صراع دول الإقليم حول موارد و موقع السودان
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
لقد وفرت الإنترنت معلومات كافية جدا حول العلاقات الإقتصادية بين الدول المختلفة. مثلا إذا أردت أن تعرف صادرات السودان إلي مصر و السعودية و الإمارات و غيرهم لا يكلفك هذا الأمر غير كتابة ما تريد البحث عنه في موقع قوقل أو الإستعانة بالذكاء الإصطناعي الذي يوفر لك نوعا من البحث بتائج ذات صلة و متعددة. المعلومات الوارد أدناه من موقع
OEC World
و المرصد الدولي لقياس درجة التشابك الإقتصادي موقع متخصص في توفير المعلومات عن الصادرات و الواردات للدول المختلفة مع قياس درجات التشابك في العلاقات الإقتصادية بين الدول و مزوّد برسوم بيانية سهلة القراءة لغير المتخصصين أيضا.
في عام 2023م كانت جملة صادرات السودان لدولة الإمارات 1.33 بليون دولار فيها 1.03 بليون ذهب و بقية الصادرات من الماشية و الصمغ العربي و الحبوب الزيتية و غيرها. جملة الصادرات للسعودية كانت 1.68 بليون دولار و هي من الماشية و الحبوب الزيتية و الأعلاف و القمح. أما صادرات مصر التي تأثرت بالحرب علي حسب الموقع فكانت 1.3 بليون دولار و يشكل القطن فيها نسبة كبير بالإضافة للماشية و اللحوم و الحبوب الزيتية. لا تشتمل هذه المواقع و التي مثلها علي معلومات حول التهريب أو الصادرات دون شهادات منشأ معتمدة و المؤسف أن هذه الصادرات المهربة تصل أحيانا لثلاثة أضعاف ما هو مسجل بأوراق صادر رسمية و في هذا فساد كبير . لمعرفة حجم التهريب يمكنكم الرجوع إلي مواقع إلكترونية مثل فرنسا 24 و رويتررز و شاتام هاوس و غيرهم.
ربما إندهش الجميع من أن الإمارات و السعودية و مصر قد تسببوا في فشل مؤتمر لندن الأخير، فشله في تكوين مجموعة إتصال تمثل الإتحاد الأفريقي و الإتحاد الأوربي، لاحظ غياب جامعة الدول العربية، مجموعة إتصال تنجز عبر الأساليب الديلوماسية وقفا لإطلاق النار و حوارا سودانيا لوقف الحرب و تسهيل قيام سلطة مدنية و توفير الإغاثة و الإسهام في تعمير ما دمرته الحرب من أعيان مدنية و بني تحتية. يعود الخلاف بين هذه الثالوث المتورط في دعم طرفي الحرب و بين هذا الثالوث صراع محموم حول موارد و موقع السودان، خاصة الموانيء علي البحر الأحمر و الأراضي الزراعية السودانية. ليس لهذه الدول أي مصلحة في وقف الحرب لأن إجتياج طرفي الحرب للسلاح و الذخائر سينعكس علي أسعار الصادرات بتخفيض كبير و يزيد معدلات التهريب مما يخدم مصالح هذه الدول و معلوم لدينا أن البرهان و من معه من إسلاميين و الدعم السريع و قيادته بإمكانهم بيع الإنسان السوداني حتي ناهيك عن مقدراته و موارده و أرضهو شواطئه.
فشل مؤتمر لندن هو أحد حلقات الفشل الملازم للمبادرات الدولية لوقف الحرب. و هذا يجعلنا أكثر إقتناعا بالحل السوداني الذي تقوم به قوي الثورة عبر الأساليب المدنية المتاحة. حيث تقوم قوي الثورة في المهاجر مناطة اللجوء و النزوح بفضح مصالح الدول المتورطة في دعم طرفي الحرب لأنها مستفيدة من إستمرار الحرب. و الضغط علي الحكومات في الدول الغربية عبر الحملات البرلمانية و بمخاطبة نواب البرلمانات في المستويات كافة المحلي و الإقليمي و الفدرالي. و أستصحاب المنظمات الناشطة في مجالات الدفاع عن حقوق الإنسان و المنظمات المهتمة بقضايا السلم و الحرب و المنظمات التي تدافع عن النساء. الضغط علي الأمم المتحدة و منظماتها لتمارس مزيدا من الفعل الإيجابي لحماية المدنيين. و أن يقوم ثوار الداخل بما هو متاح و آمن من التنظيم و من ثم العمل الجماهيري الضاغط من أجل وقف الحرب. عبر تنظيم قوي الثورة و وحدتها سنوقف الحرب و نوقف معاناة أهلنا تحت نير هذه الإجرامية و نهزم التيار المساند لأطراف الحرب.
طه جعفر الخليفة
كندا – اونتاريو
19 أبريل 2025
taha.e.taha@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
القابلية للارتزاق والابتزاز
القابلية للارتزاق والابتزاز
خالد فضل
يكثر إطلاق صفات التخوين والعمالة والارتزاق وسط السودانيين بصورة مَرَضِيّة، وبصورة كثيفة خلال هذه الحرب اللعينة، بما يجعل من الممكن وصف المجتمع السوداني في غالبيته مجتمع شبهات.
