سوريا تسعى للإعمار عبر محادثات مع صندوق النقد والبنك الدوليين
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
شرعت الحكومة السورية الجديدة في جهود دولية لإعادة دمج البلاد في النظام المالي العالمي، بما يضمن دعم اقتصاد البلاد، وتهيئة المناخ المناسب لملف إعادة الإعمار.
وتسعى سوريا لفتح خط مناقشات مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للحصول على منح مالية ومساعدات فنية لسوريا.
ويدرس صندوق النقد والبنك الدولي للإنشاء والتعمير حاليا تقديم منح بمئات الملايين من الدولارات لتحسين شبكة الكهرباء في سوريا ودعم القطاع العام، ودفع رواتب الموظفين، مما يمثل خطوة مهمة نحو إعادة بناء البنية التحتية الحيوية للبلاد.
ونقلت رويترز عن الأمين العام المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبد الله الدردري قوله إن المسؤولين سيبحثون خطوات كبرى لإعادة دعم سوريا.
في السياق، سيحضر وفد رسمي سوري مؤلف من وزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير المالية محمد يسر برنية، وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في زيارة هي الأولى لوفد سوري إلى واشنطن بعد سقوط نظام بشار الأسد.
تمتلك كل دولة عضو في صندوق النقد الدولي حقوق السحب الخاصة وهي أشبه بأسهم، يستطيع أي عضو عرضها للبيع للأعضاء الآخرين بقيمة يتفق عليها الأطراف.
إعلانوتخضع عملية البيع والشراء للعرض والطلب، فقد يسعى بعض الأعضاء لزيادة نفوذه في صندوق النقد بشراء الأسهم، مما يرفع سعرها، وربما لا يتقدم أحد للشراء، فتنخفض قيمة حقوق السحب.
ولدى سوريا حقوق سحب خاصة بقيمة 563 مليون دولار في صندوق النقد باعتبارها دولة عضوا ومساهمة، لكن استخدام هذه الحقوق لعمليات البيع يتطلب موافقة أعضاء الصندوق الذين يمتلكون 85% من إجمالي الأصوات، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وكندا والصين ودول الاتحاد الأوروبي، وهم أبرز الأعضاء المساهمين في الصندوق.
ويقول الخبير في الاقتصاد السوري يونس الكريم -في تصريح خاص للجزيرة نت- إن سوريا ستجد صعوبة في بيع حقوق السحب الخاصة بها، بسبب العقوبات الأممية والأميركية على البنك المركزي السوري، وسيتعرض أي عضو للعقوبات إذا ما قام بتحويل الأموال إلى سوريا من دون استثناء أو تعليق للعقوبات.
ولإتمام عملية التحويل، لا بد من قرار استثنائي بتعليق العقوبات على البنك المركزي السوري من الرئيس الأميركي ومن مجلس الأمن.
في هذا السياق، يؤكد الكريم أنه من غير الممكن أن يتم تحويل أموال حقوق السحب عبر منظمات دولية أو خاصة، لأن هذه الأموال مرتبطة بالحكومة السورية بشكل مباشر.
ويلفت الكريم إلى أن بيع سوريا حقوق السحب الخاصة يحرمها من الاقتراض من الصندوق، وستضطر للاستدانة بشكل مباشر من الدول، ويحرم البلد كذلك من الاستفادة من برامج الصندوق لمكافحة الفقر والجوع والتعمير في البلاد.
ويرى الدبلوماسي السوري بسام البربندي -المقيم في واشنطن وهو أحد الشخصيات العاملة في الملف مع صندوق النقد- أن الأموال المقدمة من الصندوق غير مشروطة ومجانية ولا تتعلق بتعقيدات سياسية، بل هي مشترطة فقط بالشفافية، وطريقة توظيف هذه المبالغ في الصالح العام.
ويشير البربندي إلى أن المنح المالية -التي سيتم تقديمها- تندرج تحت بند أن سوريا عضو في صندوق النقد والبنك الدوليين، وتمر بمرحلة انتقالية، ولا بد من مساندتها ودعمها حتى تجتاز هذه المرحلة وتصل لمرحلة الاستقرار.
إعلان البنك الدوليسددت السعودية ديون سوريا المتأخرة للبنك الدولي، والتي تُقدّر بنحو 15 مليون دولار، في خطوة تهدف إلى تمكين سوريا من استئناف الحصول على منح دولية ومساعدات لإعادة الإعمار، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد بعد سنوات من الحرب والعقوبات .
