بيان مصري سعودي: رفض محاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
أكدت مصر والسعودية أهمية حل الدولتين والرفض القاطع لجميع محاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم في غزة أو الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، تحت أي مسمى كان: مؤقتا أو دائما قسريا أو طوعيا.
جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن لجنة المتابعة والتشاور السياسي بين البلدين، التي عقدت أعمالها في الرياض أمس الاثنين برئاسة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود.
وشدد البيان على دعم القاهرة والرياض الخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة.
كما أكد الجانبان دعمهما للحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي، وشددا على أهمية الحفاظ على أمن وسلامة وحرية الملاحة في البحر الأحمر.
واتفق الجانبان على أهمية إنهاء النزاع في السودان ودعم مؤسسات الدولة السودانية، ودعم المبادرات الدولية والإقليمية كافة، وعلى رأسها محادثات جدة الهادفة لإعادة الاستقرار في السودان.
كما تناولت المباحثات الأوضاع في سوريا، إذ أكد الجانبان ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، وأهمية شمولية العملية السياسية، ومكافحة الإرهاب بأشكاله كافة، ورفض التدخلات الأجنبية في الشأن السوري، وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية للأراضي السورية.
إعلانوشدد الجانبان أيضا على ضرورة احترام سيادة ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها ورفض جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونها وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب كافة، وأكدا أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن.
كما اتفق الجانبان -وفقا للبيان المشترك- على أهمية دعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار بالصومال وتعزيز قدرات مؤسسات الدولة الصومالية لبسط سيطرتها على كامل أراضيها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
على كرتي (النموذج الدارويني) : ضرورة مناقشة علاقة الدولة بالقبيلة
زرياب عوض الكريم
أولاً نخبة شمالية ام أولغارشية شمالية؟
تجاوز تحرير المصطلح احياناً يضر كثيراً بمهمة تحرير السرد ، إلا اننا سنعتمد حتى هذه اللحظة مصطلح القومية الشمالية من باب تأثيل النظرية نفسها.
لكن الواقع اننا لسنا أمام صراع قومية شمالية بقدرما هي (اوليغاركية) شمالية northern oligarchy لم تعرف الشعوب الوطنية السودانية نموذجها المماثل إلا مع صعود وهيمنة إثنية الزغاوة نهاية السبعينيات بداية الثمانينات الذي وقف وراءه غربا معمر القذافي وشرقاً الراحل حسن الترابي.
ثانيا : هل نحن أمام قوميات فلاحية متنافسة competiting peasantry nationalisms أم أمام صراع لبروليتاريات ريفية متناحرة عرقياً على دولة الغنيمة مابعد الإستعمار (صراع السودنة أو تأميم الوظائف) في الثلاثينات ، كما كان الحال في القرن السادس عشر وماتلاه لثلاثة قرون سابقة للإستعمار التركو مصري تتبادل الكراهية العرقية Antagonism؟
المُجتمعات المحلية (المهيمنة) في أزمة قيادة
هذه المقالة مهمتها الرد معرفياً على مداخلة الاب الروحي لحرب 15 إبريل 2023 على كرتي وتصوره لتقسيم السودان في ندوة عطبرة. كخارطة طريق تبنتها الجبهة الإسلامية للقوميين الشماليين (الأولغاركيين الشماليين في الحقيقة) منذ وجود قيادتها في السجن 1970 وتأثرها بمطالعة الأدب النازي في سجن كوبر. لجعل دولة السودان الشمالي أكثر شمألة northernification وأكثر عروبة ، أو إيجاد هويتها القومية الخالصة من خلال قصقصة الأطراف والتخلص منها de-peripherialization.
قبل مناقشة خطة علي كرتي لتقسيم السودان الأنغلو مصري من أجل التجانس العرقي ، لا بد من فتح قوس الإستفهام واسعاً حول ما اذا كانت جرأة الأخير الذي تعود على الظهور في الظلام ، مرتبطة بتفاهمات غير مكتوبة مع المستشار الفعلي لقائد قوة الدعم السريع نائب الرئيس السابق حسبو عبدالرحمن ودوره في صياغة الإعلانات الكارثية في جدة وجنيف.
مشكلة حسبو عبدالرحمن الذي هو (تسجيل صوتي موثق) أبو الفكرة الكارثية لغزو مشروع الجزيرة نوفمبر 2023. دون أن يتحمل مسؤولية ذرى من تلك الخطيئة المرتدة بظلال واسعة من الشقة بين السودانيين من الصعب معالجتها.
مُشكلته انه واحد من المثقفين المازوخيين أبناء طبقة التكنوقراط الهامشي (الفلنقاتيزم) الذين عملوا في بلاط القوميين الشماليين وأدمنوا تبعيتهم. هؤلاء لا يُمكن الثقة في مواقفهم الجذرية. ولا يمكنهم التخلص من مازوخيتهم السياسية التي واحداً من منتجاتها إعلان الإستسلام المهين في (جدة) 2023 كتوسل لوقف إطلاق النار.
إنتهى الإستفهام.
الخُطة (التآمرية) ليست جديدة لأنها تجسيد غير جديد لصراعولوجيا النُخب الشمالية (الشمال النيلي ، الشمال العروبي) Jellaba conflict-logy. المجسد بدوره أزمة الشرعية السياسية الإجتماعية التي تعاني منها هذه النخبة المنبوذة المريضة التي تجسد كراهية ذاتها في مرايا كراهيتها للآخرين ، كطبقة حُكم بدون أمة على الطراز الإقطاعي الإسلامي ، غرار النموذج الباطن في موريتانيا و زنجبار المنحلة Nationalism without nations.
أو بتعبير أكثر دقة للعلامة (ولكر كونر) " nationalism without groups".
ويمكننا التمادي في التفسير إلى القول أنهم طبقة حُكم تبحث عن أمة (غير موجودة) ، طبقة حُكم (سائحة) بالتعبير العرفاني أو مهاجرة migrant Rule class تبحث عن مَحكومين تحكمهم أو تتوافر في سماتهم خصائص الإخضاع الثقافية الممكنة.
هذا النموذج التفسيري المستلهم من تحليل أنثربولوجي طويل ، كافٍ لتفسير هروب الجلابي (عبدالفتاح البرهان) من - الخرطوم - وإقامته لدولة أخرى في - بورتسودان - دون أدنى معاناة ، مثله مثل أي وريث عرش هارب أو معزول لكنه يملك مفتاح الشرعية (المقدسة) ، لا بل شنه بمساعدة الدول العربية حرب (مقدسة) لإستعادة عرشه السليب أسماها المثقفين الشماليين (حرب الكرامة) اي الإستردادوية Irredentism.
بدون التخلص من "الشرعية المقدسة" أو "الشرعية الفلاحية المقدسة" نفسها وتفويض السلطة إلى المكونات العرقية المُشكّلة للوطنية السودانية ، لا إلي نُخب بديلة هنا أو هناك لسلطة غاشمة وعارية ، لا يمكن تحرير دولة السودان الأنغلو مصري.
[في دراسة أخرى أكثر تفصيلاً يمكننا تفكيك وتحليل طبيعة (النموذج النيوكولونيالي) ، طبيعة النُخب العربية وغير العربية النيوكولونيالية , التي نصبها عبدالناصر ((أتاتورك المصري)) والسفارات الأمريكية في الخمسينات وصولاً إلى الستينيات تحت عنوان حكومات الضباط الأحرار الخ ، وهي (طبقات حكم مصنوعة خارجياً أو طبقات حكم مستوردة كما هو في التعبير الفرنسي عن (الدولة المستوردة) ، بديلاً عن إقامة الدولة وإقامة الأمة الوطنية في تلك الجغرافيات nationhood].
الأزمة الأخلاقية للكتلة البراغماتية للحُكم
طبقة الحكم هذه مع مرور الزمن أوجدت لنفسها حاضنة زبونية (فاسدة) من سكان وقبائل وسط السودان تحديداً ، يمكن وصفهم (الكتلة البراغماتية) للحكم.
لعبت هذه الكتلة البراغماتية دوراً مهما في إستمرارية دولة 1956 لا بل حمايتها من الزحف الماوي maoist march من الريف نحو المدينة (الخرطوم). مُقابل الغنيمة (الفساد) حديثاً منذ عهد مايو 1976 وقديما في مقابل العلاقة الرعائية patron-client التي تجمعها بالإقطاعي الشمالي (الطائفية).
سُكان وسط السودان (بدون عاطفة) هم عُملاء صريحين Agents لهذه الدولة غير الوطنية ، متواطئين مع ظُلمها وفسادها لغايات منفعية ميكافيلية (لا مناص من إدانتهم بذلك) , مُتعاطفين مع جرائمها بحق الشعوب الأخرى لأسباب تتعلق بالكراهية العرقية وحتى الإستعلاء العرقي (مزدوجين وجدانياً) ، (إنما) لا يكمن الحل في عقابهم ثقافياً على طريقة الدفتردار ، الخطأ (القاتل) الذي إقترفته قوة الدعم السريع في مشروع الجزيرة. وبه منحت الخارج والداخل صك إدانة الثورة وفتحت الطريق واسعاً إلى التحدي الإثني للثورة ، ظاهرة الفلنقاتيزم (الفلنقايات) أو الثورة المضادة ، إلى تفاهمات جنيف التي أفضت عملياً إلى تقسيم السودان بدون إتفاق وبدون فض شراكة مكتوبة للقضايا التفصيلية.
ما تعرضت له مُجتمعات الإقطاعيين (ملاك الأراضي الذين إستبدل الجنرال إبراهيم عبود ملكيتهم للأرقاء بتمليكهم أراضي الدولة state agro lands) في مشروع الجزيرة من عُنف قوة الدعم السريع و سعيها لإخضاع سكان الولايات الإقليمية بالقوة الجبرية (المحضة) bare force , بواسطة جهاز أمن بدائي من القرون الوسطى (الإسلامية) هو (مليشيات أم باقة) مُنخفضة الكُلفة وبواسطة ستراتيجية (إخضاع) كلاسيكية تقوم على تجريد السكان وتعفيشهم وتجريف المُدن من مقومات الحياة (إقتصاد جمهورية الكدمول الخراجي predatory mode Economy). هو نفسه الإقتصاد الخراجي المتوحش لإسلام التاريخ (السبي الغزو التنفل الغنيمة التسري) تجاه الشعوب الأصلية في العالم القديم.
ما يُمثل قانونياً شكل من أشكال الإستعباد التي مورست في نماذج كثيرة منها مرحلة الإرهاب الدولتي في الإتحاد السوفيتي والصين وتشاد حبري و ديبي وكوريا الشمالية (عنف الدولة) subjugation , مارسه الجيش السوداني الشمالي - ((كتقليد دارج)) - في كل حروبه الثقافية الدفتردارية في الجنوب والغرب بالنيابة عن طبقة (الجلابة) الكمبرادورية وظلت تنافح عنه مجتمعات وسط السودان نفسها , وتخرج في مسيرات التأييد له ولأفعاله ((آخرها إحتفالهم بموت خليل ابراهيم أمام القيادة العامة 2012)) .. دون أن يلقى (مقاومة ثقافية) من الآخرين ، تعرضت له في المقابل مُجتمعات الفلاتة في جلقني / الجوامعة في مثلث ام روابة الرهد / النوبا في الجبال الشرقية من قبل قوة الدعم السريع أيضاً لكن دون يلقى (مقاومة ثقافية).
المقاومة الثقافية (هنا) هي دليل تخطيط و تجنيد مسبق mobilization ، لا مظلومية ورد فعل إنفعالي.
تلك المقاومة الثقافية المبيتة تطرح تفكيك الأنساق المخاتلة للوعي السائد عن (القومية الوطنية السودانية) أو (الشمالية) وضرورة هدمها إلى الأبد ، ضرورة تحرير الوعي الوطني من خداعه والوعي الشمالي من نفاقه الإجتماعي وتناقضاته ، أسئلة إعادة التعريف Redefining (1) من هم المواطنين؟ وعلى من ينطبق ولا ينطبق تعريف المواطنة السودانية الإنتقائي هذا؟ (2) ماهو تعريف مفهوم الإنتهاكات وهل تنطبق عليه جرائم الجيش النظامي السوداني الممنهجة عبر التاريخ وجرائم سكان شمال السودان ضد إنسان الهامش؟ ام لا. هل سنقبل بإزدواجية المعايير والسرديات ومخاتلتها هذه وحتى متى؟ لأي مدىً؟
في الوقت الذي طرحت فيه إثنيات وسط السودان خطابها (سردياتها الصغرى) عن تواجد القوات العسكرية من غرب السودان في مشروع الجزيرة والمدن الشمالية كلها كرمزية للإحتلال الغزو conquest و دلالة الإستفزاز الثقافي العرقي ، فذلك يستوجب التوقف عند هذا الخطاب المخاتل المنافق لا محايثته ، الذي لا يعتبر حروب الدفتردار الإنتقامية لجيش دولة 1956 في الهامش والريف وحضور الجيش وتشكيلات فرق الموت التي لازمت حروبه من الإغتصاب الجماعي والفردي ومظاهرات التسري في مدن جوبا وأحياءها، لا يعتبرها مظاهر إحتلال.
* (ثمة أحياء كاملة تشكلت في تاريخ الجيش السوداني في مورفولوجيا العمران الحضري والقروية انتجت تشكُل طبقات عرقية جديدة لعب العنف الجنسي والإستغلال والرق العسكري والسُخرة دوراً مهما في نشأتها مثل مسميات احياء الملكية والعباسية والرديف وبُري الخ).
** حتى الآن لم يرفع ضحايا الرق العسكري َوالإغتصاب والسُخرة في حروب الجنوب الكبير قضايا في محاكم العدل الدولية ضد جرائم الجيش السوداني ((التي تتحملها قيادته السياسية وخطاباتها طبعاً)) وإنتهاكاته التاريخية التي من الصعب محوها من الذاكرة منذ العشرينات بما في ذلك الضحايا الذين لا يعرفون أصولهم الإجتماعية ويستحقون التعويض العادل أمام الأمم المتحدة.
* تبرز حاجة سيسيولوجية مهمة لمسح أنثربولوجيا الجندية والقنانة المسلحة والرق العسكري في تاريخ السودان الأنغلو مصري والإفادة منها في صياغة النموذج التفسيري المحلي للحرب والمذابح الحالية ضد أقليات غرب السودان ((بتحريض رسمي من الدولة)) في الشمال الجغرافي أو سودان وادي النيل.
أزمة القيادة لدي الكتلة الأيدلوجية للحكم
يجب التنويه إلى أن مُطالعات كوبر النازية ليست هي المصدر الرئيسي الوحيد لفاشية الجناح اليميني للقومية الشمالية (الحركة الإسلامية).
السيد علي احمد كرتي هو ظاهرة مثله مثل أي (ظاهرة) سسيوسياسية غير مُصنفة (القيادة الوراثية أو النيو ميراثية غير الكفوءة) ، إمتداداً كورزماتياً للنموذج الدارويني نفسه..
علي كرتي (الكوارتة) ، الطفلة المُدللة سناء حمد العوض (عائلة البيلي) , ابوالقاسم محمد إبراهيم أو محمد احمد المحجوب (الهاشماب) أو عائلة (نقدالله) أو خؤولة المهدي الأب (الأشراف) إلخ من قائمة البرلمانات السرية و نموذج القيادة النيوأبوية (النيو ميراثية) المُزيفة peusdo neopatrimonalism التي تطرحها التروستات القبلية ومصالحها المافيوية في العالم الثالث.
القيادة غير الكفوءة التي يقود نموذجها الإستنساخي المحلي ، دولة (الجلابة) غير الوطنية منذ 1955.
في السياق المقابل نفسه ، سبحت نقا sebhet nega (تقراي) مثلاً ، حميد الأحمر (اليمن الشمالي) ، القيادة الحالية لحزب المؤتمر في الهند (مودي). الخ.
المُفارقة التي تتعلق بالقومية الشمالية (إثنية الشايقية) 1938- 1955 التي أعاد تنظيمها البريطانيون كقومية مدنية خلفاً لمؤسسة الجلابة المنحلة أو الإقطاع الشمالي (1840-1886) ، هي أزمة القيادة التي ظلت تعاني منها منذ مرض عبدالرحمن المهدي (الأب) وصولاً إلى موته الذي افسح الطريق إلى ثورة أكتوبر 1964 (بدأت من مدينة الأبيض) التي مثلت التنظيم البروليتاري للقومية الشمالية الذي أفسح المجال أمام المثقفين المنبوذين المتواضعين إجتماعياً Socially rejected والمازوخيين (الفلنقاتيزم) أو التكنوقراط الهامشي من الإثنيات الأخرى والأقليات معاً لقيادة القومية الشمالية أو تنظيمها السياسي على الأقل.
[في مساحة سابقة ، كتبنا عن التنظيم السياسي للقومية الشمالية , في مراحله الثلاثة ، 1. مرحلة التنظيم الإقطاعي في القرن التاسع عشر 2. مرحلة التنظيم البرجوازي 1906-1946 التي تصدرها السيدين 3. مرحلة التنظيم البوليتاري 1950 - 1964 التي افرزت أحزاب ثورة أكتوبر الأيدلوجية]
تسليم السُلطة إلى إدارة عسكرية توافقية من السيدين الإقطاعيين (1958) بقيادة الضابط إبراهيم عبود ، كهاجس أصيل من مرض القيادة (العقيمة) إكتهالها وموتها لاحقاً أوجد شعوراً جمعياً يمكن وصفه بأنه شعور (أمننة) securitization قلق دائم من أن القومية الشمالية هي قومية عقيم لم تلد أولادها لكنها تتبنى أنسال الآخرين وعقولهم (راجع مذكرات عبدالباسط سبدرات) , وهذا الشعور الجمعي هو الذي فتح الباب لتأسيس دولة عسكرتارية (بريتاريونية) preatorian state بديلة عن القيادة المدنية العاجزة أو الضعيفة تحرس القومية الشمالية وتحميها ، تحمي إمتيازاتها من التهديد الاستراتيجي (الإثنيات الأخرى).
التحالف اللعنة بين الكتلتين البراغماتية والأيدلوجية
التحالف بين الكتلتين البراغماتية الميكافيلية لنظام الحكم(إثنيات وسط السودان) والكتلة الأيدلوجية للقومية الشمالية أو نظام الحكم (إثنية الشايقية) وبعض الإثنيات الأخرى في أقصى الشمال النوبي ، هو تحالف (غير أخلاقي) أو علاقة (إستبدال) للعناصر غير الفاعلة في مؤسسة الجلابة والتي لعبت دوراً سلبياً في مسألة الرق في الجنوب الكبير (بدون تسمية قبائل).
بنية الإستبدال او علاقة الإستبدال هذه مابعد ثورة أكتوبر التي كادت أن تؤدي لتحرير الهامش وحصوله على مكسب الفيدرالية (1964-1968) من خلال بروز القيادات الإقليمية المعروفة ، الحد الأقصى الذي سمحت به النخب والبرجوازيات الشمالية للتغيير في الريف. وقد تحرك الجيش الشمالي تحت غطاء الشيوعيين لوضع حد للتطورات في الجنوب والأقاليم الأخرى 1969. (راجع تحليل ابو بكر القاضي : ثورات الهامش منذ توريت 1955).
هذا التحالف يمكن تسميته (لعنة الحكم) curse of Rule , التحالف بين (كتلة فاعلة) و(كتلة غير فاعلة) إجتماعياً في التاريخ السياسي , بين إثنيات وسط السودان (غير الفاعلة) والإثنيات الشمالية (الفاعلة).
أنتج النزعة الفلاحية أو الشرعية الفلاحية (المقدسة) لحكم متطرف عرقياً Peasantry Rule. انتج الإنقلابين العسكريين الدمويين مايو في نسختها الثانية 1977 و إنقلاب الإنقاذ 1989 بعد ما سمي إجراءات التوالي الوطني نهاية التسعينيات.
ضرورة مُناقشة أسس الوحدة الوطنية الممكنة
1. ليس سراً (أولاً) انه لا البرهان ولا البشير أو بالعودة للتاريخ سوار الذهب و الأزهري إسماعيل الولي الحفيد ((نموذج عُنف التابع : أحمد جيدو في الكاميرون و هايلي مريام منغستو في إثيوبيا الأمهرية)) ينتميان للقومية الشمالية أو إثنياتها الثلاثة المعروفة وهذا لا يفسر عُنفهما ضد الهامش ، بل إلى إثنيات الكتلة البراغماتية لنظام الحكم الذي إختارت قواه الإجتماعية الحُكم من الخلف من خلال سياسة البرلمانات السرية , على غرار اللويا جركا (أفغانستان) ومجلس أعيان الدينكا (جنوب السودان).
أن مُذكرة (كرام المواطنين) 6 مارس 1925 المانفستو التأسيسي والنظري للإبادة الجماعية في السودان الشمالي تجسيد مبكر جدا للشرعية الفلاحية (التحالف بين المُهاجرين الشماليين و مصالح إثنيات وسط السودان) ، قبلها القائمة الطويلة للموقعين على عريضة التأييد للحكم البريطاني ضد ثورة 1924، هي القائمة الأولى لعضوية مجلس أعيان القومية الشمالية (غير المعلن).
أن الإجتماع الذي عقدته الجبهة الإسلامية للقوميين الشماليين في سجن كوبر 1970 ، والندوة التي ينسب إلى (على كرتي) مداخلته فيها ، تم إستبعاد (المهمشين) في داخل قيادة الجبهة الإسلامية من شهود فعاليتها.
2. ليس سراً (ثانياً) أن الكتلة البراغماتية الميكافيلية الرئيسة من إثنيات وسط السودان ((الرعايا السابقين للإمبراطورية الحبشية الأكسومية في سهل سوبا (العنج)) ، ترفض من مبدأ جوهري Essential principle يتعلق بخصوصيتها الثقافية التي لا يسعنا مُناقشتها , الوحدة مع غرب السودان وجنوبه. لإعتبارات ثقافية تُنازع المصالح الإجتماعية الإقتصادية ، اياً كانت ثمرات المصالح الإجتماعية الإقتصادية من وراء التكامل جنوباً وغرباً , وتعتبر ذلك من التابوهات الإجتماعية. تفضل بدلاً عن ذلك التكامل شرقاً مع الهضبة الحبشية.
بالتالي لا يمكن أن تكون هناك وحدة بين شمال السودان وغربه وجنوبه لتشكيل (قومية إقتصادية كاملة) Full Economic Nationalism أسهبنا في شرحها سابقاً على غرار نيجيريا وإثيوبيا ويوغسلافيا , تحفظ للشمال النوبي خصوصيته الثقافية كما إثنيات مثلث (الدامر - بربر - مروى) ، وتحفظ لغرب وجنوب السودان (أقاليم الجنوب الجديد) مصالحهم الإقتصادية الإجتماعية.
لا يمكن أن يتم ذلك أو يتحقق في ظل الوحدة الثقافية (المقدسة) أو الوحدة الفلاحية (المقدسة) بين إثنيات شمال السودان وإثنيات وسط السودان لتشكيل (الشمال العروبي) الذي يعادل موضوعياً سودان هارولد ماكمايكل (السودان المفيد) Usefull geography.
أن الوحدة الوطنية وأسسها الموضوعية على نحو ما صاغ رؤيته المفكر الكبير جعفر محمد علي بخيت وأب الفيدرالية (الإرتباط الإقتصادي الإجتماعي) 1969 ، لا تتحقق إلا بإستبعاد إثنيات وسط السودان منها تماما , بإعتبارهم مُهددين لوجود الآخرين ومعرقلين للتسوية الشاملة (الفدرالية العلمانية الإشتراكية) منذ المائدة المستديرة 1 , والسماح لتلك الإثنيات المذكورة بمساحة الحكم الذاتي Autonomy في التكامل شرقاً مع القرن الإفريقي (إثيوبيا-إريتريا) والإرتباط به.
وقطعاً لا يسع ان يكتب لهكذا (صفقة) النجاح بدون شمولها مستقبل جميع الأطراف والقوى الفاعلة (الكتل الأيدلوجية) والقوى غير الفاعلة (الكتل البراغماتية).
في ذلك أود الإقتباس من مقالتنا "إحتكار الأولغارشية الشمالية للحُكم والمعارضة" ما يفيد هذه الإستخلاصات .. (1).
3.1. ليس سراً (ثالثاً وأخيراً) ، أن القومية الشمالية أو الأولغارشية الشمالية ككتلة ظلت فاعلة تأريخياً منذ خمسة قرون ، إختارت المسار الجيوسياسي الخطأ بتحرفها شرقاً إلى الجنوب إلى مجتمعات عزلة Closed societies في وسط السودان عام 1505.
ولو أن إثنية العبدلاب (فرع من إثنية الشايقية على أوثق إنساب) تحركت غرباً لكانت النتيجة مُختلفة عن القرون الثلاثة من الفوضى المطنبة المسماة سنار من الصراع الخاسر مع البرثا (الفونج) على سهل الهضبة الإثيوبية.
(راجع عبدالله علي ابراهيم : جامع أنساب الجعليين ، راجع أيضاً مُدونة أوفاهي عن الشايقية وسلطنة الفور).
3.2. القومية الشمالية (الأصل) هي القومية المدنية الوحيدة في سودان وادي النيل Civil nationalism ((وهذا مكسب إجتماعي كبير من الأربعينات حتى السبعينيات كان يجب المحافظة عليه )) تقابلها غرباً إثنيات البديرية في كردفان والإثنيات النوبية في شمال دارفور.
ان وحدتها الثقافية وإستيعابها عرقياً في / مع إثنيات وسط السودان البدائية التي عجزت عن التطور عن نمط الإنتاج العبودي والسلوك التنظيمي الريعي الذي جعل من الدولة الإستعمارية الحديثة (جمعية إعاشة) في خدمتها لمدة قرن أو يزيد ، رغم نقل نمط الإنتاج الإقطاعي إليها.
هذه الوحدة الثقافية اللعنة , حولتها إلى قومية فلاحية أو أولغارشية فلاحية أكثر توحشاً ودموية تستلذ بممارسة الإبادات الجماعية والتطهير العرقي.
3.3. القومية الشمالية الخالصة كما في تكوين القرن التاسع عشر ، الشمال النوبي وإثنية الشايقية التي لعبت أدوار متعددة في التاريخ بين الشرق (الافرو آسيوي) الكوشي والغرب (النيلوتشادي) بما في ذلك دورهم ضمن سلطة السلطان تيراب في كردفان (كردفانيا) .
3. 4. لا ترفض الإحتكام إلى حاكم من غرب السودان أو جنوبه الكبير ، خُصوصاً ان التسويات السياسية التي أبرموها من قبل تمهد الطريق لهذه الشراكة السياسية لو ترافق ذلك بضمانات لتداول السلطة والعدالة الإنتقالية والحماية من الإنتقام الإثني والتوزيع العقابي للثروة.
3.5. يتطلب ذلك خطوة مماثلة للفصل بين قوة الدعم السريع وإثنيته السياسية (الخلاسية) وبين حاضنته البراغماتية من وحدة إثنيات العطاوة (البقارة) والسماح لهم بالبحث عن مصالحهم الإجتماعية الإقتصادية جنوباً والإستقلال الفيدرالي بكينونتهم وإقليمهم بعيداً عن طموحات إثنية الرزيقات الشمالية (الماهرية) في الحكم. وذلك لا يسع تحقيقه من غير فدرلة إقليم دارفور الموحد بحدوده البريطانية 1916 من خلال كوكرا جديدة new kakora وهي الخطوة التي كان يجب أن تسبق ثورة 15 إبريل وحربه.
