"العُمانية" احتفلت سلطنة عُمان اليوم بمناسبة يوم التراث العالمي تحت شعار: "صمود التراث في وجه الكوارث والنزاعات" لتعزيز الوعي بقيمة التراث الثقافي والمحافظة عليه من التحدّيات التي تواجهه سواءً بفعل عوامل الطبيعة أو أنشطة الإنسان. وهدف الاحتفال الذي أقيمن في وزارة السياحة تحت رعاية سعادة المهندس إبراهيم بن سعيد الخروصي وكيل وزارة التراث والسياحة للتراث إلى التعريف بالتراث الثقافي والتاريخي لسلطنة عُمان، وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ عليه ونقله للأجيال القادمة، وإبراز الجهود المبذولة من قبل الجهات والمؤسسات المعنية في هذا المجال.

وأكّدت المهندسة يسرى بنت خلف الصبحية مدير عام الآثار بوزارة التراث والسياحة في كلمة الوزارة على أنّ المواقع الأثرية، ليست أطلالًا ساكنة، بل شواهد ناطقة على براعة الإنسان العُماني؛ من الحِرف الدقيقة التي ما زالت تُمارس حتى اليوم، إلى شبكات التجارة التي ربطت موانئ دبا، وصحار، وقلهات، وسمهرم بموانئ كوتشين في الهند، وكانتون في الصين، وممباسا على السواحل الأفريقية، وقوافل النحاس التي انطلقت من دهوى والصفافير وبات وقميرة والميسّر إلى حضارة السند، وحضارات البحر المتوسط، ودلمون، وملوحا في زمن كانت فيه الطرق تُرسم بالنجوم، وتتبع نجم سهيل، لا خرائط رقمية ولا الملاحة على الأقمار الصناعية.

وقالت إنّ احتفاء سلطنة عُمان باليوم العالمي للتراث فرصة لتجديد الالتزام الوطني بالحفاظ على الإرث الثقافي والإنساني، ليس فقط قيمة رمزية للماضي، بل ركيزة للتنمية المستدامة، ودافع لتعزيز السياحة الثقافية، وبناء جسور التفاهم بين الشعور.

وأضافت أنّ هذا الالتزام لا يتجلى فقط في صون الحجارة والنقوش، بل في حفظ الذاكرة الحيّة التي تتنفسها تفاصيل الحياة. فمن الحكايات الشعبية التي كانت تُروى على ضوء الفوانيس في حارات الطين إلى الطقوس التي تتناقلها الجدّات، ومن الأهازيج التي تُغنّى في مواسم الحصاد، ومغادرة السفن ميناء صور إلى المعمار الذي يحاور الشمس والريح وتؤكّد سلطنة عُمان على أنّ التراث ليس فقط ما يُرى في الحجر، بل ما يُعاش في الوجدان، ويُغنّى في القلوب.

وتضمن برنامج الاحتفال أوبريتا قدمه عدد من طلبة جامعة نزوى، بالإضافة إلى عروض لعدد من الفنون التقليدية العُمانية، وفقرات مسرحية قدّمها عدد من طلبة مدارس محافظتي مسقط والداخلية، ومدرسة الفردوس الخاصة بالإضافة إلى معرض فني.

واشتمل الحفل جلسة حوارية شارك فيه عدد من المعنيين والمختصّين استعرضت أهمية إدراج المواقع الأثرية ضمن قائمة التراث العالمي، والمعايير المعتمدة من قبل منظمة اليونسكو في إدراج أي موقع أثري في العالم ليكون ضمن قائمة التراث العالمي، وأهمية اختيار الأشكال الهندسية في بناء المُدن والمقابر قديما، وشواهد على النماذج من هذه المدن والمقابر التاريخية والأثرية حول العالم.

وتطرّقت الجلسة إلى التحدّيات التي تواجه الموقع بعد إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي، وإمكانية استثمار هذا الموقع المُدرج في قائمة التراث العالمي من زاوية سياحية اقتصادية، وأحدث الآليات الرقمية المستخدمة في توثيق المواقع الأثرية وتطبيق هذه الآليات الحديثة في توثيق التراث العُماني، وكيف تُسهم في حفظ الهوية الوطنية.

وتمكّنت سلطنة عُمان من إدراج عدد من المواقع العُمانية على قائمة التراث العالمي، وهي: قلعة بهلا عام 1987م، والمواقع الأثرية في بات والخطم والعين عام: 1988م، وفي عام 2006م أدرج نظام الري الذي شمل خمسة أفلاج عُمانية، ومن ثم مواقع أرض اللبان عام 2000م، وأخيرًا مدينة قلهات القديمة في عام 2018م.

يُذكر أنّ الاحتفال بمناسبة يوم التراث العالمي يصادف الـ 18 إبريل من كل عام، وأقرّه المجلس الدولي للمعالم والمواقع (ICOMOS) استنادًا إلى اتفاقية التراث الثقافي والطبيعي التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في باريس عام 1972م.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قائمة التراث العالمی المواقع الأثریة ع مانیة التی ت عدد من

إقرأ أيضاً:

رأي.. عبدالخالق عبدالله يكتب عن ترتيب الإمارات في تقرير السعادة العالمي 2025: ما المطلوب لتكون ضمن قائمة العشرة الأوائل؟

هذا المقال بقلم د. عبدالخالق عبدالله، أكاديمي وأستاذ العلوم السياسية من الإمارات، والآراء الواردة أدناه، تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

جاءت الإمارات في الترتيب العربي الأول بتقرير السعادة العالمي لسنة 2025، واحتلت الترتيب العالمي 21 بعد أن كانت في الترتيب 22 سنة 2024، متفوقة على دول مثل بريطانيا وأمريكا وألمانيا وفرنسا وسنغافورة. على مدى 10 سنوات والإمارات في الترتيب العربي الأول وشعب الإمارات في معظمه من أكثر الشعوب العربية سعادة كما هو من بين أكثر الشعوب العربية شعوراً بالأمن والاستقرار، والحصول على الصدارة في أكثر من 200 مؤشر تنموي ومعرفي حيوي.

لكن على أهمية تصدر الإمارات قائمة الدول العربية الأكثر سعادة خلال عقد كامل، لم تتقدم الدولة في مؤشر السعادة على الصعيد العالمي كثيراً. ظلت الإمارات تراوح مكانها في قائمة أكثر 20 دولة سعادة بالعالم.

ففي سنة 2015، احتلت الإمارات المركز العالمي 28 والعربي الأول، وفي سنة 2016 جاءت في الترتيب 28 عالمياً، ثم تقدمت إلى المركز 21 في تقرير السعادة العالمي سنة 2017، وفي المركز 20 عالمياً سنة 2018، وهو أفضل ترتيب حصلت عليه الإمارات خلال العشر سنوات الأخيرة. ثم بدأ تراجع مركز الإمارات إلى 21 و21 و24 و25 و26 خلال السنوات 2019 و2020 و2021 و2022 و2023 على التوالي. البعض يعزو هذا التراجع الى سنوات جائحة كورونا العصيبة. ثم قفزت الامارات من جديد إلى المركز 22 عالميا سنة 2024 وتقدمت مركزاً واحداً سنة 2025.

عموما المواطن الإماراتي إنسان عربي سعيد، يشهد على ذلك واقعه الملموس، كما يؤكده تقرير السعادة العالمي، لكن هناك 20 دولة أخرى تقدمت على الإمارات في هذا التقرير، وهناك 20 شعباً حول العالم خاصة في الدول الاسكندنافية، أكثر سعادة من شعب الإمارات. في مقدمة تلك الدول فنلندا التي تحتل الترتيب الأول عالمياً كأكثر الدول سعادة. تأتي بعد ذلك كل من الدنمارك وأيسلندا والسويد وهولندا في المراكز الخمس الأولى. بل أن إسرائيل على ما ترتكبه من احتلال وعدوان ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، احتلت الترتيب العالمي الثامن في تقرير السعادة 2025 سابقة دولة إسكندنافية محبة للسلام كالنرويج.

لقد سبقت الإمارات بقية دول العالم في تأسيس وزارة السعادة، الأولى من نوعها في العالم في 8 فبراير 2016، هدفها تنسيق وتنفيذ سياسات وبرامج ترفع منسوب السعادة وجودة الحياة بين المواطنين والمقيمين، وتتولى مهمة قياس مستوى الرضا لدى المواطن والمقيم. بعد هذا السبق الإماراتي تبنت دول عديدة نهجاً مشابهاً من بينها مملكة بوتان وفنزويلا.

اختفت وزارة السعادة، وتحول دورها إلى برنامج وطني معني بجودة الحياة بشكل عام. وخلال العشر السنوات الأخيرة حافظت الإمارات على ترتيبها العربي المتقدم لكن لم تشهد تقدماً ملحوظاً على الصعيد العالمي في تقرير السعادة الصادر عن جامعة اكسفورد العريقة بالتعاون مع مؤسسة غالوب لاستطلاعات الرأي.

السعادة إماراتية بامتياز، وهي واحدة من الغايات الإنسانية الكبرى بالإضافة الى المساواة والحرية والعدالة والكرامة. ولم يأت هذا التفوق الإماراتي في مؤشر السعادة العالمي عبثاً، بل هو نتيجة سياسات وبرامج حكومية، قدمت للمواطن والمقيم مستويات عالية من الاستقرار السياسي، والانسجام الاجتماعي والأمان المجتمعي، والازدهار الاقتصادي والانفتاح على العالم وإعلاء شأن الأخوة والتسامح، وباقة من أفضل ما يمكن تقديمه من جودة الحياة ونوعية الخدمات والحياة الكريمة عربياً وعالمياً.

