الاقتصاد نيوز - بغداد

 

يُعتبر شراء الذهب شرطاً أساسياً لإتمام الزواج في العراق، إذ يقدمه الخاطب لعروسه قبل عقد القران، وعلى وقع الارتفاع القياسي في أسعار الذهب، تجدد الجدل الديني والاجتماعي حول تكاليف الزواج الباهظة.   درجت التقاليد المجتمعية في عموم العراق على أن يكون مهر المرأة من الذهب، من عيار 21 أو 24، ويُقدّمه الراغب بالزواج قبل عقد النكاح، وتتفاوت قيمته ووزنه وفقاً لاتفاق أو تفاهم مسبق بين الطرفين.

  ولامست أسعار الذهب المحلي والمستورد في أسواق العاصمة بغداد، والمدن الكبرى مثل أربيل والبصرة، 700 ألف دينار للمثقال الواحد من عيار 24 (نحو 500 دولار، وفقاً لسعر الصرف بالسوق الموازي)، مع استمرار الارتفاع يومياً.   ويواجه الشباب العراقي المقبل على الزواج نفقات كثيرة، أبرزها المهور، وتكاليف العرس، وتجهيز السكن، وصدرت أخيراً فتاوى ودعوات لرجال دين وشخصيات اجتماعية وعشائرية تدعو إلى تسهيل الزواج، وترفض الشروط التي يضعها أهل العروس، وعلى رأسها السكن المنفصل، ورفع قيمة المهر.   وأكد اتحاد علماء الدين في أربيل، مركز إقليم كردستان العراق، الخميس الماضي، إمكانية استعمال الفضة في الزواج، وأن الذهب ليس شرطاً،   ونقلت وسائل إعلام محلية، عن المتحدث باسم الاتحاد، عبد الله شيركاوي، دعوته إلى استخدام بدائل أخرى عن الذهب في المهور، بهدف تسهيل الزواج، موضحاً أن "الذهب أصبح شرطاً في المهر عرفاً، لكن الدين الإسلامي لا يحدد الذهب أو أي شيء آخر، سواء كان للمهر المعجّل أو المؤجّل".   وشدد شيركاوي على أهمية تشجيع الشباب على الزواج عبر تسهيل الشروط، ومن بينها "استخدام بدائل عن الذهب، مثل نسخة من القرآن الكريم، أو مبلغ من المال، أو الفضة، أو أي شيء آخر يناسب تقديمه مهراً. الشريعة الإسلامية أوجبت تحديد مهر للمرأة عند عقد الزواج، لكنها لم تُلزم بمادة معينة أو مقدار معيّن، بل تركت ذلك للزمان والظروف".

 

وتزامنت هذه الخطوة مع بيان مشابه من مجلس الإفتاء في الأنبار (غرب)، حيث دعا عدد من علماء الدين إلى "التخفيف على الشباب في الزواج"، وأكدوا أن "الذهب والحلي ليست شرطاً شرعياً، والأساس في الزواج هو القبول والود والاحترام بين الطرفين"، كما دعوا إلى "تجاوز فكرة البذخ والمباهاة في الأفراح والأمور التي ترافقها، ما يسهم في بناء بيت ناجح".   تقول الباحثة الاجتماعية، إيمان عباس الطائي، لـ"العربي الجديد"، إن "الكثير من العائلات تتجاوز هذه التقاليد، وتغلّب أخلاق ونسب من يتقدم لخطبة ابنتها على أي معيار مالي. الأوضاع المعيشية صعبة للغاية، والأسر الواعية لا تتعامل مع الجانب المادي في موضوع الزواج، وإنما مع شخصية من يتقدم للزواج، وهل هو كفء وسهل المعشر ويحترم الزوجة أم لا".

 

وتضيف الطائي: "باتت التقاليد والعادات ثقلاً يكبل الكثير من العراقيين، ومن بين ذلك موضوع شراء الذهب، وتكاليف حفل الزفاف الذي يصل إلى تجهيز أخوات العروس ووالدتها بالملابس والهدايا، ما يجعل العلاقة الزوجية مبنية على المصلحة أكثر من كونها مبنية على التفاهم، لذا باتت معدلات الطلاق عالية في كل الإحصاءات الشهرية لمجلس القضاء".   أتم الشاب عمر الدليمي زفافه خلال الشهر الماضي في بغداد، وقال إن أهل زوجته طلبوا منه مهراً مقدماً، مصحفاً من القرآن الكريم، مؤكداً أن "حسن النية إذا استبق العلاقة يكون كل ما بعده سهلاً على من يريد أن يتزوج، وعادة عندما يكون الطرفان متعلمَين أو يمتلكان الوعي تكون الأمور أسهل".   وتفرض العادات المجتمعية العراقية أن يتكفل الزوج بكل شيء، ولا تدفع الزوجة أي مبلغ مالي، ويتزامن دفع المهر لأهل الزوجة عادة مع شراء كميات من الذهب الذي يعد هدية، وتتباين قيمته بحسب اتفاق الطرفين، مثلما تتباين قيمة المهر أيضاً.