ويناقش البنك الدولي تقديم حزم مالية لتحسين شبكة الكهرباء في سوريا ودعم رواتب موظفي القطاع العام، بهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
وفي هذا السياق، يرى الكريم أن التعامل مع البنك الدولي للإنشاء والتعمير غير ممكن مع سوريا في الوقت الحالي لعدد من الاعتبارات، أهمها:
العقوبات الأممية الأميركية على سوريا تمنع دخول المستثمرين وأي دولة لسوريا، والتعامل مع البنك الدولي يجب أن يسبقه تعليق للعقوبات الأممية والأميركية. وفي هذا الصدد، يرى الكريم أن زيارة الشيباني إلى نيويورك ولمجلس الأمن هي للسعي لتعليق العقوبات الأممية المرتبطة بالإرهاب في سوريا. عدم مواءمة سوريا للمعايير المالية الدولية: وهذا ما تحدث عنه حاكم مصرف سوريا المركزي عن التزام الدولة بالمعايير المالية العالمية، معربا عن رغبة سوريا في الاندماج ضمن النظام المالي الدولي، وأشار إلى أن العقوبات المفروضة على سوريا لا تزال تشكل عائقا كبيرا أمام تقدم الاقتصاد. وأكد حاكم البنك المركزي أن سوريا تسعى لتكون جزءا من النظام المالي العالمي، وتأمل في أن يساعدها المجتمع الدولي على إزالة العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف . عدم استقرار مؤسسات الدولة السورية بالشكل الذي يمكنها من التعامل مع البنك الدولي.ومن جهة أخرى، يؤكد البربندي أن دفع السعودية للديون السورية لصندوق النقد الدولي، يفتح الباب أمام سوريا للاستفادة من التمويل المقدم من "المؤسسة الدولية للتنمية" ، والتي تقدم منحا وقروضا ميسرة للدول منخفضة الدخل.
إعلانويقول البربندي إن الأموال التي سيمنحها البنك الدولي لسوريا مخصصة لإعادة بناء شبكة الكهرباء، ويشير إلى دراسة أميركية توصلت إلى حل لمشكلة الكهرباء في سوريا عبر إصلاح شبكات الضغط العالي الممتدة مع الأردن، والتي قدرت تكلفة إصلاحها بنحو 300 مليون دولار، وعبر ربط الشبكة مع الأردن سيتم تغذية سوريا بالكهرباء اللازمة بما يكفي طوال اليوم.
ويؤكد البربندي أن خيار الربط مع الأردن يعد أفضل للفترة الحالية لتأمين الكهرباء بدلا من انتظار تمويل يبلغ مليارات الدولارات لإعادة بناء محولات الكهرباء التي يمكن العمل عليها في وقت لاحق.
يرى الكريم أن صندوق النقد قد يقدم حزما مالية قصيرة الأجل لدعم الاستقرار في سوريا، ويتوقع أن تبلغ المساهمة بين مليار وملياري دولار، وهو ما يمثل نصف الموازنة السورية، مما يعطي للحكومة الحالية استقرارا نسبيا، ومن الممكن أن تدعم هذه الحزم كل من السعودية وقطر ودول الاتحاد الأوروبي.
ويشكك الكريم بقدرة المؤسسات السورية على التعامل مع الصندوق، الذي يطلب بشكل دائم كشوفا وتدقيقا لكل المدفوعات، وفي العادة يقدم الصندوق الحزم المالية بشكل متدرج، حتى يتأكد أن الأموال تصرف حسب الخطة المتفق عليها.
ويرى أن البنك الدولي قد تكون لديه خطط لتحقيق إنجازات محدودة في ملف إعادة إعمار سوريا، عبر الاستفادة من (الترخيص 24) الذي يسمح للشركات التعامل مع الحكومة السورية في قطاع الكهرباء والصحة والخدمات الإنسانية.
ويضيف أن تطوير الخدمات الأساسية في سوريا يحقق نوعا من الاستقرار الداخلي، ويمنع البلاد من الانزلاق في تكرار لسيناريوهات استمرار أعمال العنف، وهو ما لا ترغب في حدوثه في سوريا الدول الإقليمية والدولية.
إعلان استثناءات متتاليةأعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) توقيع اتفاقية بقيمة 2.9 مليون دولار مع 4 بنوك سورية، بهدف تنفيذ مشروع تجريبي لأسعار الفائدة المدعومة، وتستهدف تمكين أكثر من 1600 مستفيد من الوصول إلى التمويل.
وذكر البرنامج أن الاتفاقية تأتي في إطار رؤية لتعزيز النمو الاقتصادي الشامل، وتأكيدا على التزام البرنامج بتوسيع الشمول المالي وتيسير الوصول إلى الائتمان لتحسين سبل المعيشة في سوريا.
والبنوك الأربعة السورية هي "مصرف الإبداع"، و"مصرف الأول للتمويل الأصغر"، و"بنك بيمو السعودي الفرنسي"، و"المصرف الوطني للتمويل الصغير".
في سياق متصل، أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تخصيص تمويل بقيمة 50 مليون دولار لإصلاح محطة دير علي لتوليد الكهرباء الواقعة جنوب دمشق، ويُعد هذا المشروع خطوة حيوية نحو تحسين البنية التحتية الكهربائية في سوريا.
وحصل البرنامج على إعفاء خاص من وزارة الخزانة الأميركية لجمع التمويل اللازم، مما يتيح تنفيذ المشروع من دون خرق العقوبات المفروضة على سوريا.
زيارة سورية حاسمة
تعد مشاركة وزيري المالية والخارجية وحاكم مصرف سوريا في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن الأولى على هذا المستوى منذ أكثر من عقدين، وتشير إلى رغبة الحكومة السورية الجديدة في إعادة بناء العلاقات الاقتصادية الدولية.
ويشير البربندي -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن لكل دولة عضو في الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي الحق في حضور الاجتماعات الدورية، وأشار إلى أن النظام المخلوع كان يحضر أغلب تلك الاجتماعات.
ويقول محمد الغانم -أحد مؤسسي اللوبي السوري في الولايات المتحدة- إن زيارة وزير الخارجية السوري لنيويورك فرصة مهمة للحوار الدبلوماسي، مشيرا إلى أن حضور سوريا اجتماعي صندوق النقد والبنك الدوليين أمر ضروري لإعادة الإعمار.
إعلانويطرح الكريم نقطة مهمة حول زيارة الوفد السوري لأميركا، حيث يرسل رسالة تبين أن تركيز الحكومة ينصب على تلبية الاحتياجات التمويلية العاجلة، وهو ما قد يُفهم على أنه إشارة إلى وضع أزمة من دون رؤية إستراتيجية متكاملة.
مؤشرات إيجابيةتوحي الاستثناءات الأميركية الممنوحة لبرامج الأمم المتحدة الإنمائية أنها تدعم الاقتصاد السوري وإعادة الإعمار بحدود معينة وبشكل غير مباشر.
ويقول الدبلوماسي البربندي إن الولايات المتحدة ما زالت غير معترفة بالحكومة السورية الجديدة، واشترطت لرفع العقوبات جملة من الشروط والمطالب، بيد أنها لا تريد أن تظهر أمام الشعب السوري بأنها السبب في معاناته.
والاستثناءات الأميركية الأخيرة الممنوحة لسوريا قد تمهد لنتائج إيجابية على مستوى اقتصاد البلاد، ومنها :
رفع القدرة الإنتاجية للكهرباء، وزيادة عدد ساعات توفرها، ويؤكد البربندي أن الدعم الذي سيقدم لسوريا سيسهم في تحريك عجلة الاقتصاد، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن لا سيما على مستوى تحسن توفر الكهرباء. تشجيع الشركات الدولية للاستثمار في قطاع الكهرباء في سوريا، فعلى الرغم من إصدار واشنطن الترخيص 24 الذي يسمح للشركات بالتعامل مع سوريا في قطاع الكهرباء، فإن هناك توجسا وتخوفا من الوقوع تحت وطأة العقوبات الأميركية، علاوة على عدم قدرة الدولة السورية على تمويل المشاريع. دوران العجلة الاقتصادية ولو بحدود معينة، لتوفر الكهرباء بشكل أكبر من السابق، وتمويل الأمم المتحدة بعض المشاريع الاقتصادية.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات صندوق النقد والبنک الدولیین صندوق النقد والبنک الدولی صندوق النقد الدولی مصرف سوریا المرکزی الکهرباء فی سوریا الحکومة السوریة مع البنک الدولی فی صندوق النقد إعادة الإعمار الأمم المتحدة ملیون دولار حقوق السحب إعادة بناء التعامل مع الکریم أن سوریا فی إلى أن
إقرأ أيضاً: