الوصية الأخيرة للبابا| تحنيط الجثمان وحداد 9 أيام.. وبدء انتخاب خليفته بعد وفاة فرنسيس
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
في لحظة مؤثرة تهز مشاعر أكثر من مليار كاثوليكي حول العالم، أعلن الفاتيكان صباح يوم الاثنين وفاة البابا فرنسيس، أول بابا من أمريكا اللاتينية في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية. رحل الرجل الذي حمل على عاتقه هموم الفقراء والمهمشين، وواجه تحديات جسام في سعيه لإصلاح مؤسسة ضاربة بجذورها في التاريخ. عن عمر ناهز 88 عامًا، وبعد 12 عامًا من بابويته التي تخللتها لحظات إنسانية عميقة وأزمات لاهوتية وإدارية، أسدل الستار على عهد استثنائي بدأ عام 2013 بانتخاب مفاجئ.
ظهر الكاردينال كيفن فاريل على قناة الفاتيكان ليعلن الخبر الذي لم يكن مفاجئًا تمامًا، لكنه أوجع القلوب: "أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، ببالغ الحزن والأسى، أُعلن وفاة البابا فرنسيس. عند الساعة 7:35 من صباح يوم الاثنين، عاد أسقف روما إلى بيت الآب".
كان البابا فرنسيس قد عانى في الأشهر الأخيرة من مشكلات صحية متعددة، وكان آخر ظهور علني له في السادس من أبريل عندما أطل من على كرسي متحرك في ساحة القديس بطرس بعد مغادرته مستشفى جيميلي حيث تلقى العلاج من التهاب رئوي مزدوج.
بوفاة البابا، دخل الفاتيكان مرحلة تُعرف بـ"الفراغ الرسولي" وهي الفترة الفاصلة بين بابوين. هذه المرحلة تستمر عادةً من أسبوعين إلى ثلاثة، وتبدأ خلالها عملية انتخاب بابا جديد من قِبل مجمع الكرادلة، في طقس كنسي معقد ومهيب.
تبدأ مراسم الحداد بتسعة أيام يُطلق عليها "نوفنديياليس"، حيث تُقام صلوات يومية على روحه، ويُعرض جثمانه أمام المصلين في كاتدرائية القديس بطرس، في مشهد يذكّر بوداع البابا يوحنا بولس الثاني الذي اصطف ملايين المؤمنين لتوديعه عام 2005.
ومن المقرر أن يُدفن البابا بين اليوم الرابع والسادس من وفاته، وفقًا للتقاليد الفاتيكانية.
تحنيط الجثمان.. طقوس علمية بلمسة إيمانيةنظراً للظروف المناخية وارتفاع درجات الحرارة، شرع الفاتيكان في تحنيط الجثمان استعدادًا لعرضه لثلاثة أيام أمام الزوار. تبدأ العملية بفتح شق صغير في منطقة الترقوة للوصول إلى الأوعية الدموية، ثم تفريغ الجسم من الدم واستبداله بمزيج من الفورمالديهايد والكحول والأصباغ.
بعدها تُعالج الأنسجة داخليًا لتثبيتها ومنع التعفن، ويتم تنظيف الجسد وتجميله باستخدام أدوات تجميل خاصة، وتوضع تعابير هادئة على وجهه. يُلف الجثمان بثوب أحمر وتوضع التاج البابوية البيضاء على رأسه.
ومن المثير للاهتمام أن البابا فرنسيس اختار أن يُدفن في تابوت خشبي مبطن بالزنك، مخالفًا التقليد المتّبع الذي يتضمن ثلاثة توابيت.
وصيته الأخيرة.. دفن خارج الفاتيكانقبل وفاته، فاجأ البابا فرنسيس العالم بقراره غير المسبوق أن يُدفن خارج المدافن البابوية أسفل كاتدرائية القديس بطرس. فقد أعلن في ديسمبر 2023 أنه يرغب في أن يُدفن في كاتدرائية سانتا ماريا ماجوري في روما، التي تربطه بها علاقة روحية عميقة.
قال البابا آنذاك: "أشعر بارتباط قوي بهذه الكنيسة. أرغب في أن يوارى جسدي فيها، تقديراً لتفانيّ الكبير تجاه العذراء مريم". ورغم أن الكنيسة تضم رفات 7 باباوات سابقين، فإن فرنسيس سيكون أول من يُدفن هناك منذ عام 1903.
آخر رسائله.. دعوة للسلام في غزةحتى في أيامه الأخيرة، لم يتوقف البابا فرنسيس عن أداء واجبه الأخلاقي والروحي. في رسالة قرأها أحد مساعديه بمناسبة عيد الفصح، دعا إلى وقف إطلاق النار الفوري في غزة، واصفًا الوضع هناك بأنه "مأساوي ومؤسف"، وطالب بالإفراج عن المحتجزين لدى حماس. هذه الرسالة، رغم بساطتها، عبّرت عن ثوابت البابا في الدفاع عن حقوق الإنسان والمضطهدين.