قضايا وناس

 

يقول القاضي المتقاعد سلام الأعظمي، إن "غالبية حالات الطلاق التي كانت ترد إليه في السنوات الماضية، هي للزيجات الأكثر مهوراً والأكثر بذخاً، وعادة ما يكون الخلاف على كيفية دفع مؤخر الزواج الذي يكون عادة مبالغ كبيرة، ويطلب الرجل أن يُقسطها على عدة شهور أو سنوات، وتكون هناك سلسلة من القضايا والخلافات المزعجة التي لا يحترم فيها أي طرف الطرف الثاني".   ويوضح الأعظمي لـ"العربي الجديد"، أن "ربط الزواج بالجانب المادي أفقده الكثير من حسه الإنساني، وحول جانباً منه إلى صيغة مادية بحتة، لذا راجت أخيراً عبارة أن الزيجات الناجحة هي زيجات الفقراء، لأن الطرفين يقترنان بتفاهمات إنسانية أكثر من المادية، ويكون القرار هو بناء أسرة، لا الدخول في شراكة".   ووفقاً لأحدث بيانات مجلس القضاء الأعلى في العراق، فقد بلغ معدل الطلاق خلال عام 2024 الماضي، 27,842 حالة طلاق في عموم المدن العراقية، بمعدل أكثر من ستة آلاف حالة في الشهر الواحد، في مقابل تسجيل 320 ألف حالة زواج خلال الفترة ذاتها، ما يعني أن نحو 23% من حالات الزيجات تنتهي بالطلاق.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار

إقرأ أيضاً:

ارتفاع أسعار الفضة بالتزامن مع تدهور «الدولار» عالمياً

ارتفعت أسعار الفضة بنحو 1% لتصل إلى حوالي 32.80 دولارًا للأونصة اليوم الإثنين، متعافيةً من خسائر الجلسة السابقة، حيث أعاد ضعف الدولار الأمريكي إشعال الطلب على الملاذ الآمن.

وتعرض الدولار الأمريكي لضغوط وسط تصاعد المخاوف بشأن اتجاه السياسة الاقتصادية الأمريكية واستقلال مجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث انخفض مؤشر الدولار إلى 98.2 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ فبراير 2022

وتزايد قلق المستثمرين بعد أن هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، مما أثار مخاوف من التدخل السياسي في السياسة النقدية وقوض الثقة في استقلالية البنك المركزي.

ومما زاد من حالة العزوف عن المخاطرة تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث رفضت الصين ما وصفته بـ «التنمر التجاري» الأمريكي وحذرت الدول الأخرى من تقديم تنازلات على حسابها. وساعد عدم اليقين الأوسع على رفع سعر الفضة، والتي غالبًا ما يُطلب كمخزن للقيمة في أوقات عدم الاستقرار الجيوسياسي والمالي.

وكشف كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، أن الرئيس ترامب يدرس إمكانية إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بعدما نشر ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي أن إقالة باول «لا يمكن أن تأتي بالسرعة الكافية»، بينما زاد الضغط على البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة.

أثارت هذه التصريحات المخاوف بشأن تسييس السياسة النقدية الأمريكية، مما قد يقوض مصداقية الاحتياطي الفيدرالي ويهز ثقة المستثمرين في الدولار.

يُعد التوقيت حساسًا بشكل خاص، حيث تتعرض الأصول الأمريكية، بما في ذلك الدولار وسندات الخزانة، بالفعل لضغوط وينظر إليها بشكل متزايد على أنها ملاذات آمنة أقل موثوقية بسبب تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الإدارة.

اقرأ أيضاًوسط أجواء مشحونة تجاريًا.. واشنطن تستقبل اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي

اجتماعات الربيع لـ صندوق النقد ومجموعة البنك الدولي لعام 2025 تبدأ غداً الاثنين

البنك المركزي يستعد لطرح أذون خزانة بقيمة مليار دولار لأجل عام

مقالات مشابهة

  • مبادرات لتخفيف أعباء الزواج في العراق
  • الملاذ الآمن: ارتفاع أسعار الفضة بالأسواق المحلية
  • نجوى رجب: تنظيم الأسرة في بداية الزواج حق مشترك يضمن سعادة الطرفين
  • ارتفاع أسعار الفضة بالتزامن مع تدهور «الدولار» عالمياً
  • لماذا يتربع الذهب على عرش الاحتياطيات الاقتصادية؟
  • رانيا يوسف: الحياة الزوجية مشاركة.. والاهتمام لا بد أن يكون بين الطرفين
  • ذهب الفقير
  • «الملاذ الآمن»: 4.3% ارتفاعًا في أسعار الفضة محليا خلال أسبوع
  • حزب الدعوة يضع شرطا لزيارة الشرع لبغداد: يجب ان لا يكون مطلوبا