زنقة 20. الرباط

نشر معهد هدسون العريق مؤخرًا تقريرًا حاسمًا بعنوان: “الحجة الاستراتيجية لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية“. وفي صفحاته، يعرض بوضوح ما دأب المغرب على التحذير منه منذ عقود: جبهة البوليساريو لا تمثل حركة تحرر حقيقية، بل تتصرف كميليشيا شبه عسكرية تعمل على زعزعة الاستقرار، وتخدم أجندات أجنبية معادية لأمن المنطقة واستقرارها.

يفتتح التقرير بتحذير صارخ: “لم يعد نزاع الصحراء الغربية نزاعًا مجمّدًا. لقد تحول إلى جبهة متقلبة تُهدد بشكل مباشر مصالح الأمن القومي الأمريكي“. وفي هذا السياق، تبرز جبهة البوليساريو كفاعل خطير، ليس بسبب مزاعمها السياسية، بل نتيجة ارتباطها الوثيق بالإرهاب، وضلوعها في شبكات تهريب الأسلحة، ودورها كأداة تنفيذية تخدم الأجندات الإيرانية والروسية والصينية في القارة الإفريقية.

تمثل توصية معهد هدسون مطلبًا حازمًا: فهي تدعو الإدارة الأمريكية إلى تصنيف جبهة البوليساريو رسميًا كـ«منظمة إرهابية أجنبية» (FTO حسب اختصارها بالإنجليزية)، وذلك انسجامًا مع الوقائع الموثقة والسياق الجيوسياسي الراهن. ويستند التقرير في مطلبه إلى جملة من الأدلة الصلبة، من بينها: خرق اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1991، تحويل المساعدات الإنسانية لتمويل البنية التحتية المسلحة، التعاون الوثيق مع حزب الله وحزب العمال الكردستاني، تسلّم طائرات مسيّرة إيرانية عبر الوساطة الجزائرية، والانخراط في شبكات تهريب تدعم التمردات الجهادية في منطقة الساحل.

في كلمات التقرير نفسه: “تتجاوز أنشطة البوليساريو بكثير المعايير المطلوبة لتصنيفها منظمة إرهابية. نحن لا نتعامل مع حركة سلمية، بل مع تنظيم له تشعبات خطيرة تهدد أرواح الأمريكيين في منطقة الساحل وتقوّض المصالح الاستراتيجية لواشنطن“.

يشير التقرير أيضًا إلى شخصية عدنان أبو وليد الصحراوي، العضو السابق في جبهة البوليساريو وأمير “داعش في الصحراء الكبرى”، المسؤول عن هجمات عديدة، من بينها الهجوم الذي أسفر عن مقتل أربعة جنود أمريكيين في النيجر سنة 2017. ويُعدّ صعوده من مخيمات تندوف إلى قيادة فرع من فروع تنظيم الدولة الإسلامية دليلاً، بحسب معهد هدسون، على أن “النظام المسلح التابع للبوليساريو شكّل حاضنة للتطرف والتجنيد العنيف”.

الارتباط بين البوليساريو والأنظمة الاستبدادية موثَّق على نطاق واسع. وتُعدّ الجزائر الراعي الرئيسي لهذا الكيان، غير أن التقرير يفضح أيضًا تعاون الجبهة مع إيران — من خلال الحرس الثوري وحزب الله — وكذلك مع روسيا والصين، اللتين تستغلان النزاع لتقويض النفوذ الغربي وإعاقة صعود المغرب كقوة إقليمية. ويؤكد التقرير بعبارات صريحة: “البوليساريو لم تعد فاعلاً محلياً، بل تحوّلت إلى أداة في هندسة زعزعة الاستقرار التي تقودها قوى معادية”.

تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO) يمثّل قراراً استراتيجياً عالي القيمة: يعزّز الاستقرار الإقليمي، ويكرّس التحالف مع المغرب — الحليف الرئيسي للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو — ويوجّه رسالة حاسمة إلى من يستخدمون الفوضى كأداة جيوسياسية. ويخلص معهد هدسون إلى أن “الجمود لا يؤدي سوى إلى تآكل مصداقية الولايات المتحدة في منطقة لا تُدار إلا بمنطق القوة والوضوح”.

اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، على الولايات المتحدة أن تراهن على الاستقرار والشرعية والتحالف مع من يشتركون معها في القيم نفسها. إن تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية ليس فقط قضية عدالة، بل هو أيضاً ضرورة استراتيجية في ظل مشهد عالمي يزداد اضطراباً وتعقيداً يوماً بعد يوم.

الإرهابتأشيرة الولايات المتحدةجبهة البوليساريو

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: الإرهاب تأشيرة الولايات المتحدة جبهة البوليساريو جبهة البولیساریو الولایات المتحدة إرهابیة أجنبیة

إقرأ أيضاً:

مستشار ترامب للشؤون الأفريقية : دعم الولايات المتحدة لمغربية الصحراء قوي ولا لبس فيه

زنقة 20. الرباط

وصف المستشار الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون الإفريقية، مسعد بولس، تجديد تأكيد الولايات المتحدة على اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه بأنه “قوي” و”لا لبس فيه”.

وخلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية في دجنبر 2020، كان الرئيس دونالد ترامب قد أبلغ جلالة الملك بأنه أصدر مرسوما رئاسيا، بما له من قوة قانونية وسياسية ثابتة، وبأثره الفوري، يقضي باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية.

وكتب المستشار المقرب من الرئيس الأمريكي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي نشر الجمعة : “تصريح قوي لكاتب الدولة روبيو يؤكد، مجددا، وبشكل لا لبس فيه الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء”.

وأرفق السيد بولس رسالته بالتدوينة التي نشرها رئيس الدبلوماسية الأمريكية، ماركو روبيو، على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي أورد فيها ما جاء في البيان الصحفي الرسمي لوزارة الخارجية الذي نشر في أعقاب مباحثاته، في 8 أبريل في واشنطن، مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.

وهكذا، أكد كاتب الدولة، مجددا، أن الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب على صحرائه وتدعم مقترح الحكم الذاتي الذي قدمته المملكة باعتباره “الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع” الإقليمي حول الصحراء المغربية.

وحرص السيد روبيو على التأكيد على حسابه على “موقع X” : “التقيت بوزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة للتأكيد، مجددا، على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والمغرب. وأكدت مجددا على أن الولايات المتحدة تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء”، و”تدعم المقترح المغربي للحكم الذاتي، باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لهذا النزاع”.

مقالات مشابهة

  • تايمز: صراع على السلطة بالكونغو يهدد أطماع ترامب في المعادن
  • طائرة بوينغ تعود إلى الولايات المتحدة من الصين بسبب حرب ترامب الجمركية
  • احتجاجات أمريكية ضد ترامب في كافة الولايات.. ما هي حركة 50501؟
  • هل ستنسحب الولايات المتحدة من محادثات أوكرانيا وروسيا ؟
  • كيلوغ: الولايات المتحدة سئمت مما يحدث في أوكرانيا
  • احتجاجات جديدة بأنحاء الولايات المتحدة ضد سياسات ترامب
  • مستشار ترامب للشؤون الأفريقية : دعم الولايات المتحدة لمغربية الصحراء قوي ولا لبس فيه
  • صحيفة جنوب أفريقية : لقد حصدنا الريح بقرب تصنيف إدارة ترامب البوليساريو منظمة إرهابية
  • الولايات المتحدة تطالب رواندا بسحب قواتها من شرق الكونغو ووقف دعم المتمردين