ولما كانت شؤون الحكم والإدارة العامة والسياسة والاقتصاد قد ظلت دولة بين بنادق العسكريين خلال 57 سنة من أصل 69 سنة على الاستقلال، يصبح من الضروري لأي نظر موضوعي لتلك الظاهرة أن يفترض وجود علاقة مباشرة بين المسار العسكري في التسلط والحكم وظاهرة نمو وتطور مجتمع الشبهات، وما إذا كان دوران هذه الصفات بكثافة ناجم عن حالة إسقاط، والإسقاط كما هو معلوم في علم النفس واحد من آليات الدفاع الذاتي التلقائية، ولا تعتبر تلك الآليات ظاهرة خلل نفسي إلا في حالة الإكثار منها واستخدامها المستمر كسمة ملازمة لسلوك الأفراد والمجتمعات.
المتابع في أثناء هذه الحرب المدمرة لكثير من الكتابات والحوارات والتعليقات التي ترد على أي مقال رأي أو خبر منشور على لسان أحد رموز القوى المدنية الديمقراطية تحديداً، عدم ورود أي تعليق أو نقد أو تصويب لمعلومة حول المنشور بل يتجه كثير من المعلقين مباشرة إلى إطلاق العبوات الناسفة المعبأة سلفاً، بصفات التخوين العمالة والارتزاق، حتى لو كان المنشور قصيدة مما تجود به أحياناً قريحة الأستاذ ياسر عرمان..
هل تاريخ حكم العسكرية السودانية تعتوره سلوكيات الخيانة، العمالة والارتزاق، هل هناك شواهد على فرضية كهذه؟ ولذلك تتم حالة الإسقاط كآلية دفاع ذاتي تلقائية وتحولها بالتالي إلى خلل نفسي بكثرة الاستخدام؟.
في الواقع هذا الأمر يحتاج إلى بحث علمي في مجال علم النفس السياسي والعسكري والاجتماعي، فليت بعض الباحثين الشباب من ذوي الدربة والتأهيل يفترعون دراسات موثوقة في هذا الحقل حتى تدخل ضمن خطوات إعادة تأسيس وطن جديد معافى.
في الأمثال الشعبية السائدة- على الأقل في وسط السودان- قول (الفيك بدربو وود الناس احقربو) يمكن ترجمته (بادر بطرح حالتك وإسقاطها على الآخر، ثمّ احتقره بها) ومنها القول (أب سنينة إضحك على أب سنينتين) وقديما قال شاعر عربي: لسانك لا تذكر به عورة امرئ.. فكلك عورات وللناس ألسن..
تطرأ على الخاطر بعض الوقائع التي حدثت في تاريخ الحكم العسكري في السودان، تحمل في تقديري شكوكاً معقولة حول مسألة القابلية للخيانة والعمالة والابتزاز.. منها على سبيل المثال وليس الحصر، إغراق منطقة النوبة التاريخية في وادي حلفا، ترحيل اليهود الإثيوبيين (الفلاشا) إلى إسرائيل، الرضوخ لاقتطاع أجزاء من أرض السودان، الرضوخ لابتزاز وكالة الاستخبارات الأمريكية وطرد وتسليم بعض قادة الحركات الجهادية الإسلامية الذين استجاروا بإخوتهم في التنظيم، العمل على فصل الجنوب، تكوين المليشيات والتخلي عن مسؤولية احتكار السلاح الرسمي، قتل المتظاهرين السلميين وفض اعتصامهم السلمي، إرسال بعض الوحدات العسكرية النظامية للعمل كمرتزقة في حرب خارجية. تجنيد بعض أفراد المليشيات السودانية المسلحة كمرتزقة في حروب إقليمية، تهريب بعض الموارد الثمينة والإتجار بها في أسواق بعض الدول التي يكثر الضجيج حول عمالة بعض السودانيين لها. إشاعة وابل من الإفادات المتناقضة حول طبيعة ومجريات الحرب الراهنة، القيام بالانقلابات العسكرية والإطاحة بالحكومات المدنية المنتخبة أو الانتقالية، إشعال الحرب الراهنة التي تنحصر مسؤوليتها في ثلاث مكونات عسكرية هي القوات المسلحة والدعم السريع وكتائب الحركة الإسلامية، فالمدنيون الديمقراطيون براء من اقتناء سلاح أو تكوين مليشيات مسلحة، اللهم إلا أنْ تكون البراءة من الجرم دليل إتهام كما في حالة الإسقاط، هذه بعض الوقائع تحتاج كما أسلفت إلى بحث وتقصٍّ علمي موثوق ليعلم السودانيون من الأجيال الحاضرة في أي واقع يعيشون وتتعلم الأجيال القادمة أي بلد يرومون.. وأي نمط في الحكم يستحقون والأهم من ذلك أي مجتمع إنساني ينشدون.. مجتمع الشبهات والخيانة والعمالة والارتزاق والدغمسة والغتغيت أم مجتمع الشفافية والمحاسبة والرقابة والتقدم صوب العيش في العصر الحديث.. عندها يصح إطلاق الصفات على الآخرين بسند قوي مشهود..
الوسومالابتزاز الارتزاق الاستقلال الحركة الإسلامية السودان العمالة المليشيات حكم العسكر خالد فضل