غياب المعايير.. أم تغير المتطلبات؟ قراءة في خلفيات إعفاء وزيري الخارجية والأوقاف في السودان
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
إن تداعيات الحرب الضروس التي تعصف بكيان الدولة السودانية، تفرض على القيادة الانتقالية تحديات وجودية ومسؤوليات تنفيذية ، لتأتي قرارات الإعفاء الوزاري المتتالية، وآخرها إعفاء وزيري الخارجية والأوقاف ضمن هذه التداعيات ، وتثير في ذات الوقت تساؤلات مشروعة حول منهجية الاختيار، ووضوح المعايير، ومستقبل العمل التنفيذي في البلاد.
اللافت أن الوزيرين لم يمضيا في منصبيهما سوى بضعة أشهر، وهي فترة لا تكفي – وفق المعايير المؤسسية – لتقييم أداء موضوعي ومؤسسي وعلمي ، إلا إذا كانت هناك مؤشرات خطيرة على الفشل أو الانحراف، أو أن التقييم تم بناء على معايير أخرى غير معلنة.
إن التساؤل الجوهري الذي يفرض نفسه .. هل تكمن المشكلة في آلية الاختيار نفسها؟ أم أن متغيرات الحرب تفرض ديناميكية مختلفة تتطلب مواصفات خاصة في شاغلي المناصب العليا، لا تتوافر بالضرورة في أصحاب الكفاءات الأكاديمية أو الخلفيات التقليدية؟
غياب معايير واضحة وثابتة في عملية التعيين يُنتج بالضرورة هشاشة في البنية التنفيذية، ويجعل من كل وزير “تجربة قابلة للإلغاء”، بدلاً من أن يكون “مشروع بناء مؤسسي”. كما أن القرارات المفاجئة بالإعفاء تُضعف ثقة الرأي العام في جدية الدولة، وقدرة مؤسساتها على التخطيط بعيد المدى.
ومما لا شك فيه أن من سيُعيَّن بعد الوزيرين المقالين، سيتقدم للمنصب مثقلاً بالهواجس، خائفًا من أن يلقى المصير ذاته، في ظل ضبابية المعايير. وهذا قد يؤدي إلى ارتباك في الأداء، أو إلى انتهازية في التصرف، إذ يحاول البعض إثبات الولاء بدلًا من الكفاءة وهذه في تقديري رسائل سلبية لمن يأتي بعد..
فالمرحلة التي تمر بها البلاد لا تحتمل المجاملات ولا التجارب. وعليه فإن الواجب على القيادة العليا للدولة – وخاصة في ظل ظروف الحرب – فإني أرى أن توضع معايير شفافة لاختيار القيادات ، تقوم على:-
– الكفاءة المهنية والسيرة العملية النزيهة.
– القدرة على العمل تحت الضغط، وفهم تعقيدات المرحلة الانتقالية.
– الالتزام الصارم بخطاب الدولة السياسي والإعلامي، وعدم الارتجال.
– الخضوع لتقييم دوري مبني على مؤشرات أداء واضحة.
– كما يجب أن يصاحب ذلك تصور استراتيجي لكل وزارة، يتم من خلاله تحديد المطلوب من الوزير قبل تعيينه، وليس بعد ذلك. فالفشل غالبًا ما يكون في التخطيط لا في الأفراد.
وآخراً فإن الإقالات المتسارعة، دون خطاب توضيحي شفاف للرأي العام، تُضعف الثقة، وتثير الشكوك، وتمنح خصوم الدولة مادة جاهزة للتشكيك في كفاءتها. والمطلوب اليوم ليس فقط “من يشغل الكرسي”، بل “من يحمل المشروع”، ويصمد في معركة بناء الدولة تحت نيران الحرب.
* ..بقلم د.إسماعيل الحكيم..*
*Elhakeem.1973@gmail.com*
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الخارجية الصينية: تواصل بناء ومستمر بين بكين والفاتيكان خلال السنوات الأخيرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعربت وزارة الخارجية الصينية عن تعازيها في وفاة البابا فرانسيس، مشيدة بالعلاقات المتنامية بين بكين والفاتيكان خلال السنوات الأخيرة.
وقال المتحدث باسم الوزارة، قوه جيا كون، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الصينية الرسمية الثلاثاء، إن الصين والفاتيكان حافظتا على تواصل بنّاء وتبادلات مثمرة، ساهمت في تعزيز التفاهم المتبادل، مضيفًا أن بلاده تولي أهمية كبيرة لتطوير العلاقات مع الكرسي الرسولي.
وأكد المتحدث أن الصين تأمل في استمرار الحوار والتعاون مع الفاتيكان بما يسهم في تعزيز السلام والتفاهم بين الشعوب، مشيرًا إلى أن السنوات الماضية شهدت تقدمًا ملموسًا في هذا المسار.
ويأتي هذا التصريح في وقت تتجه فيه الأنظار إلى مستقبل العلاقات الصينية-الفاتيكانية، خاصة في ظل رحيل البابا فرانسيس الذي لعب دورًا مهمًا في تحسين مستوى التفاهم بين الجانبين.