البلاد – بيروت
فيما يواصل الجيش اللبناني جهوده لضبط السلاح غير الشرعي في الجنوب، ويدفع الثمن دمًا وشهداء، تزداد مناورات حزب الله للتهرب من التزامه بنزع السلاح، رغم إقراره بذلك في اتفاق التهدئة مع إسرائيل. وبينما تكرّرت العمليات الاستباقية التي أحبطت إطلاق صواريخ قد تُستخدم ذريعة لعدوان إسرائيلي جديد، بدا الموقف الرسمي اللبناني واضحًا في الإصرار على حصر السلاح بيد الدولة، باعتباره شرطًا أساسيًا للعبور إلى مرحلة الإعمار والاستقرار.

ووسط هذه التحديات، شدد الرئيس جوزيف عون على أن “قطار قيامة لبنان انطلق ولا أحد سيُعرقله”.
أعلنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، أمس (الأحد)، أنها أحبطت عملية جديدة لإطلاق صواريخ من الجنوب باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأوضحت في بيان أنها داهمت، بالتعاون مع وحدة من الجيش، شقة في منطقة صيدا – الزهراني، حيث ضبطت عددًا من الصواريخ ومنصات الإطلاق المخصصة لها، وتم توقيف عدة أشخاص متورطين، أُحيلوا للتحقيق بإشراف القضاء المختص.
في السياق نفسه، لا تزال التحقيقات مستمرة في عمليتين سابقتين تم خلالهما إطلاق صواريخ نحو إسرائيل، بينما يشدد الجيش إجراءاته لمنع أي محاولة لجرّ لبنان إلى مواجهة عسكرية جديدة.
وفي مشهد مأساوي موازٍ، سقط ثلاثة شهداء وسبعة جرحى من الجيش اللبناني، أمس، في انفجار ذخائر داخل آلية كانت تقلّ ذخائر من مخلفات الحرب بين إسرائيل وحزب الله، وذلك على طريق بريقع – القصيبة في قضاء النبطية. وتشير المعلومات إلى أن عناصر الجيش كانوا ينفذون مهمة تفتيش وجمع للذخائر بهدف تأمين المناطق الجنوبية وإعادة الحياة إلى طبيعتها.
على المستوى السياسي، أعاد الرئيس اللبناني جوزيف عون التأكيد على أن قرار حصر السلاح بيد الدولة لا رجعة فيه، مشددًا على أن الجيش هو الجهة الوحيدة المسؤولة عن سيادة واستقلال لبنان. وأضاف بعد لقائه البطريرك بشارة الراعي في بكركي: “أهم معركة لنا هي محاربة الفساد، وقطار قيامة لبنان انطلق ولا أحد سيُعرقله”.
من جهته، قال رئيس الحكومة نواف سلام إن الدولة اللبنانية وحدها صاحبة قرار الحرب والسلم، وأضاف سلام في تصريحات نقلتها الوكالة الوطنية للإعلام، تعليقًا على ضبط عملية تحضير لإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، أن العمل الذي قام به الجيش في الجنوب يعكس مدى التزام الحكومة ببسط سيادتها على كامل الأراضي بقواها الذاتية. واعتبر أن إحباط إطلاق الصواريخ دليل على جدّية الدولة في قطع الطريق أمام أي مخططات تهدف إلى توريط لبنان.
وقبل أيام، أطلق نعيم قاسم الأمين العام لحزب الله ومسؤولين آخرين تهديدات ضد الداعين لحصر السلاح بيد الدولة، إذ اعتبروا ألا أحدا يستطيع نزع سلاحهم.
يذكر أن اتفاق وقف النار الذي بدأ سريانه في 27 نوفمبر الماضي، نص صراحة على انسحاب حزب الله من جنوب نهر الليطاني، وانتشار الجيش اللبناني هناك، فضلا عن حصر السلاح بيد الدولة، بالإضافة إلى الانسحاب الإسرائيلي.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: السلاح بید الدولة الجیش اللبنانی

إقرأ أيضاً:

نزع سلاح حزب الله ضرورة لقيام دولة لبنان

آخر تحديث: 22 أبريل 2025 - 10:13 صبقلم: فاروق يوسف كشف الموقف الذي أعلن عنه مؤخرا الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في ما يتعلق بنزع سلاح الحزب وإنهاء حالة الطوارئ التي يعيشها لبنان بسبب ذلك السلاح عن حجم البلاء الذي ابتلي به لبنان. فحين يقول قاسم “سنواجه مَن يعتدي على المقاومة ويريد نزع سلاحنا وننصح بألا يلعب معنا أحد هذه اللعبة” فذلك معناه أن كل التوقعات التي كانت تحذر من أن البندقية المرفوعة باسم المقاومة يمكنها أن تستدير إلى الوراء لتوجه رصاصها إلى اللبنانيين بغض النظر عن مستوى ولائهم الوطني كانت صحيحة. كل اللبنانيين مستهدفون ويمكن أن يتعرضوا للخطر إذا ما تساءلوا عن معنى أن يستمر الحزب حاملا سلاحه في ظل متغيرات كثيرة، دولية وإقليمية ومحلية كلها تدعو إلى ضرورة أن يحظى اللبنانيون بدولة تحفظ لهم كرامتهم وتبعد عنهم شبح الفقر والاستلاب ومصادرة الحريات وتخطط لمستقبلهم على أساس حق المواطنة. واقعيا لم يكن لبنان في حاجة إلى مقاومة تحمل السلاح قبل أن تحل الكارثة به وبالمقاومة معا. لقد أُتخم حزب الله بالسلاح القادم من إيران حتى فاض عن حاجته فصار عليه أن يقاتل في سوريا وفي العراق ليمارس دور الوكيل الإقليمي بدلا من أن ينحصر دوره في لبنان وعلى مساحة محدودة هي الجنوب اللبناني الذي لم يعد محتلا منذ عام 2000. لقد تأكد قياديو حزب الله أن هيمنة دولتهم على الدولة اللبنانية صارت بحكم الأمر الواقع، فهم الذين يعيّنون رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وهم الذين يسنّون القوانين وصار في إمكانهم طرد القضاة واللعب بالعدالة بطريقة تمنعها من المرور بالضاحية الجنوبية. كل الذين قتلهم حزب الله حُفظت قضاياهم أما انفجار مرفأ بيروت نهاية عام 2020 الذي أدى إلى محو نصف الجزء التاريخي من العاصمة اللبنانية فإن مسؤولية الحزب عنه كانت واضحة وأكدتها كل الوقائع كما أن القضاء سمّى الجناة، ولكن أحدا لم يجرؤا على القبض عليهم لأنهم في حماية الحزب. كان سلاح حزب الله هو السبب الذي أدى إلى انفجار مرفأ بيروت. وسلاح حزب الله هو السبب في أن يكون لبنان طرفا في حرب لم يقرر خوضها فلم يكن مضطرا لذلك وليست له مصلحة فيها. تلك حرب إيران التي خاضها حزب الله تحت شعار “وحدة الجبهات” الذي رفعته طهران ودفعت وكلاءها وفي مقدمتهم حزب الله لتطبيقه عمليا من أجل إزعاج إسرائيل ودفعها إلى التقرب منها. لم تكن غزة إلا موقدا رمت إيران أتباعها حطبا فيه وعينها ترنو إلى مكان آخر. كانت قيادة حزب تنفذ التعليمات الإيرانية بطريقة عمياء ولا قيمة لمصلحة لبنان لديها. “أنا جندي لدى الولي الفقيه” جملة لطالما قالها حسن نصرالله متفاخرا. لم يكن لبنان حاضرا في حسابات زعامة حزب الله وهي تقرر الدخول في حرب ضد إسرائيل، تحت شعار “نصرة غزة”. كان في إمكان لبنان أن ينصر غزة من غير أن يمر بالخراب الذي تعرض له بسبب إصرار حزب الله على أن يكون طرفا في حرب عبثية. إذا ما جئنا إلى الوضع من نهاياته، كان لا بد أن يُهزم حزب الله لكي يتنفس لبنان هواء حقيقته. ذلك لأن دولة لبنان لا يمكنها أن تستعيد وجودها في ظل هيمنة سلاح الحزب الذي احتواها بعد أن ابتلاها بالمقاومة التي هي ليست في حاجة إليها. فقد اللبنانيون دولتهم ولم يستفيدوا من المقاومة شيئا. حل عبث المقاومة وهو شأن إيراني محل قيم الدولة المدنية التي خسرت الكثير من وقتها من أجل لا شيء. الآن هُزم حزب الله وقُتلت كل قياداته العسكرية والسياسية وانقطعت سبل الإمداد الإيراني غير أن الحزب لا يزال عبارة عن كتلة بشرية ضخمة لا يجيد أفرادها القيام بأي شيء سوى استعمال السلاح. هل سيكون على الدولة اللبنانية التي تحررت لأول مرة منذ خمسين سنة من ضغوط السلاح أن تقبل بأن يستمر حملة السلاح غير القانوني في ممارسة حرفتهم الوحيدة؟كان من الطبيعي أن يرفض رئيس الجمهورية جوزيف عون الذي كان قائدا للجيش خيارا من ذلك النوع. فمجرد وصول الرجل إلى قصر بعبدا كان إيذانا بانتهاء حقبة حزب الله. وهو ما يعني أن نزع سلاح الحزب لم يعد مجرد مطلب شعبي لبعض الفئات كما ادعى نعيم قاسم، بل هو ضرورة لقيام دولة ذات سيادة على أراضيها. دولة مستقلة اسمها لبنان.

مقالات مشابهة

  • حوار عون وحزب الله لم ينطلق بعد
  • الرئيس اللبناني: أي موضوع خلافي في لبنان يحل بالحوار
  • الرئيس اللبناني يستقبل صقر غباش
  • وزير الخارجية اللبناني: الحكومة تتحرى أفضل سبيل لحصر السلاح
  • هل يتجه الداخل اللبناني إلى الاستقرار؟
  • نزع سلاح حزب الله ضرورة لقيام دولة لبنان
  • سليمان: الشفافية تقضي بإعلان الجيش مجريات تسلم المراكز والاسلحة والاعتدة العسكرية
  • هل يمكن دمج حزب الله داخل الجيش اللبناني؟.. خبير إستراتيجي يجيب
  • هل يمكن دمج حزب الله داخل الجيش اللبناني؟.. محمد مصطفى أبو شامة يجيب
  • الرئيس اللبناني يؤكد أن سحب سلاح حزب الله "حساس" ورهن توافر "الظروف"