“الأطوم” رمز بيئي تحتضنه المملكة بحماية صارمة ومبادرات وطنية
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
يواصل الأطوم المعروف علميًا باسم Dugong dugon، حضوره كأحد رموز التنوع البيولوجي في المملكة، ومؤشر بيئي حساس يعكس صحة النظم البحرية واستقرارها, حيث يسبح في أعماق المياه الساحلية الدافئة للمملكة وارتبط وجوده في المخيلة الشعبية بالأساطير البحرية، والحقيقة البيئية، فجمع بين دهشة الحكاية وأهمية العلم.
وخلال أسبوع البيئة 2025، تصدرت جهود حماية الأطوم مشهد الفعاليات الوطنية، بوصفه كائنًا مهددًا بالانقراض تتقاطع حوله مسؤوليات الباحثين والمهتمين وصنّاع القرار البيئي وتقوم المملكة ممثلة بالمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية على تنفيذ برامج نوعية لحماية هذا الكائن من خطر التلاشي، من خلال مشاريع تتبع بالأقمار الصناعية ودراسات علمية ترصد توزيعه في المياه الإقليمية السعودية، إلى جانب خطط وطنية لإدارة موائله الطبيعية وتأهيلها بما يضمن استدامة بيئته البحرية وتوفير الظروف الملائمة لتكاثره واستمراره ضمن المنظومة البيئية.
ويمتلك الأطوم جسمًا أسطوانيًا يصل طوله إلى ثلاثة أمتار ويزن ما بين 300 إلى 500 كيلوجرام، ويتميز بجلده السميك وذيله المشابه لذيل الحوت، ويعيش هذا الكائن في مجموعات صغيرة، متنقلًا بين مناطق الأعشاب البحرية التي تشكل مصدره الغذائي الرئيسي، ويستهلك يوميًا ما يصل إلى أربعين كيلوجرامًا منها مما يجعله لاعبًا أساسيًا في الحفاظ على صحة المراعي البحرية التي تعتمد عليها أنواع بحرية أخرى مثل السلاحف البحرية والقشريات.
“الأطوم” بطبيعته شديد الحساسية للتغيرات البيئية، وأدى تدهور موائله الطبيعية والتلوث البحري واصطدامه بالقوارب والصيد العرضي إلى تناقص أعداده في العديد من مناطق العالم حتى انقرض وظيفيًا في بعض البيئات، الأمر الذي يُحتم مضاعفة الجهود الوطنية والدولية لصون هذا الكائن وضمان استمراريته كجزء أصيل من التنوع البيئي البحري.
وتمثل مياه المملكة بيئة حاضنة لهذا الكائن، وتحتضن مياه الخليج العربي ثاني أكبر قطيع في العالم من الأطوم التي تتراوح أعدادها من ٦٠٠٠ إلى ٧٠٠٠ كائن، وتتوفّر لها مراعٍ بحرية غنية، وتوفر شروط الاستقرار النسبي الذي يحتاجه في تنقله الموسمي.
ورغم كل هذه المقومات، تبقى معدلات تكاثر الأطوم منخفضة للغاية، إذ لا تنجب الأنثى سوى عجل واحد بعد فترة حمل تتجاوز ثلاثة عشر شهرًا ويحتاج الصغير إلى رعاية تمتد حتى ثمانية عشر شهرًا، بينما لا يتم التزاوج إلا مرة واحدة كل ثلاث إلى سبع سنوات ما يجعل نمو أعداده بطيئًا ولا يتجاوز خمسة بالمئة سنويًا حتى في أفضل الظروف.
ويعود اهتمام المملكة بحماية الأطوم إلى عقود من العمل المؤسسي المتواصل، انطلق من الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، واستمر اليوم عبر المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، الذي يتولى قيادة جهود متكاملة في هذا الإطار، شملت برامج التوعية المجتمعية والرصد البيئي، وسن التشريعات الصارمة ومنها تغليظ عقوبة صيد الأطوم لتصل إلى مليون ريال.
وحرصت المملكة على تعزيز تعاونها الدولي في هذا المجال، إذ وقّعت في عام 2013 اتفاقية لحماية هذا النوع وموائله الطبيعية وشاركت بفاعلية في المبادرات البيئية العالمية، من بينها مبادرة “عام أطوم المحيط الهادئ” التي أطلقها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة عام 2011.
