لجريدة عمان:
2025-02-07@03:03:53 GMT

نوافذ...شيء من الإحسان

تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT

لا يبدو أن هناك مفاضلة بين أمرين هما على درجة كبيرة من الأهمية في حياتنا اليومية، حيث مجالات التقارب بينهما أكثر من الاختلاف، بل قد ينظر إليهما على أنهما متوافقان أو مكملان لبعضهما، للارتباط الموضوعي بينهما؛ فالأمر الأول: الواجب، والأمر الثاني: الإحسان، ومن يدقق في مدلول الكلمتين؛ لا من حيث المدلول اللفظي فقط، ولكن من المدلول العملي أو الموضوعي؛ يدرك أن للمسألة أبعادا عميقة، والأمر ليس يسيرا - إلا من يسره الله له - في إدراك هذا العمق بالمعنى، مع أن الصورة تحتمل البعدين الأفقي؛ وذلك من حيث الكم (كمية الأعمال المنجزة؛ سواء أكان في شأن الواجب، أو في شأن الإحسان) والبعد الرأسي، من حيث ما يترك كل منهما من أثر طيب في مساحة الاشتغال اليومية.

ولنضرب لذلك مثالا مبسطا للفهم: فالوظيفة؛ مهما علا أمرها أو صغر هي تكليف أي هي (واجب) بالإضافة إلى عوائدها المادية المقبوضة؛ كما هو معلوم بالضرورة، ولكن هذا الواجب لا تتحدد مساحته وفق المعادلة الرياضية (1+1=2) لا؛ أبدا، وإنما فيها التعاون بين فريق العمل، وبين طالب الخدمة، وفيها كثير من التضحيات: من الجهد، ومن الوقت، ومن البذل؛ ومن أمانة المسؤولية، وصدق الأداء، ومن الإخلاص لها، وقد تتطلب منك الوظيفة أن تخرج من مكتبك إلى مسافة بعيدة تتحمل فيها عناء أمور كثيرة، وإن كانت غير موجودة في نص العقد المبرم بينك وبين المؤسسة التي تعمل فيها، وهذا كله في مجمله هو الإحسان بكل تجلياته، فالواجب يقتصر على الأداء الميكانيكي للوظيفة؛ مضافا إليه مجموعة من القيم الوظيفية المهنية، أما ما خرج عن ذلك فهو يدخل في جانب الإحسان، ولذلك فهناك موظفون تجاوزوا مسؤوليات الوظيفة المحددة، وأضافوا إلى هذه المسؤوليات مسؤوليات قيمية سامية، فكانوا مضرب المثل عند الآخرين من المتعاملين معهم، فهم المحسنون حقا.

وهذا المثال الوظيفي ليس حصريا في مسألة التوافق بين الواجب والإحسان، وإنما هناك الكثير من الأمثلة في حياتنا اليومية، بدءا من واجبات الأسرة، فالأصدقاء، وصولا إلى المجتمع الكبير، ففي هذه المساحة الأفقية الممتدة في توظيف الواجب، يكون للإحسان فيه مساحة مماثلة أيضا، حيث يتعاظم فيها الإحسان أكثر من الواجب، وذلك يعتمد كثيرا على قدرة الأشخاص على انتزاع نفوسهم من مظانهم الخاصة، فيتوسعوا في مساحة الإحسان، ولذلك يمكن القول أن الواجب يظل محدودا جدا ومساحة الاشتغال فيه محكومة بأطر محددة، فزيارتك لمريض تأتي من حيث الواجب الإنساني، لكن أن تدعم هذه الزيارة بكثير من الدعاء، ومن بسط النعمة لمرافقيه في صور كثيرة، حينها تتسع المساحة في توظيف الإحسان، ولذلك يمكن القول:الإحسان مردوده مضاعف، وله مناخات اجتماعية ودينية أكثر من الواجب، إلا أن ذلك يبقى في قدرة الإنسان على تبصير نفسه في اعتناق الإحسان بعد أداء الواجب؛ حسب الترتيب.

ومع أن الواجب تكلفته مرتفعة - ماديا ومعنويا - حسب الأمثلة أعلاه؛ إلا أن الإحسان يكون على العكس تماما، ويأتي تبسيط ذلك من خلال أن أداء الإحسان يظل نابعا من الشخص ذاته، ومن سماحته، وطيب نفسه، وهو المعبر عن رضاه عن نفسه قبل كل شيء، وهذا الرضا يهديه للآخرين من حوله بلا مقابل؛ على شكل صور كثيرة من البذل والعطاء.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من حیث

إقرأ أيضاً:

موضة جديدة قايمين فيها المستوهمين من الجنجاقحط

بمجرد نشر خبر نفوق المجرم المتمرد( عبد الله حسين) قائد المليشيا بمحور الجزيرة رشحت بعض الكتابات عن كونه عميل إستخباراتي لصالح الجيش!!

طبعاً دي موضة جديدة قايمين فيها المستوهمين من الجنجاقحط… كل مانخلص من رأس حية يحاولوا يطلعوه خائن للمليشيا عشان يمسخوا علينا الإنجاز!!

المهم… وللعلم… الهالك ملقب ب(جاناجانا) وهو من ابناء زالنجي و ينتمي لقبيلة البني هلبه ، كان في ليبيا ولديه إرتباطات كبيرة مع قبائل (التبو) ، قام بنهب صك ومطبعة العملة ومعه عدد من أبناء قبيلته وأصبح من كبار المتمردين في المليشيا.

يعني لاعميل مزدوج لا بطل قومي لايحزنون… وكان مجتهد جداً من أجل المزيد من الدمار والأذي للبلاد والعباد وبيهدد ويتوعد في صفحته بإستمرار.. وأبطالنا نالوا منه مساء أمس عن طريق مسيرة في الكاملين تسببت في إصابته برايش في البطن والصدر أدوا لهلاكه.
ياريت نكون واعين وفاهمين قضيتنا ومانصدق أي كلام والسلام ونشغل مخنا شوية .
والحمد لله الذي صرفه عنا.
د(اليا) س

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إدارة تعليم الجوف تنظم ملتقى نوافذ حوارية للموجهين الطلابيين
  • موعد ليلة النصف من شعبان 2025 .. وهذا أفضل دعاء مستجاب لا يُرد فيها
  • فلسطين قضية عادلة
  • «الإحسان الخيرية» تطلق حملتها الرمضانية
  • إغلاق ثلاث قاعات تمارس فيها القمار في بغداد
  • وزير الأوقاف: الفتوى تجسد جوهر الإسلام وتساهم في بناء المجتمع وتقدمه
  • موضة جديدة قايمين فيها المستوهمين من الجنجاقحط
  • شواهدُ حملها الصمَّاد جسدَت مبادئَ المسيرة القرآنية
  • في مناقب الباقر العفيف «1 – 3»
  • في مناقب الباقر العفيف (1 – 3)