تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ليس غريبًا أن يقلق العالم أجمع، عندما وصلت الأنباء بأن الإمام الأكبر فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، قد ألمت به وعكة صحية، و ابتهل الجميع - من الشرق والغرب من مختلف الجنسيات والألوان والأديان - إلى الله أن يشفيه ويرده إلى ممارسة عمله ليكمل مسيرته العلمية والتربوية من خلال أروقة الأزهر الشريف معقل التنوير والهداية والوسطية للعالم أجمع.

إن هذا القلق الذي أصاب العالم بأسره كان انعكاسا لما تمثله مكانة الإمام من أثر بالغ في نفوس الجميع، وهي مكانة تستمد قوتها من السماحة واستنارة الفكر والرأي التي يتبناها فضيلته منهجاً ومنهاجًا لا لحياته الشخصية فقط بل طريقة لمؤسسة الأزهر الشريف وعلاقته بالآخر.

على المستوى الشخصي، ما إن بلغني خبر تراجع صحة فضيلة الإمام الأكبر حتى خفق قلبي، وكأن نبضاته تتسارع مع قلق لا يمكن السيطرة عليه. كان شعورًا عميقًا يصعب وصفه، مزيجًا من الخوف والدعاء والرجاء. لكن ما إن سمعت بفضل الله أن حالته الصحية تحسنت كثيرًا حتى هدأ قلبي واطمأن، وكأن الحياة عادت إلى توازنها من جديد.

إنها فرصة ثمينة لأتحدث – ولو قليلًا – عن هذا العالم الجليل، الذي لا توفيه الكلمات حقه مهما اجتهدت في وصف فضله وعطائه. فما أكتبه الآن ليس إلا قطرة من بحر، ولمحة من نور مسيرته التي أضاءت دروب الفكر والإنسانية.

مسيرة علمية وفكرية حافلة:

منذ توليه مشيخة الأزهر في عام 2010، حرص الإمام الأكبر على تعزيز دور الأزهر الشريف كمؤسسة دينية وتعليمية تحمل لواء الوسطية والتسامح. فقد عمل على تطوير المناهج الدراسية، وإطلاق مبادرات فكرية لمواجهة التطرف، كما قاد جهودًا مكثفة للحفاظ على الهوية الإسلامية وتعزيز قيم التعايش المشترك.

لقد جسّد الإمام الأكبر نموذج العالم الأزهري المتزن، فلم يكن صوته يومًا داعيًا للصدام أو التعصب، بل كان مناصرًا دائمًا للسلام والحوار البناء. وقد أكد في أكثر من مناسبة أن الإسلام دين الرحمة والعدل، وأن الحلول الجذرية لقضايا العصر تكمن في تبني خطاب ديني مستنير يقوم على الفهم العميق للنصوص الشرعية ومقاصدها.

جهود بارزة في الحوار بين الأديان:
كان لفضيلة الإمام الأكبر دور محوري في تعزيز الحوار بين الأديان، وهو ما تجلى في وثيقة “الأخوة الإنسانية” التي وقعها مع بابا الفاتيكان عام 2019، والتي مثلت نقلة نوعية في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين. وقد شدد في مختلف لقاءاته مع قادة العالم على ضرورة بناء جسور التواصل بين أتباع الديانات المختلفة، ورفض كل أشكال العنف والكراهية.

إلى جانب ذلك، لم تتوقف جهوده عند اللقاءات الدبلوماسية فقط، بل سعى إلى توجيه الأزهر لإطلاق مبادرات عملية تعزز السلام المجتمعي، سواء من خلال تدريب الأئمة والدعاة على فنون الحوار والتواصل، أو من خلال تطوير الخطاب الديني لمواكبة التحديات المعاصرة.

الأزهر في مواجهة التطرف والتحديات الفكرية:
من أبرز القضايا التي شغلت اهتمام الإمام الأكبر قضية مكافحة الفكر المتطرف، حيث كان الأزهر ولا يزال الحصن الحصين ضد التيارات المنحرفة التي تحاول استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية. وقد أسس مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، الذي يعمل بـ13 لغة، لرصد وتحليل الخطابات المتطرفة، والرد عليها بخطاب علمي عقلاني يستند إلى أسس شرعية راسخة، والذي أشرف بإدارته منذ ثلاث سنوات الآن وكنت عضو في فريق العمل فيه منذ اليوم الاول وأسعد بنفسي على حرص فضيلة الإمام على أن يكون الأزهر الشريف في صف الدفاع الأول عن شريعة الإسلام السمحة وعن أصوله الكريمة التي تحتاج لجيش من المجاهدين الأوفياء. 

سعى فضيلته إلى تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين في الغرب، مؤكّدًا أن الحل يكمن في تعزيز قيم المواطنة والاندماج الإيجابي، لا في العزلة أو الانغلاق.

مع انتشار خبر مرض الإمام الأكبر، تدفقت رسائل الدعم من قادة الدول، ورجال الدين، والمثقفين، وطلاب العلم، داعين الله أن يمنّ عليه بالصحة والعافية، ليواصل مسيرته في نشر قيم الخير والسلام. ولا شك أن هذه المحبة الواسعة تعكس حجم الأثر الذي تركه فضيلته في قلوب الملايين.

وفي هذه اللحظات، لا يسعنا إلا أن نرفع أكف الدعاء، سائلين الله عز وجل أن يمنّ على الإمام الأكبر بالشفاء العاجل، وأن يبارك في عمره، ليبقى نورًا يهدي الأمة إلى ما فيه الخير والصلاح.

د. ريهام سلامة مديرة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: شيخ الأزهر رهام سلامة مديرة مرصد الأزهر الأزهر الشریف الإمام الأکبر

إقرأ أيضاً:

ماذا يفعل المسلم إذا أدرك الإمام راكع أو ساجد؟.. الأزهر للفتوى يوضح

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، إنه إذا أدرك المسلمُ الإمامَ وهو راكع أو ساجد أو جالس وأراد الدخول في صلاة الجماعة كبر تكبيرتين: تكبيرةً للإحرام -وهي واجبة للدخول في الصلاة-، ثم تكبيرةً أخرى للركوع أو السجود أو الجلوس.

وأضاف مركز الأزهر، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أنه إذا ما أدركه المسبوق مع الإمام يُعَدُّ أولَ صلاته، وما قضاه منفردًا هو آخرها، ويُتابع المسبوقُ إمامه في كل أفعال الصلاة، ويبني على ما أدركه، ومن أدرك ركعة مع الإمام فقد أدرك الجماعة وهو قول المالكية، ومذهب جمهور الفقهاء على أن من أدرك شيئًا من الجماعة فقد أدرك فضلها.

بعد دعوة الهلالي باستفتاء شعبي على المساواة في الميراث..الهواري: لا ينبغي الاصطدام بالثوابت أو معارضة المستقرهل يجوز الدعاء باللغة العامية في السجود؟.. أمين الفتوى يوضح

إدراك صلاة الجمعة

وورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (أدركت الإمام في الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة ، فهل أكمل الصلاة بعد تسليم الإمام ظهرا أربع ركعات أم ركعة واحدة؟

وقال الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال لقائه بالبث المباشر المذاع على صفحة الإفتاء، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

ورد الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى قائلا: من تأخر عن صلاة الجمعة عامدا متعمدا فقد أثم وعليه الاستغفار والتوبة، أما إذا كان نائما واستيقظ متأخرا فليس عليه حرج أو إثم، وإذا لحق المصلي الإمام في الركوع أو قبل الركوع فقد أدرك ركعة واحدة فيكمل صلاته بركعة واحدة بعد تسليم الإمام أما إذا أدرك الإمام في الركعة الأخيرة وبعد قيامه من الركوع فعليه ان يكمل صلاته ظهرا أربع ركعات .

مقالات مشابهة

  • عبدالرحيم علي يكتب: باقة حب لفضيلة الإمام الأكبر
  • وزير الأوقاف يكتب: الإمام الطيب قائد الأزهر في زمن التحديات وصوت الحكمة في عالم مضطرب
  • «الأخوة الإنسانية».. قصة وثيقة جسدت الصداقة بين البابا فرانسيس وشيخ الأزهر؟
  • عاجل:- شيخ الأزهر ينعي البابا فرانسيس: "كرّس حياته لخدمة الإنسان وتعزيز الحوار بين الأديان"
  • رحيل بابا الإنسانية.. علاقته بشيخ الأزهر صنعت جسورًا من السلام والتسامح
  • الحكمة آية إبراهيم تكتب اسمها بحروف من ذهب في نهائي كأس العالم لتنس الطاولة
  • وزارة الشباب تدشن البرنامج التدريبي من دروس قائد الثورة من عهد الإمام علي لمالك الأشتر
  • ماذا يفعل المسلم إذا أدرك الإمام راكع أو ساجد؟.. الأزهر للفتوى يوضح
  • الأزهر وقومي حقوق الإنسان يبحثان تعزيز التعاون المشترك