خطيب الجامع الأزهر: الأسرة هي الركن الركين في تشييد المجتمع
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
ألقي خطبة الجمعة اليوم عبدالفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، ودار موضوعها حول "الأسرة ودورها في استقرار المجتمع".
أوضح عبد الفتاح، أن الشريعة الإسلامية في مقاصدها قد اعتنت عناية فائقة بالأسرة وهي النواة الأولى للمجتمع ووضعت معايير وتشريعات محكمة لاختيار عناصر هذه الأسرة، فالأسرة هي الركن الركين في تشييد هذا المجتمع الكبير، فلقد عني الإسلام عناية فائقة بعناصر الأسرة فوضع الأسس التي عليها يتم اختيار أهم أركان الأسرة وهي الأم، فيتم اختيارها على أسس من القيم والأخلاق والدين والنسب الطيب؛ وفي هذا يوصي المعصوم صلى الله عليه وسلم، المقبلين على الزواج باختيار الزوجة الصالحة، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"، كما أوصى أهل الزوجة باختيار الزوج الصالح وقد قال ﷺ " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " رواه الترمذي، فالأموال والمناصب والجمال متاع وعرض زائل، ولن يبقى إلا الدين والخُلق الحسن والمآثر الطيبة.
وبيّن خطيب الجامع الأزهر أن الأمة الإسلامية إذا لم تلتزم شرائع الدين الحنيف ولم تطبق معاييره، ضلت وركبت أمواج الضلال واتبعت ما يزينه الشيطان وتهدمت أركان الأسرة وابتعدت عن الإصلاح، فالأسرة هي أصل المجتمع فحري بالأمة أن تكون يقظة لما يحاك لها من مكائد وأضرار ومؤامرات للقضاء على اللبنة الأولى للمجتمع ومن ثم المجتمع كله، فهناك الكثير الذين يتغنون بالحرية، هؤلاء يريدونها فوضى ويريدونها حياة حيوانية لا تلتزم بأعراف أو قيم أو دين.
وأضاف: لقد زخر القرآن الكريم بالآيات القرآنية التي بينت أن الأسرة آية تدل على عظمة الله الذي أمر ببناء الأسرة لعمارة الكون ليمتد نسل بني آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، قال تعالى﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ وقال أيضا ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾، كما بيّن أن الأعراف الفاسدة لم تكن يوما شريعة نتعبد بها أو نتقرب بها إلى الله، فعلى الإنسان أن يتمسك بالشريعة الغراء ومقاصدها الواضحة، فيلتزم بما وضعته ويجتنب ما تنهاه، فيعامل الزوجان بعضهما بما يرضي الله ولا يلتفتان لما تحاول وسائل الإعلام والقنوات المغرضة أن تصدره للأمة حتى تكسر وحدتها وتحيدها عن طريق الحق إلى طريق الضلال.
وقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - أروع الأمثلة في معاملاته مع زوجاته، فقال خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، فحري بالزوجين أن يعرف كل واحد منها ما عليه تجاه الآخر من واجبات ومالهما من حقوق، قال تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾،وقال تعالى أيضا" وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: خطبة الجمعة اليوم يريدون استقرار المجتمع الصالح المقبلين الاسلامية خطيب الجامع الأزهر شريعة المناصب اصول الدين القيم والاخلاق
إقرأ أيضاً:
ملتقى الجامع الأزهر للقضايا المعاصرة يدعو إلى التفكر في أسرار التعبير القرآني
عقد الجامع الأزهر، اليوم الثلاثاء، ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة الأسبوعي تحت عنوان «النواحي البلاغية في القرآن الكريم وأثرها في التفسير»، بمشاركة الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر، والدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر بالقاهرة، وأدار الملتقى الشيخ أحمد الطباخ، الباحث بالجامع الأزهر، بحضور عدد من الباحثين والطلاب وجمهور الملتقى.
وقال الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي، إن بلاغة القرآن الكريم تُعد معجزة خالدة باقية إلى يوم القيامة، إذ جمعت بين أسمى أنواع البيان من معانٍ وبلاغة وبديع. وبيّن أن الله عز وجل أيَّد كل نبي بمعجزة من جنس ما برع فيه قومه، فجاءت معجزة سيدنا محمد ﷺ لتُعجز العرب الذين نبغوا في الفصاحة والبلاغة. فقد كان التحدي واضحًا، كما ورد في القرآن الكريم: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ}، ومع ذلك عجزوا عن معارضته فلجأوا إلى السيوف بدل الحروف.
وأشار إلى أن بلاغة القرآن الكريم كانت لها أثر بالغ في تفسيره، حيث اشتمل على العديد من الأنواع البلاغية مثل التشبيه، والاستعارة، والمقابلة. ولم تخفَ هذه البلاغة على العرب قديمًا، بل شهد لها حتى أشد أعداء القرآن، كالوليد بن المغيرة الذي قال: «إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه، وما هو بقول بشر».
وأكد الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر بالقاهرة، أن أسرار البلاغة في القرآن تتجلى في التفاصيل الدقيقة للتقديم والتأخير، والحذف والذكر، واختيار الألفاظ بعناية فائقة لتناسب السياق والهدف، ولا يحتوي القرآن الكريم على كلمتين مترادفتين تطابقًا تامًا، بل لكل لفظ دلالة تميزه عن غيره، مثل الفرق بين «النور» و«الضياء»؛ حيث النور هو الضوء بلا حرارة، بينما الضياء هو الضوء المصحوب بالحرارة.
وضرب مثالًا من قوله تعالى: «هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلۡقَمَرَ نُورًا»، مشيرًا إلى أن الشمس تضئ وتبعث حرارة وتؤثر على من يتعرض لها وقديصوأاراب منها، بينما القمر ينير دون حرارة ولا يؤثر على من يتعرض له.
وأشار إلى أن التقديم والتأخير في القرآن الكريم يتبع قاعدة بلاغية عظيمة ذكرها سيبويه، الذي وضع أسس علم البلاغة بجانب علم النحو، وقال جملة جميلة في التقديم والتأخير، حيث قال: «العرب تُقدّم ما هي به أعنى، وبيانه أهم»، وهذا يظهر جليًا في سياقات مختلفة، مثل تقديم «الإنس» على «الجن» أو العكس، وفقًا لأهمية العنصر في السياق المحدد. وأشار إلى أهمية التفكر في هذه الأسرار لفهم بلاغة القرآن الكريم وأثرها في تفسيره وتدبر معانيه.