يقفل بلبن يفتح بحليب.. حكاية محل جديد ظهر في السوق
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لمحل يعرف باسم “بحليب” والذي اعتقد البعض أنه نفس محل “بلبن” ولكن تحت اسم آخر هربا من قرار الإغلاق الذي اتخذته هيئة سلامة الأغذية ضده.
وأثار انتشار صورة محل بحليب على مواقع التواصل الاجتماعي سخرية العديد من رواد السوشيال ميديا وتساؤلات حول محلات بحليب ومن هو صاحب محل بحليب المنتشرة صورته على مواقع السوشيال ميديا.
ونستعرض المزيد من التفاصيل من خلال الفيديو التالي:
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: بحليب بلبن محل بلبن المزيد
إقرأ أيضاً:
الوردُ يُقطفُ في السوشيال ميديا !
عندما سقطت وردةٌ من سلّتي فـي لحظة القِطاف المُذهلة تلك، أخبرني رجلُ الجبل الأخضر بشيء من الاعتداد أنّ الوردة الساقطة لا يمكن هدرها على ذلك النحو، فالوردة ليست ما نلتقطه لها من صور عابرة، وإنّما ما تختزنه من قيمة لسكان الجبل الأخضر منذُ مئات السنين.
المفارقة أنّ هذه التجربة، أعني «قطاف الورد»، خرجت فـي السنوات الأخيرة من سياق عزلتها الصامتة، ليتشاركها الناس بصورة تدعو للتأمل حقًا. إذ يصعدُ عددٌ كثيفٌ من البشر إلى تلك القرى المُتوارية خلف التواءت الجبل الحادة والشاهقة، رغبة منهم فـي التماس مع تجربة فريدة من ذلك النوع!
وبقدر ما ينبئُ الأمر ظاهريًا عن عدوى استجابة مُفرطة لحُمى التصوير الشرسة التي تجعلنا جزءًا من صيحة «الترند» لا أكثر، إلا أننا لا نستطيع تجاوز الدلالة العميقة أيضًا التي تتعلق برغبتنا فـي الالتحام مع الطبيعة والتعالق مع البُنى الإنسانية المتجذرة فـي المكان، فحصاد الورد فـي ساعات الصباح الباكرة وفـي درجات حرارة معتدلة، ثمّ وضعه فـي أقمشة ملونة تُقلل من فرص ذبوله، يكشفُ عن طبيعتنا التي لا ترغب فـي الانفصال عن وحدة الكون، بقدر ما يكشفُ أيضا عن رغبتنا فـي توثيق القصّة كشيء يدعو للزهو!
كل هذا لا يمكنه أن يمحو أنّ الصورة البارعة التي يلتقطها المصور المحترف والإنسان العادي على حد سواء، تخلقُ أثرًا تسويقيًا مُذهلًا، فأكثر من 4000 شُجيرة ورد، تجلبُ الخطى الوثابة للمشي لمسافات طويلة وسط مزارع تضجُ بنشيد الرائحة الأخاذة، يعقبُ ذلك المرور على مصنع التقطير المحلي، والمباني القديمة التي بدأت تأخذ طابع النُزل أو المقاهي، وهذا ما لم يكن يحدث قبل السوشيال ميديا بهذه الكثافة الملحوظة!!
لا يُمكنني، فـي الحقيقة، أن أحصي عدد الصور ومقاطع الفـيديو العادية أو تلك التي التقطت بواسطة «الدرون»، وهي تُخاتلنا من حين لآخر، كاشفة عن جنة لا نهائية الحُسن.. وردٌ محمدي يانع فـي قفران محلية الصنع، جوار قصّة تقطير ماء الورد، و«اللواسي» المُلونة التي تتماهى مع لون الزرع بل تغدو امتدادًا طبيعيًا له.
اللافت أنّ أبناء الجبل كبار السن منهم وشبابهم وأطفالهم اللافتين، يمنحون المكان غوايته الناعمة، يُشكلون هالة سحرية جذابة، بثيابهم ولهجتهم ومنتجاتهم الزراعية والعطرية، عاكسين تناغمهم الخلاب مع بيئتهم، حيث لم تختفِ التقاليد المتعلقة بصناعات الورد المختلفة التي تدخل فـي تحضير العطور وإضافة النكهة على الأطعمة وبعض العلاجات أيضا، فالطرق التقليدية مهما تقادمت تجذب السياح أكثر مما قد تفعل المصانع التي تفقد إنسانيتها.
يمكن للكثير من الأفكار أن تجعل من الجبل الأخضر مزارًا سياحيًا حيويًا صيفًا وشتاءً، يُؤمن فرص عمل مثالية لأبنائه، ولذا لا بد من بحث السبل لإعداد الطرق والمواقف و«التلفريك«» لاستيعاب الكثافة المتزايدة عاما بعد آخر، وأن تُوفر الأكشاك ودورات المياه المتحركة، وهي مسائل خدمية آن أوان تجاوز الحديث عنها فـي سلطنة عُمان !
يُكابد الجبل الأخضر قلّة الخدمات إزاء الضغط البشري المحلي والخليجي والعربي وحتى الأجنبي المتزايد من عام إلى آخر، رغم الجهود المبذولة من قبل الأهالي، لكن هذا لا يعني من جهة أخرى استيراد أفكار التطوير من خارج نسيجه، بل أن تمتد استراتيجية نموه من رقعته ومن إيقاعه الخلاق، فلا يفقد حمولته الرمزية ولا ينحرف نحو التشويه المصنوع والباهت!
ينبغي الانتباه إلى أنّ المكان ليس مجرد ورد ورمان وتين وزيتون، المكان قصّة تروى بكل رهافتها، المكان أساطير وحكايات تمدُ جذورها عميقا.. ولكيلا تُصاب الصورة الرمزية بخلل، ينبغي أنسنة الأمكنة عبر شحنه بالمعاني، عبر جعل مجازه المُتخيل فعّالا، يتجاوز التنظير العابر لصالح ترسيخ تمثلاته الواقعية التي تُرى وتُحس.
فـي مقال لجورج سيمل، يشيرُ بوضوح إلى أنّ وسائل التواصل الحديثة، تُحفزُ حاسة البصر أكثر من حاسة السمع القائمة فـي الماضي على تبادل الأحاديث، الأمر الذي من شأنه أن يُغير أساس المشاعر الاجتماعية.. فرغم نعتنا لها -بالإلهاء العظيم- إلا أنّه لا يمكننا إنكار دورها البصري فـي تحريض فكرة الصعود إلى الجبل للكشف عن ذلك الغامض والمتوهج والمنسي، حتى باتت -التقنيات الحديثة- مصدر حماية لمِهَن وعادات وقُرى مُهددة بالاختفاء والسحق!
هدى حمد كاتبة عُمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى