الحفاظ على ثلاثية السمات الاجتماعية في عُمان
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
تشكل السمات الثلاث (التسامح - التعايش - التضامن) عناصر أساسية لبقاء وديمومة المجتمع في عمان، ذلك أنها تشكل سمات عمومية (Social contributions) مكنت المجتمع من ضبط العلاقات الاجتماعية من ناحية، ومن ضبط علاقته بالآخر من ناحية، ومن تشكيل قاعدة للدعم الاجتماعي للأفراد والدولة من ناحية أخرى. وفي تقديرنا هناك أهمية للتركيز على هذه السمات الثلاث وإيجاد الآليات المؤسسية والثقافية والاجتماعية للحفاظ عليها في تركيبة المجتمع، واستدامتها عبر الأجيال المتعاقبة، وهذه الأهمية تنبع من ثلاثة محكات رئيسية: الأول يتصل بتأثيرات الانغماس في الحركة العالمية، ومشهد التغير العالمي، وهو ما يفرض احتكاكًا واسعًا بالأفكار والمرجعيات الثقافية وتركيبات الشخصيات والقيم والمبادئ المتباينة والمختلفة، وفي هذه الحالة تحرك ثلاثية التسامح والتعايش والتضامن القائمة على مرجعية أصيلة، وقيم اجتماعية واضحة ومتفق عليها حالة التفاعل الإيجابي والبناء مع هذا المشهد المتغير بتجاذباته وموجاته وآليات تدبيره وتسييره.
ورغم أصالة هذه السمات في التركيب الاجتماعي للمجتمع في عُمان، فإن سياق البحث والتحليل والتنقيب فيها، وفي بنيتها وتطوراتها، وما يطرأ عليها من متغيرات ما زال محدودًا جدًا، ويميل إلى الطابع الاحتفائي في غالبه، والأجدر في تقديرنا أن مثل هذه السمات تخضع بشكل مستمر لحالة الرصد وتبين المتغيرات واستشراف مستقبلها؛ نظير التدافع الثقافي الكوني والذي تحمل ثلاث روافع أساسية: الترويج للمجتمعات متماثلة القيم، وتضمين الاتجاهات القيمية في صيغة منتجات متعددة الأشكال (تجارية، إعلامية، رياضية..)، بالإضافة إلى استخدام تباينات القوة السياسية في توظيف الاتجاهات القيمية كأدوات ضغط وقوة وامتياز. هذه الروافع الثلاث لها اليوم تمثلاتها في الكثير من الأحداث والموجات التي يشهدها العالم مؤخرًا؛ ولذا يصبح من الأجدر تتبع السمات الاجتماعية عبر عدسة البحث المستمر والرصد المتوازن والمنهجي وغير الاحتفائي.
ومع محدودية التنقيب في هذه المسألة نشير إلى بعض ما أنجز ونراه مهمًّا؛ ففي فبراير 2025 نشر المركز الوطني للإحصاء والمعلومات استطلاعًا للرأي حول «التسامح»، ويعد المنشور دورة ثانية من الاستطلاع، حيث أشارت أبرز نتائجها إلى أن 90.9% من الوافدين يرون أن المجتمع العُماني يتسم بالتسامح تجاههم، وهي نسبة مماثلة لنتائج الدورة الأولى. كما أن 90.4% من الوافدين يشعرون بتقبل المجتمع العُماني لهم على الرغم من اختلاف ثقافتهم. ومن بين الدراسات الجيدة التي أنجزت في عام 2018 دراسة أحمد الربعاني «Views of Omani post-basic education students about religious and cultural tolerance» والتي تناولت رؤى طلاب التعليم ما بعد الأساسي حول التسامح الديني والثقافي، وأبرزت في أهم نتائجها أن الطلاب يركزون بشدة على أهمية التسامح الديني والثقافي ولا يؤيدون أي نوع من أنواع العدوان أو الرموز الدينية والثقافية أو تأجيج الخلافات بين الأديان أو الثقافات.
ندعو في هذه المقالة إلى ضرورة الدفع بهذه السمات ضمن الأعمال الاستراتيجية الوطنية؛ فوجود برنامج وطني متخصص في أبحاث التسامح والتعايش والتضامن ضرورة قصوى؛ بحيث يتقصى ما قد يؤثر عليها، ويدرس تفاعلاتها مع المشهد المتغير، ويبحث في الاستراتيجيات السلوكية والمعرفية لاستدامتها، وينبه وينذر نحو السياسات التي قد تؤثر عليها، ويدرس سيناريوهات استبقائها وأدوار المؤسسات الوطنية والمؤسسات الاجتماعية في الحفاظ عليها يعد دعامة أساسية ومركزية للنظر إلى هذه السمات بعين منهجية تحليلية. وبحكم الاحتفاء من الداخل والخارج بهذه السمات في المجتمع العُماني؛ فإن ذلك يمثل فرصة مؤسسات تنطلق من سلطنة عُمان عابرة للحدود لتكون مؤسسات تأثير في تعزيز هذه القيم ونشر رسالتها للعالم، وتقديم سلطنة عُمان كبلد أصيل في التسويق لهذه القيم وتعزيز ركائزها للتفاهم العالمي. ونرى أيضًا بضرورة وجود إطار وطني جامع لهذه القيم يصحب النظام التعليمي ويكون موجهًا لمفاهيمه ومضامينه، وفي الآن ذاته يطور بعض البرامج متوسطة وطويلة المدى، وبعض المبادرات التي تستهدف رفع مستويات هذه القيم وتعميقها في أنشطة التعلم وبيئاته ولدى المنتسبين إلى مؤسساته بتدرجاتها المختلفة. وكما نؤكد ما ذكرناه في مقالات سابقة عديدة بأن توظيف التضامن الاجتماعي في صيغة اقتصاد تضامني وإنشاء أطر تنظيمية ومؤسسية لهذا الشكل من أشكال الاقتصاد من شأنه أن يستنبت القيمة ويستبقيها بطرق غير مباشرة لدى الأفراد من خلال تعاملاتهم مع هذا الشكل من أشكال التدبير الاقتصادي، وهو ما يمثل دعامة أساسية لاستبقاء هذه القيم والحفاظ عليها في بنية المجتمع المعاصر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذه السمات هذه القیم
إقرأ أيضاً:
محافظ حفر الباطن يستقبل مدير بنك التنمية الاجتماعية بالمحافظة
المناطق_واس
استقبل صاحب السمو الأمير عبدالرحمن بن عبدالله بن فيصل محافظ حفر الباطن, بمكتبه اليوم, مدير بنك التنمية الاجتماعية بالمحافظة فيحان بن عبدالله الحربي.
واطلع سموه خلال اللقاء على نتائج المشروعات التي مولها البنك، والمهام والأعمال الريادية، والدعم المقدم للرياديين بالمحافظة.
أخبار قد تهمك محافظ حفر الباطن يستقبل مدير stc بالجبيل 23 أبريل 2025 - 11:14 مساءً محافظ حفر الباطن يدشّن “أسبوع البيئة 2025” 22 أبريل 2025 - 12:25 صباحًا