التحالف بين الماهرية ووحدة إثنيات العطاوة (البقارة) انتج هوية فلاحية عنيفة مهددة للسودانيين الآخرين وأمنهم الإجتماعي ، هي وحدة ثقافية أخرى مجردة من البعائد الإجتماعية الإقتصادية مسؤولة عن حرب 15 إبريل كما ردة الفعل العنيفة في حرب 2003.
مثلما ان نهاية التحالف الفلاحي بين إثنية الزغاوة وحركات وقومية الفور على قاعدة الكتلة السوداء للسلطنات (الإقطاعية المنحلة) هو الذي سمح بحلول السلام النسبي والمهادنة الإجتماعية في جبل مرة وجنوب دارفور.
ولولا نهاية الوحدة الفلاحية الثقافية ذاتها لما ذهبت الحركة الشعبية جبال النوبا الغربية في توافق إجتماعي إقتصادي مع وحدة إثنيات العطاوة وتنسيق مع قوة الدعم السريع.
ولو قدر لنا شهُود نهاية علاقة القنانة الفلاحية و القنانة المسلحة Armed Serfdom , ولا نريد أن نقول علاقة الرق التي تجمع إثنيات مؤسسة الجلابة بمورد الجندية في جبال النوبا والنيل الأزرق (حل مؤسسة البازنجر) ، أو تفكيك هذه العلاقة فإننا سنشهد سلماً مستديماً وتوازناً إقليمياً حقيقياً.
3.5.1. ورد في خطاب على عثمان طه على لسان على كرتي في ندوة عطبرة الفقرة التالية (ان دارفور اقعدت بالسودان كثيراً). وتلك مغالطة صورية.
الذي أقعد بدولة 1956 إجتماعياً وإغتال الروح الوطنية للسودانيين هو التمسك بالنموذج الإقطاعي الإسلامي المتخلف ونسق دولة تجار الرقيق الزبير باشا ورابح فضل الله , التمسك بطبقة الجلابة بدل تصفيتها على نحو في زنجبار وجنوب الجزائر بشكل ذاتي ثوري كان يمكن أن تنجزه ثورة مايو 1969.
الذي أقعد بدولة 1956 إقتصادياً هو نموذج الخرطوم كدولة داخل دولة أو كمستعمرة غير منتجة بديلة عن الأقاليم. نموذج هارولد ماكمايكل للتنمية غير المتكافئة في إقليم الزراعة الآلية (السودان - الثقافي- المفيد).
لا بد من تجاوز الخرطوم كمحطة سوداء في تاريخ الصراع والإستغناء عنها بإعتماد مدن الأبيض بورتسودان كعاصمة إدارية و إقتصادية بديلة.
3.5.2. من المفارقات في هذا الصراع هو رفض الدول الغربية والفاعلين الإقليميين العلمانية الإفريقية (وثيقة نيروبي) المتصالحة مع الدين كحجر زاوية للتسوية السياسية الممكنة ، وتمسكها متشبثة بالعلمانية العربية (وثيقة الإتفاق الإطاري) غير المتسامحة عقائدياً.. ؟؟ !.
(1)
دور إثنية الشايقية والإيبو مُقارناً
النموذج الدارويني لعلي كرتي هو النموذج الطفيلي الشائه أو الطفرة الجينية التي تقفز فوق سؤال الهوية والتمثيل الإجتماعي الذي واجه به الأب المؤسس للقومية الشمالية (عبدالرحمن المهدي الأب) ثورة 1924 بالسؤال عن إثنية / قبيلة قائدها على عبداللطيف؟
1. إن كان سؤال عبدالرحمن الأب تجريداً ذاتياً ، فإننا سننطلق إلى التجريد الموضوعي الذي يتجاوز معرفة هوية على كرتي (القبيلة) إلى تمثيلها الإجتماعي الذي يسمح لها بتقرير مصير السودان الموحد 1820 و 1899 والبت في شان أربعة عشر أغلبية إثنية و 41 ولاية (مقاطعة إقليمية) مفترضة تمثل قوميات ثقافية cultural nationalities لا محض إثنيات. إلى جانب ثلاثة اقليات مصنفة (coinhabitant nationalities) ؟؟.
2. السؤال الذي وُجه إلى قيادة على عبداللطيف 1924 تم تقريره أيضاً في شعارات (لن يحكمنا رزيقي) الموجه ضد محمد حمدان دقلو 2023 الذي وقف وراءه " كرتي" شخصياً في تعبئته لضباطه ، وشعارات (نصرانية قرنق) الذي يريد أن يقود أغلبية مسلمة بدون أسس للتعريف الهوياتي اي نفس مشكلة فرانسوا تمبلباي مع الشماليين في تشاد 1964((حدود الهويات وجغرافيتها الثقافية)) والتمثيل الإجتماعي السياسي 1987 ((الديموغرافيا)) و(آلية التمثيل)) , هو سؤال الشرعية الإجتماعية والتفويض للحكم ((العقد الإجتماعي متعدد الأطراف)).
هذا السؤال هو سؤال - دستوري - بإمتياز يرفض (التسيب التاريخي)) ، ويرفض التعايُّش الطبيعي Coinhabitance وحتى ((القومية المدنية)) التي تركها البريطانيين Detribalization , إلى تأكيد ضرورة ((التعايش الدستوري المكتوب)) ، من خلال البحث عن مفاصلة الهويات partition.
السؤال الذي يطرحه علي كرتي في مداخلته المُعدة خصيصاً في عطبرة 18 إبريل2025 ، هو بمثابة تمزيق وإنقلاب على الوعي السائد للقومية الشمالية التي ظلت منذ 1924 قومية طورانية Militant nationalism نشأت من بين فرث ودم حروب الدفتردار (Defterdarism) الثقافية وحرب النهر 1898, تؤمن بذاتها ولا تعترف بالآخرين إن لم تصادرهم وتُصادر (الإختلاف العرقي) من أساسه.
3. ان كان ولابد ، الأولوية لمناقشة علاقة الدولة بالقبيلة وطبيعة الدور السياسي لإثنية الشايقية في السلطة خصوصاً ان وزنها ضمن كتلة (3 %) لا يسمح لمثقفيها بتقرير مصير 90 % من الإثنيات والديمغرافيا الوطنية؟
يشبه الدور السلطوي والعلاقة التي جمعت إثنية الشايقية بالإستعمار البريطاني (إلى جانب إثنيات أخرى طبعاً) ، دور إثنية الإيبو Ibo or Ebo في نيجيريا والحراك الإجتماعي السياسي الذي تلا الحرب الأهلية في نيجريا بين شرق جنوب نيجريا (الإيبو) من جهة مع الشمال ومع الغرب (اليوربا) لاحقاً. الذي أفضى لإجماع على إزاحتها من جميع مفاصل الدولة وتجريدها من مؤسسات الحكم إلى حدود إقليمها الإثني.
لعبت إثنية الشايقية دوراً تاريخياً في طرد إثنية البديرية وتهجيرهم إلى كردفان في الماضي القريب وخاضوا صراعاً مثبتاً في التاريخ القريب ضد الدناقلة ، عليه أتوقع مستشرفاً أن المتطرفين من مثقفي إثنية الشايقية (الكتلة الأيدلوجية للإستعمار الجديد) سيخوضون حرباً ضد الشمال النوبي نفسه إن هو إنخرط في مسار السلام والتسوية.
((من المفارقات أن مُنسق الجبهة الوطنية للمعارضة اليمينية الشمالية ، الشوفيني الشمالي حسين الهندي قال في خطاب إذاعي من ليبيا مطلع السبعينيات مُهدداً ومتوعداً رداً على تولى المستشار القاضي (الرشيد الطاهر بكر) منصب نائب رئيس الجمهورية ، بالقضاء على أي شخص يحمل إسم (أبكر) أي من الأقليات حال عودته للسودان.. اي زول اسمو أبكر ما ينتظرني)).
في الوقت ذاته الذي قام فيه جعفر نميري بتجميع المنحدرين من غرب إفريقيا في الخرطوم في ليلة واحدة في استاد المريخ وطردهم إلى نيجيريا ، ردا على تحول جثة شاب من إثنية البرنو قتلته الشرطة في حراسة ليلية بتهمة محاولة كسر دككاين السوق آثناء المظاهرات وحظر التجوال إلى شهيد حمله المتظاهرين يهتفون به في شوارع أم درمان.
نميري رداً على ذلك أبرم إتفاقية مع نيجيريا في قاعة الصداقة لترحيل أصحاب الجذور الغرب إفريقية إليها أو منهم الجنسية المزدوجة كحل مؤقت إقترحه النيجريون.
(راجع : دراسة فاروق القلع في تلك الفترة عن أقليات القادمين من غرب إفريقيا كعمالة مهاجرة والكنابي ، بالإنجليزية).
وقد إلتقيتُ بشكل شخصي في إفادات منوغرافية قبل عشر سنوات ، عدداً من أجيال الكنابي و مُجتمعات غرب إفريقيا في السودان الشمالي ، قاموا بتغيير أسماءهم في السجل المدني من (أبكر) إلى (بابكر) تخوفاً من إنتقام المعارضة الشمالية إن هي أطاحت بنظام نميري الذي عانى من الإضراب السياسي حوله.
إنتهى الإقتباس.
(2.1)
المصادر الفكرية لفاشية القومية الشمالية
يمكن القول أن المثقفين الشماليين (أولاد الجلابة) Jellaba boys 1938-1945 خلصوا إلى تجربة قرن من وجود مؤسسة (الجلابة) في القرن التاسع عشر ، في دفاتر مؤتمر الخريجين المستنسخ من التجربة الهندية ، التي حققها معتصم محمد الشيخ وبعضها تعرض للإخفاء (الإتلاف المتعمد).
خطة علي عثمان محمد طه منذ إجتماع سجن كوبر 1970 ، لا تخرج كثيراً عن ادبيات مؤتمر الخريجين 1945 التي كانت تستلهم من الشرق الآسيوي وتقترض من الغرب الأوربي النموذج الهندي والفاشية الهندية لقومية هجومية مُحاربة ومتعصبة.
إلغاء الإدارة الأهلية (الأصلية) ، مُحاربة الهويات الأصلية، محاربة التعددية الثقافية، الإستيعاب القسري ، قانون الوجوه الغريبة .. كلها فصول من كتاب واحد (كتاب التخلص من الأطراف de peripherization) ، الذي عنوانه التخلص من خريطة الإستعمار وفائض التنوع والبحث عن الذات nationhood من خلال إبادة الآخرين ، إقامة الدولة الخاصة من خلال الإستحواذ على تركة الإستعمار وتأميمها (دولة الغنيمة) لا من خلال النضال السياسي.
(2. 2)
تمزيق الوعي السائد للهوية الوطنية
لطالما رفضت الجبهة الإسلامية للقوميين الشماليين بشكل جذري في خطابها الأساسي منذ 1954 الإعتراف بوجود الأقليات أو الأغلبيات الإثنية أو الرق أو الإختلاف العرقي والتفاوتات الثقافية إلخ من تفصيل المظاهر الإجتماعية المعيقة لبناء القوميات national disabilities ، بينما رفض الحزب الشيوعي المبدأ اللينيني في حق الشعوب والقوميات الوطنية السودانية لتقرير مصيرها بما في ذلك الفيدرالية منذ المائدة المستديرة 1 في الأربعينات (مؤتمر دستوري).
اليوم ليس جديداً تحول الأحزاب الأيدلوجية لإثنية الشايقية اليمين و اليسار إلى الخطاب العرقي الصريح ذاته الذي وصف إنقلاب المقدم حسن حسين بالمحاولة العنصرية قبل حتى ان يصدر معاوية ولد الطايع خطابه عن مذابح تصفية إنقلاب الزنوج (أصحاب الجذور السنغالية) ونظام الفصل العنصري في موريتانيا , ((قضينا اليوم على محاولة إنقلابية هدفت لتصفية مكون عرقي : 1980)).
الخطاب المُستبطن الذي خاطب به المُجرم أبوالقاسم محمد إبراهيم القائد عباس برشم (1975) في مقابلة التحقيق الأخيرة..
(ماهو ترتيبك العسكري في محاولة الإنقلاب؟ الإجابة قائد ثاني.
- إذا أصبح شخص مثلك نائب رئيس .. انتا لو بقيت نائب رئيس , تاني البشيل الجردل منو؟ )).
إنتهى الإقتباس.
الترجمة : من سيقوم بمهام العبودية بعدك؟
(3)
اولاد الجلابة والمثقفين المنبوذين
مُشكلة النموذج الدارويني الذي ينتج ظاهرة على كرتي بإستمرار منذ 1899 ، هو أنه مثال على القيادة غير الكفوءة المنافية للجدارة المهنية meritocracy. التي تُنافس وتمارس التحدي السياسي في البيئات (المستنقعات) غير المواتية للعمل السياسي (الحُر) و(الخلّاق). وتصبح ظلاً لمثقفين منبوذين socially rejected intellcual متوارين خلف الظلال يمارسون (وصاية المازوخي) أو يمارسون مازوخيتهم السياسية من وراء هذه الدمى المتحركة.
علاقة على كرتي (الظل التابع) بالمثقف المنبوذ السيد على عثمان طه تشبه علاقة عبدالرحمن تشياني (النيجر) بيوسف محمدو السياسي الفاشل الذي فشل في تحقيق اي إستقرار سياسي أو نجاح لقناعته. في إنقلاب النيجر 2023.