اللقاء الأخير.. زيارة نائب الرئيس الأمريكيفي أحد آخر اللقاءات الرسمية له، استقبل البابا فرنسيس نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، المعروف بخلافه السابق مع البابا حول سياسات الهجرة. اللقاء الذي جرى قبل ساعات من وفاته كان مناسبة لتبادل التهاني بعيد الفصح، وربما توديع رمزي لعالم السياسة قبل الانتقال إلى دار الخلود.
محطات في مسيرة البابا فرنسيسانتُخب خورخي ماريو بيرغوليو، الكاردينال الأرجنتيني المتواضع، بابا للفاتيكان في 13 مارس 2013، ليكون أول بابا من نصف الكرة الجنوبي، وأول يسوعي يتقلد المنصب.
تميزت بابويته بالتركيز على الفقراء، الانفتاح على القضايا الاجتماعية، والسعي لإصلاحات داخل الكنيسة، سواء في ما يتعلق بالحوكمة أو التعامل مع قضايا الاعتداءات الجنسية. واجه انتقادات حادة من المحافظين داخل الكنيسة، لكنه ظل وفيًا لرؤيته في جعل الكنيسة أقرب إلى الناس.
إرث فرنسيس.. وتحديات من سيخلفهبرحيل البابا فرنسيس، تطوى صفحة من صفحات الكنيسة الكاثوليكية المعاصرة، صفحة كُتب فيها الكثير من التحديات والأحلام والصراعات والصلوات. لقد كان صوتًا إنسانيًا في زمن صاخب، وبابا لا يشبه سابقيه في بساطته، وتواضعه، وجرأته في كسر بعض التقاليد.
الأنظار تتجه الآن إلى المجمع المقدس، حيث سيتعيّن على الكرادلة اختيار قائد جديد للكنيسة، بابا يحمل المشعل وسط عالم تتزايد فيه التحديات الروحية والاجتماعية.
لكن حتى ذلك الحين، تبقى صورة البابا فرنسيس مطبوعة في القلوب، وعبارته الأخيرة "عاد إلى بيت الآب" ترددها ملايين الشفاه بدمعة وفاء وصلاة رجاء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البابا فرنسيس الفاتيكان التاريخ الكحول الكنيسة أمريكا روما المزيد البابا فرنسیس أن ی دفن
إقرأ أيضاً:
ارقد في سلام .. أول تعليق للبيت الأبيض على وفاة بابا الفاتيكان
نشر البيت الأبيض منشورًا تذكاريًا أوليًا للبابا الراحل فرانسيس، وكتب على إكس "ارقد في سلام" إلى جانب صور للرئيس دونالد ترامب أثناء لقائه بالبابا.
وكان ترامب قد التقى البابا فرانسيس في الفاتيكان عام 2017، بينما التقى فانس البابا فرانسيس لفترة وجيزة يوم الأحد، قبل يوم واحد فقط من وفاته.
بدأت أجراس الكنائس في جميع أنحاء روما بالرنين بعد أن أعلن الفاتيكان وفاة البابا فرانسيس صباح الاثنين.
تأتي وفاة البابا في الوقت الذي يحظى فيه معظم الإيطاليين بإجازة من العمل، إذ يُعدّ يوم اثنين الفصح عطلةً وطنيةً في إيطاليا.
ويقضي العديد من الإيطاليين هذا اليوم تقليديًا في لقاء الأهل والأصدقاء والتجمع في نزهات.
ومن المرجح أن يُعيد الكثيرون النظر في خططهم في ضوء وفاة البابا.
أما الرسالة الأخيرة للبابا فرانسيس فكانت لا سلام بدون حرية الدين والفكر والتعبير وذلك بمناسبة عيد الفصح .
في خطابه الختامي، استذكر البابا سكان غزة، وخاصةً مسيحييها، لأن الصراع "يُسبب الموت والدمار" ويخلق "وضعًا إنسانيًا مُزريًا".
وقال "إن التعطش للموت والقتل كبير للغاية، وهو ما نراه في الصراعات العديدة المستعرة في أجزاء مختلفة من العالم".
وجاء في الرسالة: "أعرب عن تعاطفي مع معاناة الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني. ادعوا لوقف إطلاق النار، وأطلقوا سراح الرهائن، وهبوا لمساعدة شعب جائع يتطلع إلى مستقبل يسوده السلام".
وشجع البابا أيضا جميع الأطراف المشاركة في الحرب في أوكرانيا على "مواصلة الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم".