جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-26@11:07:05 GMT

صرخات الموت

تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT

صرخات الموت


محمد بن رامس الرواس

 

في أعماق قطاع غزة، حيث تشتد الأنفاس وتختنق الأزقة برائحة الموت، ترتفع صرخات لا يسمعها أحد إلا من ابتُلي بالعزلة واليأس. هم ليسوا ضحايا حرب عابرة، بل أسرى من جنود إسرائيل، الذين تحتجزهم حركة حماس منذ سنوات، يقبعون خلف الظلال والحديد، بين جدران الصمت وصدأ الإهمال.

يستغيثون، يرسلون الرسائل المصورة والمكتوبة، يتوسلون بأعينهم أكثر مما تفعل ألسنتهم، ينادون حكومتهم التي لا تجيب، ويذكّرون بوجودهم في كل مناسبة سياسية وميدانية، لكن دولتهم تغمض عينيها عنهم وتفتحهما فقط على شهوة القوة وبطش الانتقام.

أولئك الجنود الذين خاضوا حربًا ظنوا أنَّهم سيسطرون فيها المجد، وجدوا أنفسهم رهائن لصفقة مؤجلة، وقضية مؤلمة تتجاهلها السياسة عمدًا. وقد لا تكون معاناتهم جسدية فقط؛ بل نفسية تتآكلهم يومًا بعد يوم. تسأل أحدهم: "هل لا زلت تؤمن بإسرائيل؟" فيصمت طويلاً، ثم تنهار دمعة لا تعرف إن كانت حسرة على وطن أم خيبة في وعد كان كذبة من البداية.

الإعلام الإسرائيلي الذي يُتقن تسويق القصة عندما يُريد، يتعامل مع قضية هؤلاء الأسرى بانتقائية لافتة، فهو يرفع صوت عائلاتهم في مواسم الاحتجاج، ثم يعيدهم إلى زاوية النسيان حين يفرض الواقع السياسي منطقه. الصرخات المنبعثة من غرف الأسر لم تعد تطرق آذان الساسة، بل صارت تُصنَّف كـ"مشكلة تكتيكية" أو "قضية تفاوضية" مؤجلة إلى إشعار آخر.

من جهة أخرى، تمسك حماس بخيوط المشهد كمن يمسك ببطاقة ضغط لا تُقدّر بثمن. تعرف أن قيمة الأسرى تتضاعف في زمن التوتر والانكسار، فتلوّح بهم في كل تصريح، وتحتفظ بهم كورقة في جيب المقاومة. هي لا تنكر أنهم أسرى، بل تؤكد أنهم رمز لمعادلة لن تُحسم إلا بتحقيق شروطها.

إنها صرخات الموت، لا لأن الأسرى يموتون، بل لأن إنسانيتهم تموت بصمت، كل يوم، بلا دواء ولا دفاع، بلا وعد بالحرية، وبلا حكومة تجرؤ على الخضوع للمنطق الإنساني بعيدًا عن الحسابات السياسية.

في النهاية، يتكئ الأسرى الإسرائيليون على جدران أقبية الأسر، في انتظار صفقة قد تأتي أو لا تأتي. وفي إسرائيل، يتبادل الساسة الاتهامات، ويتحدث الإعلام عن "الأمن القومي" و"الردع"، بينما تستمر الصرخات، خافتة، منطفئة، كأنها تقول: "لقد متنا قبل أن نُحرر".

فهل يسمعهم أحد؟ أم أن السياسة في زمننا هذا لا تملك أذنين لنداءات من لا يحمل أوراق القوة؟

ربما سيكتب التاريخ ذات يوم: "في غزة، كانت هناك صرخات، لكن لا أحد أراد أن يسمع".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

طريق الموت.. مأساة جديدة تُودي بحياة 13 شخصاً

في حادث سير مروّع، فقد 13 مواطنًا أرواحهم على الطريق الصحراوي الرابط بين أجدابيا وطبرق، فيما بات يُعرف بـ”طريق الموت” الذي لا يكاد يمر أسبوع دون أن يخلّف مأساة جديدة.  

ووفق ما نقلت مواقع التواصل الاجتماعي، “لقي 13شخصا مصرعهم بحادث سير بعد تصادم حافلة ركاب كانت تقلّهم مع شاحنة ثقيلة في الطريق الصحراوي الرابط بين أجدابيا وطبرق، و10 من الضحايا يحملون الجنسية المصرية”.

هذا “ويُعرف الطريق الصحراوي الرابط بين أجدابيا وطبرق في ليبيا بـ”طريق الموت” بسبب الحوادث المتكررة التي يشهدها، ويعاني الطريق من سوء البنية التحتية وغياب الإنارة والخدمات الأساسية، مما يجعله من أخطر الطرق في البلاد، وهذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتحسين البنية التحتية وتعزيز معايير السلامة على الطرق”.

ويشار إلى أن ليبيا “تسجل معدلات كبيرة لحوادث السير مقارنة بعدد السكان، حيث أوضحت بعض الإحصائيات وفاة 5 أشخاص يوميا جراء حوادث المرور، وأودت حوادث المرور في ليبيا بحياة 2460 شخصا خلال عام 2024، وذلك بحسب أرقام رسمية، وهو ثاني أعلى معدل في العالم”.

آخر تحديث: 24 أبريل 2025 - 13:32

مقالات مشابهة

  • نوبة صَحَيَانْ، لكافة أهل السودان
  • غزة على شفا «الموت الجماعي» بسبب الجوع
  • الإعلام الحكومي بغزة: القطاع على شفا الموت الجماعي
  • طفل مصاب يستغيث وسط ركام الموت في غزة / فيديو
  • طفل مصاب يستغيث وسط ركام الموت في غزة
  • طريق الموت.. مأساة جديدة تُودي بحياة 13 شخصاً
  • خالد الجندي: البعث في القرآن معناه ليس القيام من الموت فقط
  • قبعة الموت.. ما الذي يجعله الفطر السام الأكثر فتكًا بالبشر؟
  • في غرفة العناية المركّزة
  • صرخات صور الذكاء الاصطناعي.. هل كانت تسلية عابرة ام وراءها هدف سندفعه؟