ففي مؤشر جودة الجودة الحياة أحرزت الإمارات تقدير 6.77 درجة من أصل 10 درجات، وكذلك الحال بالنسبة لدخل الفرد من الناتج القومي الإجمالي حيث حصلت الإمارات على 7 نقاط، وجاءت الإمارات متقدمة في مؤشرات ساعات التطوع والدعم الاجتماعي، واسترجاع المفقودات والكرم والسخاء والمشاعر الإيجابية والتفاؤل بالمستقبل. هذه المؤشرات وغيرها تقيس سعادة الشعوب وفق بيانات موثقة واستطلاعات رأي دقيقة بشكل سنوي.

يظل السؤال لما لا تكون الإمارات في قائمة أكثر 10 دول سعادة، وليس ضمن قائمة أكثر 20 دولة سعادة على الصعيد العالمي؟ لما لا تكون الإمارات الدولة الأولى عالميا في مؤشر السعادة وليس المركز الأول عربياً؟ في رحلتها نحو العالمية، قررت الإمارات أن تقيس أفعالها بالمعايير العالمية، مكانها الصحيح، في المركز الأول في كل مؤشر حيوي. لا شك أن المركز 21 عالميا في مؤشر مهم كمؤشر السعادة انجاز وطني يجب الحفاظ عليه. لكن المركز العالمي العاشر في هذا المؤشر الحيوي أهم وأنسب من المركز العالمي الواحد والعشرين.

ما الذي يحول دون تحقيق هذا الطموح المشروع؟ ما المطلوب من الإمارات أكثر مما تقدمه من خدمات نوعية وجودة حياة عالية لتكون في قائمة أكثر عشر دول سعادة في العالم؟

يعطي تقرير السعادة العالمي أهمية بالغة لمؤشر الحريات الفردية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. الحرية المسؤولة والمقننة تزيد من شعور الفرد بالسعادة، خاصة حرية التعبير وحرية الرأي وحرية التفكير. هناك علاقة وثيقة بين السعادة والحرية، فكلما ازدادت مساحة الحريات تقدم الترتيب العالمي للدول في مؤشر السعادة. لكن سعادة الإماراتي مرتبطة أيضا بما حققه وطنه من نجاحات وانجازات. الحالة الوطنية الإيجابية تولد الشعور بالسعادة لدى المواطن الإماراتي وتجعله مطمئناً لحاضره ومتفائلاً بمستقبله. فهو يعيش حاضره المزدهر ومستقبله الواعد والذي يتجه صعوداً في خط بياني في كل مؤشر من مؤشرات السعادة. ثم يتضاعف الشعور بالسعادة عند الإماراتي عندما يقارن حاله وأحواله بحال وأحوال من هم في جواره العربي والشرق أوسطي.

الإماراتيون سعداء، والإمارات تشع سعادة. هذا ما يقوله تقرير السعادة ويؤكده الواقع المعاش. ويكفي فخراً أن الإمارات حافظت على الترتيب الأول عربياً لأكثر من عشر سنوات. لكن طموح هذه الدولة العربية لا حد ولا حدود له، فهدفها أن تكون الأفضل في كل مؤشر تنموي ومعرفي وحضاري خاصة في مؤشر السعادة خلال الخمسين سنة القادمة، ولا شيء يحول دون تحقيق هذا الطموح الإماراتي القابل للتحقيق.

عبدالخالق عبداللهالإماراترأينشر الأربعاء، 23 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • هيئة الكتاب تحتفل بأعياد الربيع في مركز الشروق الثقافي بفعاليات مبهجة تجمع بين الفن والتعليم
  • السيسي: التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي تحتم تكثيف التعاون بين الدول العربية
  • قصور الثقافة بالدقهلية تحتفي باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف
  • السمارة تدشّن رؤية استراتيجية جديدة لحماية وتثمين التراث الثقافي والطبيعي
  • اليوم العالمي للكتاب.. القراءة سلاح ذو أهمية في بناء وعي الشعوب ومواجهة التحديات الراهنة.. مصر تحافظ على التراث الثقافي بإحياء معرض القاهرة الدولي للكتاب سنويًا
  • رأي.. عبدالخالق عبدالله يكتب عن ترتيب الإمارات في تقرير السعادة العالمي 2025: ما المطلوب لتكون ضمن قائمة العشرة الأوائل؟
  • وزارة الثقافة تحتفي بـ«اليوم العالمي للكتاب» وتعزز حقوق المؤلفين
  • سلطنةُ عمان تشارك في الاحتفال باليوم العالمي لكوكب الأرض
  • ختام فعاليات “اليوم العالمي للتراث” وسط حضور لافت وتجارب تراثية ملهمة
  • سلطنة عُمان تشارك في الاحتفال باليوم العالمي لكوكب الأرض