تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بيّن القرآن الكريم منهج التعامل مع غير المسلمين في آيتين من سورة الممتحنة، حيث قال تعالى:{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ… أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ…}

{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ… أَن تَوَلَّوْهُمْ…}

وقد استخدم الله كلمة “البر”، وهي الكلمة نفسها التي استخدمها في أعظم الحقوق: بر الوالدين.


تهنئة غير المسلمين من مظاهر البر

تُعد تهنئة غير المسلمين، خاصة المسالمين منهم، من صور البر التي يحبها الله، لا سيما إذا كانت هناك صلة قرابة، أو جوار، أو زمالة، أو رفقة، وهي مظاهر اجتماعية قائمة في حياتنا اليومية.


روابط الحياة المشتركة تُعزّز الاحترام المتبادل

نحن نعيش على أرض واحدة، ونرتبط بروابط إنسانية ومجتمعية. أحيانًا يكون لغير المسلم فضل علينا، مثل الطبيب أو المعلم، وهذا الإحسان يستحق ردًا مماثلًا، كما قال الشاعر:

“أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم، فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ”.

غياب فقه الواقع عن بعض الفتاوى

يعيش بعض العلماء في الكتب بعيدًا عن الواقع، وهو ما يؤدي إلى فتاوى تفتقر لفهم الحياة اليومية وتعقيداتها. فالعبرة ليست فقط بقراءة كتب السلف، بل أيضًا بقراءة كتاب الحياة.

المودة والمصاهرة دليل على جواز المعاملة الطيبة

أجاز الإسلام أكل ذبائح أهل الكتاب والزواج من نسائهم، مما يقتضي وجود مودة ورحمة ومصاهرة. هذه العلاقات تُنشئ روابط إنسانية واجتماعية، لا يمكن تجاهلها في المواقف الإنسانية كالأعياد والمناسبات الخاصة.

البر بحقوق الأمومة والقرابة من أهل الكتاب

إذا كانت الزوجة من أهل الكتاب، فحقها في البر والاحترام ثابت، وكذلك حق أقاربها من جهة الأم (كالخال والخالة وغيرهم). قال تعالى:

{وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}

فمن الوفاء والإحسان ألا تمر مناسباتهم دون تهنئة، تعبيرًا عن حسن الخلق وطيب المعاملة.

التعامل بالحسنى والرد على المعروف بالمثل

إذا بدأ المسيحيون بتهنئة المسلمين بأعيادهم، فإن رد التهنئة واجب أخلاقي وديني، كما قال تعالى:

{وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}

والمؤمن الكامل هو من يكون حسن الخلق، كما في الحديث:

“أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلقًا”،

وقال عليه الصلاة والسلام: “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.


 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: اجازة عيد القيامة أقباط أقباط الإرثوذكس

إقرأ أيضاً:

حين تتصدّع الشرعية ويُختَطف العقد ويشتعل الرجاء: متى تثور الشعوب؟

في لحظة ما، دون إنذارٍ مسبق، يُشعل أحدهم عود ثقاب على حافة مدينة نائمة. لا يظنّه أحد أكثر من فعلٍ فرديّ، انفعاليّ، عابر، لكن تلك الشعلة الصغيرة تُوقظ في ملايين الناس ما ظنّوا أنّه مات فيهم: الغضب، الكرامة، والحقّ في السؤال.

الثورات لا تُدبَّر على ورقٍ أبيض، ولا تُولد بمرسوم، ولا تمضي وفق تعليمات. إنّها انفجار مؤجل، تأتي حين تتآكل السلطة من الداخل، لا حين تسقط من الخارج. تأتي حين تُصبح الطاعة خيانة للذات، ويغدو الصبر مرضا جماعيا، ويصبح السكوت حُكما جائرا.

