برافدا: روسيا الطرف الوحيد القادر على إنجاح المفاوضات الإيرانية الأميركية
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
ترى كاتبة روسية أن موسكو هي الوحيدة القادرة على إنجاح المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران وأنها تلعب حاليا دورا محوريا في تقدم المفاوضات بين الجانبين للتوصل لاتفاق شامل حول البرنامج النووي الإيراني.
وقالت الكاتبة ليوبوف ستيبوشوفا في تقرير لها نشرته "برافدا" الروسية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوفى بالوعد الذي قطعه لنظيره الأميركي دونالد ترامب خلال مكالمة هاتفية بينهما قبل شهر.
وأوردت أن بوتين شدد في تلك المكالمة على أنه لا يمكن السماح لإيران بتدمير إسرائيل، وهو الأمر الذي ساعد الإدارة الأميركية الجديدة على تحقيق أول انتصار ملموس على الساحة الدولية.
نوقشت مسبقاونقلت ستيبوشوفا عن مصادر مطلعة أن تفاصيل التفاهمات التي توصلت إليها الولايات المتحدة وإيران إلى حد الآن قد نُوقشت على الأرجح خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو الأسبوع الماضي.
وكان عراقجي قد عبّر عن تفاؤله إزاء سير المحادثات، وقال في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي إنهم نجحوا في التوصل إلى تفاهم يخدم مصلحة الجانبين حول عدد من المبادئ والأهداف، مما أتاح الانتقال إلى المرحلة التالية وهي بدء اجتماعات الخبراء.
إعلان
مطالب الطرفين
وأوضحت الكاتبة أن مسألة "الضمانات الخارجية" تعد نقطة محورية بالنسبة لطهران في المفاوضات الحالية، تحسبا لأي قرار أميركي من جانب واحد، مثلما فعل ترامب في 2018 حين انسحب من الاتفاق السابق وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية على إيران.
ونقلت عن عراقجي أيضا تأكيده أن الضمان الوحيد لعدم انسحاب واشنطن مجددا هو توقيع اتفاق يصادق عليه الكونغرس الأميركي، لكن هذه الخطوة تبدو غير قابلة للتنفيذ -وفقا للكاتبة- في ظل نفوذ اللوبي المؤيد لإسرائيل داخل الكونغرس.
وأضافت أن الجانب الإيراني يطرح خيارا ثانيا لضمان تطبيق الاتفاق، وهو إدراج آلية تعويضات مالية واضحة، كما أن هناك خيارا ثالثا وهو نقل احتياطيات اليورانيوم عالي التخصيب إلى روسيا أو أي بلد آخر، مع إمكانية استعادتها في حال الإخلال بالاتفاق.
وأكدت الكاتبة أن الولايات المتحدة تعتبر من جانبها أن الأولوية القصوى في أي اتفاق هي ضمان وقف تخصيب اليورانيوم بالمستويات التي تتيح استخدامه لأغراض عسكرية، كما أبدت واشنطن استعدادها للتخلي عن مطلبها السابق بتفكيك البنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني، شرط أن يتم نقل اليورانيوم المخصب إلى روسيا.
وفي خطوة إضافية نحو بناء الثقة، من المقرر أن تقوم إيران بإعادة برنامجها النووي المدني تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.
الدور الروسي
اعتبرت الكاتبة أن ما كشفه مسؤول أمريكي لصحيفة "غارديان" بأن طهران وواشنطن لا ترغبان بأي دور للأمم المتحدة في الاتفاق الجديد يعد تحوّلا لافتا ويمنح روسيا دورا محوريا كوسيط وحَكم في العلاقات بين الطرفين.
ويعني هذا التحول -حسب الكاتبة- استبعاد فرنسا وبريطانيا من موقع الدولتين الضامنتين، وهو دور لعبتاه سابقا ضمن الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015.
إعلانوترى الكاتبة أن التقارب الروسي الإيراني وصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وقالت مجددا إن موسكو هي الطرف الوحيد القادر على تسريع المفاوضات بين طهران وواشنطن والوصول بالاتفاق إلى برّ الأمان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الکاتبة أن
إقرأ أيضاً:
خيارات متعددة.. المفاوضات الأمريكية الإيرانية.. اتجاهات التصعيد والاحتواء والتسوية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
منذ الإعلان غير المتوقع من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن أن المحادثات مع إيران ستجري في سلطنة عمان، وصفت بعض الاتجاهات الدبلوماسية على جانبي الأطلسي مجموعة من السيناريوهات غير المتفائلة حول احتمالية تسوية الملفات العالقة بين الجانبين؛ حيث حذرت بعض الاتجاهات من أن مجرد بدء الحوار بين واشنطن وطهران قد يأتي بنتائج عكسية، فالمحادثات قد تُشجع طهران أو تُتيح للحرس الثوري الإسلامي مساحة للقيام بأعمال وممارسات ضد الولايات المتحدة.
ومن المهم أيضًا مراعاة العواقب المحتملة لفشل المفاوضات، فعلى الرغم من أن احتمالية توجيه ضربات عسكرية للمنشآت النووية والأهداف العسكرية الإيرانية قد تضاءل، إلا أن هذا الخيار لا يزال قائمًا، ويُؤكد التصعيد الأخير في انتشار القوات الأمريكية في المنطقة بما في ذلك زيادة النشاط في قاعدة دييغو غارسيا أن الخيار العسكري لم يُستبعد بعد.
وقد أثار الإيرانيون خلال المباحثات مسألة انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي السابق، وأعربوا عن قلقهم من انسحاب الولايات المتحدة منه مجددًا، فيما أثار الجانب الأمريكي شكوكه بشأن نوايا إيران بشأن برنامجها النووي، لكن مسئولين من كلا الجانبين قالوا إنهم يرون أن المحادثات تمضي بصورة إيجابية.
دخلت إيران إلى المحادثات من موقف ضعف لا يقبل النقاش خاصة بعدما أدى الهجوم العسكري الإسرائيلي متعدد الجبهات منذ هجمات ٧ أكتوبر في غزة وسوريا ولبنان إلى إضعاف ممنهج للقوة الرمزية التي يتمتع بها وكلاء إيران في المنطقة مثل حماس وحزب الله، بالإضافة إلى إضعاف قدراتهم العسكرية، كما يتعرض الحوثيون في اليمن لغارات جوية مكثفة والتي تمثل أحدث ملفات الخسارة الإيرانية، إلا أن هذه الخسائر ممتدة منذ أن تعرضت إيران لانتكاسة كبيرة في عام ٢٠٢٠ عندما قتلت غارة أمريكية بطائرة مسيرة قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في بغداد.
من ناحية أخرى، شهدت الديناميكيات الإقليمية تحولًا جذريًا منذ عام ٢٠١٥، عندما تم الاتفاق على خطة العمل الشاملة المشتركة في عهد إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.
وقد كان التقارب السعودي الإيراني الذي توسطت فيه الصين في مارس ٢٠٢٣، نقطة تحول أخرى فتحت آفاقًا دبلوماسية جديدة للمنطقة، وكانت عاملًا رئيسيًا في خفض التصعيد. وبموافقتها على المحادثات مع واشنطن (بغض النظر عن الجوانب الدقيقة للصيغة المباشرة أو غير المباشرة)، بدأت طهران أخيرًا في استيعاب هذا الواقع الجديد.
لكن على الرغم من انهيار مبدأ الدفاع الأمامي الإيراني، الذي يعتمد على قدرات عسكرية غير متكافئة تُمارس عبر شبكة من الوكلاء الإقليميين، فإن إيران تحتفظ بقدرات عسكرية تقليدية كبيرة. ولا يزال برنامجها الصاروخي الباليستي وقوتها البحرية قادرين على تعطيل حركة الملاحة والتجارة في منطقة الخليج العربي. وبالتالي قد يكون هناك تراجع في قدرات إيران العسكرية إلا أنها لم تنهار وتمتلك القدرة على المواجهة.
بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تتطلب المفاوضات المعقدة درجة مختلفة من المرونة والغموض المتعمد في مسار التفاوض، وقد جادل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني وحده كفيل بتحقيق النجاح.
ومع ذلك، فإن تطبيق "نموذج ليبيا"، الذي تتخلى فيه طهران طواعيةً عن برنامجها النووي، لن يُجدي نفعًا بالنسبة للنظام الإيراني. من جهة أخرى، فإن الاعتقاد بأن الطرف الإيراني قد يغير من بنود الاتفاق أو اتخاذ مواقف رافضة للرؤية الأمريكية والإسرائيلية قد يُقوض مسار العملية الدبلوماسية، وحتى الآن ليس من الواضح ما هي معايير التفاوض في هذه المرحلة، فهل تتمثل في الحد من التسلح أم نزع السلاح الكامل؟ وماذا عن إنهاء الدعم الإيراني للجماعات المسلحة التي تركز أيديولوجيًا على مهاجمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية والغربية في المنطقة؟
وقد أوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غايته في ٩ أبريل ٢٠٢٥ عندما قال: “لا أطلب الكثير.. لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي”، كما اتخذ خطوات للحد من محاولات طهران المحتملة لإطالة أمد المفاوضات، وهو ما قد يتيح لها وقتًا لتسريع وتيرة تسليحها النووي. وأفادت التقارير أن رسالة ترامب عرضت مهلة شهرين للمفاوضات. ووفق رؤية ترامب فإن فترة المفاوضات المطولة قد تسمح لإيران بممارسة ضغوط خلال المحادثات أو اتخاذ خطوات خطيرة، مثل نقل المواد المخصبة إلى مواقع غير معلنة. في الوقت نفسه، لم تُتح لسياسات "الضغط الأقصى" التي تنتهجها إدارة ترامب، بما في ذلك العقوبات الجديدة على صادرات النفط الإيرانية، وأسطولها السري، وغيرها من آليات التهرب من العقوبات، مثل المصافي الصينية الصغيرة، الوقت الكافي للتأثير على الاقتصاد الإيراني والتي حاولت واشنطن استهدافها بالعقوبات بعدما أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة تستهدف البرنامج النووي الإيراني، وخاصةً إنتاج أجهزة الطرد المركزي.
هناك محدودية فيما يتعلق بالخيارات الإيرانية في المفاوضات مع الولايات المتحدة، ففي محاولة منها لخلق سياسات ردع موثوقة، واصلت إيران التهديد بمهاجمة القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج، وحلفاء الولايات المتحدة، أو أي دولة قد تدعم توجيه ضربة عسكرية لإيران، كما واصلت طهران عمليات التضليل في الأسابيع الأخيرة مثل التقارير المنتشرة والتي تفيد بأن إيران ستسحب مستشاريها من مساندة الحوثيين في اليمن، تلتها مزاعم بأن الميليشيات الشيعية في العراق (قوات الحشد الشعبي) كانت تفكر في نزع سلاحها لتجنب هجومٍ أمريكي.
ومن المرجح أن هذه العملية الإعلامية كانت مُصممة لوضع الأساس للمفاوضات مع الولايات المتحدة وخلق شعور بوجود مسافة فاصلة وفك ارتباط بين إيران والمنظمات والوكلاء التابعين لها ضمن ما يُسمى محور المقاومة.
وضمن السياق ذاته، أطلقت إيران حملة ضغط هجينة، تمزج فيها الإشارات التصالحية بالتهديدات العسكرية الصارمة؛ حيث أفادت بعض التقارير بأن الحرس الثوري الإيراني نشر أنظمة صاروخية جديدة على ثلاث جزر حيوية استراتيجيًا في الخليج، وهي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، بالقرب من مضيق هرمز الحيوي. وفي ٩ أبريل ٢٠٢٥، أفادت صحيفة التايمز أن إيران نقلت سرًا صواريخ باليستية بعيدة المدى إلى العراق، على عكس التقارير السابقة حول نزع سلاح الميليشيات.
وتشير هذه التناقضات في التصريحات والتحركات من حيث المبدأ إلى أنه يجب أن تضيق الفجوة بين ما يُعتبر نجاحًا لأي من الطرفين بما يكفي لاعتبار الاتفاق النتيجة الأقل تكلفة في النهاية، ومن المرجح أن يكون الاتفاق المقبول اتفاقًا تدريجيًا، يقدم تخفيفًا مشروطًا وتدريجيًا للعقوبات الأمريكية مقابل آليات محددة زمنيًا تُلزم إيران بفتح منشآتها للمراقبة الدولية. ومع تراجع حسن النية والثقة، سيكون الوصول إلى هذه النقطة تحديًا.
على الجانب الآخر، وفي حال فشل المحادثات، أشارت الولايات المتحدة إلى أنها ستدعم ضربة إسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية، أو ربما تنفذ ضربات أحادية الجانب. إلا أن الخيار الأخير يبدو أقل ترجيحًا. فقد منح قبول المحادثات مصداقية لاستعداد إدارة ترامب لإعطاء فرصة للتوصل إلى اتفاق. باعتبارها لا يوجد الكثير لتخسره من التحدث مع النظام الإيراني، لأن الولايات المتحدة لا تزال تملك خيارات عديدة من أدوات الحرب العسكرية والاقتصادية.
وامتدادًا لسيناريو فشل المفاوضات وانهيار الحلول الدبلوماسية، ستكون واشنطن وتل أبيب في وضع يسمح لهما بتبرير العمل العسكري كملاذ أخير، بعد أن انتهجا بوضوح المسار الدبلوماسي واستنفذوا أدواته، وبرغم ذلك فإن أي تصعيد ستكون له عواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمي؛ إذ سيُطلق شرارة سلسلة من ردود الفعل عبر خطوط الصدع المتقلبة أصلًا.
ومع ذلك، في مثل هذا السيناريو، قد يُظهر شركاء الولايات المتحدة الرئيسيون في الخليج تساهلاً أكبر تجاه الضربات المُستهدفة للأصول الإيرانية، خاصة إذا ما اعتُبرت طهران الطرف الذي أفشل المحادثات.
في الختام: إن المباحثات بجولاتها الممتدة وبصورتها المباشرة وغير المباشرة سوف تكون صعبة لأنها تشمل ملفات معقدة وهي الملف النووي الإيراني والبرنامج الصاروخي والمسيرات ودعم إيران لأذرعها في المنطقة، ومن هنا تتركز أهمية المفاوضات لاستكشاف إمكانية الوصول إلى تفاهمات جديدة تقترب من اتفاق ٢٠١٥ مع بعض القيود الإضافية بما يسمح بتفادي الصدام.