وخلال أسبوع البيئة، استعرض المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية أحدث دراساته حول الأطوم، وقدم برامج توعية تثقيفية للزوار والطلاب والمهتمين ركزت على أهمية هذا الكائن في التوازن البيئي وضرورة الحفاظ على موائله، وعرضت تقنيات التتبع الحديثة التي تُستخدم في رصده وفهم تحركاته.
ويأتي ذلك في إطار التزام المركز بتفعيل دوره الوطني في نشر الوعي البيئي وتعزيز ثقافة الحفاظ على الحياة الفطرية، من خلال فعاليات تسلط الضوء على الكائنات النادرة والتنوع الحيوي الذي تزخر به المملكة.
والأطوم ليس مجرد مخلوق بحري نادر، بل هو مرآة تعكس وعينا البيئي وشاهد حي على التوازن الذي نحتاجه جميعًا في علاقتنا مع الطبيعة، واستمرار بقائه لا يُعد إنجازًا علميًا فحسب، بل قصة التزام طويل الأمد تُثبت فيها المملكة يومًا بعد آخر أن حماية الحياة الفطرية ليست خيارًا بل واجب وطني، ورسالة بيئية سامية تتجدد في كل موجة وكل نسمة بحر وكل نبضة حياة.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الحیاة الفطریة هذا الکائن
إقرأ أيضاً:
انتخاب المملكة رئيسًا لإقليم “آسيا” بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية
انتخب أعضاء الاتحاد الإقليمي الثاني “آسيا” بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، المملكة العربية السعودية ممثلة في الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد الدكتور أيمن بن سالم غلام -رئيسًا للإقليم- وذلك خلال اجتماعات الدورة الثامنة عشرة المنعقدة -عبر تقنية الاتصال المرئي- بمشاركة ممثلي الدول الآسيوية الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بشؤون الأرصاد والمناخ.
وجاء انتخاب الدكتور غلام بالتزكية في ظل ما تحظى به المملكة من تقدير للدور الريادي الذي تؤديه في تطوير المنظومة الأرصادية على المستويين الإقليمي والدولي، وما حققته من إنجازات نوعية في مجالات الرصد الجوي، وتوظيف التقنيات الحديثة، والارتقاء بجودة الخدمات المناخية.
وأعرب الدكتور أيمن غلام في كلمته عن شكره وتقديره للدول الأعضاء على ثقتهم بالمملكة, مؤكدًا أن هذا التكليف يُعد مسؤولية كبيرة وفرصة لتعزيز العمل الإقليمي المشترك، مشيرًا إلى أن المملكة باتت في قلب القرار الدولي وتقود من خلال منظماتها ومراكزها الإقليمية والعالمية جهودًا نوعية بدعم من حكومة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله -، وانطلاقًا من مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى الإسهام الفاعل في الملفات البيئية والأرصادية، والاهتمام بالقضايا المناخية وتطوير مختلف مجالاتها.
اقرأ أيضاًالمملكةالعويشق: تعاون إستراتيجي بين الخليج وآسيا الوسطى في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية
وأكد التزام المملكة بدعم المبادرات الإقليمية المعتمدة، وتوفير فرص تبادل القدرات الفنية والمعرفية، وتعزيز آليات التعاون بين الدول الأعضاء، بما يسهم في تطوير خدمات الأرصاد والمناخ، ومواجهة التحديات البيئية المتسارعة مفيدًا أن المملكة ستعمل على إطلاق برامج تدريب وتأهيل شاملة تستهدف الكوادر الفنية، إلى جانب تعزيز البنية التحتية للرصد والتنبؤ، وتمكين الدول الأعضاء من الاستفادة من التجارب الناجحة والإمكانات الوطنية بما ينعكس إيجابًا على سلامة المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة في الإقليم.
وفي ختام كلمته، عبّر الدكتور أيمن غلام عن ثقته بأن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من التكامل بين الدول الأعضاء، وتعاونًا مثمرًا مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بما يسهم في مستقبل أكثر جاهزية واستدامة لإقليم آسيا، ويُعزز مكانته العالمية ضمن منظومة القرار الدولي.