“ماذا تثور الشعوب؟"، ليس سؤالا صعبا، فالجوع، والذل، والقمع كفيل بجعل الأرض تغلي. لكن السؤال الأكثر إلحاحا هو: متى تثور الشعوب؟ ولماذا لا تثور دائما؟ ما اللحظة التي تنقلب فيها الموازين؟ متى يصبح الحُكم بلا غطاء، والخوف بلا وظيفة، واليأس بلا فائدة؟

الجوع، والذل، والقمع كفيل بجعل الأرض تغلي. لكن السؤال الأكثر إلحاحا هو: متى تثور الشعوب؟ ولماذا لا تثور دائما؟ ما اللحظة التي تنقلب فيها الموازين؟ متى يصبح الحُكم بلا غطاء، والخوف بلا وظيفة، واليأس بلا فائدة؟
لنفكّك هذا السؤال لا كمجرّد حدث سياسي، بل كتحوّلٍ أخلاقي- تاريخي، نقرأه من خلال ثلاث عدسات فكرية كاشفة: الماوردي، وروسو، وإرنست بلوخ.

لا يجمعهم عصر ولا مدرسة، لكن يجمعهم إدراك عميق بأنّ الطغيان لا يُهزَم بالسيف فقط.. بل بكشف زيفه، ونزع القداسة عنه، واستعادة الحلم من بين أنقاضه.

الماوردي: حين تتحوّل الشرعية إلى قيدٍ على الناس لا على السلطان

كان الماوردي ابن زمن سياسي مختلّ، حيث الخلافة العباسية قد فقدت هيبتها، والسلطة الواقعية انتقلت إلى السلاطين والولاة. لكن ما قاله في "الأحكام السلطانية" ظلّ أخطر من صراعات العروش:

"إذا جار السلطان، واستُنفدت وسائل النصح، وفُقد الأمل في إصلاحه، وصار بقاؤه فتنة على الجماعة.. جاز خلعه، إن وُجد العدل سواه".

بهذه العبارة، أسّس الماوردي لمفهوم شرعية مشروطة، لا شرعية مطلقة. فالسلطان لا يُطاع بوصفه رمزا، بل ما دام حافظا للعدل. والعدالة ليست فضيلة أخلاقية فقط، بل مبدأ بقاء سياسي.

هذه الرؤية تفسّر انفجار الثورة التونسية في شتاء 2010-2011: حين تحوّلت الدولة من حامٍ للشعب إلى عبءٍ عليه، حين صار القانون أداة انتقام، وكرامة المواطن محلّ مساومة، حين استُنفدت كل وسائل "الإصلاح من الداخل"، انقلب الناس على شرعية صارت أداة استعباد.

لم تكن الثورة مجرّد ردّ على بطالة أو فساد، بل كانت صرخة ضدّ دولة خانت معنى وجودها. ولهذا لم يكن الشعار الاقتصادي هو ما هزّ الشارع، بل الشعار السياسي العميق: "الشعب يريد إسقاط النظام".

حين تُصبح الدولة مظلّة لاحتكار السلطة والثروة، فإنها، وفق الماوردي، قد فقدت شرعيتها.. حتى وإن بقيت على الورق "قانونية".

روسو: حين يُختَطَف العقد الاجتماعي وتُقنّن الهيمنة

كتب جان جاك روسو عن السلطة في عصر بدا ديمقراطيا على الورق، لكنه حوّل الناس إلى رعايا باسم القانون:

"حين تمثّل الدولة مصالح فئة قليلة، فإنّها لم تعُد شرعية، حتى وإن بدت قانونية".

العقد الاجتماعي، عنده، ليس وثيقة مؤرشفة، بل ميثاق حيّ بين الناس. وإذا اختُطفت الإرادة العامة، سواء بالبيروقراطية أو المال أو الإعلام، فإنّ الدولة تصبح تمثيلا زائفا.. لا شرعية حقيقية.

انظري إلى ثورة يناير في مصر: لم تكن المشكلة في غياب المؤسسات، بل في أن هذه المؤسسات لا تُمثّل أحدا، البرلمان كان أداة تلميع، الانتخابات كانت مُسيّرة، والدولة كانت تتحدث عن الشعب، لكن دون أن تستمع إليه.

وحتى بعد الثورة، اختُطِف العقد من جديد، عادت الدولة في زيّها العسكري-المدني، تُعيد إنتاج منطق الهيمنة باسم "الاستقرار".

روسو لا يقدّس الثورة من حيث هي فوضى، بل يراها لحظة استعادة للعقد المغتصب، وحين تُستبدل الثورة بثورة مضادة ذات واجهة قانونية، يصبح الانفجار القادم أكثر عنفا.. وأقل توقيرا للنظام.

بلوخ: حين يتحوّل الحلم من رغبة فردية إلى طاقة جماعية
الثورة ليست معادلة حسابية، ليست حاصل ضرب الجوع في الظلم في القمع، بل هي لحظة شديدة التعقيد، تتولد حين يتصدّع هيكل الشرعية، ويُختطَف تمثيل الإرادة العامة، ويشتعل الرجاء في هوامش الحياة
لم يكن إرنست بلوخ مهتما بما يحدث فقط، بل بما يُمكن أن يحدث:

"ما من شيء عظيم حدث، إلا وكان مسبوقا بصورة عنه في الوجدان الجماعي".

الحلم، عند بلوخ، ليس خيالا مجرّدا، بل هو وقود التغيير. الثورة تبدأ حين ترى الجماهير في نفسها شيئا أكبر من وضعها، وتؤمن بأن هذا العالم لا يستحقّها كما هو.

هكذا بدأت الثورة الروسية، ليس فقط في مصانع بتروغراد، بل في تخيّل عالم بلا قياصرة، وهكذا خرج شباب السودان عام 2019 لا ليرفعوا لافتات خبز، بل ليقولوا: "حرية، سلام، وعدالة".

الحلم عند بلوخ ليس ترفا فكريا، بل ضرورة سياسية. فمن لا يحلم، لا يثور، ومن لا يرى مستقبلا آخر، لن يُخاطر بالخروج من الحاضر.

خاتمة: حين يلتقي الوعي بالهشاشة ويقوده الرجاء

الثورة ليست معادلة حسابية، ليست حاصل ضرب الجوع في الظلم في القمع، بل هي لحظة شديدة التعقيد، تتولد حين يتصدّع هيكل الشرعية، ويُختطَف تمثيل الإرادة العامة، ويشتعل الرجاء في هوامش الحياة.

الماوردي يحذّرنا من شرعية لا تحرس العدل.. روسو يكشف لنا أن العقد الاجتماعي لا يُكتب مرة واحدة.. بلوخ يمنحنا وعدا: أنّ الحلم ليس ترفا، بل نواة التحوّل.

السؤال إذا ليس: لماذا لا تثور الشعوب؟ بل: هل ما زالت ترى وجها آخر للمستقبل؟ هل ما زالت تحتفظ بصورة ما عن حياة تستحق أن تُعاش؟ فإن وُجد هذا الرجاء، ولو في أغنية، أو قصيدة، أو نظرة في الميدان.. فإنّ الثورة آتية، لا محالة.

مقالات مشابهة

  • بمناسبة عيد تحرير سيناء.. محافظة سوهاج يبعث تهنئة لوزير الدفاع والإنتاج الحربي
  • محافظ الشرقية يُهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ43 لأعياد تحرير سيناء
  • محافظ الفيوم يهنئ الرئيس السيسي بذكرى تحرير سيناء
  • حين تتصدّع الشرعية ويُختَطف العقد ويشتعل الرجاء: متى تثور الشعوب؟
  • ازدواج ورصف طريق رأس البر الغربي وخط المياه الناقل
  • محافظ جنوب سيناء يهنئ المسيحيين ورهبان دير سانت كاترين بعيد القيامة
  • إلهام شاهين تهنئ داليا مصطفى بعيد ميلادها وتتمنى لها عامًا سعيدًا ومليئًا بالنجاح
  • الاختلاف الإنساني حكمةٌ إلهيَّة*
  • محافظ الأقصر يهنئ المسيحيين بمطرانية أرمنت للاقباط الأرثوذكس
  • تهنئة بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين لعيد الاستقلال للمملكة الأردنية الهاشمية