بلاغة شعر العامية: بيرم التونسى
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
فى مسيرة بلاغة شعر العامية منذ جذوره الأولى تربع على عرش الشعر العامى محمود بيرم التونسى (1893ـ1961) فى مرحلة من أهم مراحل الحياة الثقافية والاجتماعية والوطنية فى مصر، مزودا بثقافة عصره، ورصيد تراثنا، مرتبطا بالمجتمع وكفاحه ومكابداته، متعرضا- كما قدمنا- للنفى والإقصاء على مدى عشرين عاما فيما بين سنوات 1920 و1938، ما بين العودة إلى وطنه الأول تونس، أو ذهابه إلى فرنسا، وهو فى عنفوان شبابه، وكان حصاد ذلك ديوانه أو أعماله الكاملة التى أصدرتها هيئة الكتاب بمصر فى خمسة أجزاء بإشراف رشدى صالح فى عامى 1976، و1977، ثم أضاف يسرى العزب إلى إبداعاته تلك أربعاً وسبعين قصيدة، وليتنوع إبداعه بين شعر الفصحى- فى صدر حياته- والعامية والمقال الصحفى والمقامات والقصص والمسرحيات والأوبريتات والتمثيليات والأغانى والطقاطيق والفوازير ورواية (السيد ومراته فى باريس وفى مصر)، وذاعت قصيدته فى المجلس البلدى، والسخرية من تسعيرة الحكومة نشرها سنة 1917، حيث ارتفعت الأسعار بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، وقد كتب عنه عبدالعليم القبانى محمود بيرم التونسى، المؤسسة العامة للنشر، القاهرة 1969، كما كتب عنه فى كتابه رواد الشعر السكندرى فى العصر الحديث، هيئة الكتاب القاهرة 1972 ص83ـ 85، وحصر يسرى العزب أعماله فى كتابه عنه «أزجال بيرم التونسى، دراسة فنية» هيئة الكتاب، القاهرة 1981، ص301، ونشط قلمه فى الصحافة، فأنشأ فى 4 من مايو 1919 مجلة «المسلة» وحققت نجاحاً كبيراً، ثم أنشأ صحيفة «الخازوق» مفتتحاً عددها الأول بمهاجمة محافظ القاهرة زوج الأميرة فوقية ابنة السلطان فؤاد، ويكتب فى مجلة الفنون لصاحبها كمال الحلى، وفى جريدة الزمان بتونس، وفى «أبوللو» عند أبى شادى، وفى «الصاعقة» لمحمود رمزى نظيم، وليشارك أحمد شفيق صاحب «المطرقة» فى إصدار مجلة «ياهوه» الفكاهية، ولتظهر بعض أزجاله مجتمعة فى عدد خاص منها فى 11 من أغسطس 1941، ولتفرد جريدة «أخبار اليوم» مساحة أسبوعية لأزجاله، وكذلك «الأخبار»، و«ابن البلد»، و«المصرى»، و«الجمهورية» سنة 1955، وينشر بها قصيدته المطولة ( كفاح الشعب)، وتقدم الإذاعة من أعماله «ملحمة الظاهر بيبرس» التى مات قبل إتمامها.
وقد تعرف على «أحمد زكى أبوشادى» (ت1955)، وفى مقهى كوم الدكة بالإسكندرية تعرف على الشيخ سيد درويش(ت1923)، وغنى له سيد درويش (أنا المصرى كريم العنصرين)، واتصل بشعراء عصره: شوقي(ت1932)، وحافظ (ت1932)، والمازنى(ت 1949)، وشكرى (ت1949)، والعقاد( ت1964)، والرافعى (ت1937)، ورامى (ت1981)، وعبدالمطلب (ت1931)، وطاهر أبوفاشا، وغيرهم، وليحصل قبيل وفاته على وسام الفنون والآداب، ليلتقى- فى الساحة الأدبية- رافدا الشعر: الفصيح والعامى، لتنشط الحركة الأدبية واللغوية والفنية فى ساحة الفنون المتنوعة، وليتجلى الإسهام اللغوى فى تاريخ التجذر القومى فى الأرض العربية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحياة الثقافية مصر
إقرأ أيضاً:
في مثل هذا اليوم.. رحيل الروائي شتاينبك
رحل في مثل هذا اليوم 20 ديسمبر (كانون الأول) الروائي الأمريكي جون شتاينبك عام 1968، وترك إرثاً أدبياً ما زال خالداً ومؤثراً حتى اليوم.
كان يرى واجب الكاتب أن يظهر أخطاءنا المؤلمة وفشلنا في التركيز على أحلامنا الجريئة
ولد شتاينبك في فبراير (شباط) عام 1902 في بلدة صغيرة بكاليفورنيا، وعندما أنهى المرحلة المدرسية التحق في جامعة ستانفورد عام 1925، لكنه تركها وانكب على الكتابة الروائية، فصدرت له أعمال مميزة، عديدة منها "اللؤلؤة" و"شرقي عدن" وفئران ورجال، ومن أشهر أعماله رواية "عناقيد الغضب".كان يركز في أعماله على الهموم الوطنية والاجتماعية، ويعتبر الكتابة قوة نتسلح بها لمواجهة الظلم والجبن، والخوف، ونواصل الحياة بشجاعة، ونظر للكتابة على أنها حكمة نستخلصها من الزمن ومن تحدياتنا فيه، وشارك في كتابة العديد من سيناريوهات الأفلام، ثم لمع نجمه وأصبح علامة فارقة في تاريخ السينما الأمريكية.
ويبدو أن شتاينبك كان معجبا بكتابات إرنست همنغواي، وتأثر بها، وفي عام 1939 أرسل رسالة لهمنجواي يشيد بعمله "الفراشة والدبابة"، ثم دعاه همنجواي للقاء وتقابلا عام 1944 في نيويورك، فكان اللقاء الأول والأخير للكاتبين.
واعتبر شتاينبك الكتابة طريقة للتعبير عن الرأي في القضايا الاجتماعية والإنسانية، على سبيل المثال في روايته "عناقيد الغضب" حاكم فيها المجتمع الطبقي، وقد فجرت الرواية موجة من الغضب الاحتجاج، وتعرض للتهديد، قبل استلامه جائزة بولتيزر عام 1940.
وتحدث في الرواية عن حكاية أسرة مهجرة من أوكلاهوما إلى كاليفورنيا تصطدم بالواقع والفقر، ثم برع في وصف المهمشين فيها، وهو يعتبر الكتابة اكتشاف لواقع آخر لم يكن يسلط عليه الضوء، فيجعلنا نعيش واقع شخصياته، وقد كان يتعاطف جداً مع هذه الفئة لأنه سبق وعمل سائساً في حظيرة حيوانات، كما عمل في إحدى المزارع، فقد تعرض للظلم الطبقي الذي ساد في أمريكا سابقاً.
وقال عن روايته "عناقيد الغضب": "كتبتها بالطريقة التي نعيش فيها الحياة لا بالطريقة التي تكتب فيها الكتب"، موضحاً أنه وضع فيها خدعة نفسية، ثم تحولت الرواية فيما بعد إلى فيلم حقق نجاحا باهرا في السينما الأمريكية، من إخراج جون فورد.
وقد استمد شتاينبك أعماله من نبض الحياة، كالعديد من الكتاب المبدعين، وتأثر بما يقرأ من أعمال أدبية، فكانت بعض النتاجات الإبداعية سببا في إلهامه أفكار لعدد من رواياته، على سبيل المثال، نجد في روايته "فئران ورجال" تماساً كبيراً مع قصيدة للشاعر روبرت بيرنز يقول فيها: "أفضل خطط الفئران والرجال غالبا ما تنحرف ولا تحقق الهدف المـتأمل منها".
وفي روايته "الحلم الأمريكي" يرتبط الحلم بالصداقة والإنسانية، فهي التي ستنقذ الناس في نهاية الأمر، ويوضح الكاتب أن الإنسان لا يستطيع العيش فقط على الأحلام فالمجتمع الأمريكي طبقي والضعيف لا مكان له في ظل عالم صعب.
وعندما تسلم شتاينبك "جائزة نوبل للأدب" عام 1962، أكد على دور الكتّاب في التغيير و الوعي، فقال: "إن المهمة الأساسية للكاتب لن تتغير، فواجبه أن يظهر أخطاءنا المؤلمة وفشلنا في التركيز على أحلامنا الجريئة بهدف الإصلاح"، ووجه نصيحة للكتاب من وحي تجربته قائلا: "لقد وجدت أحياناً أن من المفيد جداً أن تنتقي لنفسك شخصا واحداً وقارئاً حقيقياً تكتب له".