من أكثر ما يهزّ الفرد ويقلقه، ليس دائماً صخب الأحداث، أو ضجيج المشاكل، بل في كثير من الأحيان يكون الصمت هو محرِّك العواصف التي بلا ملامح، وتعصف داخله. فالصمت الظاهري قد يخفي وراءه ضجيجاً داخلياً، وأسئلة مؤرقة لا إجابات لها .
يقلق الفرد حين لا يسمع ما يريد سماعه، وحين لا يتلقى رداً يُشفي فضوله، أو يُنهي توتره.
لكن هذا القلق الذي يخلقه الصمت، لا يجب أن يهزمنا، بل يمكن أن يصبح وقودًا للنمو والتطوير، فالتنمية الحقيقية تبدأ حين نوجّه هذا القلق نحو الداخل، لا لكي نغرق فيه، بل لنفهم ما الذي يقلقنا فعلًا؟ ما الذي نخشاه من هذا الفراغ؟ حين نُصغي لصمتنا بدلاً من الهروب منه نكتشف رسائل عميقة عن ذواتنا.
يمكن للصمت أن يكون أداة للتأمل، وفرصة لمراجعة الذات، ومكانًا لصناعة وضوح داخلي ، وهو أيضاً دعوة لإعادة الاتصال بالله، بالهدف، وبالسلام الداخلي. وحين نحوِّل الصمت من مساحة قلق إلى مساحة تأمل، نبدأ في بناء طمأنينة متينة لا تهزها الكلمات، ولا يغمرها الغياب.
وعلينا أن نعي أن ليس كل صمت ثُقل، وليس كل قلق خسارة. بعض الصمت دعوة عميقة للإصغاء، وبعض القلق جرس تنبيه ينادينا للتغيير، فالمسألة تكمن في كيفية التفاعل لا في الأحداث ذاتها. وهنا يبدأ الفرق بين من يعيش ردود الأفعال، ومن يصنع نفسه من جديد. فالمهم والمهم أن لا نستسلم.
fatimah_nahar@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً: