ورد في كتب السنة أنّ الله عز وجل نهى نبيَّه الكريم عليه السلام عن الاستغفار لأمِّه السيدة آمنة عليها السلام، وورد أيضًا أن المولى سبحانه وتعالى أحيا أبويه له حتى آمَنا به صلى الله عليه وآله وسلم؛ فهل هناك تعارض بين ما ورد في الحديثين؟ وما توجيه النهي الوارد عن استغفار النبي عليه السلام لأمِّه عليها السلام.

. سؤال ورد لدار الإفتاء.

هل لمس العورة ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تكشف الحكم خطأ شائع في الصلاة على النبي يقع فيه البعض.. الإفتاء تصححه

قالت دار الإفتاء إن الشريعة الإسلامية أولت مزيد شرف ورعاية، وعظيم اعتناء واصطفاء لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجميع آله وأصحابه، وأوْلى الآل بذلك والِدَا المصطفى صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين؛ لأن شرفَهما شرفٌ نبوي، ولنور النبوة مُستودَعَيْن، ولأن لفظ الآل يدل في اللغة على المآل، سواء في البدء والمنتهى؛ بحيث يشمل مَن يؤول إليهم المرء ويؤولون إليه؛ كما في "مقاييس اللغة" لابن فارس (1/ 160، ط. دار الفكر).

وأوضح: صار أحقُّ مَن يوصف بهذا المعنى مَن آلُوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مِن أهل العباء، ومَن آل إليهم من الأمهات والآباء، فتكون السيدة آمنة بنت وهب من آله لغةً؛ لأنه يؤول إليها نسبًا، بل هو بُضعتها، وشرعًا لكونها من بني عبد مناف، وقد ذكر غيرُ واحدٍ من الفقهاء أن آل بيت النبي هم بنو عبد مناف؛ كما في "مسائل ابن رشد" (1/ 332-336، ط. دار الجيل).

وأضافت أن السيدة آمنة بنت وهب أمُّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المحكوم بنجاتهم واصطفائهم، وهذا كله يُثبت إيمانهم، وقد أفرد في الترجمة لها والتعريف بمناقبها وفضائلها علماء الأمة ومحققوها المؤلفات والرسائل الخاصة، منها: "الثغور الباسمة في مناقب السيدة آمنة"، و"الفوائد الكامنة في إيمان السيدة آمنة" للإمام السيوطي، و"البهجة السنية في بعض فضايل السيدة آمنة القرشية" للعلامة يحيى بن محمد العطار (كان حيًّا 1243هـ).. وغير ذلك من المؤلفات قديمًا وحديثًا.

والقول بنجاة الأبوين الكريمين هو المستقر؛ سواءٌ قلنا بحصول الإحياء لهما أو أنهما من أهل الفترة، وعليه لا يُعكر على ذلك حديث النهي عن الاستغفار لهما؛ لأنه كان متقدِّمًا على الإحياء، وهو مُتَأَخِّرٌ عن النَّهي، فكان حُكمُه ناسِخًا لحُكم النَّهي.

قال الإمام القُرطُبِي فيما نَقَلَه عنه الحافظ السيوطي في "الحاوي" (2/ 278، ط. دار الفكر): [لا تَعارُضَ بين حديثِ الإحياء وحديثِ النَّهيِ عن الاستِغفار؛ فإنَّ إحياءَهُما مُتَأَخِّرٌ عن النَّهيِ عن الاستِغفار لهما؛ بدَليل حديث عائشة أنَّ ذلك كان في حجة الوَداع؛ ولذلك جَعلَه ابنُ شاهين ناسِخًا لِمَا ذُكِرَ مِن الأخبار] اهـ.

وهناك توجيهٌ وجيهٌ آخر لمعنى عدم الإذن له صلى الله عليه وآله وسلم في الاستغفار لأمِّه عليها الصلاة والسلام ذكره العلماء، ومفاده: أنَّ الاستغفارَ فرعُ المؤاخذة على الذنب، ومَن كان مِن أهل الفترة ولم تبلغه الدعوة لا يُؤاخَذ على ذنبه، فلا حاجة إلى الاستغفار لها، فقولُ مَن قال إن عدم الإذن في الاستغفار لعدم إيمانها: غير سديد. اهـ. يُنظر: "المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود" للشيخ محمود خطَّاب السبكي (9/ 93، ط. مؤسسة التاريخ العربي).

وأوضحت الدار أنه اخْتُصَّ قبر السيدة آمنة بمزيد فضل وعظيم شأن؛ لكونها من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتكون زيارتها من البر والصلة والمودة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ الصلة لا تنقطع بالموت، مما يجعل زيارة قبر السيدة آمنة من أقرب القربات وآكد المستحبات؛ بل ويكفينا في فعل ذلك اتباع المصطفى الكريم في زيارته لقبر أمه عليهما السلام، ووصيته لأمته بآل بيته.

قال الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ ] الشورى:23[

عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: "قَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَحَمِدَ الله، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ! أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ الله، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ الله وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ» فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ الله وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي؛ أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي»" أخرجهما الإمام مسلم في "صحيحه".

ويزيد على ذلك: أنه لما ثبت وصف أمهات المؤمنين لزوجات رسولنا الأمين؛ لأنه مِنَّا بمنزلة الوالد لولده، صارت زوجاته مِنَّا بمنزلة الأمهات؛ قال الله تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: 6]، كان ثبوت هذا الوصف للسيدة آمنة آكد وأوْلى؛ لأن أمومتها حقيقية، لا بواسطة عُرى الزوجية، والنسب أقوى من الصهرية، فصارت زيارة قبرها آكدة من جهة كونها أمًّا للمؤمنين، ومن جهة مزيد فضلها لكونها أم الرسول الأمين.

قال الله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾]الأحزاب: 6 [

فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي" أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه". 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أم النبي سيدنا النبى دار الإفتاء دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

هل يجوز أن تقول والدتي إنها رأت رؤيا وهي لم ترها؟ الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا تقول صاحبته: “هناك مشكلة بين والدتى وأخوتها على الميراث فهل يجوز لها أن تقول لهم إنها رأت رؤيا بالبيع وهى فى الحقيقة لم ترها؟”.

وأجاب الدكتور عبد الله العجمي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية عن السؤال قائلا: إن هذا كذب صريح، بل هو من أشد الكذب أن يري المرء عينه ما لم يرى وهذا.

واستشهد أمين الفتوى خلال الفيديو الذى نشر عبر قناة دار الإفتاء على يوتيوب بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “أفرى الفرى أن يري الرجل عينيه ما لم تريا”.

الفرق بين الحلم والرؤيا في المنام

بدوره كان الشيخ محمد توفيق من علماء الأزهر الشريف، قال إن هناك فروقًا بين الرؤيا والحُلم الذي يراه الإنسان في منامه، مشيرًا إلى أن الرؤية تكون صادقة بخلاف الحُلم.

وأضاف توفيق أثناء لقائه في برنامج "بكرة أحلى" على قناة النهار الفضائية، أن الرؤيا تكون صادقة وواضحة بحيث يتذكر الإنسان تفاصيلها، مشيرًا إلى ان الرؤيا تكون مركزة على توصيل رسالة معينة، بخلاف الحُلم الذي يرى فيه الشخص أشياءً متنوعة.

يذكر أن ما يراه النائم في نومه فهو ثلاثة أنواع : رؤيا ، وهي من الله تعالى، وحلُم وهو من الشيطان، وحديث النفس.

فالرؤيا: هي مشاهدة النائم أمرًا محبوبًا، وهي من الله تعالى، وقد يراد بها تبشير بخير، أو تحذير من شر، أو مساعدة وإرشاد، ويسن حمد الله تعالى عليها، وأن يحدث بها الأحبة دون غيرهم.

والحلُم : هو ما يراه النائم من مكروه، وهو من الشيطان، ويسن أن يتعوذ بالله منه ويبصق عن يساره ثلاثا، وألا يحدِّث به فمن فعل ذلك لا يضره، كما يستحب أن يتحول عن جنبه، وأن يصلي ركعتين.

وقد يكون ما يراه النائم ليس رؤيا ولا حلما، وإنما هو حديث نفس ، ويسمى "أضغاث أحلام"، وهو عبارة عن أحداث ومخاوف في الذاكرة والعقل الباطن، يعيد تكوينها مرة أخرى في أثناء النوم، كمن يعمل في حرفة ويمضي يومه في العمل بها وقبل نومه يفكر فيها، فيرى ما يتعلق بها في منامه، ولا تأويل لهذه الأشياء.

أوقات الرؤيا الصادقة

قال الدكتور محمد عبدالسميع، مدير إدارة الفروع الفقهية بدار الإفتاء، إن الإمام محمد بن سيرين ذكر أن الرؤيا كلما كانت أقرب للنهار عند استيقاظ صاحبها، زاد صدقها واحتمالية وقوعها.

أوضح «عبدالسميع» في فيديو البث المباشر لدار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك، ردًا على سؤال: ما هي أوقات الرؤيا الصادقة ؟ أن صدق الرؤيا التي تقترب من النهار ليست قاعدة يمكن تعميمها، بل يمكن التحقق من صدق الرؤيا من خلال عدة أمارات، منها أن يتذكر الإنسان الرؤيا عندما يستيقظ وتتضح له مثل فلق النهار، مضيفًا أن يرى الإنسان شيئًا يفهم منه الإشارة إلى شىء معين متعلقٍ بحياته.

مقالات مشابهة

  • صحة حديث والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
  • حكم التوسل بالنبي وأولياء الله الصالحين
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • حكم الإقامة للصلاة بصيغة الأذان.. دار الإفتاء تجيب
  • هل يجوز أن تقول والدتي إنها رأت رؤيا وهي لم ترها؟ الإفتاء تجيب
  • ما حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر؟ ..الإفتاء تجيب
  • هل تجوز قراءة القرآن في سرادقات العزاء بأجر؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • حكم الاستعانة بذوي الخبرة في علاج الإدمان
  • مشروعية الرقية الشرعية وحكم طلبها من الصالحين
  • حكم المشاركة في التحديات والألعاب الرياضية العنيفة