أبطال غزة يكسرون “السيفَ” الصهيوني الواهِن
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
يمانيون../
من تحت ركام المجازر، ومن بين رماد الإبادة والتوحش الصهيوني على قطاع غزة، ينهضُ الوعيُ من جديد، كما تنهض البندقية والقاذفات، لليوم الـ 562 من عمر طوفان الأقصى.
وعيٌ جاء مرافِقًا للسلاح ومتمسكًا بخياره المقاوم، ليواجه المشروع الأخطر في تاريخ الشعب الفلسطيني، المتمثل بالحلم الاستراتيجي بحلّته الترامبية: اقتلاع غزة من جذورها، وتفريغها ديمغرافيًّا، لصالح خرائط الضم والهيمنة والاستثمار.
ما يجري اليوم في غزة ليس عمليةً عسكرية هي محاولةٌ يائسةٌ لإعادة رسم خريطة غزة بالدم والبارود والتهجير، وتنفيذ ممنهج لخطة إبادة جماعية تغطيها هالةٌ من الأكاذيب الأمنية والسياسية الصهيونية والعالمية، وهدفُها ليس فقط كسر المقاومة، بل كسر إرادَة الحياة في غزة.
الدمار الهمجي: الوجه العملي للخطة
على مدى 34 يومًا من الجحيم المفتوح بعد إعلانه استئناف العدوان في عمليةٍ أسماها (العزة والسيف)، يشن جيش الاحتلال الصهيوني حربَ إبادة لا تستثني مدرسة أَو مستشفى أَو مخيمًا، آلاف الشهداء، وأضعافهم من الجرحى، ومئات الآلاف من النازحين داخل القطاع المحاصَر.
“المنطقة العازلة” التي يحاولُ الاحتلال إنشاءَها شرقي القطاع ليست سوى حزام طرد منها السكان قسرًا، ليعيد رسمَ حدود جغرافية جديدة تتماشى مع خطة تهويد الأرض، وتدمير البنية المجتمعية بدعمٍ أمريكي لا محدود، غير أنَّ الحقيقة -ومن عمق المشهد- تسطع لكن هذه المرة من تحت الأرض.
“كسر السيف”.. نفقٌ إلى قلب الأُسطورة العسكرية:
كمين “كسر السيف”، وتمريغ “العزة” الصهيونية المصطنعة والذي نفّذته كتائب القسام شرقي “بيت حانون”، يمثل نقطة تحوّل عملياتية ونفسية في حرب الطوفان.
في المشهد ومن قلب الأرض، خرج المجاهدون بهدوءٍ واحترافية، ليضربوا آلية عسكريَّةً نوع “ستورم” من النقطة صفر، ويُوقعوا جنديًّا قتيلًا وخمسة جرحى في صفوف النخبة الصهيونية، ثم ينسحبوا دون خسارة.
المشهد، الذي وثقته عدساتُ المجاهدين ببراعة، كان صدمة معنوية لجيشٍ يتغنّى بـ”التفوق الاستخباري” و”الردع المدمّـر”، محللون عسكريون أجمعوا، بأن العملية محكمة، مُعدة مسبقًا، نابعة من فهمٍ عميقٍ لتحَرّكات الاحتلال، ونفذت على مرأى ومسمع من مواقعَ عسكرية قرب نفقٍ معروف.
وهنا تكمن المفارقة، قوات الاحتلال كانت على علمٍ مسبق بوجود النفق، لكنها فشلت في تحييده، فشلٌ -بحسب الخبراء- يعكسُ ليس فقط الإخفاق الاستخباري، بل حجم الغرور والارتباك في عقلية القيادة الميدانية الصهيونية، التي اعتقدت أن “الردع” كافٍ لمنعِ أي هجوم.
كسر الصورة.. وخلخلة البنية النفسية:
الفيديو الذي بثته كتائب القسام، عده مراقبونَ عملًا ميدانيًّا من الطراز الأول، وضربة موجعة في عمق الوعي الصهيوني، بسرعته وجرأته؛ فاختراق الحدود، واستهداف الآلية، واستخدام العُبوات، وقذائف RPG، كلها رسائل تؤكّـد أن المقاومة لم تُكسر، بل تتطوّر وتنتظر المعركة الكبرى.
المعركة النفسية هنا -بحسب مراقبين- تتجاوز الحدود؛ فكل مشهدٍ من “كسر السيف” يُعيد رسم صورة الجندي الصهيوني من “جبَّار لا يُقهر” إلى فريسةٍ محاصَرةٍ في أرضٍ تجهلُها أقدامُه ويخشاها قلبه.
ورغم سياسة التكتم والتضليل والتي يتخذها الاحتلال، إلا أن الإعلامَ العبري لم يُخفِ الصدمة، والتسريبات من داخل جيش الكيان نفسِه تؤكّـدُ “فشلًا، إرباكًا، وتضليلًا متعمّدًا”.
اعترافاتُ من داخل الكيان: الحقيقة تتكلم
اللواء الاحتياط الصهيوني “إسحاق بريك” يقرّ: “خسرنا الحربَ، وحماس استعادت قوتها، وعدد مقاتليها عاد إلى 30 ألفًا، والجيش دمّـر أقلَّ من 10 % من الأنفاق، وكل ما يُقال رسميًّا أكاذيب، والقيادة ضلل الجمهور بمساعدة الإعلام المجنَّد”.
هذا الاعتراف -وَفقًا لتقاريرَ عبرية- ليس مُجَـرّد تصريح؛ إنه نذيرُ انهيار داخلي، يتحدث عن جيشٍ مُنهك، ومجتمع منقسِم، وقيادة تكذِب، وحملة “العزة والسيف” تُدفن بين رمال غزة وتحت أقدام المقاومة.
اليوم، ومع كُـلّ صاروخ يسقط على مغتصَبةٍ صهيونية، ومع كُـلّ كمينٍ يُنصَب في غزة، ومع كُـلّ فيديو يُنشَر من خلف خطوط التماس، يتآكلُ ما تبقّى من رصيد مجرم الحرب نتنياهو.
ويرى مراقبون أن الرجلَ الذي نكث الاتّفاق واستأنف الحرب الإبادية الإجرامية، قد يدفنُ معها حياته السياسية، بعدما تحولت مغامرتُه في غزة إلى ورطةٍ استراتيجية وأخلاقية، وجريمة لا تُغتفَر، ورغم تباهيه بالإنجازات الوهمية تثبت غزة أنها لا تُكسر.
بالنتيجة، مهما اشتدت نارُ الحصار والمحرقة، فَــإنَّ غزة ليست جغرافيا قابلة للطمس، بل روح مقاومة تتناسلُ من تحت الركام، وكل محاولةٍ لفرض الخُطَّة الأمريكية الصهيونية بالقوة، ستقابَلُ ليس فقط بالرفض، بل بكمائنَ تكسرُ “السيفَ” الصهيوني الواهن، لتعيد تعريفَ مَن يملك زمامَ المعركة.
عبدالقوي السباعي| المسيرة
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: عملية كسر السيف تفرض على الاحتلال إعادة حساباته
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم الكريم الفلاحي، إن عملية "كسر السيف" التي نفذتها كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد قوة إسرائيلية في بيت حانون، تفرض على جيش الاحتلال إعادة حساباته في خططه العسكرية، وتؤثر سلباً على معنويات جنوده.
وأوضح -خلال فقرة التحليل العسكري- أن قيمة العملية العسكرية تكمن في تنفيذها بمنطقة مفتوحة، كان الاحتلال يسيطر عليها منذ نحو ستة أشهر، إذ توغلت فيها القوات الإسرائيلية منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، واعتبرتها "منطقة عازلة" مؤمنة تماما.
وكانت كتائب القسام قد بثت -اليوم الاثنين- مشاهد فيديو للكمين الذي نفذته عناصرها ضد قوة إسرائيلية ببيت حانون يوم السبت الماضي.
واستهدفت القسام في الكمين الذي أطلقت عليه "كسر السيف" جيبا عسكريا من نوع ستورم، أعقبه استهداف قوة الإسناد التي هرعت إلى المكان بعبوة تلفزيونية 3 مضادة للأفراد، ثم استهداف موقع مستحدث لجيش الاحتلال بـ4 قذائق آر بي جي وعدد من قذائف الهاون.
وظهر عناصر القسام وهم يعدون الكمين الذي وقع في شارع العودة شرق بيت حانون وينتظرون مرور القوة الإسرائيلية، ثم يستهدفون سيارة الجيب التي انقلبت وأجهزوا على جميع من كانوا فيها من جنود الاحتلال.
إعلانولفت الخبير العسكري إلى أن خروج المقاومة في هذا المكان يطرح كثيراً من علامات الاستفهام عن عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على السيطرة حتى على المناطق المفتوحة، "فما بالك عندما يكون التوغل في مناطق مأهولة؟".
بداية خسائر الاحتلال
وعن تزامن العملية مع تصريحات إسرائيلية بشأن توسيع العمليات العسكرية واحتلال 30% من قطاع غزة والوصول إلى 50% من مساحته خلال الفترة القادمة، أوضح الفلاحي أن خسائر الاحتلال بدأت ترتفع وبدأت العمليات النوعية تصور وتبث على الهواء، بما يعني أن الاحتلال لديه مشكلة حقيقية في إدارة المعارك.
وعن تأثير العملية على معنويات الجنود الإسرائيليين، أوضح الفلاحي، أن الخسائر التي تحدث في مثل هذه العمليات تؤثر على الروح المعنوية ليس بالقطاعات الموجودة على الأرض فقط، ولكن حتى على بقية القطاعات الأخرى، مشيراً إلى أن طول أمد المعركة أنهك الجيش الإسرائيلي كثيرا، وأصبح أداؤه متدنياً.
وأكد الخبير العسكري، أن عملية من هذا النوع تجعل القوات الإسرائيلية تتحسب كثيراً في مسألة التوغل إلى أي منطقة أخرى، خاصة مع مقتل جندي وإصابة خمسة آخرين، الأمر الذي يضيف خسائر، إضافة إلى الأسرى الموجودين لدى حماس.
ولفت الفلاحي إلى أن العملية تمت بـ"تخطيط دقيق"، إذ بدأت باستهداف جيب عسكري من نوع ستورم، ثم استهداف قوة الإسناد، وصولاً إلى قصف موقع مستحدث للاحتلال بقذائف آر بي جي والهاون، مشيراً إلى أن استخدام الهاون يهدف إلى إرباك جنود الاحتلال وتأمين انسحاب المنفذين.
وشدد الفلاحي على أن إظهار مثل هذه العمليات هو رسالة واضحة بأن فصائل المقاومة جاهزة للمنازلة بما امتلكت من إمكانيات ومقدرات، وأن تكتيكات المقاومة تدل على خبرة ميدانية في إدارة الكمائن وفي المواجهة المباشرة.