الدولي، خاصة في مناطق النزاع والاضطرابات.
إعلانكما توقفت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عن تقديم المساعدات في أعقاب الزلازل والكوارث، بما في ذلك في ميانمار، بينما تراجعت التمويلات المخصصة للصحة العالمية والمساعدات الإنسانية والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة وحلف الناتو.
انسحاب من الاتفاقيات والمهمات الدوليةوأعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، مما أبعد واشنطن عن جهود التفاوض على اتفاقية دولية جديدة لمواجهة الأوبئة، وهي خطوة أثارت مخاوف كبيرة في أوساط الصحة العالمية.
كما تم إلغاء تمويل الولايات المتحدة لمهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بالكامل، مما يُضعف المشاركة الأميركية في دعم الاستقرار في مناطق الصراع، بحسب كلوت.
أما في ما يتعلق بالتغير المناخي، فقد وصف التقرير موقف إدارة ترامب بأنه تجاهل تام للمسؤولية الدولية، مشيرا إلى أن الملف لم يعد مطروحا على طاولة السياسة الأميركية.
تشكيك في تحالفات ما بعد الحرب العالمية الثانيةيشير المقال إلى أن ترامب حوّل حلف شمال الأطلسي (الناتو) من منظومة أمنية إلى ما يشبه "نظام الحماية المدفوعة"، بعد أن ربط التزامات الدفاع الأميركي بمدى إنفاق الدول الأعضاء على جيوشها، وطرح شروطا متقلبة (2% أو 5% من الناتج المحلي الإجمالي).
الأخطر من ذلك، بحسب بلومبيرغ، أن ترامب يفكر في التخلي عن تعيين أميركي في منصب القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا "إس إيه سي إي يو آر" (SACEUR)، وهو المنصب الذي شغله جنرالات أميركيون منذ عهد دوايت آيزنهاور.
والتخلي عن هذا المنصب لصالح أوروبي أو كندي، سيطرح تساؤلات قانونية بشأن صلاحيات القيادة، وسيُعد بمثابة ابتعاد رمزي كبير عن الناتو، وقد يُفسَّر في موسكو على أنه تراجع في مصداقية الردع الأميركي.
ويرى الكاتب أن كل هذه التحركات تشير إلى أن ترامب لا يدرك أو لا يقدّر المبادئ التي شكلت السياسة الخارجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، والتي قامت على تأسيس المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، بهدف حفظ السلام وتعزيز الازدهار.
إعلانويضيف الكاتب، محذرا من أن ما يُعرف بـ"السلام الأميركي" (Pax Americana)، الذي وفّر للدول فرصة النمو في ظل قيادة قوة عظمى متسامحة، قد أصبح من الماضي: "ترامب لا يرى لا فائدة في النظام الدولي، ولا بنفسه كجزء منه"، فهل نحن على أعتاب فوضى عالمية؟
وفي خاتمة التقرير، يحذّر الكاتب من أن تحول واشنطن إلى فاعل دولي مهمل أو حتى عدائي، يُنذر بمرحلة من الانحدار الجيوسياسي الخطير. وإذا استمرت هذه السياسات، قد نرى الولايات المتحدة تنسحب من أو تهدد السلم الدولي، لا تحافظ عليه.
"وداعا للقرن الأميركي.. ومرحبا بعصر الفوضى"، يكتب كلوت، في تلخيص قاتم لواقع السياسة الأميركية الجديدة تحت قيادة ترامب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
تقدير إسرائيلي باستبعاد مهاجمة إيران مع استمرار المفاوضات مع الولايات المتحدة
تتزايد التقديرات الاسرائيلية أن الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني أقرب من أي وقت مضى، والآن بالذات، تحتاج "إسرائيل" التي تظل أيديها مُقيّدة فيما يتعلق بالنشاط في إيران حتى نهاية العملية، للحفاظ على التنسيق الوثيق مع إدارة الرئيس دونالد ترامب من أجل تحقيق الهدف المشترك، وهو منع إيران من امتلاك القدرة النووية.
وأكد الجنرال تسفيكا حايموفيتش، قائد مديرية الدفاع الجوي السابق، أن "هذا هو الوقت المناسب لوضع كل الخلاف والانقسام داخل الاسرائيليين خارج السياج العسكري، لأن المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع إيران التي بدأتها الولايات المتحدة خطوة متوقعة في ضوء تصريحات ترامب حتى قبل عودته للبيت الأبيض في يناير، وقدم فيها نفسه كـ"رئيس سلام".
