السلام البارد أو التصعيد العسكري.. إلى أين تسير العلاقات المصرية الإسرائيلية؟
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
تصاعدت التوترات السياسية بين مصر وإسرائيل مؤخرا بسبب الانتشار العسكري المصري في شبه جزيرة سيناء، في تطور أثار انزعاج تل أبيب.
ويبدو أن المحددات الضابطة لواحدة من أهم العلاقات الشائكة في الإقليم قد اعتراها التغير، وبالتالي يتعين فهم التغيرات الدولية والإقليمية والثنائية بسياقاتها السياسية والأمنية والعسكرية لاستشراف مستقبل العلاقات التي ظلت محورا للجدل لسنوات طوال.
وحول التوتر المتصاعد واحتمالات تطوره في المستقبل وسبل تفاديه، نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "العلاقات المصرية الإسرائيلية: حدود التغير وآفاق المستقبل" ناقش فيه الباحث محمد رمضان بشندي التغير في العلاقات المصرية الإسرائيلية، وأسباب التوتر الراهن، والسيناريوهات المستقبلية.
جاء تدهور العلاقات المصرية الإسرائيلية مناقضا للسياق الإقليمي المتجه نحو التطبيع مع دول عربية أخرى منذ عام 2020، فيما سمي بـ"اتفاقيات أبراهام"، التي تميزت عن اتفاقية كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب عام 1978 بمقايضة السلام بالاقتصاد بدل السلام بالأرض، وكانت فيها الدول المطبعة هي الطرف الداعي والساعي للسلام على عكس ما هو الحال مع مصر.
ويكمن التأثير الإقليمي على العلاقات بين مصر وإسرائيل في التنافس العربي المحموم للتطبيع بلا ثمن سياسي واضح من إسرائيل، ما جعل تقديراتها لرد فعل إقليمي لاعتداءاتها على الفلسطينيين والدول المجاورة أقل حدة، وخفض توقعاتها من دعم الدول العربية للقاهرة في حال واجهت تهديدا لأمنها القومي، وهو ما يحفز إسرائيل على تقوية علاقاتها مع دول أخرى لموازنة احتياجاتها مع مصر كوسيط، وإشغال القاهرة بحماية أمنها القومي.
وتنظر القاهرة لعلاقاتها مع تل أبيب بوصفها بوابة لتحسين مكانتها في واشنطن، التي كان لها دور محوري في كامب ديفيد، وبدأ اليوم في الأفول شيئا فشيئا.
إعلانوترغب الولايات المتحدة في الانسحاب من صراعات الشرق الأوسط، خاصة بعد تصاعد الخطر الإيراني في عدد من الدول العربية وتوسع الشراكة الإسرائيلية مع دول المنطقة، وهو ما يُشعر القاهرة بغياب الطرف الثالث المحافظ على توازن المصالح في اتفاقيات السلام.
يعني ذلك فيما يعنيه، أن على مصر تقليل الاعتماد على التدخلات الأميركية لاحتواء المطالب المصرية والضغط على إسرائيل، وتنويع أدوات المواجهة والردع مع الكيان الإسرائيلي، خاصة مع التركيز الإسرائيلي على العلاقات مع السعودية على حساب مصر.
ويمكن النظر إلى الهجوم الإسرائيلي على لبنان واغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله والقضاء على القدرات العسكرية السورية وتواصل الاعتداءات الإقليمية بوصفها تغيرا جذريا في التوازن الإقليمي يمس دور القاهرة ويهدد أمنها القومي.
ويشير كل ما سبق إلى أن مصر تواجه معضلة إعادة بناء صورتها في المخيلة الإسرائيلية كعدو قوي محتمل يستطيع حماية مصالحه الأمنية والإقليمية ويمتلك أدوات الضغط والقدرة على التأثير، وهو أثار ردا إسرائيليا بالتلويح بورقة تهجير سكان قطاع غزة.
هل تصمد كامب ديفيد؟تنقسم أسباب التوتر الراهن بين مصر وإسرائيل إلى أسباب سياسية وإستراتيجية وأخرى عسكرية وأمنية.
من الناحية السياسية والإستراتيجية، حدث نوع من تخفيض مستوى العلاقات بشكل غير معلن بين البلدين، تجلى في:
تجاهل مصر الرد بالموافقة على ترشيح إسرائيل سفيرا جديدا لها في القاهرة، واستدعت سفيرها إلى القاهرة دون إعلان سحبه بشكل رسمي. انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا في القضية المرفوعة في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل. رفض الاتهامات الموجهة للمخابرات المصرية بتغيير بنود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة عند تقديمه لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتهديد بالانسحاب من الوساطة. رفض الرئاسة المصرية التحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هاتفيا. إعلانويعود مرد البرود في العلاقات في جزء كبير منه إلى الاختلاف حول كيفية التعامل مع حماس، فبينما ترى مصر أن القضاء على حماس حل ساذج وقصير النظر وأن النتيجة ستكون إفساح المجال لفصائل أكثر حدة من حماس، تقترح بدلا من ذلك نسج علاقات مع وجهاء قطاع غزة ليحلوا محل حماس، وهي أيضا خطة غير قابلة للتنفيذ، وقد تمهد الطريق لمزيد من الفوضى والإرهاب العابر للحدود.
وهنا تبرز الأسباب العسكرية والأمنية لتراجع العلاقة بين الطرفين، فبعد ظهور تنظيم ولاية سيناء أصبح الملحق العسكري لمعاهدة كامب ديفيد غير موجود عمليا، بعد طلب القاهرة تعديله للسماح بوجود 3 أضعاف القوات المسموح بها في المعاهدة، لكن رغبة إسرائيل في تهجير الفلسطينيين وسيطرتها على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) أعاد العلاقات إلى المربع الأول.
وترفض القاهرة وجود جنود إسرائيليين بالقرب من منشآتها الحساسة، أو سيطرتها على جميع المعابر على حدود غزة، ولا سيما بعد نشر دبابات وأفراد تجاوزوا حدود المنطقة "د" أثناء الهجوم على رفح.
وازداد التوتر مع إسرائيل بعد السيطرة على "محور موراغ" (ممر صوفا) جنوب القطاع، بغرض فصل خان يونس عن رفح، في تمهيد لتطبيق خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون المعروفة باسم "الأصابع الخمسة" والرامية إلى تقسيم غزة إلى 5 مناطق هي إيرز ونتساريم وكيسوفيم وموراغ وفيلادلفيا.
وهذا قد يمنع التواصل الجغرافي بين غزة وسيناء وإخلاء المنطقة الواقعة بين محوري موراغ وفيلادلفيا بعرض 5 كيلومترات، وتعزيزها بالقوات العسكرية وأسلحة الرصد والتنصت.
وتزيد هذه الخطة في حال تطبيقها من الضغط على القاهرة، التي تخشى حدوث خطأ عسكري من جانب إسرائيل قد يتسبب في رد مصري ينهار معه الملحق العسكري لاتفاقية كامب ديفيد.
وترفض مصر الخطة الإسرائيلية الأميركية لتهجير الفلسطينيين لعدة أسباب منها العبء الإنساني، وتصفية القضية الفلسطينية، ومخاوف تحول منطقة سيناء إلى منصة لانطلاق الهجمات على إسرائيل.
إعلانوبينما أعلنت إسرائيل عن إنشاء هيئة متخصصة في تسهيل "المغادرة الطوعية" للفلسطينيين من قطاع غزة، اقترحت مصر خطة بقيمة نحو 50 مليار دولار لإعادة إعمار القطاع، في سعي منها لتوفير بديل عن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للاستيلاء على غزة وتحويلها إلى مركز سياحي.
من الجانب الآخر، تنظر إسرائيل بعين الريبة لتنامي القوة العسكرية المصرية، فلديها جيش كبير، وأسلحة وطائرات وغواصات وسفن وصواريخ وعدد كبير من الدبابات والقوات البرية المتطورة.
وقد عبّر عن تلك المخاوف كل من رئيس الأركان الإسرائيلي السابق هرتسي هاليفي والسفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون بالقول إن مصر تشكل تهديدا أمنيا مستقبليا بسبب تنامي قدراتها العسكرية.
ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية إعلان قوات الجيش الثالث الميداني جاهزيته القتالية بأنه "مسار تصادمي"، بالنظر إلى أن مهام الجيش الثالث تتمثل في تأمين قناة السويس وشمال سيناء وحدود مصر المتاخمة لقطاع غزة.
ويمكن النظر إلى مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية من خلال سيناريوهين محتملين:
سيناريو التصعيد العسكري في حال استمرت إسرائيل في استفزاز المصالح الأمنية والسياسية والاقتصادية لمصر، وهو ما قد يسبقه خفض التمثيل الدبلوماسي وتجميد التنسيق العسكري وإقامة الحواجز العسكرية، ونشر تشكيلات دفاعية وتجميد العمل بالمادة الرابعة من اتفاقية السلام، وليس انتهاء بالتخلي عن أدوار الوساطة. سيناريو استمرار السلام البارد وتواصل التنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي، وهو ما قد تدعمه حاجة إسرائيل إلى دور الوساطة المصرية في صفقة تبادل الأسرى وضمان استقرار الوضع في غزة بعد الحرب والمصالح الاقتصادية المشتركة وحاجة إسرائيل للسمعة الطيبة مع مصر لاستكمال مسار التطبيع العربي. إعلانوتظهر التحليلات النهائية أن السياق الدولي والإقليمي في تغير مستمر، وأن على الأدوات العسكرية والأمنية المصرية التكيف مع التغيرات بشكل سريع ومستمر واستباقي وفقا لمكانة مصر الإقليمية واحتياجاتها الأمنية والعسكرية والإستراتيجية.
[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة عبر هذا الرابط]
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات العلاقات المصریة الإسرائیلیة کامب دیفید قطاع غزة وهو ما
إقرأ أيضاً:
احتفال اليوم الثقافي الكوري بمرور 30 عاما على العلاقات الدبلوماسية المصرية
نظم مكتب وكالة التعاون الدولي الكوري (كويكا) بالتعاون مع معهد اللغات للقوات المسلحة (مودلي) فعالية ناجحة بعنوان “اليوم الثقافي الكوري” في المقر الرئيسي لمعهد مودلي بالقاهرة يوم السبت 19 ابريل، وذلك احتفالًا بالذكرى الثلاثين للعلاقات الدبلوماسية بين كوريا ومصر.
وقد تم التخطيط والتنفيذ الكامل للفعالية من قبل ثمانية من متطوعي كويكا بغرض تعزيز التبادل الثقافي و توطيد الصداقة بين البلدين.
تضمن الاحتفال مجموعة متنوعة من الأنشطة الممتعة، مثل تذوق الطعام الكوري، تجربة ارتداء “الهانبوك” (الزي الكوري التقليدي)، الألعاب التقليدية (توهو، جيجيشاجي، وتاكجي)، مسابقة للغة الكورية، عروض لفن البوب والرقص الكوري (K-pop وK-dance)، فضلا عن مسابقة معلومات عن الثقافة الكورية. وكان من أبرز الفقرات عرض التايكوندو الذي قدّمه فريق المنتخب المصري وتجربة ارتداء الهانبوك، حيث نال كلاهما إعجاب الجمهور وترك انطباعًا قويًا.
و حضر الاحتفال 300 مشارك، من بينهم السيدة “مينكيونغ كيم” نائب مدير مكتب كويكا في مصر ، العميد تيسير العطار رئيس "مودلي"، الدكتورة "رانيا علوان" مديرة مكتبة مصر العامة بالقاهرة ، كما رافقها السيد "تامر علي إبراهيم" رئيس قسم التدريب بمكتبة مصر العامة، بالاضافة الى طلاب و اثنين من متطوعي كويكا في المعهد العالي السياحة و الفنادق بالأقصر (ايجوث)، جامعة بني سويف التكنولوجية، وستة من متطوعي كويكا والذين يعملون في القاهرة وبني سويف والأقصر، بالإضافة إلى مواطنين مصريين.
و من جانبها قالت “مينكيونغ كيم” نائب مدير مكتب كويكا في مصر:
“نأمل أن تكون هذه الفعالية بمثابة نقطة انطلاق لمزيد من التبادل الثقافي بين كوريا ومصر. وستواصل كويكا دعم الصداقة والتعاون من خلال مبادرات متنوعة.”
وأضاف ”، العميد تيسير العطار رئيس مودلي "، أنه يتطلع لمزيد من الفرص التي تتيح للمصريين تجربة اللغة والثقافة الكورية، مشيرًا إلى أن فعاليات كهذه تُسهم في تعزيز العلاقات التعاونية بين البلدين.
وقال “ريو أو-يونغ” أحد متطوعي كويكا والذي قاد التخطيط والتنظيم للفعالية:
“لم أكن أتخيل أن مشاركة ثقافتنا ستكون ممتعة إلى هذا الحد. لقد استمتعت بكل لحظة، وهذا ما جعل الأمر ممكنًا. واجهنا بعض العقبات الصغيرة، لكني أعتقد أنها وجدت لتُتجاوز، لا لتُسقطنا. أنا ممتن حقًا لكل من دعمنا في التحضير لهذا الحدث التعاوني، وخاصة موظفي معهد مودلي وزملائي المتطوعين الذين عملوا كفريق واحد.”
قالت شيماء علي، طالبة من مكتبة مصر العامة بالأقصر، أن المتطوعين الكوريين العاملين في المكتبة والمصريين يتباينون في لون البشرة والثقافة، و لكنهم استطاعوا التواصل كبشر متساوين. وأعربت عن اعتقادها بأن هذا الحدث سيكون فرصة لتعميق التبادل الثقافي بين كوريا ومصر، على الرغم من الاختلافات في العِرق والخلفيات.
وقد شهد الحدث اهتمامًا كبيرًا ومشاركة حماسية من الجمهور المصري، مما يعكس الشعبية المتزايدة للثقافة الكورية وموجة الهاليو في مصر.
تُعد كويكا ( وكالة التعاون الدولي الكورية) هي وكالة حكومية كورية تابعة لوزارة الخارجية، تهدف لتنفيذ برامج المساعدات الإنمائية لمكافحة الفقر ودعم النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام في الدول النامية.
تأسس مكتب كويكا في مصر عام 1998، ويعمل على توفير التعليم الفني للشباب، ودعم رقمنة الخدمات الحكومية والأنظمة، بالإضافة إلى تنفيذ برامج لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي ويعزز تمكين المرأة و يدعم الفئات الضعيقة.