لقاءات جماهيرية مع المواطنين بالوحدات القروية لمركز الخارجة بالوادي الجديد
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
حرص رئيس مركز ومدينة الخارجة، جهاد المتولى، على التواصل المستمر مع رؤساء القرى والمواطنين يتجلى في جهوده في عقد لقاءات جماهيرية بشكل مستمر. وفي هذا السياق، قام بعض رؤساء الوحدات القروية الجديدة مثل قرية الشركة وفلسطين بتنظيم لقاء جماهيري مع المواطنين في أعقاب صلاة الجمعة.
هدف هذه اللقاءات كان التواصل المباشر مع المواطنين ومناقشة حلول للمشاكل التي تواجه القرية.
تم تنظيم اللقاءات بطريقة تتيح للمواطنين التعبير عن أفكارهم وآرائهم وطرح المشكلات التي يواجهونها في القرية. وقد قدم رؤساء الوحدات القروية استعراضًا للجهود التي تبذلها الإدارة المحلية لمعالجة تلك المشكلات وتحسين الوضع في القرية.
وقد أشاد المواطنون بجهود رؤساء الوحدات القروية في الاستماع إلى مطالبهم ومشاكلهم، وتوفير قنوات مباشرة للتواصل معهم. وأكدوا أن هذه الاستجابة السريعة والتواصل المستمر يعزز الثقة بين المواطنين والإدارة المحلية، ويعكس التزام رئيس مركز ومدينة الخارجة بتلبية احتياجات السكان.
من جانبه، أشاد جهاد المتولى بروح المشاركة والتعاون التي يظهرها رؤساء القرى ومواطنيهم في سبيل تحسين الحياة في المجتمع المحلي. كما أكد أن هذه اللقاءات الجماهيرية تعد فرصة هامة لتعزيز التواصل وتحقيق التنمية المستدامة في القرى والمدينة.
هذه الجهود المستمرة في التواصل والتفاعل بين الإدارة المحلية والمواطنين تعكس التزام جهاد المتولى ورؤساء القرى بخدمة المجتمع وتحسين جودة الحياة في منطقتهم. ومن المتوقع أن يستمر هذا التواصل والتفاعل في المستقبل لتحقيق مستوى أفضل من الخدمات والمرافق للجميع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الوادى الجديد محافظة الوادي الجديد محافظ الوادى الجديد محافظة محافظ رئيس جامعة الوادي الجديد رئيس جامعة الوادى الجديد رئيس جامعة نائب محافظ الوادي الجديد نائب محافظ ديوان عام محافظة جامعة الوحدة المحلية مركز مدينة مركز ومدينة رئيس الوحدة المحلية الخارجة الداخلة بلاط باريس الفرافرة
إقرأ أيضاً:
4 أشياء لافتة تجمع بين رؤساء حكومات قيس سعيّد.. ما هي؟
لم تشهد تونس خلال كامل تاريخها (منذ استقلالها في مارس/ آذار 1956)، كمًّا من التعيينات والإقالات في مستوى منصب رئاسة الحكومة، مثلما عرفته فترة حكم الرئيس التونسيّ الحالي، قيس سعيّد..
فمنذ توليه السلطة في أعقاب انتخابات العام 2019، حتى فجر السبت المنقضي، عندما عيّن الرئيس سعيّد، وزيرة التجهيز السابقة، سارة الزعفراني الزنزري، رئيسة جديدة للحكومة، يكون قد تداول على رئاسة الحكومة، ستة رؤساء حكومات في ظرف زمني، لا يتجاوز 5 سنوات، وسط تعيينات وإقالات متشابهة، من حيث الأسباب والتّعِلّات، دون أن تكون خلف الموضوع صراعات على الحكم، أو حتى تباينات مع الرئاسة في شأن ما، أو موضوع محدد، بعد أن أصبح الوزير، كما القاضي، وأي مسؤول في الدولة، "وظيفة"، وليس منصبًا سياسيًا، وفق ما أعلن الرئيس التونسي عن ذلك، منذ اعتماده "دستور 2022″، الذي كتبه بخطّ يده، واعتمده منهجًا لإدارة الدولة التونسية.
ففي 27 فبراير/ شباط 2020، عيّن الرئيس سعيّد، إلياس الفخفاخ، القيادي في حزب "التكتّل من أجل العمل والحريات"، الذي كان أحد مكونات "تحالف الترويكا" التي حكمت تونس بعيد انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2011، رئيسًا للحكومة، مستفيدًا من عدم توفق حركة النهضة، التي كانت تمثل الأغلبية في البرلمان، في تمرير مرشحها، الحبيب الجملي لرئاسة الحكومة، ليعود قرار الاختيار والتعيين، إلى رئيس الجمهورية، بمقتضى دستور 2014، وهو ما سارع إليه قيس سعيّد، ساحبًا بذلك البساط من تحت أقدام البرلمان، والمكونات السياسية الممثلة فيه.
إعلانظل إلياس الفخفاخ على رأس الحكومة لفترة، ستكون الأقصر في سلسلة رؤساء الحكومات الذين سيعيّنهم رئيس الدولة منذ تلك الفترة، إذ لم تتجاوز فترة مكوثه بقصر الحكومة بالقصبة، سوى 6 أشهر وبضعة أيام، حيث أُقيل من مهامه، في الثاني من سبتمبر/ أيلول 2020، على خلفية صراعات بينه وبين الأغلبية البرلمانية، فضلًا عن تباينات بين التحالف الحاكم، الذي كان يضم، "حركة النهضة"، وحزب "التيار الديمقراطي"، و"التكتل الديمقراطي"، و"حركة الشعب".
استعاد البرلمان صلاحياته الدستورية المخولة له، وتمكنت الأغلبية البرلمانية، من فرض اسم رجل الإدارة (المستشار القانوني للرئيس سعيّد سابقًا)، هشام المشيشي، رئيسًا جديدًا للحكومة، في الثاني من سبتمبر/ أيلول 2020، في ظرف شديد الدقة، لتزامنه مع "مرض كوفيد" وتداعياته على الحكومة وعلى الشعب التونسي، فضلًا عن استتباعاته السياسية على التحالفات الحزبية الحاكمة في تلك الفترة.
واجه المشيشي، عديد الصعوبات في العلاقة بالقصر الرئاسي، خاصة في مجال إدارة أزمة "كوفيد"، ولم تتوفر للرجل- كما حدثني شخصيًا خلال مرافقتي له إلى فرنسا، بدعوة من رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك، جان كاستيكس- الهامشُ اللازم للتحرك باتجاه توفير اللقاحات للتونسيين، حيث واجه تعقيدات عديدة، سياسية ودبلوماسية، منعته من الظفر بعقود للحصول على لقاحات من الشركات العالمية المختصة.
الأمر الذي وضعه في مأزق حقيقي، انتهى بإقالته من قبل الرئيس قيس سعيّد، الذي اتهم الحكومة بالتقصير في توفير اللقاحات والأكسجين للتونسيين.
كان ذلك في 25 يوليو/ تموز 2021، وهو تاريخ "الانقلاب السياسي"، الذي أقدم عليه الرئيس قيس سعيّد، في أعقاب اجتماع "تاريخي" لمجلس الأمن القومي، تخلله خطاب شديد التوتر لرئيس الجمهورية، أعلن في أعقابه، إقالة الحكومة، وغلق البرلمان التونسي، ووضع دبابة في بهو مجلس نواب الشعب.
إعلانبالإضافة إلى خطوات أخرى، باتت معروفة للجميع، معلنًا بذلك نهاية مرحلة سياسية كاملة، امتدّت من 14 يناير/ كانون الثاني 2011، تاريخ الثورة التونسية، إلى الخامس والعشرين من يوليو/ تموز 2021.
امرأة على رأس الحكومة.. ولكنفور إعلان "الانقلاب"، والانتهاء من كتابة الدستور من قبل رئيس الجمهورية شخصيًا، عيّن قيس سعيّد، نجلاء بودن، رئيسة للحكومة، دون أن يكون لها أي علاقة تاريخيًا بالسياسة، أو بالمناصب السياسية، لتصبح أوّل امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ البلاد، وذلك بعد اعتماد الدستور الجديد في 2022.
ظلت بودن في منصبها على رأس الحكومة، لمدّة عام، حتى الأول من أغسطس/ آب 2023، عندما أُقيلت بدورها، دون ذكْر أي من الأسباب، إلا ما كان تسريبات إعلامية وسياسية، تتحدث عن مرض ألمّ بها، وبات يحول دون استمرارها في مهمتها، الحسّاسة والدقيقة، في ظرف تاريخي دقيق بكل معنى الكلمة.
كانت نجلاء بودن، مجرّد "موظفة حكومية" إن صح القول، أدارت شأن الحكومة، بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية، مجسّدة جزءًا من السلطة التنفيذية، التي كان الرئيس قيس سعيّد يمثل جناحها المهيمن إلى الآن.
فقد اختيرت هذه المرأة بعناية فائقة، لكي تكون الأداة التنفيذية لخيارات رئيس البلاد، والجهة التي لا يخشى منها أي شيء على صعيد المناكفة مع الرئاسة، أو الدخول معها في عملية "ليّ ذراع"، حتى وإن كانت لمصلحة الدولة.
ومع عملية "التجريف"، التي تمت للأحزاب والمشهد السياسي، والانتقال الديمقراطي، وصعود برلمان جديد، موالٍ في معظمه لرئيس الدولة، ومتماهٍ معه، لم تجد هذه السيدة، أي مشكل في عملها على رأس الحكومة، التي باتت "الغرفة الرئاسية الثانية"، كما يقول بعض المراقبين، الذين يتحدث بعضهم، عن التماس تقدمت به بودن، إلى أعلى هرم السلطة، لكي يعفيها من مهامها، وهو ما تمّ فعلًا، في الأول من أغسطس/ آب 2023، عندما تم تعيين أحمد الحشاني خلفًا لها.
إعلانجيء بالحشاني، من داره، التي كان يقضي فيها، السنوات الأولى من تقاعده، حيث غادر الوظيفة، في العام 2018، بعد أن شغل مديرًا عامًا للشؤون القانونية بالبنك المركزي التونسي، ثم مديرًا عامًا للموارد البشرية بذات المؤسسة، دون أن تكون للرجل أي مسؤولية سياسية في تاريخه الوظيفي، ولم يعرف عنه انخراط في أي عمل سياسي خلال كامل مساره المهني أو الشخصي، إذا استثنينا ما عرف عنه من انحداره من نسل "علي باي الثالث"، أو الباي الثالث عشر، كأحد البايات الذين حكموا تونس زمن الدولة الحسينية (1882 ــ 1902)، وهو ما كان يعبّر عنه على صفحته في "فيسبوك"، مبديًا إعجابه بالنظام الملكي، وبعصر البايات.
من الشعبوية.. إلى الشعبويةالأدهى من ذلك، أنّ الحشاني كان داعمًا لتنصيب ملكية دستورية في تونس، بحجة أن ذلك "سيبعدها عن السقوط في دكتاتورية رئاسية أو برلمانية، وسيخلصها من القبلية والشعبوية"، وفق ما راج على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي، منتقدًا بوضوح، أسلوب الرئيس سعيّد في الحكم، الذي يصفه بـ "الشعبوي"، ليجد نفسه ــ رغم كلّ ذلك ــ معيّنًا من قبله، على رأس الحكومة التونسية.
بعض القريبين من رئاسة الحكومة، فسروا هذا التعيين الذي لم يخطر على بال أحد من المشتغلين في المحيط السياسي، داخل الحكم وخارجه، باعتبار أنّ الحشاني، "كان مؤيدًا لعلمانية الدولة، وممن يكنّون عداء شديدًا لأحزاب "الإسلام السياسي"، ومنها "حركة النهضة"، وهي الورقة التي حفّزت الرئاسة ومحيطها، على تعيينه، فضلًا عن ميوله اليسارية، التي تجد التقاء ــ وربما هوى ــ لدى بعض مكونات الحكم حاليًا.
لكنّ هذه المعطيات، ستتغيّر بمجرد أن يجد الرجل نفسه على رأس الحكومة، ليصبح "زعيم الشعبوية"، ينادى عليه من قبل الحشاني بـ "العزيز" (كان يتوجه لرئيس الجمهورية بالقول: عزيزي قيس سعيّد).
ظلّ أحمد الحشاني على رأس الحكومة، لفترة لم تتجاوز عامًا و7 أيام بالتمام والكمال، قبل أن تقع إقالته، باعتباره "لم ينجز شيئًا"، كما قيل في الأوساط الرسمية، أو تلك المعبّرة والمفسرة لخطابات رئيس الجمهورية وقراراته.. بل إنّه ما إن غادر رئاسة الحكومة، حتى وجد نفسه في مواجهة قرار قضائي بمنعه من السفر، بتهم فساد، لم يصدر بشأنها إلى الآن، أي بلاغ رسمي من الدولة التونسية.
إعلانكتبت أوساط كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، منتقدة الرجل، ولعل أطرف ما وقع تداوله بشكل واسع، ما كتبته امرأة تونسية مسيّسة، قائلة: "هذه ثالث مرّة يذكرك فيها التاريخ: الأولى عندما عينت رئيسًا للحكومة وأنت لا يعرفك أحد، والثانية عندما خرجت من أصغر أبوابها دون أن يكترث برحيلك أحد.. وهذه هي المرة الثالثة، لأنك ستكون أول وزير يعاقب لأنه لم يفعل شيئًا…!".
وبالفعل، كان خروج الحشاني من رئاسة الحكومة، مثيرًا للشفقة، مثلما كان تعيينه مدعاة للسخرية، ومثل صنوه، نجلاء بودن، لا يذكر المراقبون، منجزًا لأحدهما البتّة.
هكذا، وضع حدّ لفترة الحشاني، يوم 8 أغسطس/ آب 2024، وهو اليوم الذي كلّف فيه الرئيس التونسي، وزير الشؤون الاجتماعية، كمال المدوري، برئاسة الحكومة..
كفاءة وطنية.. في مهبّ الإقالةاستبشرت بعض الأوساط السياسية برئيس الحكومة الجديد، خصوصًا القريبين والموالين لرئاسة الجمهورية، نظرًا لسجلّ الرجل، فهو خريج المدرسة الوطنية للإدارة، إحدى أبرز المؤسسات التونسية التي يتخرج فيها "رجال الدولة"، والخبير في مجال السياسات الأوروبية والعلاقات المغاربية – الأوروبية، بالإضافة إلى دراسته وتخرجه في معهد الدفاع الوطني، وعمله لفترة مهمة ضمن المدرسة العليا لقوات الأمن الداخلي (قوات الشرطة).
يضاف إلى كل ذلك، تجربة كمال المدوري في الصناديق الاجتماعية (صندوق التقاعد، وصندوق التأمين على المرض)، وهما مؤسستان على درجة كبيرة من الأهمية في إدارة السلم الاجتماعي، واستقرار المؤسسات الاقتصادية، واستدامة المصالح الصحية.
شرع الرجل في إعادة ترتيب البيت الداخلي لرئاسة الحكومة، في ظل مناخات معقدة، وحرص على تنظيم عملها، بشكل يسمح لها بأن تجسد السلطة التنفيذية فيما هو مخوّل لها قانونيًا، لكنّ الأمر اصطدم بالخيارات السياسية للسلطة، وبقلّة الموارد المالية، وشحّ المستثمرين الأجانب وعزوفهم عن القدوم إلى تونس؛ بسبب الوضع السياسيّ، الذي يحيط به الكثير من التساؤلات، والغموض..
إعلانومع نفاد صبر عديد التونسيين، الذين يواجهون غلاء الأسعار، وقلة توفر المواد الغذائية الأساسية، التي ما يزال الحصول عليها يخضع لبعض الطوابير، واكتشاف التونسيين العديد من التناقضات في الخطاب الرسمي، كان لا بدّ من عملية إلهاء، أمام موجة الغضب، التي بدأت تظهر هنا وهناك، وهو ما دفع ثمنه رئيس الحكومة، كمال المدوري، الذي أقيل من مهامه، يوم 21 مارس/ آذار 2025، وسط تسريبات، تتحدث عن استقالته التي قدمها، عندما شعر أن قرار إنهاء مهامه، يطبخ على نار هادئة.
وسواء صدقت هذه التسريبات أم كذبت، فالنتيجة، واحدة، وهي إقالة رئيس الحكومة، مع تحميله مسؤولية ضعف الأداء الحكومي، وعدم القدرة على محاربة اللوبيات، وخاصة عدم وجود منجز اجتماعي أو اقتصادي.
وهكذا، في فجر يوم الجمعة 21 مارس / آذار، تم الإعلان عن تعيين سارة الزعفراني الزنزري، وزيرة التجهيز والإسكان، خلفًا له، وهي كخلفائها السابقين، امرأة بلا سجلّ سياسي، ودون تجربة برئاسة الحكومة أو المناصب الحساسة في الدولة، يقذف بها في منصب هام، وفي توقيت دقيق أيضًا، بما يجعلها "على كفّ عفريت الإقالة"، كلما كان ذلك "ضرورة رئاسية"، إن صح القول.
والحقيقة، أنّ ما يجمع بين رؤساء حكومات الرئيس قيس سعيّد، أربعة أمور لافتة للغاية:
أنهم لم يكونوا سوى موظفين في مسؤوليات إدارية على رأس مؤسسات عمومية، بحيث لم يتوفروا على تجارب في حقائب وزارية أخرى، وضمن النسيج الحكومي. أنهم لا ينتمون إلى مدارس سياسية، أو أحزاب، ولم تكن لديهم تجارب معروفة لدى الأوساط السياسية، وهو أمر مقصود من قبل رئاسة الجمهورية، التي راهنت منذ "انقلاب يوليو/ تموز" 2021، على استهداف المشهد السياسي، بأحزابه وشخوصه وزعاماته، التاريخية، أو تلك التي ظهرت بعد الثورة. أنّ معظم الذين تم تعيينهم، إن لم نقل كلهم، يقفون على أرض مناكفة للإسلام السياسي، في ظرفية، تتصدر رئاسة الجمهورية، الحرب على هذا التيار، الذي تحاكمه بتهمة "التآمر على أمن الدولة" و"التسفير"، وغيرها من التهم ذات الصبغة السياسية الواضحة. أن مختلف الذين دخلوا قصر الحكومة بالقصبة، خرجوا منه، كما دخلوه أول مرّة، أي صفر اليدين، فلا تصورات جديدة لإدارة الحكومة، ولا منجزات، ولا حتى ديناميكية يشعر بها المتابع للشأن العام، فضلًا عن المختصين والمطّلعين. إعلان تقاليد ذهبت أدراج الرياحواللافت في هذا الكمّ الهائل من التعيينات على رأس الحكومة، في وقت وجيز جدًا، أنّ تونس كانت لها تقاليد راسخة في المحافظة على استقرار حكوماتها، حتى في ظلّ أحداث سياسية مثيرة.
فخلال فترة رئاسة الحبيب بورقيبة للدولة التونسية، التي ناهزت واحدًا وثلاثين عامًا، تداول على رئاسة الوزراء، 5 شخصيات بارزة فقط، منحدرة من عالم السياسة، وخاصة الحزب الحاكم (الحزب الاشتراكي الدستوري آنذاك)، وكان تعيينهم مرتبطًا بقلاقل اجتماعية وسياسية، وبتحولات حقيقية في صلب المجتمع، في علاقته بالدولة، وبصراعات الحكم، مع بداية "ترهّل" الدولة، وشيخوخة الرئيس بورقيبة، نذكر هنا، الباهي الأدغم، والهادي نويرة، ومحمد مزالي، ورشيد صفر، وصولًا إلى زين العابدين بن علي، الذي سيقوم بانقلاب على بورقيبة، في العام 1987، لكنّه لن يشذّ عن تلك "القاعدة"، أي التعيينات الموزونة، حيث استبدل رؤساء الحكومات في ثلاث مناسبات فقط، خلال 23 عامًا من حكمه، كان أصغر فترة فيها، مع الهادي البكوش (نوفمبر/ تشرين الثاني 1987، إلى سبتمبر/ أيلول 1989).
فيما تولى حامد القروي رئاسة الوزراء، خلال عشرية كاملة (1989 ــ 1999)، وظل محمد الغنوشي، رئيسًا للحكومة، من العام 1999، إلى ما بعد قيام الثورة التونسية، وتحديدًا في شهر مارس / آذار2011 (أي زهاء الـ 12 عامًا).
والسؤال المطروح في هذا السياق، هو: ما الذي يمكن أن يفسّر هذه التعيينات، التي لا تخضع لأي منطق سياسي، ولا تلبي حاجة اجتماعية أو سياسية، وليست استجابة لضرورات واقعية؟!
هنا يمكن للمرء أن يشير إلى جملة هذه الملاحظات الأساسية:
أن هذه الإقالات والتعيينات، تأتي تعبيرًا عن أزمة في إدارة الدولة، ترتبط بغياب تصورات واضحة، ورؤى تنبني على دراسات ولجان تفكير، ولذلك كانت خلال السنوات الخمس الماضية، أشبه بطاحونة الشيء المعتاد، بحيث يأتي رئيس حكومة، ليخلف من سبقه، دون خيط ناظم، أو بوصلة يعمل هؤلاء بواسطتها أو في ظلها. أنّ مركزية السلطة والقرار بأيدي رئيس الجمهورية، وهو ما من شأنه أن يضيّق هامش التحرك والتصور لدى هؤلاء، فحتى الأنظمة الرئاسية، توفر مجالًا للمسؤولين ضمنها، لكي يتحركوا ويفعلوا وينجزوا، ضمن رؤية واضحة.. إنه مع كل إقالة، يشعر المرء أنّ ثمّة أخطاء ارتكبت، وسيناريوهات فشلت، وتصورات لم تلقَ سبيلها إلى النجاح، لذلك تسارع السلطة إلى التغيير، مما جعل رؤساء الحكومات، أشبه بـ "كبش الفداء"، الذي يتم التضحية به، من أجل استمرار الوضع. غياب مشروع سياسي لدى السلطة، التي ما تزال تقتات من مقولات "التخوين" و"التآمر" و"اللوبيات" و"المؤامرات"، دون القدرة على الخروج من هذه السردية، التي لم تعد تقنع، حتى القريبين من السلطة. وعندما يغيب المشروع السياسي، تكون القرارات السياسية على هذا النحو من الهشاشة، التي يلاحظها المراقبون في الخيارات السياسية التونسية الراهنة. أنّ الصورة التي تقدّم للرأي العام، من وراء هذه الإقالات، تؤكد أنّ منصب رئاسة الحكومة، "وظيفة هشّة" للغاية، فإقالة هذه الشخصيات بهذه الطريقة، لا تضر بأشخاصهم فقط، ولكن، بالمنصب ذاته، أيضًا، وبكاريزما المسؤولية السياسية، بل إنّ بعض المختصين في العلوم السياسية، يعتبرون ذلك "مدخلًا لتقويض أسس الدولة التونسية الحديثة، كما يمثل ضربًا لمقومات الجمهورية"، حسب قولهم. إعلان أين الاستقرار السياسي؟لقد ضربت هذه التعيينات المتسرعة، في العمق، الاستقرار السياسي في البلاد، وفي أوساط الحكومة، وهو السبب (أي الاستقرار)، الذي اتخذه الرئيس التونسي، قيس سعيّد ذريعة للقيام بانقلابه، عندما تحدّث عن عدم استقرار حكومي؛ بسبب تلك التحالفات الحزبية المكثفة، وما يتبعها من حسابات سياسية، وفق تقديره.
على أنّ المتعارف عليه تاريخيًا في إقالة رئاسة الحكومة، سواء في تونس، أو في الدول الديمقراطية، هو ترافق إقالة رئيس الوزراء، برحيل جلّ وزراء الحكومة، إن لم نقل كل الحكومة، على أساس أنّ معادلة استبدال الحكومة، تهدف الدخول في ديناميكية جديدة، تحتاجها السلطة، ويستوجبها الوضع العام بالبلاد، وبالتالي ليست المسألة، مرتبطة بشخص فقط، هو رئيس الحكومة، وهو ما يهيمن على كل الإقالات التي نحن بصددها.
لن نذهب كثيرًا في اتجاه توصيف الوضع، على أساس أنه ترجمة لحالة فوضوية أو عبثية أو "مسرحية هزلية"، كما يقول بعض السياسيين المعارضين للحكم، لكنّه في كل الأحوال، تعبير عن حالة "عطل سياسي"، تعيشه السلطة منذ فترة، وهي التي جاءت منتقدة "عطل المجتمع السياسي"، لكنها أحالته على "المعاش"، دون أن تقدر على ضخّ دماء جديدة في الحكم، أو في دواليب السلطة، بما جعل الأفق غائبًا، والمستقبل مشوّشًا، والغموض يهيمن على الوضع التونسي، الذي يبقى مفتوحًا على كل الاحتمالات.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline