#الاتفاق #النووي #ايراني بلا تفكيك: من يضمن ألا تنفجر المنطقة

بقلم: د. #هشام_عوكل
أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولية
في تطور لافت، أكد كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عرقجي بعد جولة المفاوضات الأخيرة في روما، أن بلاده توصلت إلى “تفاهمات مع الجانب الأمريكي تُمهّد لمرحلة جيدة قادمة”، على حد تعبيره. ورغم هذه الأجواء الإيجابية المعلنة، شدد الوفد الإيراني على أن ملفي الصواريخ الباليستية وبرنامج التسلح النووي السيادي ليسا موضع تفاوض، معتبرًا أن من حق إيران الاحتفاظ بتقنياتها الدفاعية وفق القانون الدولي.


في المقابل، لم يصدر نفي أمريكي صريح لهذه التصريحات، ما يعكس قبولًا ضمنيًا ببقاء هذه الملفات خارج نطاق التفاهمات الحالية، والتركيز بدلًا من ذلك على ضبط نسبة التخصيب النووي، وآليات الرقابة، ومدى شفافية البرنامج الإيراني.
هذا التحول لا يعبّر فقط عن مراجعة سياسية، بل يعكس توجهاً استراتيجياً أعمق، إذ أصبح التفاوض مع إيران يتم وفق منطق “الاحتواء”، لا المواجهة. ما يفتح الباب أمام قراءة جديدة لمستقبل هذه المفاوضات، ليس فقط في بعدها النووي، بل في إطار إعادة توزيع النفوذ في الشرق الأوسط.
أولًا: هل نحن أمام مفاوضات لوقف التسلح أم تفكيكه؟
المعطيات الحالية تشير إلى أن واشنطن لم تعد تسعى إلى تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، بل إلى تجميده عند مستوى يُبقيه تحت السيطرة، عبر:
ضبط التخصيب بنسبة 3.67% كما كان في اتفاق 2015،
قبول وجود بنية نووية مدنية قابلة للمراقبة،
وربما ضمانات سياسية بعدم التحوّل إلى إنتاج سلاح فعلي.
هذا يعني أن واشنطن تخلّت عن سياسة “الضغط الأقصى”، وانتقلت إلى مرحلة “الاحتواء الذكي” لإيران، أي: قبول الخطر، ما دام يمكن التحكم به.
ثانيًا: من البرنامج النووي إلى النفوذ الإقليمي
لا تنفصل المفاوضات النووية عن النفوذ الإيراني في الإقليم. بل على العكس، يبدو أن طهران تستخدم أوراقها الإقليمية كورقة مساومة في التفاوض: التهدئة في اليمن، التخفيف في العراق، وضبط الخطاب في غزة ولبنان.
واشنطن بدورها لا تُمانع إعادة تعريف دور إيران في الإقليم، بشرط أن يبقى ذلك في إطار “نفوذ منضبط” لا يهدد المصالح المباشرة لحلفائها الخليجيين والإسرائيليين.
ثالثًا: الهامش الأوروبي – شريك سابق… متفرج حالي
في هذه المفاوضات، تبدو أوروبا غائبة فعلياً، بعدما كانت جزءًا أصيلًا من اتفاق 2015. انشغال القارة بالحرب في أوكرانيا وأزماتها الاقتصادية جعلها شاهدًا على تفاهمات تُصاغ خارج عواصمها، بينما تسلّم بنتائج لا تُشارك في صناعتها.
رابعًا: القلق الإسرائيلي من الاتفاق النووي
تُراقب إسرائيل بقلق شديد نية واشنطن العودة إلى اتفاق نووي لا يتضمن تفكيكًا للبرنامج الإيراني، بل يكتفي بضبط التخصيب.
تل أبيب تعتبر أن هذا الاتفاق يُمنح طهران شرعية تقنية تمهّد مستقبلاً لقدرة عسكرية، وهو ما يدفع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لدراسة خيار الضربة الوقائية المنفردة، ولو بدون تنسيق أمريكي مباشر.
فالعلاقة بين إسرائيل وواشنطن لم تتراجع، لكنها تمر بلحظة تباين خطير في تقدير التهديد.
وفي حال قررت إسرائيل التحرك، فإنها قد تقلب المشهد الإقليمي، لا في مواجهة إيران فحسب، بل في خلط أوراق التفاهمات الكبرى التي يجري العمل عليها بهدوء في روما أو عبر قنوات سلطنة عمان. كما لو أن تل أبيب تقول بصوت غير مسموع: “اتركوا لنا القلق… وسنقوم بالباقي.”، لا في مواجهة إيران فحسب، بل في خلط أوراق التفاهمات الكبرى التي يجري العمل عليها بهدوء في روما أو عبر قنوات سلطنة عمان. كما لو أن تل أبيب تقول بصوت غير مسموع: “اتركوا لنا القلق… وسنقوم بالباقي.”، لا في مواجهة إيران فحسب، بل في خلط أوراق التفاهمات الكبرى التي يجري العمل عليها بهدوء في روما أو عبر قنوات سلطنة عمان.
“إسرائيل لا تخشى إيران بقدر ما تخشى أن تُترك وحدها أمامها… وباتت مستعدة لتبدأ الحرب، ولو كانت بلا شريك.”
خامسًا: حزب الله وغزة… أوراق تفاوض أم عبء إقليمي؟
مع تقدم المفاوضات، تلوح في الأفق أسئلة حول موقع حزب الله في المعادلة الجديدة:
هل ستقبل واشنطن ببقاء سلاحه ضمن صفقة تهدئة غير معلنة؟
وهل يُطلب من طهران كبحه ضمن التزامات إقليمية أوسع؟
السيناريو المرجح أن الحزب سيتحول تدريجياً إلى ورقة ضغط إيرانية مؤجلة، يُلوّح بها دون استخدام، بما يحفظ توازن الردع دون الانزلاق إلى حرب شاملة.
أما في غزة، فإن الحصار الممتد، والموقف الإيراني المتذبذب – بين الخطاب والواقع – يكشف أن طهران تُقنّن دعمها بما يخدم إيقاع التفاوض، لا منطق “الممانعة” المعلَن.
والسؤال هنا: هل تُضحّي إيران ببعض أدواتها في الميدان مقابل شرعية نووية؟ أم أن هذه الأدوات ستبقى تحت الطاولة، إلى أن يأتي وقت استخدامها؟
خاتمة: مفاوضات على حافة الانفجار
ما يجري اليوم هو أكثر من نقاش تقني حول تخصيب اليورانيوم، إنه إعادة توزيع النفوذ في الشرق الأوسط على وقع التفاهم الأمريكي – الإيراني.
لكن هذا الاتفاق، إن تم، لن يمنح الاستقرار… بل سيؤسس لنموذج من الهدوء المشروط، القابل للاشتعال في أي لحظة.
فهل تسير المنطقة نحو تفاهم نووي… يُخفي تحته قنبلة سياسية موقوتة؟

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: النووي ايراني فی روما

إقرأ أيضاً:

مستشار سابق لـ بوتين: روسيا تدفع إيران نحو اتفاق مع أمريكا بشأن الملف النووي

قال الدكتور سيرجي ماركوف مستشار سابق للرئيس الروسي، إنّ روسيا تشجع إيران على المضي قدمًا في محادثات السلام مع الولايات المتحدة، بهدف الوصول إلى اتفاق نووي جديد.

زيلينسكي: نرفض أي مقترح يؤدي إلى الاعتراف بسيادة روسيا على القرممسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي: المفوضية تدرس خيارات قانونية لمنع شركات الاتحاد من توقيع عقود غاز مع روسياإيران: روسيا كانت دائما شريكا بناءً لنا في مفاوضات الاتفاق النوويروسيا تعلق على الرغبة الأمريكية في تمديد هدنة عيد الفصح

وأضاف ماركوف، في تصريحات مع الإعلامي كمال ماضي، مقدم برنامج "ملف اليوم"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أن إيران مستعدة أيضًا لهذه المفاوضات بعد أن أوقفت الولايات المتحدة مشاركتها في الاتفاق النووي السابق، مما أدى إلى فرض العقوبات على النظام الإيراني.

وتابع، أن روسيا تلعب دورًا محوريًا في هذه المحادثات، حيث تسعى إلى ضمان التوصل إلى اتفاق أكثر تفصيلًا يضمن عدم تكرار ما حدث في المرة السابقة عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق.


وأشار إلى أن إيران تتذكر جيدًا ذلك الموقف، لذا فهي حريصة على وضع ضمانات تجعلها تشعر بالأمان بشأن التزام الأطراف الأخرى بالاتفاق، خاصةً في ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.

وأشار، إلى أن إيران قد تطرح فكرة نقل اليورانيوم المخصب إلى روسيا، وهو ما يضمن عدم استخدامه في تصنيع الأسلحة النووية.

وذكر، أن هذه المسألة لا تزال قيد النقاش، وأن روسيا وافقت مبدئيًا على استلام هذا اليورانيوم المخصب، ولكن يتعين على الولايات المتحدة أيضًا أن توافق على هذا الشرط.

مقالات مشابهة

  • الإعلام يُكذِّب نتنياهو بأنّه سيُهاجِم إيران دون موافقةٍ أمريكيّةٍ .. جنرالٌ إسرائيليٌّ: الاتفاق النوويّ أقرب من أيّ وقتٍ مضى
  • ماذا تريد إيران من روسيا والصين؟ .. متخصص بالشأن الإيراني يجيب
  • مستشار سابق لـ بوتين: روسيا تدفع إيران نحو اتفاق مع أمريكا بشأن الملف النووي
  • مختص بالشأن الإيراني يوضح ماذا تريد إيران من روسيا والصين؟
  • إيران: روسيا كانت دائما شريكا بناءً لنا في مفاوضات الاتفاق النووي
  • ترامب: أجرينا محادثات جيدة للغاية مع إيران حول ملفها النووي
  • موسكو في قلب "مفاوضات النووي".. ماذا تفعل بين واشنطن وطهران؟
  • عودة الحوار بين واشنطن وطهران| هل تنجح مفاوضات روما في كبح الطموح النووي الإيراني؟
  • الاتفاق على جولة ثالثة من المفاوضات بين واشنطن وطهران