وأضاف حايموفيتش، في مقال نشره موقع "واللا" وترجمته "عربي21" أن المفاوضات مع إيران سبقتها عملية مماثلة فيما يتصل بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، وستستمر مع الحرب في غزة، قائلا: "حتى لا نتفاجأ عندما تأتي، وفي نهاية العملية مع إيران، لا ينبغي لإسرائيل أن تبقى عند نفس النقطة، وسيتعين على إيران أن تكون خالية من القدرات النووية التي تهددها".
وأشار إلى أنه "بغض النظر عن طبيعة الاتفاق المرتقب الأمريكي الإيراني، فسوف يتعين تحسينه مقارنة بالاتفاق السابق، والالتزام بنقل اليورانيوم المخصب لدولة ثالثة خاضعة للإشراف، ووقف مشروع الصواريخ، وما يسمى بمجموعة الأسلحة، والسيطرة والإشراف الحقيقي على منشآتها، وتحرك عسكري ركّزته الولايات المتحدة على مسافة قريبة منها، بجانب إظهار الجدية ضد الحوثيين، وكلها أسواط وضعتها واشنطن على طاولة المفاوضات، وهو تهديد موثوق وقوي".
وأكد أنه "سواء استمرت العملية ستة أسابيع أو أكثر، فإيران تريد شراء الوقت، والولايات المتحدة تريد الوفاء بالموعد النهائي الذي حدده ترامب، فستكون مصحوبة بارتفاعات وانخفاضات، وتقارب وأزمات مفتعلة، وتهديدات وتسريبات، وربما تؤدي حتى لتفعيل إيران المتحكم به لوكلائها في المنطقة، وليس الحوثيين فقط، هذا هو السوط الإيراني، ولهذا، ويجب على إسرائيل أن تكون مستعدة وجاهزة".
وأوضح أن "الإعلان الاسرائيلي خلال الأيام الماضية عن نوايا مهاجمة المنشآت النووية، التي أوقفها ترامب مثال واضح على التهديدات والتسريبات خلال المفاوضات، وهذه المرة يبدو أن التقرير المسرّب يخدم فعليا المصلحة الأميركية في المفاوضات مع إيران".
وأضاف أن "الأكيد أنه خلال المفاوضات ستُمنع إسرائيل من أي هجوم أو تحرك ضد إيران، ويجب عليها تجنّب التصريحات التي لا معنى لها، مثل "نموذج ليبيا" الذي سارع المبعوث ستيف ويتكوف للتوضيح أنه غير مطروح على الطاولة، وتركيز جهوده مع الولايات المتحدة، والتأكد من الحفاظ على المبادئ الإسرائيلية، وتعزيز التنسيق والاتصال معها فيما يتعلق بالنشاط العسكري، سواء التدريبات أو المساعدة غير المباشرة للعدوان على اليمن، والحفاظ على مستوى عالٍ من الجاهزية العسكرية، وتحسينها باستمرار، الدفاعية والهجومية".
وأوضح أن "المفاوضات التي تقوم بها الولايات المتحدة مع إيران ليست منفصلة عن العمليات الإقليمية الأخرى التي تؤثر عليها بشكل مباشر، وسأذكر بعضها فقط: التطبيع مع السعودية حيث ستكون زيارة ترامب الشهر المقبل ذات أهمية كبيرة، وانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وما إذا كانت تركيا ستستغل ذلك لتعميق تغلغلها فيها، ونزع سلاح حزب الله من قبل الحكومة اللبنانية".
وأضاف أن "العمليات الداخلية في إسرائيل سيكون لها تأثير بعيد المدى، وهذا ليس الوقت المناسب لإلحاق الضرر بقدرات الجيش الإسرائيلي أو أي من الأجهزة الأمنية الأخرى، مما يستدعي وضع كل الخلافات والانقسامات خارج السياج العسكري، وإلا فإن إسرائيل سوف تضيع فرصة تاريخية بسبب الصراعات الداخلية بين أقطابها، لأنها تواجه عدداً من عمليات التغيير الاستراتيجي التي تحمل إمكانات كبيرة لإحداث تغيير كبير في منطقة الشرق الأوسط بأكملها".