أفزرت الجبهة الإسلامية للقوميين الشماليين إثنين من المثقفين المنبوذين الذين لم يحصلوا على أي شرعية إجتماعية في داخلها أو من مكوناتها واحد شقى والآخر تعيس الحظ ، الشقى هو (على عثمان طه) والتعيس هو (المحبوب عبدالسلام) الذي خذلته نشاته في أم روابة - غرب السودان- وحالت بينه وقبوله عضوا غير مراقب في النادي السياسي للنخبة الشمالية.
بينما أفرز الحزب الشيوعي (الشمالي) مثقفين منبوذين هما المنشق احمد سليمان المحامي صاحب مذكرات شيوعي تائب ، والمثقف المنبوذ الذي لفظه الشيوعيون المنشق عبدالله علي إبراهيم.
(4)
مُناقشة خطاب الإستعمار الداخلي
لم يعترف القوميون الشماليين بهيمنة قوى الشمال النيلي المتكتلة حول (دولة الغنيمة) و ( تركة الإستعمار) من أصله إلا في واقعتين (1) كتابات ابوالقاسم حاج حمد التحليلية لتاريخ دولة 1956 (2) كتابات حياة عبدالملك في الدفاع عن الدور السياسي للقومية الشمالية. وسنعتبرهما وثائق لأدب إعتراف مهم بالهيمنة لمناقشة خطاب الإستعمار الداخلي. إلى جانب مذكرات الدكتور جعفر محمد علي بخيت (1968) المؤسس النظري لمدرسة الشمالي الآخر northern otherness بإعتبارها مدرسة نقد ذتي أصيلة ، الرجل أيضاً هو أبو الحكم المحلي وأبو الفيدرالية.
طبعاً لا يمكن مُناقشة وعي الهيمنة أو خطاب الإستعمار الداخلي للقوميين الشماليين بدون محايثة مرجعياته (المستعارة) ، وهي..
(1) القومية العربية والكتلة التاريخية مابعد سوبا 1504 و العودة إلى سنار (المتخيلة). اي الوعي الأسطوري والسردية الأسطورية.
(2) السردية الإسرائيلية للهيمنة اي سردية المناطق المفتوحة (مثلث حمدي أو مثلث هارولد ماكمايكل) westernization geographies ضد المناطق المغلقة - Insidecountry.
الأخيرة (السردية الإستيطانية) ، أو سردية الإستعماريات الإستيطانية Surrogate colonialism من زنجبار إلى الجزائر إلى إسرائيل ، سردية التعليم والتمدين كمبرر للتفوق العرقي ، تقديم القومية الشمالية كقومية مدنية ومنزوعة قبلياً منفردة بهاته الخصائص detribalizaed political ethnicity في مواجهة إنتقام تاريخي أو كأنها تخوض صراعاً وجودياً أو حرباً ثقافية ضد مجتمعات وعوالم همجية (متوحشة). هي ذاتها سردية نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) في جنوب إفريقيا.
(5)
فك الإرتباط بين مؤسسة الجلابة و القومية الشمالية
(المدخل الثاني) إلى ذلك هو التحليل الثقافي السليم وعدته من الأنثربولوجيا إلى الاجتماع السياسي. اي الفصل بين الأنثربولوجيا والتاريخ ، بين إثنيات الأولغارشية الشمالية و المجمع الحربي الصناعي الإحتكاري لمؤسسة الجلابة Proto MIC الذي هو تحالف مصالح متعدد الجنسيات يتستر بالشرعية (الفلاحية) peasantry nationalism المُخترعة ، التي هي بديل زائف وهامشي للقومية الإقتصادية الممكنة بين جميع السودانيين أو اغلبهم في الحقيقة لا بين برجوازيات أو بالأحرى أولغارشيات منهم دون أخرى.
أول من تنبه إلى هذه المسألة هو الدكتور هُشام عمر النور (المثقف الشمالي المنشق أيضاً) في دراسته عن المركز والهامش والمركز معكوساً في خطاب قرنق الذي نشرته مجلة المفكر الراحل الأستاذ الدكتور عبدالله البشير (بولا) ، احسن الله إليه بالرحمة والمغفرة والعتق من النار.
(6)
تفكيك التاريخ : الجلابة ليسوا أمة بل طبقة حكم
(المدخل الثالث) والأخير هو معالجة التاريخ , المخلفات التأريخية ومأزق التأريخ Historian Dielmma. من خلال تفكيك فلسفي عن من هم (الجلابة) ؟ مُناقشة السياق الكمبرادوري (القوى الكمبرادورية) compradorist forces عالمياً.
وتلك أيضاً من إعترافات محمد ابو القاسم حاج حمد التي يشرح فيها علاقة إثنيات مثلث (الدامر بربر مروي) بهوية البدويت (البجا) و الهوية النوبية. أو طبيعة العلاقة بين الأصلي authencity والمعرّب assimilation في سياق من التجذر بالتعبير الفرنسي (البحث عن الجذور).
الجلابة (ككمبرادور) من النمط الكولونيالي ورأسمالية الدولة الإستعمارية في العالم الثالث (المسلم) ، هم تشكيلة إجتماعية منحلة موجودة ومخلفاتها في كل دول العالم المحمدي الإسلامي (المفيد) أو التاريخية (الناطقة وغير الناطقة بالعربية) ، وأطرافه حتى Islamic frontiers. تكتسب خصوصية في العالم العربي المعاصر (عالم عبدالناصر).
إنما يجب توطين الفهم السياقي لوجود مُخلفات الإقطاع الإسلامي أو الإستعمار الإسلامي أو الكولونيالية الإسلامية التي يسعى لإعادة إنتاجها الفاشيين الإسلاميين Islamic Colonization (مؤسسة الجلابة) و (مؤسسة الجنجويد).
العلاقة السسيوتاريخية بين (المهاجرين) أو (الجلابة) والشعوب الأصلية (الأنصار) من جهة ، وبين مؤسسة (الخُمس) أو ثنائية الفتح الغزو (الإقطاع) مع ثنائيات الإخضاع (السبي / التسري / الجزية / الأنفال / الغنيمة) إلخ.
لا يمكن قبول النظرية التاريخية للفاتحين conquest والفتح الإسلامي الشعوب الأصلية وإستيعابها الذي أضر بهذه الشعوب وتسبب في تدميرها تماماً لقرون قائمة , ممارسة الإنكار في تعريف هذه (الإنتهاكات) كما هي في قاموس الإستشراق المحلي ، ورفض نتائجها في تطبيقها (البراكسيس) لها على يد الدعم السريع أو حتى داعش إستعانة بالقاموس اللاتيني الغربي المسيحي في تأويل التاريخ الإسلامي (راجع وحيد الدين خان ، ابو الأعلى المودودي : التأويل السياسي للإسلام).
الحقيقة أن نظرية الفتح الإسلامي هي المسؤولة وظيفياً عن جرائم مؤسسة الجلابة ضد الشعوب الأصلية في إفريقيا (الرق) slavery وغير إفريقيا (الإخضاع والإستيعاب).
وهي أيضاً تتحمل المسؤولية (الوظيفية) عن منع قيام جمهوريات وطنية (متعددة القوميات الإثنية الأنثربولوجية) و (النظام الفيدرالي) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
لكن هذا لا يلغي مسئولية التوحش الرأسمالي الإستعماري في الإستعانة بالإقطاع الإسلامي ورأسماله الرمزي الثقافي في تقويض وعرقلة تلك الأهداف.
لابد من مراجعة التاريخ الإسلامي ومحايثته (عزله) عن النص. والإعتذار للشعوب الأصلية عن هذا التاريخ بالتنصيص (النوبيين في الشمال وإثنيات الجنوب الكبير وإثنيات البجا) ، وتلك الجرائم التاريخية في نص دستور مؤتمر نيروبي. بهدف منع تكرارها.
(راجع : عبدالحليم ابو شقة ، عبدالحكيم الفيتوري : إسلام النص وإسلام التاريخ ، محمد شفق : مفهوم العالم الإسلامي وإختراعه).
(7)
حل معضلة الإستعمار الداخلي وهواجسه (الإستعمار الداخلي معكوساً)
خطاب على كرتي الظل المتواري الذي تصدر خلفه أفكار نائب الرئيس السابق علي عثمان محمد طه (طرحه لتقسيم السودان الأنغلو مصري وتفكيك الوحدة الترابية للدولة الوطنية) ، تجاهل الإعتراف (التاريخي) بهيمنة القومية الشمالية على مؤسسات الدولة التي قام بتشريحها الكتاب الأسود 2002 وأقرها حاج حمد 2004.
المشكلة الأساسية في الصراع بين غرب السودان وجنوبه مع القومية الشمالية التي لا يريد علي عثمان طه نقاشها لأسباب نفسية ، علاقة الأمن التي تجمع الشمال النيلي كتابع مع مصر بالنيابة عن العالم العربي (الدور الجيوسياسي لجمهورية القومية الشمالية كدولة عازلة bufferzone بين حدود شمال إفريقيا في مصر وإفريقيا جنوب الصحراء (إثيوبيا)، مصر لا تريد إثيوبيا على حدودها. هذا من جهة.
علاقة الأمن الخالصة التي تجمع بين المركز الشمالونيلي مع إثنيات جنوب السودان الكبير وغربه ، والتي يرفض تحولها إلى شراكة جيوسياسية إقتصادية إجتماعية.
هي الوحدة الثقافية بين الشمال النيلي ومصر التي ترفض القاهرة تحولها إلى شراكة إقتصادية إجتماعية لمصلحة شعوب ومكونات الدولتين التي تحتاج إلى فك إرتباط حقيقي.
الوحدة الثقافية (التي تمثل رابطة فلاحية عنيفة) التي تجعل ((القاهرة)) كميتربول إقليمي يتمسك بصلابة بجمهورية الجلابة كحارس للحدود ((كلب حراسة محلي مزدوج)) يقول عن نفسه جزافاً انه جسر للتواصل مابين العالمين العربي الإفريقي وهي مجرد سمسار ((طبقة سمسرة)) كمبرادورية مدمنة على القوا*ة في الحقيقة ، والتمسك بالنظر إلى جمهورية الجلابة ذاتها كدولة ستلايت لا يعترف بإستقلالها السياسي.
إحالة :
1. النموذج الدارويني Mimetic Type لعلي كرتي (ستالين الجلابة)..
القيادة التنظيمية - السيكروقراطية (الأمنية) المفتقرة إلى (الفكر) أو المقدرة على التفكير.
نموذج جعفر نميري ، نافع على نافع ، على كرتي , عبدالرحمن نقد الله (وزير داخلية) ، مبارك الفاضل المهدي (وزير داخلية). ظاهرة المطلوب للجنائية أحمد هارون الهامشية. وكل هؤلاء كانوا دمى متحركة لمثقفين منبوذين عاجزين عن المجاهرة وصدى لمجموعة من الأفكار المتوارية.
حين يفقد هؤلاء أو يخسرون علاقتهم الروحية بالعقول المدبرة (المثقفين المنبوذين) ، يتحولون إلى حالة من الصعب التحكم في نموذجها (حالة عبدالله التعايشي , ستالين المهدوية).
2. المثقف المنبوذ ..
الأنبياء المنبوذين (نموذج تروتسكي) ، من محمد احمد المهدي إلى جعفر محمد علي بخيت ومنصور خالد ، المنبوذين داخل النخبة / الصفوة الشمالية (بعثة قرية حنتوب).
3. المثقف المازوخي (التكنوقراط الهامشي) ..
ترجمة لعلاقة الذمية السياسية (الفلنقاتيزم) والقهر التي أخضعت إثنيات بعينها لإثنيات أخرى. علاقة التبعية التي تجمع بينها.
* [الغاية من كل التحالفات التكتيكية مع اليسار الشمالي منذ قرنق 1983 تقريباً وصولاً إلى الكتلة الديمقراطية democratic block (2021) من خلال تمثيل الدكتور علي عسكوري كمثقف شمالي أمينا عاماً ومنسقاً رئيسياً للكتلة , من الحرص على تمثيل الوجود الإجتماعي الشمالي رمزياً أو نسبياً، هو عدم الإنزلاق إلى مرحلة التجريف الإجتماعي وإلغاء الآخر بالكلية.
فالسؤال الشاغل لكل مُدبر سياسي ومثقف مستشرف للتغيير ، ماهو مصير القومية الشمالية (المهيمنة) ودورها أو مكانتها السياسية بعد إنجاز مهمة التحرر الوطني بنقل السلطة منها او التغيير الهيكلي أو الشكلاني؟؟ إبتكار الإجابة أو الإجابات المركبة على هذا السؤال التاريخي فلسفياً وأنثربولوجياً ودستورياً يتوقف عليه إمكانية التغيير السلس ونقل السلطة devoultionary fedration. إمكانية الإنتقال الآمن من الحرب الأهلية الشاملة والمنفلتة , من (الإنسداد الإجتماعي) و(الحكومي) , من (اليأس التاريخي) ، نحو مُصالحة وطنية وهندسة إجتماعية آمنة متسامحة وعادلة.
وهل ستكون عملية نقل السلطة هذه إنتقالاً سياسياً منظماً وتأسيساً للعبة سياسية جديدة القواعد قابلة للتداول ام لعبة واحدة لرجل واحد وزمن واحد one game one man one time ؟ غير مفصلة على مقاس أشخاص كما هو (1) حال رواندا (المسار الكارزماتي الفردي) أو (2) قوى سياسية - إجتماعية محددة ذات ثقل كما هو الحال في ماليزيا وجنوب إفريقيا وأيرلندا والعراق والجزائر ولبنان مثلاً (المسار الطائفي) ؟ (3) مُعاكساً لما هو حال نيجريا وإثيوبيا (المسار المؤسسي).
المسار رقم (2) هو المسار الذي صمم عليه ما يُسمى بالإتفاق الإطاري frame work agreement 2023].
المسار (1) هو المسار الذي يسعى إليه حميدتي ويجب أن نقاومه جميعاً ، والإنتصار للمسار المؤسسي الصلب والمُعقد.
northernwindpasserby94@gmail.com