كتاب 15 دقيقة.. قيادي بطالبان يروي تجربة نادرة من داخل الحركة
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
كابلـ في لحظة استثنائية من تاريخ حركة طالبان، اختار القيادي بالحركة خالد زدران أن يروي حكايته، ليس بالبندقية هذه المرة، بل بالكلمة، في كتاب حمل عنوان "15 دقيقة"، يقدّم سردية نادرة عن تجربته كمقاتل في صفوف الحركة لأكثر من عقدين، متجاوزا الخطاب التقليدي لتنظيمه، ومرسّخا لتيار جديد يتلمّس ملامح التحول داخله.
خالد زدران، الذي يشغل حاليا منصب المتحدث باسم شرطة كابل، يُعدّ أول مسؤول من الحركة يوثق تجربته الشخصية في القتال والعمل التنظيمي، وقد اختار أن يبدأ مذكراته من نقطة فارقة، هي عملية أسر الجندي الأميركي بو برغدال عام 2009، وهي الحادثة التي يعتبرها منعطفا غيّر مجرى العلاقة بين طالبان والولايات المتحدة.
يقول زدران في حديثه للجزيرة نت "حاولت أن أنقل تجربتي للقارئ الأفغاني بكل صدق وأمانة، فقد خضنا حروبا طويلة، وقلّما وثّق قادتنا تلك المراحل. غالبا ما قرأنا تاريخنا بعيون الآخرين، أما أنا فحاولت أن أروي ما عشته بعين أفغانية، حتى وإن تخللها بعض الأخطاء، فالحرب تفرض ظروفها ولا أحد ينجو من تبعاتها".
أسر برغداليروي زدران أن عنوان الكتاب "15 دقيقة" يُشير إلى الزمن الفاصل بين نقل الجندي الأميركي برغدال إلى مركز احتجاز جديد، وبين استهداف المركبة التي كان من المفترض أن تقله بغارة أميركية، ويضيف "لو تأخرت العملية دقائق معدودة، لقُتل برغدال، ولما جرت مفاوضات الدوحة، ولا تمت صفقة تبادل قادة طالبان الخمسة من معتقل غوانتانامو، وربما ما كنا لنعود إلى السلطة عبر التفاوض، بل عبر خيار عسكري دموي".
إعلانويكشف زدران تفاصيل غير مسبوقة عن عملية الأسر وظروف الاحتجاز في منطقة "شوال" بوزيرستان، كما يروي كيف أن الجندي الأميركي فرّ من منزل الذين كان يقطن فيه واختبأ في الجبال لمدة 9 أيام، قبل أن يُلقى القبض عليه مجددا.
ويشير إلى أن برغدال، خلال فترة احتجازه، كان يرتدي أحيانا ملابس نسائية للتمويه، وطلب لاحقا تعلّم اللغة البشتونية وقراءة كتب عن الإسلام، كما أبدى رغبة في التواصل مع صديقته "مونيكا لي"، طالبا منها أن تنتظره.
كسر السردية التقليديةاللافت في تجربة زدران أنه يتجاوز في خطابه اللغة القتالية المعتادة لعناصر طالبان، فهو يستخدم مصطلحات مثل "الجيش الوطني" و"العلم الوطني"، في إشارة إلى الحكومة السابقة، ويصف الأمير أمان الله خان -الذي حارب الاستعمار البريطاني- بلقب "الأمير الغازي"، وهي أوصاف لم تكن مألوفة في أدبيات الحركة.
زدران، الذي لم يتخرج من مدرسة دينية تقليدية، انضم إلى طالبان خلال مراهقته، وبدأ مسيرته كمساعد ميداني قبل أن يصبح مقاتلا ثم مسؤولا، ويبدو من خلال كتابه أنه ينتمي إلى تيار براغماتي داخل طالبان، يسعى لتقديم صورة أكثر اعتدالا وواقعية، دون أن يتنصل من المبادئ العامة للحركة.
ويكشف الكتاب عن حجم التهميش الذي تعرض له مقاتلو طالبان في ولاية بكتيكا الأفغانية المتاخمة للحدود الباكستانية، الذين أسروا الجندي برغدال، ولم يتم استشارتهم في قرار التبادل الذي تم بوساطة قطرية عام 2014، ويقول زدران إنهم علموا بالصفقة من وسائل الإعلام، رغم أنهم تكبّدوا خسائر ميدانية كبيرة لحماية الأسير.
ويضيف "كنا نحن من أسر الجندي الأميركي، ورافقته لسنوات، لكن حين حان وقت التبادل، لم تُعرض علينا التفاصيل. القرار صدر من القيادة، وتم التنفيذ دون مشاركتنا، وهو ما ترك شعورا بالخذلان".
وثيقة داخلية نادرةيُنظر إلى كتاب "15 دقيقة" على أنه وثيقة داخلية تكشف ما يدور داخل أروقة طالبان من تحولات فكرية وصراعات تنظيمية، فزدران يقدّم من خلال تجربته ما يشبه مرآة للواقع المركّب الذي تعيشه الحركة، بين تيار شاب يحاول الانفتاح على المجتمع والدولة، وآخر تقليدي متمسك بسياقات الماضي.
إعلانويقول وكيل وزارة التعليم السابق لطف الله خيرخواه للجزيرة نت "خالد زدران كأول مقاتل يوثق تجربته بتجرّد، يمثل فتحا مهما في أدبيات الحركة، لقد تعامل مع التاريخ والجغرافيا بدقة، وساعد في فتح الطريق أمام آخرين لتوثيق تجاربهم ونقلها للأجيال المقبلة".
ويرى مراقبون أن كتاب "15 دقيقة" لا يعد مجرد مذكرات مقاتل، بل هو سردية جديدة تُضاف إلى أدبيات الحرب والسلام في أفغانستان، وتفتح الباب لفهم أعمق لما يدور داخل طالبان، خاصة في ظل تحولات ما بعد عودتها إلى الحكم، كما يعد الكتاب خطوة أولى في مسار أوسع من التوثيق الذي قد يغيّر الطريقة التي يُنظر بها إلى طالبان من داخلها، لا من خلال روايات الآخرين فقط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجندی الأمیرکی
إقرأ أيضاً:
البابا الذي كسر التقاليد: دفن فرنسيس خارج أسوار الفاتيكان ( كامل التفاصيل)
شهدت أروقة الفاتيكان مؤخرًا حدثًا تاريخيًا غير مسبوق، حيث طُبقت للمرة الأولى مراسم جنائزية جديدة لبابا الفاتيكان، البابا فرنسيس الثاني، الذي رحل عن عالمنا بعد مسيرة حافلة بالإصلاحات والقرارات الجريئة.
وداع البابا فرنسيس
كان البابا فرنسيس قد قرر قبل وفاته تعديل الطقوس الجنائزية الخاصة بدفن باباوات الفاتيكان وأبرز هذه التعديلات تمثل في عدم عرض جثمان البابا للعامة، بل إيداعه فورًا داخل التابوت. كما تم تأكيد الوفاة داخل الكنيسة بدلًا من الغرفة البابوية التقليدية.
نهاية التوابيت الثلاثة
واحدة من التغييرات البارزة تمثلت في الاستغناء عن التوابيت الثلاثة التقليدية المصنوعة من السرو والرصاص والبلوط، والتي كانت تعكس رمزية كنسية وتاريخية. بدلًا منها، استُخدم تابوت خشبي واحد مبطن بالزنك، ما اعتبره البعض رسالة رمزية نحو التبسيط وإزالة المظاهر الفخمة عن لحظات الوداع.
رغم أن المعتاد هو دفن الباباوات في الكهوف أسفل كاتدرائية القديس بطرس، إلا أن البابا فرنسيس أوصى بأن يُدفن في كنيسة "سانتا ماريا ماجوري" بروما، وهي واحدة من أقدم الكنائس المريمية، وتحوي أقدم أيقونة للعذراء مريم تعود للقرن الخامس.
أعلن الفاتيكان الحداد الرسمي لمدة تسعة أيام، وهو تقليد متّبع في وداع باباوات الكنيسة الكاثوليكية، لكنه في هذه المرة جاء بنكهة مختلفة تحمل بصمة البابا فرنسيس الثاني.